قضية الانتخابات النيابية القادمة واللغط المتواصل حول حسم الأمر بالنسبة للمشاركة أو عدم المشاركة من قبل القوى وبخاصة التي تقاطعها لأسباب منها السلاح المنفلت والمنتشر بيد فصائل غير منضبطة ومستهترة ولا خاضعة لأي قانون، ومصادر المال الفاسد الذي يلعب دورا غير قليل في تغيير النتائج ثم التزوير والتلاعب والتجاوز والبقاء على قانون الانتخابات الجائر ومفوضية انتخابات غير مستقلة وقضايا أخرى، حسم عدم المشاركة أمر طبيعي في المفهوم الديمقراطي للاختيار وحرية الراي الخاص والعام على حد سواءْ، إلا أن الذي مازال يحير أن البعض من الذين يرون في اللامشاركة خيانة ضد العملية السياسية، والبعض من يعمل باتجاه إرهاب وتهديد الذين لا يشاركون كما أن هنالك فصائل مسلحة تدعي محاربة الاحتلال وتُسقط الصواريخ على رؤوس المواطنين العراقيين، وللعلم يوجد فريق آخر يجهد في إيجاد طرق لتزوير إرادة الناخبين بوسائل شتى منها شراء البطاقة الانتخابية بمبالغ نشر عنها في وسائل الإعلام بالملموس، أو استغلال البطاقات الانتخابية القديمة مما دفع مفوضية الانتخابات ونشرتها ( الفرات نيوز في 10 / 9 / 2021) الى اتلاف أربعة “ملايين ” بطاقة انتخابية قصيرة الأمد موجودة منذ 2013 في مراكز التسجيل ( لا نعرف هل استخدمت في انتخابات سابقة أم لا الله يعلم والقائمين على الأمر هم وضمائرهمْ؟) موضوع البطاقات اشارت له جمانة الغلاي المتحدثة باسم المفوضية قائلةً “إتلاف البطاقات الإلكترونية الصادرة في عام 2013 التي جرى تعطيلها بسبب عدم مراجعة أصحابها مراكز التسجيل لغرض تسلّمها البالغ عددها 4 ملايين و67 الف بطاقة إلكترونية قصيرة الأمد،” وتابعت المتحدثة جمانة إلى أنّ “عملية الإتلاف هذا النوع من البطاقات الموقوفة تُعدّ العملية الثانية، إذ جرت العملية الأولى في عام 2018 “، ومثلما اشرنا وجود بطاقات انتخابية قصيرة الأمد أو طويلة منذ 2013 يدعو المرء للاستغراب وبروز أسئلة واستفسارات عديدة في مقدمتها
ــــــ لماذا بقت هذه البطاقات الانتخابية قرابة 8 سنوات في مراكز التسجيل؟
ــــــ ألم يتم التلاعب بها بأي شكل من الاشكال اثناء انتخابات سابقة ؟ ــــــأ من يدري؟
الامتناع عن المشاركة لا يعني مزاجية في التعامل أو التلاعب، بل أن الحقائق التي كشفها الممتنعون عن المشاركة هي ملموسة في واقعيتها نشرت في الإعلام وبالأسماء العلنية وارسلت إلى المفوضية العليا للانتخابات، ولا نسعى لذكر الأسباب لأنها أصبحت معروفة
ــــــ لكن هل تم التخلص من العنف والفساد والمحاصصة ” وقول: هو يكدر أحد يأخذها حتى ننطيها بعد!!” والتهديد الميليشياوي الطائفي المسلح الذي يتم استخدامه متى شاء من قبل البعض من المسؤولين عنه داخلياً ام خارجياً؟ ..
واليكم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي يكشف ويعترف بعظمة لسانه في لقاء تلفزيوني في 10 / 9 / 2021 بأنه لعب دوراً في انهاء تطويق القصر الجمهوري من قبل فصائل من الحشد الشعبي فقال ” اتصلت بالقوة التي طوقت القصر الجمهوري وقلت لهم أن هذا عمل لا يمكن أن نقبل به، فماذا نقول أمام العالم بأن القصر الجمهوري مطوق، ارجوكم لا تعطوا هذه الصورة السلبية عن العراق وانسحبوا”. الرجل ترجاهم وهي مهزلة ما بعدها من فضيحة، وقد كان في قمة المسؤولية وقائداً عاماً للقوات المسلحة ورئيساً لحزب متنفذ له إمكانيات غير واسعة، ولقد استجابت القوة التي طوقت القصر الجمهوري بوجود رئيس الجمهورية المحترم حيث “قالوا لي بعدها أنه لولا كلامك معنا واحترامنا لك لما كنا سننسحب”. اليست هذه قمة المهزلة في بلد له جيش مدجج وشرطة اتحادية بإمكانيات كبيرة إضافة إلى المؤسسات الأمنية ووجود مجلس الشعب “الله يجرم ” لم ينطق رئيس الجمهورية ولا أي برلماني أو من القوى المتنفذة اية كلمة عندما قامت عناصر من الحشد الشعبي في 26 / أيار / 2021 بتطويق مقار حكومية في المنطقة الخضراء واستخدمت التهديد لإطلاق سراح قاسم مصلح قائد عمليات الانبار، في هذا الوضع الديمقراطي للكشر تجري المشاركة في انتخابات محسومة نتائجها ؟ لا نعرف الجواب عند من يستطيع أن يقول لا ويقاطع بهدف اصلاح الوضع بشكل عام ــــــ هل يمكن الوثوق بحكومة تستطيع تأمين الانتخابات وتمنع التلاعب او تحجيم دور الميليشيات الطائفية المسلحة وهي تبرم اتفاقاً مع فصائل مسلحة وبسلاح منفلت تطلق الصواريخ وتطوق مقار الحكومة ولا تستجيب للدعوات الحكومية وبدلاً من ذلك تعقد ” هدنة!!” مع هذه الفصائل التي تقصف المواقع بالصواريخ أو الطائرات المسيرة المصنوعة في إيران الجارة العزيزة التي تُعبد من قبل البعض استغفر الله!! ومن ينكر ذلك ليحاسب قاسم الاعرجي مستشار الأمن الوطني العراقي الذي يتداول اسمه في اللجنة السباعية الشيعية كأحد المرشحين لرئاسة الحكومة القادمة ، حيث تصريحاته المتلفزة ( ميدل ايسن نيوز 11 / 9 /2021 ) بخصوص هدنة من مرحلتين “المرحلة الأولى من هذه الهدنة حتى الانتخابات البرلمانية يوم العاشر من الشهر المقبل، وذلك بهدف توفير الأجواء الآمنة واحترام أجواء الانتخابات لكي يؤدي المواطنون هذا الاستحقاق في ظل ظروف طبيعية” ثم أضاف الاعرجي بخصوص المرحلة الثانية بالقول ” المرحلة الثانية من هذه الهدنة إلى نهاية العام الحالي، وهو العام الذي تخرج فيه آخر قوة قتالية أميركية من العراق بموجب مخرجات الحوار الاستراتيجي التي تم الاتفاق عليها خلال زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى واشنطن في شهر أغسطس (آب) الماضي” نعتذر من ذكر النصين لكننا نهدف الى توضيح قضية في غاية الأهمية منها تأكيد
اولاً : تحسين الخفاجي المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة يفند حجة إطلاق الصواريخ أو الطائرات المسيّرة من قبل البعض من الفصائل أن “القوات الأميركية بدأت بالانسحاب بأعداد كبيرة تنفيذاً لمخرجات الحوار الاستراتيجي، وأن الأميركيين لا يمتلكون معسكرات أو مراكز سوى جزء بسيط في قاعدة عين الأسد،” تدار حالياً بقيادة عراقية، وقاعدة حرير التي تشغل القوات الأميركية جزءاً بسيطاً منها والأكبر تحت قيادة قوات البيشمركة في كردستان”
وثانياً: ان الانتخابات ستجري تحت فوهات الأسلحة من رشاشات وصواريخ وطائرات مسيّرة وفصائل تطوق القصر الرئاسي ومقار الحكومة في الخضراء.
ويوجد مثال صارخ جداً حول الطائرات المسيرة المعروفة المصدر التي هاجمت مطار أربيل في المرة الأخيرة، قالت وحدة مكافحة الإرهاب في الإقليم في بيان إنه “لا يوجد ضحايا في الهجوم بطائرتين مسيرتين مسلحتين على مطار اربيل الدولي”. ولا نريد الدخول في تفاصيل أخرى ، وهنا يبرز الاستفسارـــــ كيف ستكون هذه الانتخابات آمنة بدون تلاعب ولا تجاوز ولا تزوير ولا سلاح ولا ميليشيات، حتى لو جاءت منظمة الأمم المتحدة كلها مراقبة فلن تعرف ما يدور خلف الكواليس بسبب مشاهداتها البصرية فحسب أو منْ يوصل لها المعلومات؟
أما جانب المال السياسي غير المعروف مصادره الذي يوزع لشراء الأصوات فهو هائل ويقدر بـ “ملايين الدولارات ومليارات الدنانير” لشراء الأصوات والذمم وهو أمر معروف بدأً من اول انتخابات تشريعية وحتى آخرها في عام 2018 ، على شكل هدايا عينية ومواد معيشية وبطانيات وصوبات نفطية وغير نفطية…الخ وقد فضحتها أكثرية وسائل الاعلام والكثير من الشكاوى التي قدمت للمفوضية العليا للانتخابات وتم الاطلاع عليها من قبل المنظمات المدنية العراقية والعالمية بما فيها الأمم المتحدة والحديث يطول، ومن أجل الاختصار نستشهد بالنائب رشيد العزاوي الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي ولا نستشهد بالقوى المعارضة والمُقاطِعة للانتخابات كي لا نتهم بالتحيز حيث قال العزاوي إن “هناك بذخاً في الأموال على الدعاية الانتخابية بصورة غير طبيعية، حيث أن بعض الأحزاب والمرشحين صرفوا ملايين الدولارات في تمويل حملاتهم الانتخابية وشراء أصوات الناخبين” ولم يكتف بهذا التصريح حيث ذهب إلى ابعد من ذلك فبين أن “بعض المرشحين قاموا بتوزيع السيارات والأسلحة الخفيفة على شيوخ العشائر ووجهاء المناطق لشراء أصوات الناخبين كلُ حسب دائرته الانتخابية”. هذا الكشف لم يكن لحالة واحدة فقد تداولت مواقع التواصل الاجتماعية ووسائل إعلام محلية ومنظمات مختصة ومراقبين محايدين البعض من الأحزاب والكتل السياسية والدينية ومرشحين معينين بشراء ” البطاقات الانتخابية من المواطنين ” بدفع مبالغ معينة لهم ليدلوا بأصواتهم لصالحهم لم تكن اقوال العزاوي هي الوحيدة فحسب، بل هناك العديد من عمليات الفضح بخصوص تجنيد الأموال ليستخدم حتى في الاعلام وشراء الذمم وهو توجه طالما مارسته البعض من القوى المتنفذة
به إضافة لاستخدام الدين والطائفية وأهل البيت في الخداع إلا إن ذلك لن ينطلي مثلما في السابق، ولا نتوهم ايضاً ان الانتخابات القادمة لن يكون المال السياسي يستخدم في الرشاوي وشراء الذمم لكننا نعتقد أن نسبة المقاطعة ستكون واسعة فليس كل من يأخذ المال سيصوت ايضاً وهو احتمال وارد لأن الكثير من العراقيين لم يعقدوا الآمال لتغيير الأوضاع المأساوية بالطريقة القديمة إضافة لفقدان الثقة إلا اللهم سوف توزع بركات الائمة والجنة والإسلام والحجج الدينية للخداع ، ويبقى التصريح حول قيام الحكومة عقد هدنة مع فصائل مسلحة عبارة عن مسمار في جثة الانتخابات وغير الانتخابات فليس من المعقول أن تقوم الحكومة التي تمثل أكثرية المواطنين بالخضوع لفصائل مسلحة، ونكتفي “بحديث أحد المستشارين الحكوميين ” للشرق الأوسط ” طالباً عدم ذكر “الاسم او الهوية ان ” ترتيبات الهدنة مع الفصائل المسلحة بدأت بجهود بذلها كل من مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي ووزير الخارجية فؤاد حسين مع عدد من قادة الفصائل»، وبين بشكل لا يقبل الجدل ” إن عدداً من قادة هيئة الحشد الشعبي، وفي مقدمتهم رئيس أركان الهيئة أبو فدك كان لهم دور في إبرام هذا الاتفاق”، مشيراً إلى أن “كل شيء جرى بإشراف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ”
ـــــ ويا أسفاً وأكثر من الاسفِ على العراق والشعب العراقي!