صوت شعري أثبت حضوره بشكل المرموق على الساحة الثقافية والشعرية , بما تحمل من طاقات إبداعية في الصياغة وأسلوب التعبير بمضامينه الإيحائية والرمزية بالغة الدلالة والتعبير . بهذا التدفق الذي يستلهم ألهام وإرهاصات وهواجس الوطن والمرأة , تتدفق الرؤى والرؤيا الفكرية بكل شفافية في الانزياح الشعري في القصيدة النثرية , وبكل شفافية تربط الذات بالعام , في تحسس اوجاعه ومعاناته وآهاته , في اللغة الشعرية رشيقة , تملك قوة العبارة والتعبير , في القضايا الحسية الظاهرة والباطنة . لكي تؤكد حضورها بحضور المرأة , اذ لا وطن بدون المرأة , ولا المرأة بدون وطن , هذا الترابط العضوي والروحي في جوانح احساسه , بين المرأة والوطن , وتتوجه القصائد الى تعرية عورات الواقع تجاه المرأة , في عثرات عقليته المتزمتة التي تعتبر المرأة مجرد ( حريمة ) تتساقط على كاهلها مثل المطر الغزير , تبعات الظلم والاجحاف والحيف , تتوخى في هواجسها الشعرية الهواجس الواقعية بالاشياء المرئية وغير المرئية تجاه المرأة , بكل نبضات مشاعرها الحسية بالصدق بنقاوته المتدفقة , وهي تقف بالمرصاد لهذه المضامين الجائرة , في الظلم والاجحاف والحيف تجاه المرأة . لان للمرأة شأن الرجل , تحمل عاطف واحاسيس نقية في الحب والشوق , لانها تعشق بعواطفها واحساس قلبها النقي , عكس الذي يتلاعب بعواطف الحب بالزيف والتحايل , لذلك تقف بصلابة أمام هذا العش والزيف تجاه الحب والشوق . وصوت الشاعرة يترسخ في حمل لواء الدفاع عن المرأة , في حقها المشروع في الحياة والوجود . ولغتها الشعرية في أسلوبه التعبيري لا يعرف المهادنة والمساومة , تستلهم ارضية صلبة في الرؤية الشعرية والفكرية , تعتمد على التراث الأسطوري السومري والبابلي , والتراث الديني وحكاياته المعروفة , تتوجه الى الايحاء والرمز بأن المرأة ليس منقطعة الجذور والاصل . فهي سومرية اصيلة وعشتارية في الحب والشوق , وعشتار نزلت من العالم العلوي الى العالم السفلي وتخطت بواباته السبعة المرعبة لتلتقي مع عشيقها وحبيبها ( ديموز / تموز ) هذه الجرأة والشجاعة هي عنوان المرأة السومرية , عنوان المرأة العراقية . لتؤكد بأن المرأة ليس سلعة اغراء انثوي , ليس سلعة رخيصة في المتعة الجنسية . هذا الإيحاء الرمزي البليغ في قصائد الديوان ( وأقشر قصائدي فيك ) , انها تتسم بالحب جماليته وعطر رياحينه , وليس أن يكون الحب اشواكاُ وعطر الازهار البلاستيكية . أن المرأة تملك كامل الارادة والحياة والحب , بدون انكسار وانهزام موجع من العقلية الشرقية , أن حزنها هو حزن سومري أو بابلي راسخ الجذور والانتماء , في الاحلام والآهات . هذا التدفق الشلالي في قصائد الديوان , من شاعرة جادة أثبتت جدارتها الشعرية في صوت نسائي جدير بالاحترام والاعتزاز .
× جينما يموت الندى يلف بالحب الظلام ويخطف سحره ورونقه الجذابة , ويدلف في الظلام , وتبقى ذكرياته معلقة في رفوف الذاكرة . عند ذاك يُسرق قوس القزح الحب , لكي لا تنهشه غربان الموت , وتتهشم الأقدار على جماجم الأبرياء . في محراب الفتك دون رحمة بالوجع ويصبح الحب شهيداً معاً , العاشق والمعشوق في جنح الظلام .
حين يموتُ الندى
في غمرة الظلامِ
وتفقد الرسائل عطرها بين رفوف الذكريات
أسرقُ القوس من قزح
لئلا تبتلعه غربان الموتِ
ساعة فجر كاذب
تطرق الأقدار جماجم الأبرياء
بين كل هذا الغيابِ
أراكَ جندياً
يبتهل محراب القتال
لا تندهش ……..
حين يضرجني الوجع
شهيدة أنا مثلك ( من قصيدة / قبلات معتقة )
× حينما قارعة الوطن تضيق بالحب والنوم , تلوح الايادي الباكية بقلوب من الرماد . فالموت يحتل الحياة بكل جونبها , ويحتل الظلام والرماد بدلاً عن النور , للملائكة التي هجرت حبها بحلاوة النسيان , في قصائد لم يكتمل شملها في اطلالة الحب والشوق ,في زمن يحتل الموت منصاته . واذا لم تكتمل دورة الحب , فأن بناء بستانه لم يكتمل , وتكون القصائدة ناقصة الفعل تغادر حروفها المثقوبة الى السماء .
على قارعة وطن ضيق ولا يتسع
للنوم
أيادي تلوح باكية ,
قلوب رماد ,
الموت سلالم نور
الملائكة طائرات مغادرة
وأنت حلاوة النسيان
دواوين لم تكتمل
هنا آخر وجوه غادرتها
ضحكات الى السماء
مثقوبة . من قصيدة ( خطوة واحدة )
× حين يرتدي الحب ثوب الخذلان , لكي تتراقص حناجر الموت عليه , تكون خمرة الغياب , مثل رقصة حافية الاحلام , والحب ينشد الشوق على قارعة الطريق منذ ألف عام , تتطلع الى رشقات الحب الراقصة , لتسقي الحب بماء نقياً كنقاء شهداء الوطن , في ذاكرة الزمن يضطهد بالانتظار . بينما الشهداء ينثرون بذور العشق , لتروي ظمأ الارض منذ ألف عام والحب العشتاري يملأ الحياة والوجود رغم الاحزان .ولا تنثر ملحاً على السنابل , فكلها جرح .
ها أنا أرتدي
آخر ثياب خذلالك
لأ راقص حناجر الموت
وحدك جمهوري ,
على جمر غيابك
أراقص حافية من أحلامك
منذ ألف عام أنتظار
على مسافة شوق
ٍ أسمع خطوات
يلتفت قلبي
يلتوي جسدي
ينحني على كلماتي
نائية ذاكرتي
تلتصق بأطراف الأرض
كأجساد الشهداء
حين تعشق الارض
قف
أين مكانك
لا تنثر ملحاً على
سنابلي
فكلي جرح من قصيدة ( كلي جرح )
× آهات الشوق تتجرعها غصة تلو الاخرى, وهي تركب سكة قطار الموت في وطن متغير ومتعثرة في أنهار الحزن , حتى اشجاره اثمرت حزناً ولوعة وجراح , في ربيع خائف , ويرحل بلا وداع .
آهاتٌ
في حنجرتي
واحدة تلو الاخرى …
سكة قطار موت …
وطن متغير
أثمرت اشجارَ وجعِ
بربيع خائف
واعتصب رأس أيامي
يشماغ أبي المغادر دون
وداع
لوح من بعيدٍ من قصيدة ( لهيب اسى )
× هي سومرية العشق والانتماء . عشتارية الحب والعشق , عراقية الهوية والانتماء, مواويلها جنوبية بين القصب والبردي . ملامح الوطن محفورة على جدران القلب , في وطن ينزف جراحاً وحزناً , تدفعه الريح الى سنوات العجاف والجوع . لكنه يبقى واقفاً يتغنى بدجلة والفرات , يتغنى لطيور الوطن التي تنشد نشيد ( موطني ) وتلوح بوجهها الى الطريق . بأن الوطن لن يموت .
لم تمت ضحكات حيَّنا …
ولم تنطفي الشموع قرب مقام الخضر
ولم تغادرني عراقيتي ,
ولا هوس مواويل الجنوب , وكلما تموت سنبلة تتعرى الحقول بين السواقي هلعاً ,وأنا أتلو تراتيل الوسن بطعم الحنين لتلك الوجوه الملبدة بغيوم الفقر .
زرعت المسافات بين القصب والبردي ملامح وطن وهسيس ثكلى ناحت بعدد جراح وطني ….
نعم
عرتنا سنوات الجوع
لكن ثيابنا نخيلنا
ولأني تلك السومرية . من قصيدة ( سومرية بامتياز )
× الكتاب : واقشر قصائدي فيك / شعر
× تأليف : رند الربيعي
× الطبعة الاولى : عام 2021
× الطبع : دار تأويل للنشر والترجمة
× عدد الصفحات : 114 صفحة
جمعة عبدالله