.
في قصة غريبة، أثارت ضجة واسعة، أفرجت السلطات العراقية في محافظة بابل، عن شاب متهم بقتل زوجته، وحرق جثتها، لكن تبين لاحقاً أنها على قيد الحياة، وسط حالة من الغضب والانتقادات التي وُجهت إلى جهات التحقيق.
وفي تفاصيل الحادثة، التي تناقلتها الأوساط الصحفية والاجتماعية، فإن الشاب ذهب للإبلاغ عن اختفاء زوجته، لدى مركز الشرطة، الذي احتجزه، وبدأ بالتحقيق في ملابسات اختفاء الزوجة، ليتمكن المحققون من انتزاع اعتراف من الشاب بأنه قتلها وأخفى جثتها، فيما قال صحفيون إن المتهم تعرض للتعذيب الشديد.
واحتفى ذوو الشاب، يوم الاثنين، بالإفراج عنه، فيما رفضوا التحدث لوسائل الإعلام المحلية، عن تفاصيل القصة، بسبب أوامر الشرطة المحلية.
وقبل ذلك، عرضت شرطة بابل، كشف الدلالة للجريمة، بحضور قائد شرطة المحافظة، ووفد إعلامي كبير قَدم من العاصمة بغداد، وهو ما أثار الرأي العام حينها، وتلقى الشاب سيلاً من الانتقادات بسبب ارتكاب “جريمته” المفترضة.
غياب الدليل
وبحسب الفيديو الذي أعاد نشره ناشطون ومدونون، فإن الشاب المتهم قال إنه اصطحب زوجته، إلى زيارة أحد المراقد الدينية، وبعد العودة، توقف قرب النهر، ليخنق زوجته، ويحرق جثتها، ومن ثم عاد إلى منزله.
وتساءل عراقيون، عن كيفية الحصول على الاعترافات، وما إذا شاهد المحقق، موقع الجريمة، وآثار الحرق، فضلاً عن غياب بيانات الطب العدلي، والتعامل مع بقايا الجثة، وهي حلقات مفقودة في القضية.
وأثارت القضية ردود فعل مختلفة لدى المدونين في مواقع التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام، وسط مطالبات لوزير الداخلية بالاستقالة، وإقالة مدير شرطة بابل من منصبه.
التغيير مقابل التخلص من أشكال العنف ضد المرأة
كما تساءل مدونون ونشطاء، عن كيفية إقرار قاضي التحقيق بوجود جريمة، في ظل غياب أي ملامح لها، أو الجثة، وبيانات الطب العدلي.
وبدورها، أوضحت شرطة محافظة بابل، جزءاً من ملابسات القضية، فيما أكدت فتح تحقيق في الحادثة.
أول تعليق من الشرطة
وقال مدير إعلام قيادة شرطة المحافظة، العميد عادل الحسيني، في تصريح لوسائل إعلام محلية، إن “القضية أثارت استغرابنا بعد اعتراف المتهم بقتل زوجته ومن ثم العثور عليها حية ترزق”.
وأضاف أن “المعلومات الأولية تشير إلى أن المتهم قد ابلغ ضابط التحقيق بأنه قتل زوجته التي كانت مختفية، وظهر على وسائل الإعلام وشرح تفاصيل الحادث”، مبيناً أن “التحقيق جارٍ في القضية لمعرفة ملابسات اعترافات المتهم التي لم تتطابق مع الحقيقة”.
وتابع أنه “بعد أن تم تعميم القضية وانتشارها في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، قام مواطنون بالإبلاغ عن موقع وجود الزوجة، الأمر الذي دفع القوات الأمنية إلى التوجه للمكان وإلقاء القبض عليها، مما أدى إلى تغيير فحوى القضية، وتبين أن هناك مشاكل عائلية بين الزوجين التي قد تكون دفعت المرأة للهرب أو ما شابه”.
وبين أنه “على إثر ذلك اتخذنا إجراء بحق الضابط القائم بالتحقيق، وذلك بتدخل القضاء بهذا الأمر لمعرفة حقيقة القضية، وما إذا كان هناك تعذيب أثناء التحقيق”، موضحاً أن “قائد شرطة المحافظة والسلطات التحقيقية فيها، يحققون حالياً فيما إذا قد تعرض المعني في القضية للتعذيب خلال التحقيق، وقضيته ستكون متروكة للقضاء”.
التعذيب في السجون
بدورها، قالت الناشطة في مجال حقوق الإنسان، منى العامري، إن “الواقعة تؤشر خللاً كبيراً، وجسيماً في عمل الأجهزة الأمنية، التي تتحدث ليل نهار عن اعتقال المجرمين، ومهربي المخدرات، وهو ما يؤكد الحاجة إلى إصلاح كبير، يبدأ من رأس الهرم، وصولاً إلى منح المحققين دورات علمية مكثفة، في كيفية إثبات وقوع الجرائم”.
وأضافت العامري في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية” أن “على المتهم رفع دعوى قضائية، ضد الشرطة المحلية، للحصول على تعويضات وإيضاحات بشأن مجمل ما حصل، حيث تعرض إلى الضرر المعنوي، والتشهير به كمجرم أمام وسائل الإعلام”.
ومع تكرار حوادث وفاة لنزلاء في عدد من السجون العراقية، من جراء التعذيب أو في ظروف غامضة كما تشير تقارير منظمات حقوقية محلية ودولية، بات هذا الملف محور انتقادات، سواء من هيئات حقوقية عراقية أو أخرى محلية.