اعتبر موقع “ميدل ايست آي” البريطاني ان انتخابات العراق في 10 أكتوبر المقبل، ستكون بمثابة استفتاء بين النخب القائمة المهيمنة منذ العام 2003 والساعية الى المحافظة على الوضع الراهن، وبين من هم من خارج هيكل الحكم من المنتمين الى حركة الاحتجاج والساعين الى اصلاح النظام.
ورأى الموقع البريطاني في تقرير له ترجمته وكالة شفق نيوز، انه برغم استمرار حركة الاحتجاج، الا انه يمكن توقع فوز النخب العراقية في الانتخابات المقبلة، موضحا انه في ظل اللامبالاة والازدراء للنخب السياسية في العراق، فانه من المرجح ان تكون المشاركة منخفضة مثلما جرى في انتخابات العام 2018.
واشار الى انه في ظل نسبة الاقبال المنخفضة على التصويت، سيكون من المتوقع ان يفوز تحالف مقتدى الصدر مجددا، مضيفا ان هناك احتمال ايضا حدوث مفاجآت واضطرابات في العملية الانتخابية.
وذكر التقرير بان ائتلاف الصدر حقق فوزا مفاجئا في انتخابات العام 2018، وجاء في المرتبة الثانية تحالف الفتح بزعامة هادي العامري والذي يضم مرشحين من الفصائل الشيعية، فيما جاء ائتلاف رئيس الوزراء انذاك حيدر العبادي في المركز الثالث، وهي نتيجة كانت مفاجئة لان المراقبين افترضوا ان رئيس الحكومة ستكون له الافضلية لتحقيق انتصار.
وتابع التقرير ان هذه القوى الشيعية الثلاث تتنافس في هذه الانتخابات، لكن الارباك الذي حصل سابقا السابق يشير الى ان النتائج قد تكون مفاجئة.
ورجح التقرير ان تحقق الكتلة الصدرية نتائج جيدة بسبب تنظيمها وقدرتها على حشد الناخبين، منافسة بذلك تحالف فتح بزعامة العامري، مضيفا انه قد يكون بامكان التيار الصدري بعد ذلك تشكيل تحالف بعد الانتخابات مع تحالف قوى الدولة الوطنية، بقيادة العبادي وعمار الحكيم.
اما بالنسبة للقوى السنية، فان رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي يقود تحالف التقدم القوي في محافظة الانبار، بينما سيحقق ائتلاف عائلة النجيفي نتائج جيدة في محافظة الموصل.
تشكيل التحالفات
وذكر التقرير ان بالامكان توقع فوز الحزبين الكورديين الاساسيين وتشكيل تحالف مع احد الفصائل الشيعية، اذ انه وفقا لمفاوضات غير رسمية قبل التصويت، سينضم الحزب الديمقراطي الكوردستاني، بقيادة الزعيم الكوردي مسعود بارزاني، الى ائتلاف غير رسمي مع الصدريين لتشكيل حكومة، فيما سيتحالف الاتحاد الوطني الكوردستاني مع تحالف الفتح.
الا ان التقرير اشار الى ان سلسلة مستمرة من الاحتجاجات التي بدأت في اكتوبر العام 2019 وتعرف باسم حركة تشرين، تعارض هذه النخب وتتحداها من خلال تقديم مرشحيها او تشجيع المقاطعة لنزع الشرعية عن الانتخابات.
وبحسب التقرير فان من بين الاهداف العامة لحركة تشرين توفير فرص عمل والخدمات والحد من الفساد الذي اصبح متفشيا في العراق بعد العام 2003. وتابع ان الحراك المعارض حقق بعض النتائج الملموسة، من بينها استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، الذي تولى السلطة بعد انتخابات 2018.
كما اشار الى ان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي تعهد باجراء الانتخابات على وجه السرعة، فيما ادت ضغوط المتظاهرين الى صياغة قانون انتخابي جديد وسع عدد الدوائر الانتخابية من 18 الى 83، بالاضافة الى الغاء نظام التصويت القائم على القوائم، حيث أصبح بامكان الناخبين اختيار مرشح محلي فردي، قد يكون جزءا من ائتلاف او يعمل كمستقل.
ويتيح القانون الانتخابي ايضا بتمثيل افضل للمناطق في البرلمان، كما يخصص كوتا لمقاعد للنساء، مما يعني ان كل دائرة انتخابية ستختار نائبة واحدة على الاقل في البرلمان. وبالاضافة الى ذلك، شدد المتظاهرون على وجود مراقبين دوليين لضمان شفافية عملية التصويت.
الانقسامات الداخلية
وذكر التقرير انه فيما سيخوض بعض النشطاء في الحراك الاحتجاجي الانتخابات، الا انهم يفتقدون الى وجود زعيم أوحد لهم، وهم فشلوا في تشكيل تحالف موحد، كما تتنازعهم الانقسامات الداخلية.
ولهذا، اعتبر التقرير انه فيما حقق حراك تشرين اصلاحات تدريجية، الا ان حدوث تغيير جوهري في العراق بعد الانتخابات يظل احتماله محدودا.
وخلص التقرير الى القول انه من المرجح ان تحقق النخب الحزبية العرقية والطائفية بعد عام 2003، تفوقها، لكن من غير المرجح ان يفوز اي حزب باغلبية المقاعد البالغ عددها 329 مقعدا، مما يعني انه ستكون هناك حاجة الى حكومة ائتلافية.
واعتبر ان الصدريين وتحالف الفتح، الى جانب حلفائهم، سوف يتنافسون فيما بعد الانتخابات، على المناصب، مما سيؤدي على الارجح الى حدوث عملية طويلة الامد من اجل تشكيل الحكومة، مشيرا الى ان الكاظمي لم يشكل تحالفه الانتخابي، في حين ان الصدريين بدون مرشح واضح لرئاسة الوزراء، ومن المحتمل ان يسمحوا له بالاستمرار في منصبه.
واعتبر انه حتى في ظل وجود برلمان يهيمن عليه التيار الصدري وحكومة تكنوقراط، فان “الكاظمي فشل في تخفيف مشاكل العراق مع الفساد والبطالة والخدمات وانعدام الامن الناجم عن الميليشيات التي استهدفت النشطاء”.
ولهذا، خلص التقرير الى القول ان “احتمالات التغيير في مستقبل العراق محدودة”، مشيرا الى انه “كان لدى حركة تشرين الامكانية للبروز كتحالف عابر للاعراق والطوائف، قادر على تعبئة الشيعة والسنة والكورد، لكن ثبت ان مثل هذه الوحدة بعيدة المنال منذ العام 2003”.