بعد ايام ستنفذ أحزاب السلطة سيناريو الطبعة الخامسة من الانتخابات، وفق قانون انتخاب مصمم عالمقاس، ومفوضية انتخابات موزعة نسب التعيين فيها بالاتفاق، وتحت اشراف مراقبين مضمونين من الأساس، لتنسجم النتائج مع سابقاتها في الدورات الأربعة الماضية، كما تريد لها منظومة الفوضى والفساد، حفاظاً على الاستقرار، ومنعاً للانهيار . . !.
المواطن و المراقب، وحتى المسؤول، على دراية بتفاصيل ماسيحدث في هذه الانتخابات، حين يتتبع تفاصيل التحضيرات، ومستويات واساليب وتكاليف الدعاية والاعلان، بالصوت والصورة، وبالشعارات والوعود، وبالعطايا والهدايا والهبات، التي انحدرت الى ادنى المعاني والمستويات، لتؤكد تطابقها مع النسخ الاربعة الماضية .
لكن الجديد في هذه النسخة، الذي لا يمكن أن يغير أو يفيد، هو اسلوب دخول أحزاب السلطة باذرع متعددة، لايهام الناخبين بامكانية التغير بانتخاب احزاب جديدة، ثم يجري تجميعها بعد الانتخابات لصالح الكبار، وهي حركة مكشوفة لاتنطلي على البسطاء قبل العارفين، وهي واحدة من أعراض القلق العام للفاسدين بعد انتفاضة تشرين .
العراقيون فقدوا الثقة بمنظومة السلطة وعرابيها منذ مراجعتهم لكشف حساب الاداء لاول مجلس نواب بعدسقوط الدكتاتورية، حيث توافقت أحزاب السلطة حول مصالحها على حساب مصالح الشعب، وترجم الشعب ذلك بتراجع مستويات المشاركة في الانتخابات دورة بعد اخرى، حتى وصلت النسبة الى اقل من ( 20 % ) في الانتخابات الاخيرة، وهي النسبة التي لاتوفر شرعية للبرلمان الحالي ولاللحكومة التي شكلها في حينه، وأسقطتها انتفاضة تشرين الباسلة .
ان اصرار قوى الفساد على الاستمرار في ادارة ( لعبة ) الانتخابات، متحالفة ومتضامنة لحماية مواقعها ومكاسبها، دون اكتراث ولااهتمام ولاحساب للنتائج الكارثية التي تحملها الشعب، نتيجة السياسات الخاطئة التي تبنتها حكوماتها الطائفية، هو الذي اطلق انتفاضة تشرين التي أذهلت الدنيا، وزلزلت اركان الفساد ومراكزه المسترخية على دماء وثروات العراقيين، وأفقدت مشغليهم ومسانديهم التركيز والصواب، فكانت مواجهة الانتفاضة السلمية بوحشية، قراراً جماعياً للسلطات، لاعادة السيطرة على الشارع ، في واحدة من أفضح الجرائم ضد المتظاهرين السلميين في العالم باسره ليرتقي الشهداء فرساناً للوطنية، وليفرض الوطنيون اسقاط الحكومة الدموية، وشروط تقديم المجرمين الى القضاء واسقاط منظومة الفساد والتغيير نحو حكومة عراقية وطنية، نظيفة من الملوثات العابرة للقانون والقيم الانسانية .
بعد عامين على ملحمة الانتفاضة التي خلدها الشهداء والجرحى والمغيبون بدمائهم الزكية وضمائرهم النقية، قد يتوهم قادة الفساد والفاسدين والقوى الساندة لهم، بأن الانتفاضة اصبحت خلف ظهورهم، متناسين ملاحم التأريخ الخالدة في قلوب وعقول وضمائر الشعوب، وشعبنا العراقي ليس استثناءاً، والوطنية العراقية ستنصف الامهات والآباء والاخوات والزوجات والأبناء، الذين أهدوا العراق فلذات أكبادهم، بتجديد الانتفاضة ومواصلة النضال والكفاح السلمي، لاسقاط العملاء والدخلاء والعنصريين وعموم الفاسدين، ليتسنى اجراء انتخابات عراقية حقيقة ونزيهة، تكون فاتحة لتشكيل حكومة عراقية وطنية، نظيفة من الملوثات العابرة للقوانين والقيم الانسانية، تبني العراق بسواعد وعقول وثروات العراقيين .
علي فهد ياسين