.
المتتبع للوضع الانتخابي في إقليم كردستان العراق، سيكتشف أن الأحزاب ذاتها تتنافس على مقاعد مجلس النواب المخصصة للمدن الكردية، فلا تغيير يذكر على خارطة التحالفات السياسية، سوى تحالف الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير للمشاركة معا في الانتخابات المبكرة لمجلس النواب، وهما يشاركان معا في حكومة إقليم كردستان، وكذلك بالحكومة المحلية في مدينة السليمانية.
ويتركز ثقل الاتحاد الوطني الكردستاني، مع التغيير، في مركز مدينة السليمانية وأطرافها، وقسما من مدينة أربيل التي يهيمن عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، الذي يسيطر أيضا على محافظة دهوك.
وبحسب مراقبين فإن القوة التي كانت تنافس الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير في السليمانية وأطرافها، هي حراك الجيل الجديد، الذي شارك في الانتخابات السابقة، وفاز بأربعة مقاعد.
أما الآن، فالوضع يختلف إلى حد ما، وبحسب توقعات المحلل السياسي الكردي والصحفي شوان محمد، فإن “الجيل الجديد”، بزعامة شاسوار عبدالواحد، الذي يمتلك 5 مرشحين في السليمانية وحدها، سيفوز بجميع مرشحيه، بسبب استياء الشارع الكردي في المدينة من سياسات الاتحاد الوطني وحركة التغيير، التي كانت معارضة، وباتت فيما بعد جزءا من السلطة.
ويرى محمد أن حركة التغيير خسرت ثقة الشارع، ومنذ الانتخابات المنصرمة، سواء التي جرت في الإقليم لبرلمانه المحلي، أو مجلس النواب العراقي، فقد فقدت أصواتا بشكل كبير، وبحسب التوقعات فإنها ستفقد أكثر، مما دفعها إلى بناء تحالف سياسي في هذه الانتخابات مع الاتحاد الوطني الكردستاني.
ويعتبر المحلل السياسي الكردي ياسين عزيز أن حزبي الاتحاد والتغيير المستفيد الأكبر بالنظر إلى وضعهما الداخلي الذي يمر بأزمة كبيرة، ويشير إلى أن الأحزاب الكردستانية المتنافسة في انتخابات مجلس النواب لا تحتاج كثيرا إلى تحالفات حزبية في هذه المرحلة، والمهم أن تتفق لتأسيس تحالف وطني داخل مجلس النواب القادم لإبراز موقف كردي موحد مستقبلا في بغداد.
ويعاني الاتحاد الوطني حاليا أيضا من مشكلات عائلية بين أبناء العمومة بشأن زعامة الحزب، فمازال لاهور الشيخ جنكي، الرئيس المشترك، المعزول من قبل ابن عمه بافل طالباني، لم يحسم أمره بشأن دعم مرشحي الاتحاد الوطني بالانتخابات المقبلة، رغم أن هناك حديثا يدور خلف الكواليس، بأنه يدعم عددا منهم، سرا وليس علنا.
ومنذ اندلاع هذه الأزمة في الثامن من يوليو المنصرم، مازال لاهور الشيخ جنكي قابعا في منزله، مع أنه يمتلك شعبية كبيرة في صفوف الحزب، إلا أن قيادته تتجنب مطالبته، حتى الآن، بالمشاركة في الحملات الانتخابية، التي يقودها قباد طالباني، شقيق بافل.
ويرى المحلل شوان محمد أنه إذا لم يحسم أبناء العمومة أمرهم بشأن توجيه خطاب موحد إلى جماهيرهم خلال الفترة المتبقية من الحملة الانتخابية، فإنهم سيفقدون العديد من أصواتهم في الانتخابات.
ويقول المحلل السياسي الكردي ياسين عزيز إن النزاع الداخلي في الاتحاد الوطني أثر كثيرا على مكانته وسمعته، منوها بأن ذلك سيكون له التأثير الأوضح على نتائج الانتخابات.
لكنه يشير، في الوقت نفسه، إلى أنه إذا تمكنت قيادة الاتحاد الوطني من دفع مؤيديه لمشاركة واسعة في الانتخابات، فربما يمكن تعويض ذلك التأثير، رغم أن موقف لاهور الشيخ جنكي يبقى مهما جدا في تحشيد الرأي العام داخل صفوف الاتحاد الوطني الكردستاني.
ولا تؤثر الخلافات العائلية داخل الاتحاد الوطني الكردستاني على حظوظه في السليمانية فقط، وإنما حتى في المناطق التي تسمى بالمتنازع عليها بين بغداد وأربيل، ومن بينها كركوك وديالى والموصل.
كما ألقى الانسحاب الكردي من هذه المناطق، عام 2017، بظلاله أيضا على الوضع الكردي هناك، وأدى بأن تقع هذه المناطق، التي كانت في كركوك وديالى تحت نفوذ الاتحاد الوطني الكردستاني، وفي الموصل تحت نفوذ الحزب الديمقراطي الكردستاني، تحت سيطرة القوى السنية والحشد الشعبي الشيعي حاليا.
وبحسب توقعات المراقبين فإن أغلب عناصر ومؤيدي الاتحاد الوطني الكردستاني في مناطق النزاع يؤيدون لاهور الشيخ جنكي، وكانت أنباء تحدثت عن توجهه إلى كركوك والمشاركة في الحملة الانتخابية للاتحاد فيها، إلا أن حزبه لم يسمح له بذلك وتوجه بدلا عنه قباد طالباني، لكن هذا لم يمنع آلاء طالباني، وهي أيضا من عائلة طالباني وكانت مرشحة الحزب قبل أن يتم إقصاؤها، بأن تتوجه إلى كركوك وحدها، حيث أعلنت عن حملتها الانتخابية بدعم من ابن خالها لاهور الشيخ جنكي.
وفي مقابل هذا، وبحسب التوقعات، فإن الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يتزعمه مسعود بارزاني، سيحافظ على أصواته، نظرا لاستقرار وضعه السياسي في إقليم كردستان، وإلى حد ما في مناطق النزاع.
أما الأطراف الإسلامية، ومنها الاتحاد الإسلامي الكردستاني وجماعة العدل الكردستانية (الجماعة الإسلامية سابقا)، فلديها جمهورها الثابت في كل من السليمانية وأربيل ودهوك، وبحسب التوقعات فإنها ستحافظ على أصواتهم، دون أي تغيير.
وحاليا تمتلك القوى الكردستانية نحو 56 مقعدا في مجلس النواب العراقي بواقع 26 مقعدا للحزب الديمقراطي الكردستاني، مقابل 19 مقعدا للاتحاد الوطني الكردستاني، و4 مقاعد للتغيير، و4 لحركة الجيل الجديد، مع مقعدين للاتحاد الإسلامي الكردستاني، ومقعد واحد لجماعة العدل الكردستانية.