الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Homeاخبار منوعةالازمة الكردية في تركيا من اتاتورك الى السلطان أردوغان

الازمة الكردية في تركيا من اتاتورك الى السلطان أردوغان

الازمة الكردية في تركيا من اتاتورك الى السلطان أردوغان

         

     

            

 بعد سنوات من اللعب على حبال المخطط العالمي لتدمير المنطقة وجني الفوائد الاقتصادية بمليارات الدولارات بالطرق اللاشرعية، يحاول اردوغان بشتى الطرق الاحتفاظ بمواقعه في شمال سوريا، اي في المناطق الكردية المحتلة ومحاربة الاكراد باسم مكافحة الارهاب في حين ان حليفتها امريكا تعتبر الاكراد اكبر الداعمين للجهود المبذولة لمحاربة داعش في المنطقة. من ناحية اخرى انتهي الامر بتركيا الى تقديم تنازلات لروسيا، العدو التاريخي لتركيا، بشان الملف السوري لوضع نهاية للازمة بعد ان تم حصر المعارضين للحكومة السورية في ادلب. ولكن لماذا كل هذه الاصرار من قبل تركيا على الاستمرار باحتلال االمناطق الكردية في سوريا ومكافحة الاكراد في مناطقهم من جهة، وابداء المرونة السياسية مع الروس بخصوص الملف السوري من جهة اخري؟ ما الغاية من الاحتفاظ بالمناطق الكردية في شمال سوريا؟ ما الثمن مقابل التنازلات التركية لروسيا؟ وماذا سيجني الاتراك في النهاية؟ الجواب ليس خافيا على المتتبع للاحداث الجارية في داخل تركيا وجوارها. 

الثمن بالنسبة لتركيا هو وضع نهاية لحركة التحرر القومية الكردية في تركيا.
في مطلع القرن العشرين، بدأت النخب الكردية التفكير في إقامة دولة مستقلة، باسم “كردستان”، وبعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، وضع الحلفاء المنتصرون تصورا لدولة كردية في معاهدة سيفر عام 1920. وحسب هذه المعاهدة تم تحديد منطقة ذات حكم ذاتي للاكراد في تركيا في شرق وجنوب شرق تركيا حسب الخارطة التي رسمها الرئيس الامريكي ودرو ولسن، وكان من المفروض ان يتم الاستفتاء على مصير كردستان من قبل الاكراد لاحقا. ولكن تبددت امال الاكراد بعد مدة قصيرة جدا حيث الغت معاهدة لوزان في عام 1923 ما قبلها واخضع كمال اتاتورك مؤسس تركيا الحديثة كافة المناطق الكردية في تركيا لسلطته. ويعتقد الاكراد بان معاهدة سيفر هي التي مزقت كردستان حيث توزعت بين تركيا وايران والعراق وسوريا وانتهى الحال بالاكراد كاقليات في الدول المذكورة.
رسم الاكراد خارطة وطنهم الكبير حسب طموحاتهم وقناعاتهم دون التقيد بما اراد لهم الاخرون، ففيها المناطق المعترف بها تاريخيا كمناطق كردية بالاضافة الى مناطق ذات تنوع عرقي يعتقد الاكراد انهم اكثرية فيها او كانوا كذلك تاريخيا ولكن الظروف السياسية والتهجير القسري جعلتهم اقلية وهي مناطق متنازع عليها مع الاخرين ، ومدوا حدودهم في بعض المناطق الاخرى حسب تصوراتهم. وكل هذه المناطق تمثل حسب قناعة الاكراد كردستان الكبرى التي يحلمون بها والذي يقع الجزء الاكبر منها في تركيا حيث يعيش فيها ما بين 16-20 مليون كردي ومناطقهم معروفة بشرق وجنوب شرق تركيا، وعلى عكس تسميات كردستان العراق وكردستان ايران لا ذكر لكردستان تركيا في القاموس التركي ويمنع استعماله.
يختلف وضع الاكراد في العديد من النواحي حسب البلدان التي توزعوا عليها. ففي تركيا مثلا تم حرمانهم من كافة حقوقهم القومية ويتم قمع اية حركة تحررية كردية هناك بوحشية.

   

  الشهيد (قاضي محمد) رئيس جمهورية مهاباد ووزرائه/ 1946

اما في ايران فان الحكومة تسيطر سيطرة تامه عليهم ولا ينسى الاكراد الايرانيون تاسيس جمهورية مهاباد الكردية عام 1946 في شمال البلاد بمساعدة السوفيت واسقاطها من قبل الشاه محمد رضا بهلوي بعد ان انسحب ستالين الراعي الاول لجمهورية مهاباد من المنطقة تحت ضغط الامريكان والانكليز وبعد ان ضمن مصالحه النفطية. وفي سوريا كان الاكراد دائما مهمشين .

            

اما في العراق فلقد بدات الحركات الكردية منذ بداية القرن العشرين بقيادة الشيخ محمود الحفيد واستمرت بعدها تحت قيادة البارزانيين والطالبانيين والعشائر الاخرى وتطورت واخذت اشكالا مختلفة لا مجال هنا للتطرق اليها ولكنها حققت نوعا من النجاح والاعتراف بالكثير من حقوقهم بعد تضحيات كبيرة، ويعتبر وضع الاكراد في العراق متقدما كثيرا عن اوضاعهم في البلدان الاخرى . 

يقدر عدد الاكراد في العالم حاليا باكثر من 30 مليون نسمة، وفي تركيا يشكل الاكراد نسبة 20% من سكانها اي ما بين 16- 20 مليون نسمة كما ذكر سابقا، ويعيش معظمهم في المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية من البلاد وهي المناطق الاقل تطورا في تركيا من الناحية الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية والتنموية والعمرانية. فبعد تاسيس الجمهورية التركية الحديثة اتبع أتاتورك سياسة التتريك، واعتبر كل مواطن يعيش في الجمهورية التركية (تركيا) بغض النظر عن قوميته الاصلية وأطلق اتاتورك علي الاكراد تسمية (اتراك الجبل)، وكذلك اتبع اتاتورك سياسة قومية شوفينية تجاه الأكراد حيث منعهم من ممارسة لغتهم القومية في النواحي الأدبية والتعليمية والثقافية ومنع صدور الصحف باللغة الكردية وكذلك من تشكيل أحزاب سياسية وكان مجرد التحدث باللغة الكردية في الاماكن العامة يعتبر عملا جنائيا لعدة عقود. كان الهدف الاساسي لاتاتورك مسح الهوية الكردية والغاء الانتماء القومي للاكراد، وهو هدف ترسخ في السياسة الداخلية للحكومات التركية المتعاقبة ولا زال الى الوقت الحالي، وتفاوتت حدة العنف ضد الاكراد من اتاتورك الذي كان قاسيا جدا مع الاكراد الى اردوغان الذي رجع الى المربع الاول بعد توليه زمام الامور وزاد على اتاتورك جرما في حق الاكراد، بعد ان كانت بعض القيود قد خففت عليهم.
ثار الاكراد ضد قرارات واجراءات اتاتورك،

   

وكانت ثورة الشيخ سعيد بيران عام 1925م ضد سياسة التتريك، الاولى من نوعها في تاريخ التحرر القومي الكردي الحديث في تركيا حيث التف حولها اكثر من نصف مليون ثائر ولكن لم تنجح الثورة واعدم الشيخ سعيد مع العشرات من رفاقة وتم حرق وازالة المئات من القرى الكردية فضلاً عن نهب ما تبقى من ممتلكات الاكراد من قبل الجنود الأتراك.

                 

بعد انتكاسة ثورة الشيخ سعيد بيران شنت حكومة كمال اتاتورك حملة اعتقالات واسعة في المناطق الكردية في تركيا، ولقد استمرت الحكومات التركية المتعاقبة على نفس النهج، ولم تستطع هذه الحكومات من تحقيق هدفها الرئيسي باذابة الهوية القومية الكردية في بوتقة القومية التركية الطورانية التي نجحت في تتريك العديد من العناصر الاخرى على مدى التاريخ.

بعد فشل ثورة الشيخ سعيد، انطلقت “ثورة آغري” في مناطق جبال آرارات في الاعوام (1927-1930) بقيادة الجنرال إحسان نوري باشا الذي كان احد الضباط الأكراد في الجيش العثماني ، حيث أعلن ثورة عارمة في وجه الدولة التركية ولعب فيها البدرخانيون والوطنيون دورا كبيرا من خلال حزب خويبون (الاستقلال) ، وأعلنت منطقة جبل آرارات وما جاورها دولة كردية مستقلة. بدأت الحكومة التركية حربا شاملة ضد الدولة الكردية وارسلت جيشا كبيرا مزودا باحدث الاسلحة، يدعمه السلاح الجوي وبعد العديد من المعارك تم حصر الثوار في الجبال ونفذت تجهيزاتهم وانتهت ثورة اغري بسقوط الدولة الكردية الفتية ولجأ الثوار وقائدهم إحسان نوري باشا الى ايران، وقامت القوات التركية المهاجمة بعد اخماد نار الثورة بتدمير وحرق مئات القرى الكردية وقتل ابنائها بتهمة أنتمائهم للثوار وتهجير من تبقى منهم من مناطقهم.
في عام 1934 ، صدر في تركيا قانون لإعادة التوطين وكان ظاهره تعزيز التجانس الثقافي في البلد بينما كانت الخطة المبيته نقل الاكراد من درسيم ( حاليا تونجلي) الى مناطق اخرى لتغيير النسيج القومي للمنطقة.

                 

وفي عام 1935 صدر قانون تونجلي بتوطين الاكراد المهجرين الذي رفضه الاكراد وكتبوا رسالة احتجاج الى الحاكم المحلي والتي اشعلت الشرارة الاولى لثورة درسيم التي وقعت بين عامي 1937-1939 بقيادة سيد رضا .ارسلت حكومة اتاتورك عشرات الالاف من قواتها لاخماد الثورة حيث استعملت هذه القوات اساليب وحشية ، بما في ذلك القتل الجماعي للمدنيين، وعندما فشلت في ايقاف المد الثوري استعملت القوة الجويه والطيران الحربي للقضاء على الثورة واشتركت ابنة اتاتورك بالتبني صبيحة كوكتشن (اول امراة تقود طائرة حربية في تركيا) في حركات درسيم بقصف مواطنيها وكانت المحصلة عشرات الالاف من القتلى وهدم المنازل واجلاء اكثر من 10000 كردي قسرا من درسيم. ولقد اعتبرت الأحداث التي وقعت في درسيم إبادة جماعية، واعتذر اردوغان نيابة عن حكومته عن مذبحة درسيم وهاجم حزب اتاتورك، حزب الشعب الجمهوري، ورئيسه الحالي وطلبه بتحمل مسؤولية المذابح ويبدوا ان الاعتذار كان لعبة سياسية من قبل اردوغان لاحراج خصمة السياسي واستمالة الاكراد الى جانبة في الانتخابات. (والا ماذا حصل ابناء درسيم او احفادهم من التعويضات، وهل تم توطين المهجرين في مناطقهم الاصلية؟). ولقد تفاقمت سياسات الصهر والقهر والمنع والقمع والتذويب بحق الاكراد نتيجة للانقلابات العسكرية الثلاث التي شهدتها تركيا في الاعوام (1960، 1971، 1980) حيث استمرت الدولة على النهج الكمالي في تشددها وتطرفها القومي.
لم تنتهي الحركة التحررية الكردية في تركيا بنهاية ثورة درسيم فالصراع بين الاكراد والحكومة التركية متاصل ولم يتم ايجاد حل للمشكلة الكردية في تركيا لعدم اعتراف الحكومات التركية المتتالية ومنها الحكومة الحالية بوجود المشكلة الكردية. ولقد ادى استمرارالتهميش المتعمد والممارسات الشوفينية ضد الاكراد الى ظهور حزب جديد لمواصلة حركة التحرر الكردية.

   

ففي عام 1978 أسس عبدالله أوجلان حزب العمال الكردستاني، الذي نادى في البداية بتأسيس دولة مستقلة في تركيا. وفي عام 2004 اي بعد ست سنوات من تأسيسه بدأ الحزب الكفاح المسلح ضد الحكومة ، وبدا اهتمام الشعوب العالمية باكراد تركيا بعد ان شن مقاتلوا حزب العمال الكردستاني هجماتة على المراكز الحكومية واضطر توركوت اوزال، الرئيس التركي انذاك باستعال تسمية الاكراد، وهونوع من الاعتراف بوجودهم .لاحقا غير الحزب سقف مطاليبة وفي تسعينيات القرن الماضي، تراجع عن مطلب الاستقلال، وطالب بالحقوق الثقافية والسياسية وغيرها، ولكنه لم يلق السلاح واستمر في القتال ، ولم يستطع اي من الطرفين حسم الصراع الدائر لصالحه، رغم تفاوت ميزان القوى لصالح الدولة والدعم الاقليمي والدولي الذي حظيت به.واستمر القتال الى عام 2009حين بدات مباحثات السلام وتم التوصل الى اتفاق لوقف النار بين الطرفين. علما بانه منذ بداية الكفاح التحرري المسلح ، قتل عشرات الاف وتم تدمير الاف القرى الكردية وهناك بعض التقديرات التي تقدر عدد القتلى باكثر من 40 ألف شخص وعدد القرى المدمرة بأكثر من 3 آلاف قرية ومئات الالاف من المهجرين الاكراد الذين تم نقلهم الى مناطق غرب تركيا من قبل الحكومة. نفس الاسلوب ونفس النهج الطوراني الشوفيني من اتاتورك الى اردوغان.
بعد تضييق الخناق عليه من قبل السلطات التركية ، انتقل عبد الله اوجلان عام 1979 الى سوريا حيث قضى سنين طويلة يقود الحزب من هناك مما تسبب في ازمة سياسية بين تركيا وسوريا، وهددت تركيا بملاحقة الاكراد داخل سوريا وارسلت وحدات من الجيش الى المناطق الحدودية مع سوريا للضغط على سوريا لوقف مساندتها لحزب العمال الكردستاني ومطالبتها بتسليم اوجلان مما ادى الى اضطرار الاخير (او طلب منه) مغادرة سوريا عام 1998 حيث اتجه اولا الى روسيا تم ايطاليا ثم اليونان ،

  

وبعد ان بدل وجهته اكثر من مرة ، القي القبض عليه في نيروبي 15 شباط عام 1999 من قبل المخابرات التركية وبمساعدة المخابرات الامريكية ونقل الى تركيا حيث حكم علية بالاعدام وبعد ان تم الغاء حكم الاعدام في تركيا كاحد شروط الانضمام الى الاتحاد الاوربي بدل حكم الاعدام الى السجن المؤبد عام 2002 حيث بقي في سجن انفرادي في جزيرة إيمرالي التركية لغاية عام 2009 ونقل بعدها الى سجن اخر بضغط من المجلس الاوربي بسبب الظروف السيئة للسجن، وسجن هناك مع اعضاء اخرين من الحزب. ولقد رفضت السلطات التركية المئات من طلبات المحامين المدافعين عنة لاعادة محاكمتة حيث لم ينل محاكمة عادلة.

وصل توركوت اوزال الى الحكم في تشرين الثاني من عام 1898، وفي عام 1991 قرر تخفيف القيود على استعمال اللغة الكردية بشكل جزئي وتم العفو عن السجناء السياسيين كخطوة لاحلال السلام ، ولقد اشار أوزال إلى أنه ينحدر من أصول كردية وقد يكون هذا احد اسباب الاتجاه السلمي له تجاه القضية الكردية. ولقد بدات اولى المفاوضات غير المباشرة بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني عام 1993 بوساطة احد القادة التاريخيين للحركة الكردية في العراق المرحوم مام جلال الطالباني وذلك بتكليف من تورغوت أوزال، حيث أعلن أوجلان نهاية آذار 1993 وقفاً لاطلاق النار، كبادرة حسن نيية لانهاء القتال وكاد ان يبرم الاتفاق على انهاء القتال بين الطرفين ولكن موت اوزال المفاجئ في نيسان 1993، ادى فشل المفاوضات والى بدا مرحلة جديده من العنف الدموي، حيث باءت المفاوضات بالفشل نتيجة ممانعة مراكز القوى القومية التقليدية لحل القضية الكردية سلميا، وموقف القوميين الاتراك المتعنت ضد منح الحقوق القومية للشعوب الاخرى في تركيا ومنهم الاكراد. وكانت هناك محاولة ثانية لانهاء القتال فى عام 1997في فترة حكم الرئيس التركي نجم الدين اربكان ذو الميول الاسلامية ولكنها باءت بالفشل ايضا عندما قام الجيش الاطاحة بحكم اربكان . ويجدر بالذكر هنا ان العسكر وهم الرجال المخلصون لمبادئ اتاتورك كان لهم دورا كبيرا في منع الوصول الى اي اتفاق.

  

بعد اختطاف اوجلان ومحاكمته جرت مفاوضات بينه وبين حكومة بولند اجاويد لايجاد حل سلمي للمشكلة الكردية ولكنها توقفت دون الوصول الى نتائج ، وجرت بعدها مفاوضات متقطعة مع حكومة حزب العدالة والتنمية ولم تثمر بشئ ايضا، وهنا يجيب ان نتذكر بان المفوضات كانت تجرى بين ممثلي الحكومة التركية وقائد الثورة الكردية السجين لديهم ، ولم يكن هذا القائد ضعيفا فهو مسنود من شعبه وعليه لم تستطع انقره ان تحقق نواياها ضد المناضلين الاكراد. وفي الفترة ( 2009-2011) جرت مفاوضات بين الحكومة التركية وممثلوا حزب العمال الكردستاني في اوسلوا عاصمة النرويج ولكنها توقفت بسبب اغتيال ثلاث كوادر قيادية من حزب العمال الكردستاني في باريس ولقد نددت السلطات التركية بها تطبيقا للمثل العراقي القائل (قتله ومشي في جنازته). ولقد اتهم جميل باييك القيادي البارز في حزب العمال الكردستاني وأحد مؤسسيه، بشكل مباشر وصريح الدولة والحكومة التركية على أنهما اللتان “ارتكبتا الجريمة”، وأضاف بان الحكومة التركية “ليست لديها مشروع حل، بل لا زالت مصممة على مشروع التصفية”. حاولت حكومة اردوغان التنصل من مسؤلية اغتيال القياديين الناشطين في حزب العمال الكردستاني في باريس ، ولكن تصريحات اردوغان التي تلت تلك الجريمة افصحت ما في الفكر الشوفيني العنصري لاردوغان، فلقد صرح بان الجيش التركي سيواصل حملات التمشيط في تعقب مقاتلي الكردستاني، حتى لو حاولوا الخروج خارج الاراضي التركية، وهنا اشارة الى جبل قنديل ، وان على المقاتلين إلقاء اسلحتهم.

في 31 كانون الأول عام 2012، أعلن أردوغان رئيس الوزراء التركي آنذاك، عن مفاوضات سلام مع أوجلان في سجنه ، وفي 21 اذار 2013 وجه أوجلان المعتقل رسالة الى اتباعه يأمرهم فيها بإلقاء أسلحتهم ومغادرة الأراضي التركية. كان البيان خطوة مهمة في انهاء الخلاف مؤقتا، وبالفعل توجه المقاتلون نحو جبال قنديل مقابل قيام الحكومة باصلاحات لتحسين حالة الاكراد. وساد هدوء نسبي بعدها في المنطقة ، لكن وقف اطلاق النار انتهى عام 2015 بسبب تطورات الاحداث في سوريا وكذلك قيام الطائرات الحربية التركية بشن غارات جوية ضد معسكرات حزب العمال الكردستاني شمالي العراق.
لم تتأثر المناطق الكردية كثيرا بالصراع السوري في السنتين الأوليتين. وتجنبت الأحزاب الكردية الكبرى اتخاذ أي موقف من أي من طرفي الصراع. وبعد منتصف عام 2012، أقام حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي مناطق إدارات ذاتية في كل من القامشلي وكوباني وعفرين. وأكد الحزب أنه لا يسعى للاستقلال بل إلى “إدارة محلية ديموقراطية”. لكن استمرارالحرب ، ودور الأكراد في الحرب ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” زاد من التوتر بين تركيا والاكراد. وفي تموز عام 2015 أدى تفجير انتحاري نفذه تنظيم داعش إلى مصرع عشرات الاشخاص معظمهم من الأكراد في مدينة سوروج، داخل الحدود التركية المواجهة لبلدة عين العرب، كوباني. وحمل الاكراد الحكومة التركية مسؤولية عدم القيام بما يكفي لاحباط عمليات تنظيم الدولة ضدهم، ويبدوا ان نهاية الهدوء النسبي في العلاقات بين الحكومة التركية والاكراد قد اشرف على نهايته حيث تبنى حزب العمال الكردستاني بعد تفجير سوروج بأيام مسؤولية قتل اثنين من رجال الشرطة في أورفا، وهكذا استمرت الغارات الجوية التركية بحجة مكافحة الارهاب ، مستهدفة المقاتلين الاكراد في سوريا بحجة ارتباطهم بحزب العمال الكردستاني والمصنف من قبل تركيا وكذلك العديد من الدول الغربية على انها منظمة ارهابية.
لقد حاول اكراد العراق التواصل مع اكراد سوريا للمشاركة في محاربة داعش ولكن ادى هذا الى غضب اردوغان الذي اعتبر هذه الخطوة موجهة ضد تركيا وفي 12 كانون الاول 2017 اكد اردوغان أن بناء الأكراد دولة على حدود بلاده “مجرد أحلام بالنسبة لهم” ويقصد هنا اكراد العراق، وتسائل قائلا “من يمكن أن يدعي بأن هدف الممر الإرهابي الذي يحاولون تأسيسه (يقصد الاكراد) على طول حدودنا الجنوبية، هو مكافحة تنظيم داعش؟ إن الهدف من هذا الممر الإرهابي هو فقط محاصرة تركيا”. هذا وتحتل تركيا حاليا مناطق ومدن كردية عديدة في سوريا بحجة مكافحة داعش بينما السبب الحقيقي هو السيطرة على المدن الكردية وتحييد المقاتلين الاكراد في سوريا حيث يتهمهم اردوغان بدعم اكراد تركيا ومدهم بالسلاح ولقد طلب اردوغان من الامريكان عدم مد المقاتلين الاكراد من وحدات حماية الشعب الكردية بالسلاح بدعوة انها تنقل الى الداخل التركي.
من جهة اخرى حاول الاكراد الانخراط في الحياة السياسية في تركيا، واصبح حزب الشعوب الديمقراطي الذي تاسس عام 2012 والذي يمثل كل مكونات وأطياف المجتمع التركي، الاوفر حظا بين بقية الاحزاب الكردية حيث استطاع ان يحصد 78 مقعدا من المقاعد عام 2015 ليدخل البرلمان التركي، بعد ان تجاوز عتبة 11 بالمئة من الاصوات اللازمة لدخول البرلمان. وعندما نظم اردوغان انتخابات مبكرة بعد فشلة في تاليف حكومة جديدة حصل الحزب على حوالي 65 مقعدا في البرلمان وبقي ممثلا فيها. ولكن كل هذه المحاولات للتفاهم مع الدولة قد فشلت،

   

فكل تصريحات السياسيين الاكراد يتم وصفها بالخيانة ، وحاليا يقضي الرئيس السابق للحزب صلاح الدين دميرتاش مده محكوميته في السجن بسبب الدفاع عن حقوق شعبة. وقد اعتقلته السلطات التركية في 4 تشرين الأول عام 2016 مع الرئيسة المشتركة السابقة للحزب، فيكن يوكسكداغ و13 نائباً عن الحزب بتهمة التعاون مع حزب العمال الكردستاني. وبين الحين والاخر نسمع عن محاولات لرفع الحصانة النيابية عن بعض النواب الاكراد تمهيدا لمحاكمتهم وزجهم في السجون.

      

لقد باءت كل المحاولات السلمية مع الحكومة التركية بالفشل، فبعد سجن القيادات الكردية بتهم مختلقة ، قامت الحكومة التركية بالهجوم على المناطق الكردية في جنوب شرق البلاد وخصوصا في مدينة ديار بكر وما حولها وحولت مدينة سور الكردية الى مدينة اشباح كانها احدى المدن التي دمرها هتلر في الحرب العالمية الثانية.

   

فلقد نقلت الصحفية اسراء يالازان في 18 حزيران 2018 عن كتاب بعنوان (سور- ديار بكر، شاهدة على همجية الجيش التركي ضد الأكراد) للكاتبة والناشطة في المجتمع المدني نورجان بايسال)صدر عام 2017 (، بان الاحياء الفقيرة في سور، ومستشفياتها، ومدارسها، وأسواقها، ومقاهيها، والمناطق السكنية الفاخرة بها أيضًا، كلها دمرت في نهاية عام 2015 والاشهر الاولى من عام 2016، خلال 100 يوم من القصف، والاشتباكات والمجازر حيث استخدمت اسلحة في المدن ضد الاطفال والنساء والمدنيين، لا يمكن استخدامها سوى في حرب بين بلدين. و”تم تدمير 70 في المئة من مدينة شرناق، وأجزاء كبيرة من مدن سيلوبي، وإيديل، وجرزة، واجزاء من مدن نصيبين ويوكسك وأوفا، وشرد أكثر من 500 ألف شخص، وتم تهجير ما يقرب من 1.5 مليون شخص بالقوة. وتم قتل أكثر من ألفين آخرين بدم بارد”.
لم تاتي كل محاولات التتريك والغاء الهوية الكردية باية نتيجة، فلقد بقى الاكراد كردا بهويتهم القومية الاصيلة المتميزة وبقوا صامدين مثل صمود جبالهم. ومع استمرار الكفاح والمطالبة بالحقوق المشروعة بكافة الوسائل، يبدوا ان على الاكراد نسيان الخلافات الداخلية وتنقية الاجواء والتضامن، والاستمرار بالعمل على تطوير المجتمع والحفاظ على الوعي القومي وتثقيف الاجيال الجديده وتهيئة الكوادر لقيادة المجتمع والوطن، والاستمرار بمواكبة التطورات العلمية والاقتصادية في العالم ومتابعة التغييرات السياسية ليكون الشعب الكردي جاهزا عندما تدق ساعة الصفر. من كان يتوقع انهيار وتفكك الاتحاد السوفيتي واستقلال بلدانة سلميا؟ من كان يتوقع تفكك يوغوسلافيا وظهور البلدان الجديدة بالقوة؟ فالخارطة السياسة العالمية في تغيير مستمر وستؤدي السياسات التركية الخاطئة تجاه الشعوب الى القضاء على احلام السلطان اردوغان وغيره بتاسيس سلطنة جديدة وسياخذ الاكراد وابناء القوميات الاخرى حقوقهم، ولا مستحيل في هذا العالم.
_________________
المصادر
– https://ar.wikipedia.org/wiki/ ثورة الشيخ سعيد
– https://ar.wikipedia.org/wikiاحسان نوري باشا
– هويبون (خويبون)- دراسة للمؤرخ الدكتور كارو مومجيان- كاليفورنيا
– https://en.wikipedia.org/wiki/Abdullah Öcalan
– هوشنك اوسي – الصراع الكردي – التركي بين الحلّ السلمي وتجدد دورة العنف- معهد العربية للدراسات-23 ك2013.2
– الجزيره- http://www.aljazeera.net/news/arabic))
http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2016/08/160810_kurdistan-
– اسراء يالازان- سور- ديار بكر، شاهدة على همجية الجيش التركي ضد الأكرادhttps://ahvalnews.com/ar/
——————————–
لوس انجيليس- كاليفورنيا- تشرين الاول 2018
hampomg@yahoo.com

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular