من مفارقات الزمن بالديموقراطية العراقية , الغريبة في نوعها وشكلها ولونها وطعمها , بأن العملية الانتخابية التي تحدد مصير العراق , سواء بالمشاركة الواسعة , أو بالمقاطعة الواسعة , لا تعني شيئاً ولم تغير شيئاً في الواقع والمناخ السياسي , سوى الى الاسوأ وأكثر فداحة وخطورة على مستقبل العراق , لم تكن نتائجها سوى تدوير النفايات القديمة مجدداً. لعدم وجود نية وطنية صادقة للأحزاب الطائفية المتنفذة في الإصلاح والبناء والتغيير . ولكن هناك حقيقة دامغة بين هذه الاحزاب الحاكمة , رغم الشحن والخلاف الشديد والشقاق و التطاحن العنيف , وكل حزب ينشر الغسيل الوسخ والقذر للاحزاب الاخرى , ولكنها يجمعها توافق واحد بالاجماع : في بقاء نظام المحاصصة الطائفية الركيزة الثابتة لهم ولوجودهم . بقاء الفساد والرشوة والفرهود يلعب ويجول بحرية مطلقة . التمسك بوجود المليشيات المسلحة , رغم دعواتها المنافقة بحصر السلاح بيد الدولة ونزع سلاح المليشيات المارقة والوقحة , التي تتصدر مقدمة المسرح السياسي . ان هناك احباط عام وعدم الثقة بهذه الاحزاب من قطاعات واسعة من الشعب , عدم سعي الأحزاب الحاكمة الى ضمان البيئة الديموقراطية , تحمي حرية التعبير وحقوق المواطن وحمايته من بطش المليشيات المسلحة . لا توجد ظروف المنافسة الشريفة والعادلة في العملية الانتخابية , حتى تدفع العملية الديموقراطية الى الأمام . عدم وجود عناصر كفوءة تملك النزاهة والوطنية وتملك الإخلاص للوطن , وتشعر بهموم ومعاناة المواطن , والعمل على انفراج في الأزمات والمشاكل التي يعاني منها العراق والعراقي , سوى إغراق المواطن بالامال والاحلام والوعود العسلية , تتبخر ساعة اغلاق صناديق الاقتراع. عدم الجدية في العمل في توفير فرص العمل للعاطلين . عدم الجدية والإخلاص في توفير الخدمات الاساسية التي تحسن الظروف المعيشية . لا توجد نية في معالجة الأزمات والمشاكل التي يعاني منها المواطن. ثم ان هذه الانتخابات البرلمانية لا تختلف عن سابقاتها , في استخدام نفوذ الدولة والمال المسروق في شراء الذمم أو شراء البطاقات الانتخابية , والصرف الباذخ والمجنون على دعايات الترويج للمرشحين والمرشحات , بما فيها ضخامة وتزاحم صور المرشحين في كل مكان وزاوية , والولائم والهدايا بشرط ضمان التصويت للمرشح , في استغلال عدم وجود قانون الأحزاب السياسية , مما يخلق الإحباط وعدم الثقة بالعملية الانتخابية برمتها , لأنها ستدخل وبكل الاحوال في عملية التلاعب والاحتيال والتزوير. وتصبح العملية الانتخابية عبارة عن توزيع مغانم البرلمان في توزيع المقاعد البرلمانية فيا بينهم , بحيث لا تستند الى القاعدة التصويتية أو الانتخابية , وهنا تكمن المشكلة الحقيقية في الخلاف الشديد , استعرت بنيرانه فيما بينهم , في الاتهام في التزوير قبل حدوث يوم الانتخاب , والمشكلة الاخرى أكثر تعقيداً وأكثر صعوبة , , بأن هناك فريقين مختلفين تماماً على اختيار الشخصية التي تتسلم رئاسة الحكومة , هناك فريق يدعم اختيار شخصية مصطفى الكاظمي , وهناك فريق يدعم اختيار شخصية نوري المالكي . ربما هذا التخوف يقود الى التناحر السياسي والعسكري . وبالتالي تكون ايران هي الحكم في الاختيار شخصية ثالثة, ويكون الموقف الايراني هو الحاسم , ولكن تبقى النيران السياسية مشتعلة بالفوضى والانفلات سيد الموقف , ربما تقود العراق الى الانتحار السياسي . وستكون هذه الانتخابات نقمة على العراق والعراقي , سواء كانت المشاركة واسعة , أو كانت المقاطعة واسعة , نفس الشيء , هما وجهان لعملة واحدة ………………….. والله يستر العراق من الجايات !!
جمعة عبدالله