الجمعة, نوفمبر 29, 2024
Homeمقالاتمقاطعون، مُبارِكون ...! : عبد الرضا المادح

مقاطعون، مُبارِكون …! : عبد الرضا المادح

كشفت النتائج لأنتخاب مجلس النواب العراقي الأخير، عن حصيلة متوقعة وكذلك مفاجئات غير متوقعة،

الكثير من القوى الطائفية ومنها قوى ميليشياوية مسلحة وشخصيات كانت تسرح وتمرح بالعملية السياسية، خرجوا خائبون من المولد بلا حمص كما فازت بعض القوى والشخصيات لأول مرة، لتحجز لها مقعداً في مجلس النواب.

أنتفاضة الشعب التشرينية الجبارة وبدماء شهداءها وجرحاها ومغيبيها، تركت اثراً ملموساً على قناعات ومزاج الناخبين، وفضحت همجية وفساد القوى المهيمنة طيلة ثمانية عشر عاماً، فلم تعد تثق بشعاراتها القومية والطائفية الزائفة المبرقعة بالأيمان ومباركة رجال الدين !

أن العملية السياسية ومنذ لبناتها الأولى التي وضعها ممثل الأحتلال بريمر ومن خلفهم الحركة الصهيونية، كانت ولا تزال تفعل مفعولها المدمر للشعب والوطن، فلا يوجد إحتلال جاء لخدمة شعب ما، بل لتحقيق اهدافه الأجرامية، مع وضع بعض المساحيق التجميلية على وجهه القبيح، ليُظهر نفسه بمظهر المُنقذ والإنساني ؟!

المؤسف والمؤلم أن قيادة الحزب الشيوعي العراقي إنخرطت في هذه العملية السياسية، دون أن تستفتي القاعدة الحزبية والجماهيرية، علماً أنها وقبل إسقاط نظام البعث، كانت ترفع شعار ” لا للديكتاتورية لا للإحتلال “ ؟!!

فكيف تغيرت الأمور بليلة وضحاها، ليصبح مصافحة المحتل ليس عيباً، وإنما ضرورة لأنقاذ الوطن ؟!!

وأستمرت المشاركة بعمليات انتخابية مزيفة، سادها الترهيب والتزوير لتنتج وتعيد نفس القوى القومية والطائفية التي نهبت ودمرت العراق بشراً وحرثاً ؟! والأكثر غرابة وموضع تسائل، التحالف مع قوى فاسدة ولها تأريخ دموي مع الشيوعيين وغيرهم، ناهيك عن الأختلاف الايديولوجي والبرامج والأهداف، وأقصد التحالف مع علاوي وسائرون، دون استفتاء القاعدة الحزبية والجماهيرية أيضاً !! فماذا كانت النتائج لسياسة المشاركة والتحالفات ؟؟

كل صاحب حرص وموقف مسؤول حقيقي، سيعترف أن هذه السياسة أدت إلى:

أولاًبروز ظاهرة الصراع الغير مبدئي في صفوف الحزب، وتغليب الركض وراء الامتيازات المادية، مما أدى ذلك حتماً إلى ممارسة التسقيط والإبعاد لكل من يعترض على هذه الممارسات، لأنه يشكل خطراً على مناصبهم ومنافعهم ؟!

وأصبحت القيادة غير معنية بأختيار الكادر المثقف من أصحاب التاريخ النضالي والخبرة والمواقف المبدأية المشهود لها !! بل خلق اللوبيات وتقريب العناصر الأنتهازية النفعية، لتشغل مواقع مسؤولة فتنخر بجسد الحزب بصمت كالسرطان !! وهذا ما حدث في صفوف الحزب الشيوعي السوفيتي، لينهار حزب لينين العظيم كدبٍ من ورق ؟؟!!

ثانياًوجاءت الضربة القاصمة من القيادة (لتم)، بأصدار توجيه للتنظيم، بعدم المشاركة في الأنتفاضة ؟؟!!، مما خلق صدمة لدى غالبية الرفاق والشارع، ثم حاولت القيادة ترميم ذلك بعد أيام، كمن يُخيّط الفرفوري ! ولم تخرج القيادة من مكاتبها، لتشارك الجماهير المنتفضة بشكل جدي، بل حالات من قبل البعض لتسجيل الحضور وأخذ الصور ؟! مما إنعكس ذلك على موقف الشباب الثوري، بالإبتعاد عن خيم الحزب فكانت بحق معزولة، وتجمعات الرفاق بشكل عام بعيدة عن جبهات الصدام التي خُضّبت بدماء الشهداء، مع اجلالي واعتزازي للشهداء الشيوعيين الذين معظمهم خرجوا منذ البداية، بدافع ثوري وطني وكموقف شخصي بعيداً عن التوجيهات الحزبية !!

ثالثاًتفاقم العزلة الجماهيرية الخانقة، وهذا تجسد في نتائج الأنتخابات السابقة، وعزوف الجماهير عن المشاركة بالتظاهرات التي دعى لها الحزب، فلا تجد غير بعض الحزبيين ومعظمهم من كبار السن، الذين لا يقوون على حمل اللافتات والهتاف ؟! أما الشباب فأعدادهم ضئيلة جداً وهذا موثق بالصور التي هم ينشرونها ؟!!.

هذا الوضع المتدهور وضغط القاعدة واليساريين، أجبر القيادة على الأعلان عن الانسحاب من مجلس النواب، ولكن لم تُعلن الأنسحاب من تحالف سائرون، سوى نشر التصريحات والتغريدات بأن الأنسحاب من سائرون حاصل تحصيل ؟!                     في التنظيم كانت التحضيرات جارية للمشاركة في أنتخابات 2021، وكتب بعض المطبلون المقالات ” لأهمية المشاركة  الواسعة ” كذا ! وبعد أن أدركت القيادة عمق الأزمة وخوفاً من النتائج السيئة ( لاسيما أن الصدر أعلن أنسحابه من الأنتخابات كخدعة )، قررت رمي الكرة في ملعب القاعدة، بأجراء استفتاء حول المشاركة، وأنا متأكد أن الأستفتاء لم يشمل جميع الأعضاء وهذا تجاوز على حقوقهم ؟!

ثم جاءت نتائج الأستفتاء مغايرة لما تشتهي السفن ! فأسدل الستار على المشاركة، وقاموا (بحملة تثقيف جماهيرية بعدم المشاركة )، ولم تكن الحملة الضعيفة أصلاً هي السبب بعزوف الجماهير، بل يأسها ونقمتها من قوى الفساد !

بادر بعض الشيوعيين المستقلين، بالترشيح وعلى نفقتهم وبجهودهم، دون دعم الحزب، فحققوا ثلاثة منهم الفوز بجدارة، أحدهم إحتل الصدارة بعدد الأصوات في دائرته الأنتخابية بمدينة النجف معقل القوى الطائفية الميليشياوية !! بينما في الأنتخابات السابقة لم تحقق مرشحة الحزب الشيوعي الفوز بنفس المدينة ؟! وفازت مرشحة أخرى في الناصرية بصعوبة، وكذلك فاز حينها سكرتير الحزب، طبعاً سَخّرَ الحزب الأموال والإعلام لمرشحيه وفاز بأثنين فقط ؟!!

هذا يعكس أحترام الناس للشيوعيين كأفراد ويصوتون لهم كمستقلين، بينما يعزفون عن التصويت للحزبيين، لعدم قناعة الناس بسياسة الحزب المتذبذبة ومشاركته العملية السياسية البائسة منذ عام 2003 فهل تتعظون ؟!!

بعد فوز الرفاق الثلاثة، سارع الشيوعيون وأحدهم عضو (م.س.) لتقديم التهاني للفائزين، بل احتفلوا بالفوز ونسِيوا أنهم قبل ساعات كانوا يدعون وبقوة للمقاطعة ؟! وصرنا بين حانه ومانه وضاعت لحانه !!!

 

12-10-2021

 

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular