إن الدافع الذي حفزني على كتابة هذا المقال التوضيحي، هو استحمار البعض من القضاة والسياسيين والمثقفين، وغيرهم ممن يعدون كأصحاب فكر وقلم في العراق الاتحادي،إلا أنهم غالباً ما يستعبطون عن ما يتعلق بالكورد وكوردستان كما جاء في الدستور الاتحادي، عندما يعدون أربيل العاصمة كأية مدينة عراقية أخرى!! وهذا ما لا يجوز، لأن أربيل عاصمة لإقليم كوردستان، مثلما بغداد عاصمة للعراق الاتحادي. لقد شاهدت البارحة رئيس المفوضية المستقلة للانتخابات حين ذكر أسماء الفائزين في الانتخابات في بعض المدن، لقد ذكر المدن الكوردية مع المدن العراقية في جنوب وغرب ووسط العراق، وهذا ما لا يجوز، لقد وجب عليه وهو قاضي أن يفهم ما جاء في الدستور الاتحادي الذي يقول في ديباجته: احترام قواعد القانون. فعليه؛ يجب عليه أن يذكر محافظات الإقليم لوحدها بمعزل عن محافظات العراق، لأن الإقليم كيان وطني متحد مع كيان آخر وأسسا عام 2005 دولة العراق الاتحادي. كي لا يقال أننا نقول أي كلام. لاحظ عزيزي القارئ كيف يكون الكيان العراقي كما جاءت في المادة 3: العراق بلدٌ متعدد القوميات والأديان والمذاهب. وهذا يعني، لا توجد هوية قومية محددة للعراق. لكن لاحظ هوية الإقليم كما جاءت في الدستور الاتحادي في المادة 117 الفقرة الأولى: يقر هذا الدستور، عند نفاذه، إقليم كردستان – إن اسم كوردستان يعني الوطن الكوردي؟- وسلطاته القائمة، إقليماً اتحادياً. هل لاحظت عزيزي القارئ كيف أن هذه المادة الدستورية وضعت إطاراً للإقليم لا يجوز وصف مدنه وقراه بمعزل عن هذا الوصف الدستوري؟.ثم،لاحظ الشخصية الدستورية والقانونية المميزة للإقليم الكوردستاني كما جاءت في المادة 120 في الدستور الاتحادي: يقوم الإقليم بوضع دستور له، يحدد هيكل سلطات الإقليم، وصلاحياته، وآليات ممارسة تلك الصلاحيات… . أليس هذا يعني لا يجوز أن تخلط مدن وقرى الإقليم مع مدن وقرى العراق بطريقة عشوائية؟ يجب أن يذكر اسم الإقليم ومن ثم محافظاته وأقضيته ونواحيه ككيان وطني في دولة الاتحاد . كما قلنا في مقالات سابقة، لا ينبثق دولة اتحادية من طرف واحد؟ بل من كيانين وطنيين وأكثر؟ يتفقان على تأسيس دولة الاتحاد، وهذه الدولة تبقى قائمة لحين سريان مفعول هذه الوثيقة التي تسمى دستور، وجاء هذا في ديباجة الدستور التي تقول: إن الالتزام بهذا الدستور يحفظ للعراق اتحاده الحر شعباً وأرضاً وسيادة. لاحظت عزيزي المتابع، لم يقل يحفظ للعراق وحدته؟، بل قال اتحاده، وهذا يعني أن دولة العراق قائمة من إقليمين عراقي وكوردستاني، وعليه أجاز الدستور الاتحادي للمشرع الكوردستاني في الإقليم أن يغير القانون الاتحادي الذي يتعارض مع قانون الإقليم كما جاءت في المادة 121 ثانياً: يحق لسلطة الإقليم، تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الإقليم، في حالة وجود تناقض أو تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الإقليم، بخصوص مسألة لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية. إن كل هذه المواد الدستورية وغيرها تقول، يجب على عناوين الأشخاص الذين أشرنا لهم أعلاه، أن يعوا جيداً ما جاء في الدستور الاتحادي حتى لا يقعوا في المطبات التي تجعلهم مادة دسمة للسخرية. انظر عزيزي القارئ، إلى استقلالية الإقليم فيما يخص أمنه. المادة 121 الفقرة الخامسة: تختص حكومة الإقليم بكل ما تتطلبه إدارة الإقليم، وبوجه خاص إنشاء وتنظيم قوى الأمن الداخلي للإقليم، كالشرطة والأمن وحرس الإقليم – الپێشمەرگە-.
وفيما يتعلق بدولة الاتحاد، خارج حدود الإقليم الكوردستاني، كي لا تتسيد العرب على الكورد أو العكس، وضع المشرع في الدستور الاتحادي عدة مواد تضع القومية العربية والكوردية في مصاف واحد، لم تصف إحداها بالقومية رقم واحد والأخرى رقم اثنين كما قال قائد كوردي رحل عنا ولم يعد له وجوداً على ظهر الأرض. تقول المادة الرابعة في الدستور الاتحادي: اللغة العربية واللغة الكردية هما اللغتان الرسميتان للعراق… . لا توجد لغة رسمية أخرى غير هذان اللغتان، فيما يتعلق بالأقليات العرقية أو الطائفية النازحة إلى كل من العراق وجنوب كوردستان حدد الدستور حقوقهم ومداولة لغاتهم ولهجاتهم وذلك في حدود تواجدهم في دولة الاتحاد. وتضيف المادة الرابعة في الفقرة ب: التكلم والمخاطبة والتعبير في المجالات الرسمية كمجلس النواب، ومجلس الوزراء، والمحاكم، والمؤتمرات الرسمية، بأي من اللغتين. أي أما باللغة الكوردية أو العربية؟. وفي الفقرة ج تقول: الاعتراف بالوثائق الرسمية والمراسلات باللغتين وإصدار الوثائق الرسمية بهما. وفي الفقرة د: فتح مدارس باللغتين وفقاً للضوابط التربوية.
الذي نريد أن نوصله إلى كل المعنيين في العراق، إن العمل والكلام بخلاف ما جاء في الدستور الاتحادي يعتبر إهانة للدستور الاتحادي، وإهانة لـ85% من الشعب العراقي والكوردستاني، الذي صوت عليه في استفتاء تاريخي عام 2005 بنعم. بل أن التلاعب بالكلمات من أجل عدم تطبيق بنود الدستور يعتبر حنث بالقسم، – الحنث يعني صاحبه مال من الحق إلى الباطل- إذا كان ذلك الشخص قد أدى اليمين الدستوري عند تسنمه لمنصبه الذي يقول: إن أؤدي مهماتي ومسؤولياتي القانونية بتفان وإخلاص.
نرجو أن يكون مضمون المقال قد وصل إلى أذهان من يهمه الأمر، يجب أن يذكر الإقليم على الورق وعبر الأثير كإقليم له خصوصيته القومية والجغرافية والتاريخية وليس كإدارة محلية؟ ومن لا يلتزم بهذا الذي نص عليه الدستور كما قلت في عنوان المقال، يكون منحطاً وسافلاً و…؟.
“الإنسان حينما يطبق القانون يسمو على الحيوان وحينما يبتعد عن القانون والعدالة ينحط ويصبح أقل من الحيوان” (ارسطو)
14 10 2021