قال الصحفي والروائي البريطاني إريك آرثر بلير، الاسم الحقيقي لجورج أورويل 1903- 1950:إن قول الحقيقة في زمن الخداع عمل ثوري. وقال الآخرون: الساكت عن الحق شيطان أخرس، والناطق بالباطل شيطان ناطق. لقد قلت هذا المثل الحكيم في سياق مقالاتي السابقة، التي ناشدت فيها السيد علي السيستاني بإصدار فتوى يحرم بها صلات وصوم المستوطنين العرب في كركوك السليبة، لأن الإسلام يقول: لا يجوز الجلوس، ولا تجوز الصلاة على أرض مغتصبة. وكركوك أرض كوردية مغتصبة من قبل العرب بسنتهم وشيعتهم وعلمانييهم؟؟؟.
عزيزي المتابع، في حقل ما لهما – البارتي وزعيمه- إنه حزب قومي قاد الحركة التحررية الكوردية بقيادة قائده ملا (مصطفى البارزاني) الذي،أعلن الثورة ضد الاحتلال العراقي لجنوب كوردستان مطالباً بالحقوق القومية للشعب الكوردي الجريح. لقد قام البارزاني بثورة عارمة ضد الاحتلال العراقي حتى قبل تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني في 16 آب 1946. قبل تأسيس البارتي، قام الجيش العراقي ومعه الجيش البريطاني وطائراته بالهجوم على جنوب كوردستان وعلى أثره انسحب ملا مصطفى البارزاني إلى شرقي كوردستان، وتحديداً إلى مدينة مهاباد عاصمة جمهورية كوردستان. وبعد الهجوم الإيراني الوحشي على الجمهورية الفتية واحتلال أراضيها انسحب البارزاني وأنصاره مرة أخرى عبر أراضي شمال كوردستان وأراضي دول أخرى إلى الاتحاد السوفيتي طالباً اللجوء السياسي هو وأنصاره. لقد بقي في الاتحاد السوفيتي عقد ونيف، وعاد منه بعد القضاء على الحكم الملكي العميل في العراق. وبعد عودته استقر البارزاني في بغداد، وتعاون مع رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم، لكن، كالعادة لم تمض فترة قصيرة على تغيير النظام السياسي في العراق حتى قام قاسم واستفرد بالسلطة، وقام بمعاداته العبثية ضد الشعب الكوردي المسالم، لم يبق أمام البارزاني غير ترك بغداد والانتقال إلى مسقط رأسه في بارزان في جنوب كوردستان. ونتيجة لسياسات قاسم العدائية ضد الكورد وكوردستان، لم يبق أمام الحزب الديمقراطي الكوردستاني وقائده البارزاني خياراً آخراً سوى إعلان الثورة عليه وعلى نظامه، وقامت الثورة في 11 أيلول عام 1961. عزيزي القارئ، بلا أدنى شك، هذه نقطة إيجابية تحسب للحزب الديمقراطي الكوردستاني وزعيمه خالد الذكر ملا (مصطفى البارزاني).
لكن، في حقل ما عليهما، لقد وضع قائد الثورة ملا (مصطفى البارزاني) مصير الشعب الكوردي وثورته رهينة بيد كلب أمريكا المطوق شاه إيران محمد رضا بهلوي، الذي ساوم إبان انعقاد مؤتمر أوبك عام 1975 في الجزائر مع المجرم صدام حسين على الثورة الكوردية، التي عُرفت فيما بعد باتفاقية الجزائر – التي لم تلغى إلى الآن؟- وبعدها حدث ما حدث للثورة الكوردية، التي كانت لديها مئات الآلاف من قوات الـ”پێشمەرگە” الباسلة بكامل أسلحتها واعتدتها، وكانت تحت سيطرت الثورة في جنوب كوردستان آلاف الكيلومترات من الأراضي المحرر. لكن، بين ليلة وضحاها وقعت النكسة، وخسر الشعب الكوردي وليس أحد سواه؟ كل شيء، وعاد إلى نقطة البدء مثخناً بالجراح ومثقلاً بالآلام. الذي نقوله في نهاية هذه الجزئية، وكما هو معروف وسائد في العالم أن القائد يتحمل النتائج التي تحل بثورته أن كانت سلبية أو إيجابية؟ أن كانت انتصاراً أو اندحاراً؟.
وفي مضمار ما لهما، قام الشعب الكوردي الجريح عام 1975- 1976، من تحت ركام القصف الوحشي، ومن تحت رماد قنابل النابالم الحارقة، ومن بين دخان القرى والمزارع الكوردستانية المحترقة، أعلن بكل شموخ واعتزاز بالنفس عن قيام الثورة الكوردية من جديد ضد الاحتلال العراقي البغيض. وكانت الثورة بشقين، شق يقوده الاتحاد الوطني الكوردستاني، وشق آخر يقوده الحزب الديمقراطي الكوردستاني – القيادة المؤقتة. لقد قام الشقان بهجمات ناجحة ضد جيش الاحتلال العراقي المجرم. أكرر، الجيش العراقي المجرم.
لكن في مضمار ما عليهما، سرعان ما عادت حليمة إلى عادتها القديمة. وبدأ اقتتال الإخوة الأعداء. لقد قامت القيادة المؤقتة بقتل المئات من أنصار الاتحاد الوطني وقياداته في منطقة هكاري، يقال أنهم ذهبوا لجلب الأسلحة التي جاءتهم من سوريا، هذا ما يقوله الاتحاد الوطني، لا أدري كم هي نسبة الصدق و الحقيقة في هذا الأمر.
وفي نفس المضمار،، لقد قام أحد المحسوبين على البارتي يدعى “تحسين شاويس” بطريقة غادرة تنم عن الحقد الدفين بقتل الپێشمەرگە الاسطوري، الذي أرعب جيش الاحتلال العراقي إلا وهو (مامه ريشه) 1955- 1985. ومن ثم، قام الاتحاد الوطني فيما بعد بقتل تحسين شاو يس ورفع علم الاتحاد الوطني الكوردستاني على سيارته.
وفي ذات المضمار،إن القتال العبثي الذي حدث في ثمانينات القرن الماضي بين جبهتي جود وجوقد ، وبين الاتحاد والبارتي في تسعينات القرن الماضي بلا شك كان الاثنان مسئولان على اندلاعها 50% لكل منهما. لكن؛ دعوة جيش العراقي المجرم في 31 آب عام 1996 إلى العاصمة أربيل (هەولێر) تتقدمه 600 دبابة لاحتلالها هذه نقطة سوداء لا تبرر بأي شكل من الأشكال، ولا تمحى من الذاكرة الكوردية. عزيزي المتابع، لكي أكون أميناً على الكلمة، لقد وصف الإعلام السويدي حينها دعوة الجيش العراقي المجرم إلى أربيل بالخزي “Skam”. لكن للحق أقول، أن الجماعة – بارتي والاتحاد – أقسموا فيما بينهم يجب أن يتعادلوا بالنتائج سلباً وإيجاباً، فعليه، بعد مرور 21 عام على تلك الجريمة التي لا تغتفر دعا الاتحاد الوطني عام 2017 الجرموق حيدر العبادي وقواته المجرمة من الجيش والحشد لاحتلال مدينة كركوك، بهذه الجريمة النكراء صارت النتيجة بدعوة القوات الأجنبية المحتلة من قبل طرف كوردي لدحر خصمه الكوردي واحد كل، أي: تعادل الغريمان في هذه الجولة. أقولها صراحة أن احتلال أربيل عام 1996 واحتلال كركوك عام 2017 إدانة لكلاهما البارتي والاتحاد.
وفي ذات الحقل، أن وجود أكثر من 18 قاعدة أو موقع للجيش والمخابرات التركية الطورانية المجرمة على أرض بهدينان التي تخضع لنفوذ البارتي هو الآخر لا يقبل التبرير ولا تغضيض البصر. ممكن أن يقول البارتي ليس بمقدورنا مواجهة الآلة العسكرية التركية المجرمة. إلا أن البارتي، يستطيع أن يدين هذا الاحتلال التركي ببيان حكومي أو حزبي يصدره على الورق، يدين به هذا الاحتلال الطوراني البغيض، أو لا هذا ولا ذاك، يستطيع أن يطالب الأتراك ودياً بالانسحاب من أراضي جنوب كوردستان. لكن عزيزي القارئ، هنا وفي هذا الحقل أيضاً تعادل البارتي والاتحاد، لأن هذا الأخير هو الآخر لم ولن ولا ينطق بأية كلمة عن وجود القوات الإيرانية المعتدية على أراضي جنوب كوردستان. ليس هذا فقط، بل يسلم الكوردي الذي يلجأ إليه من شرقي كوردستان إلى النظام الإيراني لكي يتم تصفيته جسدياً وبدم بارد. أية کوردایەتی هذه!!!. حقيقة لا أحد يستطيع أن يفهم ماذا يجري داخل الاتحاد الوطني صاحب هیزی پشتیبان = قوات الدعم. التي ذهبت إلى شرق كوردستان للدفاع عنه ضد الاحتلال الإيراني، إلى ما هو عليه الآن، الذي لا يحتاج إلى وصف يوصف في ركاكته وإساءاته.
عزيزي القارئ الكريم، نتيجة لهذه السياسات غير الصائبة للحزبين، تجد أنهما – الاتحاد والبارتي- أصواتهما في نزول دائم في كل الانتخابات الاتحادية والإقليمية بدءً من عام 1992 في جنوب كوردستان ومن ثم بعد تحرير العراق من قبل الجيش الأمريكي عام2003 وإجراء أول انتخابات اتحادية عام 2005. وتحديداً في هذه الانتخابات الأخيرة التي أجريت في 10 10 2021 لقد خسر البارتي مئات الآلاف من أصوات ناخبيه، لكن الذي خدمه هو تقسيم العراق على 83 دائرة انتخابية بدل دائرة واحدة التي كانت عليها. حقيقة البارتي لعبها صح، رغم نزول أصواته الانتخابية لكنه زاد عدد مقاعده من 25 إلى 33 مقعد. بينما الاتحاد الوطني، نزل من 18 إلى 16 أو 17 مقعد. إلا أنه خسر في كركوك ثلاثة مقاعد، وهذه المقاعد تعادل كل مقاعده، لأنها كركوك، قدس كوردستان كما سماها سكرتير الاتحاد الوطني الكوردستاني الراحل جلال طالباني. فليعلم الاتحاد،هذه هي كركوك، هذه هي گرمیان، لقد عاقبته بطريقتها الخاصة.فلذا يجب عليه أن لا يلعب بالقضية الكوردية في بازار السياسة، يلزمه أن يفكر ملياً ويدرس ما حدث دراسة علمية صائبة، لماذا نزلت أصواته من 543 ألف صوت إلى 270 ألف صوت؟؟؟. نكرر، يا اتحاد فكر بوضعك جيداً، وإلا ستصبح مثل حركة التغيير (بزوتنەوەی گۆڕان)، من 24 مقعد إلى 12 مقعد إلى ولا مقعد، وتصبح صفر على الشمال.
أق
ول لكل من يصله مقالي هذا،هذه هي سجيتي التي جبلت عليها، لا أعرف النفاق الاجتماعي. إن الذي قلته والذي سأقوله في قادم الأيام، رغم خشونة الأسلوب والكلام الثقيل فيه لم أقله من أجل التشفي والشماتة، بل من أجل تقويم المسيرة حتى الوصول إلى النور الذي في نهاية النفق؟.
“قول الحق لم يترك لي صديقا”
24 10 2021