في الانظمة الديکتاتورية المبنية على أساس الممارسات القمعية، يمکن ملاحظة ولمس العديد من المظاهر التي تدل على کذب وخداع ومراوغة النظام وسعيه للتهرب من تحمل مسٶولية جريمة ما، وذلك بلفلتها أو التغطية على مرتکبها الاصلي وإلقاء مسٶولية إرتکابها على وجه معين يتم تحديده وقد يکون في بعض الاحيان وهميا، وهذا الدأب صار معروفا وليس بخاف على أحد ولاسيما في هذا العصر الذي نشهد فيه تقدما غير مسبوقا في نقل المعلومة والبحث والتقص بشأنها.
خلال إجتماع للبرلمان الايراني في 5 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري قال وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف في معرض ده على نائب قام باستجوابه حول الملحقات السرية للاتفاق النووي: “نحن لسنا نظاما يتصرف كل شخص حسب مزاجه وعشوائيا… هل يمكننا القيام بأي شيء في هذا البلد دون أن نرفع تقريرابشأنه؟” مضيفا:” الأمر ليس على شكل أننا نريد أن نفعل شيئا خلافا لما يريده القائد المعظم”! وهذا الکلام يعني إعتراف بأن الامور والاجراءات في ظل النظام الايراني تجري بصورة مرکزية وليس عشوائية أو بحسب المزاج والاهواء، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن ذلك يعني مثلا إن مجزرة إبادة 30 ألف سجينسياسي في عام 1988، وکذلك جرائم القتل المتسلسل في التسعينيات والاعمال والنشاطات الارهابية التي حدثت، قد کانت طبقا لأوامر وتوجيهات صادرة وليس غير ذلك!
هذا التصريح الذي هو بمثابة إعتراف صريح يضع ظريف نفسه في موقع المسائلة، ذلك إن العملية الارهابية التي سعت لإستهداف التجمع العام للمقاومة الايرانية في باريس في 30 من يونيو/حزيران السابق والتي کانت بقيادة السکرتير الثالث للسفارة الايرانية في النمسا، قد تمت بموجب أوامر صادرة وقد تم رفع تقرير بشأنه، ونفس الشئ ينسحب على ماجرى في الدانمارك والبانيا وغيرها، وهذا أمر يجب أن يٶخذ بنظر الاعتبار في وقت سعى فيه هذا النظام دائما من أجل تبرير أعماله ونشاطاته المشبوهة بإيجاد مخارج لها.
لابد من الاقرار بأن هذا النظام قد أثبت براعته في ممارسة کل أنواع اللعب واللف والدوران والتمويه من أجل تحقيق أهدافه وغاياته والذي ساهم أو بالاحرى ساعد على تمرسه بهذه البراعة هو الظروف والاوضاع الدولية المختلفة السائدة خلال الاعوام الماضية في ظل سياسة مماشاة ومسايرة النظام من جانب الدول الغربية والتي کانت سائدة لأعوام طويلة ولکن الذي يحدث ويجري الان هو إن هذه السياسة قد أثبتت عقمها وفشلها الذريع في إحتواء وتوجيه هذا النظام وإن العکس من ذلك هو الذي قد حدث، ويبدو في الافق إن هناك من سيهمه بطبيعة الحال هذا التصريح”الاعتراف” لإستخدامه في يوم قد يبدو قريبا ضد النظام!