سلط الرئيس مسعود بارزاني في مقدمة كتابه (للتأريخ) الضوء على بعض ما جرى في تاريخ الكورد، وعلى من أجحف بحقوقهم وحارب أمنياتهم، ومن وضع العراقيل أمام عجلة تحقيق طموحاتهم المشروعة، ومن تورط بتجزئة وتقسيم كوردستان دون التفكير بما هو صحيح وأصح، وذكر من كان وراء غالبية مشكلات ومآسي الكوردستانيين المتلاحقة.
الكتاب أثار إهتماما كبيراً لدى من يسعى الى معرفة الحقائق، حول أحداث وتطورات تاريخية ترتبط بملابسات سياسية خلال فترة حرجة ومتوترة من تاريخ كوردستان والعراق والمنطقة، لأنه، أولاً، جاء من شخص تبوّء مركز القرار، وتحمّل المسؤولية بأمانة وإقتدار حين ألقي عليه المسؤولية، وخاض المعارك بشجاعةٍ حين عُهد اليه بقيادتها. وثانياً لأنه يكشف جوانب ومعلومات ووقائع غير معروفة جاءت من لاعب رئيسي يتحدّث بمرارة عن تجربته مع أناس لا يحافظون على الوعد والعهد ولا يريدون التعايش والتشارك والتوافق، وفسحوا المجال أمام التدخلات الخارجية لإدارة التوازنات وإرتكاب الموبقات والجرائم، كما يكشف أيضاً عن معاناته في التعامل مع مواقف تستحق التركيزعليها وتوضيح العلاقة بين الأجندات الإقليمية والدولية المتناقضة في المنطقة وفي العراق بشكل خاص. وفي سياق عرضه للدورين الأمريكي والبريطاني في العراق ومواقف الثنائي (بيكر وسيليمان) سفيري بريطانيا وأمريكا في العراق في تلك المرحلة والتي أظهرت أن بلديهما تضعان مصالحهما الاقتصادية فوق كلّ اعتبار، وتضربان القيم والقواعد الأخلاقية والإنسانية والعهود والمواثيق عرض الحائط، وأثبتت أنهما لم تؤمنا يوماً بالحقوق الكوردية، ولم تسعيا لتحقيقها، بل حاولتا دائماً إستغلال مأساة الكورد لتحقيق أهدافهما وأطماعهما، لذلك لم تكن لديهما أي مانع من التراجع عن وعودهما وتصريحاتهما للكورد حيال تمتعهم بحقوقهم المشروعة على أرضهم التاريخية.
لم يتوانَ ( الرئيس بارزاني) عن توجيه نقد لاذع مرير وصريح، يستند إلى وثائق وشهادات، الى الثنائي (بيكرو سيليمان) اللذين أديا أدواراً مشبوهة، تنمّ عن نفسية حاقدة ونزعة قوية للانتقام والتنكيل. واللذين تجاوزا الحدود وتخليا عن لباقتهما الدبلوماسية وخلقا بمواقفهما بيئة وثقافة تحريض عالية المستوى ضد الكورد وظهرا وكأنهما لايستندان على أية خطة أو منهج معين، ولا يضمران في عقليهما غير النرجسية والانانية والمصالح الضيقة الافق. واللذين فشلا في تنظيم العلاقات المتعددة الاوجه مع الكورد وفي التعامل المناسب مع متطلبات الكورد المصيرية وما تفرضه مصالح ونفوذ بلديهما، وفي إثبات الذات كدبلوماسيين يتحتم عليهما أن يدرسا بشكل دقيق وعقلاني كل الاحتمالات التي تؤثر على مسار التفاهم والتوافق والتنسيق لإختيار أحسنها.
يقول الرئيس بارزاني بشأن فرانك بيكر السفير البريطاني لدى العراق ، (كان على علم بالكثير من الفتن والمؤمرات السرية ضد كوردستان، وكان متورطاً فيها). وبخصوص دوكلاس سيليمان سفير أمريكا في العراق. يقول الرئيس بارزاني: (لقد أدى دوراً سيئاً في تشجيع أعداء كوردستان بصورة مضاعفة لكي يعلنوا النفير العام ضد الإقليم من جهة، وفي رفع التقارير والمعلومات المضللة حول كوردستان الى واشنطن، من جهة أخرى).