أنتفاضة تشرين الشبابية خلقت وضعاً جديداً في المبادئ السياسية وقيمها وكيفية التعامل المسؤول بها , بحيث لم تألفه الأحزاب السياسية في الواجهة التعامل السياسي . هذه المبادئ الجديدة لا يمكن تجاوزها والقفز عليها, وما نتائج الانتخابات الاخيرة , إلا إفرازات من هذه الانتفاضة العظيمة بشكل مباشر أو غير مباشر . وكشفت عن عورات الواجهات السياسية للأحزاب المتنفذة , وبانت حقيقتها بأنها عبارة عن دكاكين تجارية صرفة , تفكر بالربح في مصالحها الضيقة , على حساب معاناة الشعب بالإهمال والحرمان والظلم والفساد , وخلقت من رحمها أفعى الطائفية المدمر للسلم الأهلي . فكانت منطلقات الانتفاضة : يجمعها لون وطني واحد : نريد وطن لا للطائفية . لا للفساد . لا للتبعية , يعني عكس منطلقات ومبادئ هذه الأحزاب التي تلعب على اثارة الفتن الطائفية التي تهدد السلم الأهلي .
لقد أفرزت نتائج الانتخابات الى الوجهة السياسية : قطبان سياسيان مختلفان تماماً . الأول الرابح في الانتخابات أو الكتلة الاكبر ويتزعمها التيار الصدري , والقطب الآخر الذي عرف بلقب السلاح الخاسر أو كتلة الإطار التنسيقي ويتزعمها نوري المالكي وتتحرك تحت المظلة الايرانية . تحاول تحشد قواها في سبيل إفشال نتائج الانتخابات تمييعها وتزييفها والقفز عليها , في ممارسة سياسة نهج : الترهيب والترغيب في جر الأطراف الأخرى إليها ( السنية والكوردية ) بالضغط والابتزاز أو بجرها بعسل الكعكة العراقية . أولاً : التهديد بإشعال وأثارة الفتن الطائفية التي تنسف السلم الاهلي , وعودة الحرب الطائفية من جديد , وبدأت مقدماته في الأحداث الدموية التي شهدتها مدينة ( المقدادية ) وما تبعها من الرد بالعنف الدموي المقابل . وكذلك سقوط ثلاثة صواريخ في منطقة المنصور في بغداد , وتم العثور على منصات الصواريخ آخرى جاهزة للانطلاق نحو مطار بغداد , أو نحو السفارة الامريكية , يعني التهديد بعودة خلية الكاتيوشا من جديد . اما في كوردستان العراق فيتم التهديد الإيراني باستخدام السلاح بضرب المدن الكوردستانية , اما اذا فشل هذا المبدأ , يبدأ مبدأ الترغيب . وهو منح هذه الاطراف السياسية ( السنية والكوردية ) امتيازات ومغانم وحقائب وزارية أكثر بكثير مما تطلب وتستحق , في سبيل جرها الى كتلة الاطار التنسيقي لتشكيل الحكومة تحت المظلة الايرانية , هذا ما يعول عليه السلاح الخاسر في لعبته السياسية الخطيرة ( العب لو أخرب الملعب ) .
ان التلويح بالورقة الايرانية في التهديد , في التخريب سواء بالسلاح أو باللعب بالورقة الطائفية , يشكل تهديداً خطيراً له عواقب وخيمة على العراق . من أجل تسميم المناخ السياسي في الفوضى والانفلات . من أجل تغيير نتائج الانتخابات لصالح السلاح الخاسر , سيكون له اضراراً فادحة على العراق , وقالها صراحة السيد مقتدى الصدر بقوله ( تصلنا أخبار مؤكدة بتدخلات الاقليمية بالشأن الانتخابي العراقي , والضغط على الكتل والجهات من أجل مصالح خارجية فيها ضرراً كبيراً على العراق وشعبه ) وأضاف قائلاً ( نحن عراقيون نحل مشاكلنا فيما بيننا , وإلا في تدخلهم وادخالهم هو أهانة للعراق وشعبه , وضرب استقلاله وهويته وسيادته ) .
أن الامور بعد الانتخابات وصلت الى منعطف خطير جداً , وامام مفترق الطرق : أما تشكيل حكومة توافقية وهو ما مطروح على الساحة السياسية , وما يعول عليه السلاح الخاسر , يعني نتائج الانتخابات تكون على شكل لا غالب ولا مغلوب , ولا توجد ا الكتلة الاكبر والكتلة الاصغر , الكل يتقاسم الكعكة العراقية كالسابق , كما تعودوا على مدى 18 عاماً من سنوات العجاف والخراب والاهمال . وأما تشكيل حكومة أغلبية للكتل السياسية التي فازت بالانتخابات , وأفرزت الكتلة الاكبر , وأعطت حق الكتل الاخرى بما فيها السلاح الخاسر في الانتخابات , أن تكون في المعارضة داخل البرلمان . يعني اعطاء الحجم الحقيقي لكل كتلة سياسية , أن تأخذ استحقاقها الانتخابي . بدون شك السلاح الخاسر يرفض هذا المبدأ وينسفه جملة وتفصيلاً , بالتهديد أو بالورقة الإيرانية الضاغطة . لذا كل الاحتمالات مفتوحة على مستقبل العراق ………………………… ………….. والله يستر العراق من الجايات !!
جمعة عبدالله