* المادة مُهدات للمؤتمر الحادي عشر للحزب الشيوعي العراقي. – الرسالة الأولى –
منذ نجاح ثورة اكتوبر في روسيا وقيام نظام يسعى لبناء الأشتراكية، اعلنت الأنظمة الرأسمالية الأمبريالية حربها على النظام الجديد، ساعيةٌ لتقويضه والقضاء على الحركة الأشتراكية، فبدأت بأعلان الحرب والحصار الشامل، ثم جاءت الحرب العالمية الثانية والتي كان أحد اهدافها أحتلال الأتحاد السوفييتي وتدميره، ولكن جاءت الرياح بما لاتشتهي أساطيلهم الحربية، فخرج الأتحاد السوفييتي منتصراً، مما عزز من هيبته وقدراته، مصحوبةً بنشوء (المنظومة الأشتراكية) وحلف وارشو، واستمر العداء الغربي، ليتحول إلى الحرب الباردة، حيث أدركوا أنه لا يمكنهم أن يحققوا النصر بمواجهة عسكرية مع بلد جبار يمتلك قوة الردع النووي ؟!
وبالتجربة أيضاً أدرك صناع القرار في البنتاغون وحلفائهم، بأن الصراع الأيديولوجي مع الحركة الشيوعية يعطي نتائج عكسية، حيث أزدادت الحركة قوة وانتشاراً بين شعوب الأرض لما تحمله من مضامين وشعارات أنسانية، فحققت أنتصارات في كوبا والصين وفيتنام وغيرها، ولذا قام القادة الغربيون بتغيير إستراتيجهم وتكتيكاتهم، بأن يكون التغيير من داخل العدو العنيد، فكثفوا جهودهم الأستخباراتية، للبحث عن العناصر الركيكة في القيادة السوفييتية والحركة الشيوعية، مع الأستمرار بأستخدام كل الاساليب الأخرى، بما فيها الأنقلابات الدموية ضد الأنظمة الغير موالية للغرب !
وفعلاً اثمرت جهودهم بأقتناص شخص (گرباچوف) رئيس الأتحاد السوفييتي، ثم (يلسين) و(شفرنادزه) وغيرهم !
تمت العملية ببطء وهدوء وبشعارات رنانة، فأعلن گرباچوف برنامجه ( البريسترويكا والگلاسنوست ) أي إعادة البناء والعلانية – أشاعة الديمقراطية، والشعاران لقيا قبولاً شعبياً واسعاً، وحتى على الصعيد العالمي تحت تأثير حملة دعائية كبيرة شارك فيها الأعلام الغربي، طبعاً رافق ذلك المغريات المادية للأفراد والجماعات بشكل سري وعلني ؟!
قبل أن يصبح گرباچوف سكرتيراً للحزب ورئيساً للدولة، قال لزوجته (هذا الكلام سمعته عن لسانه بلقاء تلفزيوني): ” أذا اصبحتُ سكرتيراً للحزب، لن أُبقي الأتحاد السوفييتي كما هو عليه ” ؟! وعندما إنهار الأتحاد السوفييتي إعترف وقال ” لقد خدعني الغرب ” والمعنى بقلب الشاعر !!
كنت في فترة حكم گرباچوف أدرس في احدى الجامعات، وزرت مختلف المعامل لغرض التطبيق والعمل الصيفي حتى في سيبيريا، كما زرت عدة مدن كبيرة وصغيرة، فلم أجد أثراً للبريسترويكا، رغم إمكانات الدولة الزراعية والصناعية الكبيرة وتوفر الكادر العلمي والمعدات ؟! ويبدو كان الأهمال متعمداً ضمن خطة، ليتراكم الأستياء لدى عامة الشعب !
ومن الطبيعي عندما لم يتذوق الشعب ثمرة البريسترويكا الكاذبة، وُجِّهت الأنظار للشعار الثاني (الگلاسنوست)، مع ضجة أعلامية وظهور حركات وتجمعات مدعومة من الغرب وإسرائيل، وتطورت إلى المطالبة بانفصال الجمهوريات وخاصة الواقعة على بحر البلطيق، أما الحركة الصهيونية فقد أثمر نشاطها وضغطها بدعم أمريكا، بأن سمح گرباچوف بأقامة علاقة دبلوماسية مع إسرائيل، والسماح لنصف مليون يهودي بالهجرة إلى فلسطين المحتلة ؟!
وفي خطوة علنية وغير معتادة، دعت واشنطن (يلسين) لزيارتها، وكان حينها عضواً في المكتب السياسي للحزب الشيوعي، وعاد يحمل حقيبة فيها هدية له نقدية بقيمة مليون دولار، وهذا ما أعلنه هو متفاخراً أمام وسائل الأعلام ؟! حينها قلت لصديقي سكرتير منظمة الكمسمول في الجامعة، بأن هذا الشخص تم تجنيده كعميل، في البداية لم يقتنع، لأنه كان معجب به، وبعد ثلاثة اشهر قال لي أنت على حق !، أما سكرتير منظمة (حشع) في الأتحاد السوفييتي، فقد كان معجباً به أيضاً ويردد بأن ” يلسين شمعة المؤتمر” للحزب الشيوعي السوفييتي ؟!
خلاصة هذه التجربة، أن الغرب وبدهاء الأجهزة الاستخباراتية وغدر حكامها، استطاعوا تجنيد الخونة وتمزيق الأتحاد السوفييتي والمعسكر الشرقي دون أن يطلقوا صواريخهم العابرة للقارات، وأكتفوا بطلقات الحقد التي وجهتها مجموعة خاصة من القناصين تم جلبهم من تل أبيب، ليتسلقوا سِرّاً مبنى البرلمان ويستهدفوا الجنود، ليدفعوهم بتوجيه مدافع الدبابات للبرلمان بأوامر من الرئيس كلينتون حيث قال في الأعلام ” يجب حسم الموقف ” فنفـّذ يلسين بدم بارد ؟!
السؤال المحير والذي يعتصر قلوب الشيوعيين العراقيين النزيهين منهم والحريصين على حزبهم و وطنهم: لماذا زار واشنطن قبل سقوط نظام صدام، سكرتير الحزب الشيوعي العراقي السابق (حميد مجيد)؟!، ولماذا تم التعتيم على لقاءه بمسؤولين أمريكيين؟! وماذا جرى في اللقاء؟ وهل كان معه وفد من اللجنة المركزية أم لوحده؟! وهل تم توثيق اللقاء بالصوت والصورة ؟! وإذا كان التبرير أن السكرتير ذهب للأشراف على المنظمات الحزبية !، فهذا غير مقبول أساساً، لأنه كان بالأمكان أرسال رفيق غير معروف، أما السكرتير فسيكون بالتأكيد هدفا للمخابرات المركزية، إن لم يكن اللقاء مدبراً بموافقتها، ليعاد السيناريو الذي نُفـِّذ مع يلسين ؟! ( لا يمكن لأي شخص دخول أمريكا دون موافقة المخابرات)!
والسؤال الأكثر تشكيكاً ودهشة من قبل الكثير من الرفاق ومن جماهير الحزب، يدور حول لقاء سكرتير الحزب الشيوعي، بـ (بريمر) الحاكم الفعلي لسلطة الأحتلال، وقد ذهب لوحده أيضاً دون وفد مرافق، ولم يُنشر حتى داخل التنظيم الحزبي ما دار في اللقاء ؟! في حين كانت حناجرنا وقلوبنا لاتزال تردد صدى شعار الحزب ” لا للدكتاتورية لا للحرب لا للأحتلال “، و سواد العراق إصطبغ بدماء العراقيين، والدمار أرعب حتى الطيور المهاجرة ؟!
ثم هل يُعقل أن الأمبريالية الأمريكية المتوحشة، ذات التاريخ الدموي ضد شيوعيي العالم، تريد الخير للحزب الشيوعي العراقي، فتُشركه بالعملية السياسية لكي يقوى تنظيمه، بعد أن تلقى الضربات المدمرة من نظام صدام !؟ أم أن العملية برمتها فخ للحزب ليتم تهميشه والقضاء عليه، كما حدث مع الحزب الشيوعي السوفييتي ؟؟!!
لابد أن يكشف التاريخ الحقائق، وكيف حدث في لیلة وضحاها، أن تحولت أمريكا من عدو لدود إلى صديق ودود ؟!
** ملاحظة، سيَحتجُ البعض (من المحبين والحريصين جداً)، بأن هكذا كتابات ناتجة عن عداء للحزب كذا …، وهذا نشرٌ للغسيل غير مقبول…؟!، أقول لهم لقد عجزنا من الحديث داخل المنظمات، والنتائج هي ابعاد الرفاق الحريصين من صفوف الحزب، لكي يستمر المخطط المرسوم بلا مقاومة ؟؟!!
01-11-2021