.
(عربي بوست, رويترز) – كشف مسؤولون أمنيون عراقيون وإقليميون تفاصيل جديدة عن محاولة الاغتيال التي تعرّض لها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بطائرة مسيّرة مفخخة، استهدفت مقر إقامته ببغداد، مشيرين إلى أن طهران كان لديها علم مسبق بالهجوم، وأن اثنين من الفصائل المسلحة شنا الهجوم.
المسؤولون تحدثوا في تصريحات لوكالة رويترز، التي أشارت إلى أن محاولة اغتيال الكاظمي جاءت بعد أسابيع من هزيمة جماعات موالية لإيران في الانتخابات المحلية، التي تقول تلك الجماعات إنها “تعرضت لتزوير”.
مسؤولان إقليميان اشترطا عدم كشف هويتهما، قالا إن طهران كانت لديها معرفة بالهجوم قبل وقوعه، لكن السلطات الإيرانية لم تأمر بشنه، كذلك أشارت مصادر أخرى ومحللون مستقلون في تصريحات لرويترز إلى أنه من “غير المرجح أن تكون إيران وافقت على الهجوم”، مع حرص طهران على تجنب تصاعد العنف على حدودها الغربية.
مصادر في إحدى الميليشيات المسلحة بالعراق -لم تكشف رويترز عن اسمها- قالت إن قائد “فيلق القدس” بـ”الحرس الثوري” الإيراني سافر إلى العراق، الأحد 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، بعد الهجوم، للاجتماع مع زعماء الفصائل المسلحة وحثهم على تجنب أي تصعيد آخر للعنف.
بدورهما قال مصدران أمنيان عراقيان لرويترز، الإثنين 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، شريطة عدم كشف هويتهما، إن “جماعتي كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق نفذتا الهجوم معاً”.
نقلت الوكالة عن مصدر في ميليشيا مسلحة أيضاً قوله إن “كتائب حزب الله ضالعة، وإنه لا يستطيع تأكيد دور العصائب”، فيما لم تعلّق أي من الجماعتين بعد.
أحد المسؤولين الأمنيين العراقيين، قال من جهته إن الطائرات المسيرة التي استُخدمت في الهجوم “كانت من ذوات الأربع مراوح، وإن كلاً منها كانت تحمل مقذوفاً يحتوي على مواد شديدة الانفجار، قادرة على تدمير المباني والمركبات المدرعة”.
أضاف المسؤول أن هذه الطائرات من “نفس نوع الطائرات المسيرة إيرانية الصنع، والمتفجرات التي استُخدمت هذا العام في هجمات على القوات الأمريكية في العراق، والتي حمّلت واشنطن مسؤوليتها لمسلحين مدعومين من إيران بينهم كتائب حزب الله”.
كانت الولايات المتحدة قد استهدفت الشهر الماضي برنامج الطائرات المسيرة الإيراني بعقوبات جديدة، قائلة إن الحرس الثوري الإيراني نشر طائرات مسيرة ضد القوات الأمريكية وحلفاء واشنطن الإقليميين والملاحة الدولية.
توترات بين الشيعة
حمدي مالك، المتخصص في شؤون الفصائل الشيعية العراقية في معهد واشنطن، قال إن الهجوم “كان رسالة واضحة، مفادها يمكننا إثارة الفوضى بالعراق، لدينا الأسلحة ولدينا الوسائل”.
بدورهم قال مسؤولون عراقيون ومحللون إن الهجوم كان رسالة من الفصائل بأنها على استعداد للجوء إلى العنف، إذا استُبعدت من تشكيل الحكومة، أو إذا تم تحدي هيمنتها على أجزاء واسعة من أجهزة الدولة.
لم تعلن حتى صباح الثلاثاء، 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أي جماعة مسؤوليتها عن الهجوم، ولم تعلق فصائل مسلحة مدعومة من إيران على الفور.
محاولة اغتيال الكاظمي ألقت الضوء على توترات بين الشيعة، فالفائز الرئيسي في الانتخابات مقتدى الصدر، هو خصم للجماعات المدعومة من إيران، ويعارض أي تدخل خارجي، بما في ذلك التدخل الأمريكي والإيراني.
يقول مالك إن الضربة الجوية تشير إلى أن الفصائل المدعومة من إيران تضع نفسها في مواجهة الصدر، الذي يتبعه أيضاً فصيل مسلح، وهو سيناريو من شأنه أن يضر بنفوذ إيران، وبالتالي من المرجح أن تعارضه طهران.
أضاف المتخصص في شؤون الفصائل الشيعية: “لا أعتقد أن إيران تريد حرباً أهلية بين الشيعة، هذا سيضعف وضعها في العراق، ويسمح لفصائل أخرى بأن تصبح أقوى”.
بدورها تراقب العديد من الجماعات المتحالفة مع إيران صعود الصدر السياسي بقلق، خوفاً من إبرامه اتفاقاً مع الكاظمي وحلفائه الشيعة المعتدلين، وحتى الأقلية السُّنية والأكراد، وهو ما من شأنه أن يبعدها عن السلطة.
تنظر الجماعات المدعومة من إيران إلى الكاظمي باعتباره رجل الصدر، كما تعتبره صديقاً للولايات المتحدة، الخصم اللدود لطهران.
يخشى كثير من العراقيين أن يتحول التوتر بين الفصائل الشيعية الرئيسية، التي تهيمن على الحكومة ومعظم مؤسسات الدولة وتتباهى أيضاً بأذرعها المسلحة، إلى صراع أهلي واسع إذا وقعت مزيد من هذه الحوادث.