الخميس, نوفمبر 28, 2024
Homeاخبار عامةقوى عراقية من خارج الأحزاب التقليدية.. هل يتغير المشهد السياسي؟

قوى عراقية من خارج الأحزاب التقليدية.. هل يتغير المشهد السياسي؟

ساحة التحرير وسط بغداد
خلال الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في 2019، أصبح إنهاء المحاصصة وتغيير الطبقة السياسية المتهمة بالفساد مطلبا أساسيا للمحتجين

.

حققت قوى سياسية منبثقة عن احتجاجات 2019 في العراق خرقا غير مسبوق للمنظومة السياسية التي تمسك بها الأحزاب التقليدية منذ عام 2003 في خطوة قد تشكل مرحلة جديدة من الحياة السياسية في البلاد.

ولغاية اليوم، لم تصدر مفوضية الانتخابات في العراق النتائج النهائية للانتخابات التي جرت في العاشر من أكتوبر، لكن النتائج الأولية أظهرت فوز حركة “امتداد” التي تقول إنها منبثقة من الحركة الاحتجاجية التي اندلعت في العام 2019، بنحو تسعة مقاعد.

وحققت مجموعات أخرى منبثقة عن الحراك الشعبي، ومنها “إشراقة كانون” نجاحا بحصولها على ستة مقاعد، بالإضافة لصعود عدد لا بأس به ممن يقدمون أنفسهم على أنهم مستقلون.

يقول الباحث في مركز تشاثام هاوس، ريناد منصور، إن “هذه المجموعات والشخصيات يمكن أن تشكل مجتمعة شريحة مهمة في البرلمان الجديد”.

ويضيف منصور في مقال نشر، الأربعاء، في مجلة “فورين أفيرز” أن “بقاءهم ككتلة موحدة داخل البرلمان الجديد على مدى السنوات الأربع المقبلة سيجعلهم يأملون في الفوز بمزيد من الأصوات وبناء كتلة معارضة أكبر في الانتخابات المقبلة”.

ويتابع أن هذا سيعزز من “احتمالية تحقيقهم لقدر أكبر من المساءلة والإصلاح التدريجي من داخل النظام السياسي” القائم منذ عام 2003 والمتهم بالمسؤولية عن الفساد في البلاد.

وبالفعل تخطط القوى المنبثقة عن الحركة الاحتجاجية في العراق للذهاب لهذا الخيار، وهو تشكيل كتلة معارضة حقيقية لم يتعود العراقيون على رؤيتها خلال السنوات الماضية.

ويقول المرشح الفائز عن حركة امتداد في ذي قار، داوود العيدان، “نحن نعرف حجمنا، لسنا بديلا سياسيا حقيقيا في الوقت الحالي، لكن دورنا سيركز على المعارضة والجانب الرقابي داخل البرلمان”.

ويضيف العيدان، الحاصل على ثاني أعلى الأصوات على مستوى العراق، أنه “خلال الـ18 سنة الماضية لم يكن هذا الجانب مفعلا، نحن نريد تفعيله لأن بقاء الوضع على حاله يعني أن الفساد سيستمر”.

يصف العيدان فوز المرشحين الذين يحملون أفكار “ثورة تشرين” بأنه “الأساس والبذرة الأولى لإنشاء معارضة حقيقية تصحح الاعوجاج في مسار العملية السياسية خلال الفترة التي مضت”.

وكانت “امتداد” واحدة من الحركات المنبثقة عن التظاهرات التي اختارت المشاركة في الانتخابات بينما اختارت غالبية الحركات الأخرى مقاطعتها، لاسيما على وقع اغتيالات وعمليات خطف طالت ناشطين.

دستوريا تحتاج أي قوة في البرلمان العراقي إلى كتلة من 25 إلى 30 نائبا للاضطلاع بالدور الرقابي الذي تطمح له، نظرا لأن البرلمان يشترط أن يكون هناك 25 توقيعا على الأقل لاستجواب أي وزير أو مسؤول.

ولتحقيق ذلك، تواصلت “امتداد” مع حركات أخرى أحرزت مقاعد في البرلمان، مثل الحزب الكردي الناشئ “الجيل الجديد” الذي يملك تسعة مقاعد، وفقا للعيدان.

يقول العيدان إن المفاوضات مع “الجيل الجديد وصلت لمراحل متقدمة، ومن الممكن أن نعلن عن التحالف معهم قريبا لنكون كتلة تتراوح بين 18 و 20 مقعدا”.

ويتابع أن “بعض المستقلين اختاروا العمل بمفردهم داخل البرلمان، لكنهم يحملون ذات المبادئ التي نؤمن بها، وهذا يعني أنهم سيعملون بذات الاتجاه معنا”.

يقر العيدان بصعوبة مهمة القوى الجديدة التي انبثقت من رحم الاحتجاجات في المرحلة الحالية، لكنه يتوقع أن يكون لها شأن كبير خلال ثماني سنوات على الأقل.

يقول العيدان “لو كان استحقاقنا الانتخابي يسمح لنا بتشكيل حكومة لفعلنا ذلك. لدينا برنامج خاص ورؤية لتشكيل الحكومة، وكيف نقودها، لكن مع ذلك نحن نتوقع أن نصل لهذه المرحلة خلال الانتخابات بعد القادمة أي بعد ثماني سنوات. نحن واقعيون ونعرف حجمنا وطموحاتنا”.

وشكل قانون الانتخابات الجديد في العراق نقطة محورية في صعود مرشحين من خارج الأحزاب التقليدية، بعد أن اعتمد على مبدأ التصويت الفردي الذي لا يسمح بتحويل الأصوات، ويعرف أيضا باسم نظام الفائز الأول، ويجري داخل دوائر انتخابية متعددة المقاعد.

يهدف القانون لخلق عملية انتخابية أكثر شفافية لا تحتاج إلى حسابات معقدة للفوز بالمقاعد كما أنه يضمن علاقة أوثق بين الناخبين والمرشحين.

يقول المحلل السياسي العراقي، نجم القصاب، إن “قانون الانتخابات الجديد سمح للقوى من خارج الأحزاب التقليدية بالفوز بمقعد برلمان بأقل تكلفة مالية ممكنة”.

ويضيف القصاب لموقع “الحرة أن “هذا القانون يعتمد مبدأ المناطقية، وبالتالي كثير من الناخبين الذين لا يثقون بالأحزاب التقليدية صوتوا لصالح المستقلين”.

ويشير القصاب إلى أن “فوز هذا العدد من المرشحين المنبثقين عن احتجاجات تشرين ووصولهم للبرلمان بفترة قصيرة سيعطي الأمل لقوى الاحتجاج، وبالتالي يشجع الذين لم يرشحوا بخوض الانتخابات مستقبلا”.

ومع ذلك يرى القصاب أن هناك الكثير من التحديات التي ستواجه عمل النواب الجدد من المستقلين وأهمها محاولات القوى التقليدية اغرائهم بالأموال أو المناصب.

يقول القصاب “إذا انجروا للمغانم والمناصب التنفيذية فسيفشلون، لكن في حال بقوا كمعارضة حقيقية فهذا سيجعل عددهم يزداد ويتضاعف في البرلمان المقبل”.

ويضيف أن القوى المقربة من احتجاجات تشرين “لن تتمكن من تشكيل أغلبية في الانتخابات المقبلة، لكنها بالتأكيد ستنجح في إبعاد الجيل الأول والثاني من الأحزاب التي حكمت بعد 2003 إلى الأبد، وبالتالي سيكون هناك اختراق كبير للمنظومة الحاكمة”.

يتفق أستاذ العلاقات الدولية، هيثم الهيتي، مع القصاب فيما يتعلق بالاختراق الذي حققته القوى المنبثقة عن الحركة الاحتجاجية للمنظومة الحاكمة في العراق، لكنه يرى أن القوى التقليدية لن تقف مكتوفة الأيدي لـ”مقاومة التغيير”.

يقول الهيتي لموقع “الحرة” إن القوى التي خسرت انتخابات أكتوبر 2021 تمتلك “السلاح والمال، وبالتأكيد هي ستقف ضد صعود مرشحين مستقلين من خارجة المنظومة الحاكمة”.

ويضيف الهيتي أن نتائج الانتخابات الحالية أكدت حصول تغيير في مزاج الناخب العراقي الذي رفض القوى المقربة من إيران ولم يعد كما في السابق يصوت على أساس طائفي”.

“لكن المشكلة لم تعد بعد اليوم في الناخب، بل ستكون بالمرشحين، على اعتبار أن الأشخاص الذين لا ينتمون للمنظومة الحاكمة لن يتمكنوا من الترشح في ظل وجود استهداف مسلح او مال سياسي وفساد يمكن ان يغري المرشحين او يخيفهم”، وفقا للهيتي.

ويرى الهيتي أن “المجتمع الدولي يجب أن يكون له دور في الانتخابات المقبلة كما حصل عندما هيأ لجراء انتخابات نزيهة هذا العام”.

ويضيف “يجب أن يساهم المجتمع الدولي في منح الفرصة للقوى الجديدة بالترشح لكي تدفع المقاطعين على المشاركة وتزيد نسبة المستقلين في البرلمان المقبل”.

وكان تحالف رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر نال المركز الأول في الانتخابات بأكثر من 70 مقعدا في البرلمان المقبل المكون من 329 مقعدا، بحسب النتائج الأولية.

ومع نحو 20 مقعدا، سجلت القوى الموالية لطهران، والتي يعد تحالف “الفتح” بزعامة هادي العامري أبرز ممثليها في البرلمان، تراجعا قويا بحسب النتائج الأولية، بعدما كانت القوة الثانية (48 نائبا) في برلمان 2018.

ودأبت القوى السياسية العراقية خلال تشكيل الحكومات المتعاقبة منذ عام 2005 على اعتماد مبدأ التوافق أو “المحاصصة” من خلال توزيع المناصب السيادية والوزارات على أسس طائفية، وإشراك جميع القوى الفائزة في الانتخابات في الحكومة.

وخلال الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في 2019، أصبح إنهاء المحاصصة وتغيير الطبقة السياسية المتهمة بالفساد مطلبا أساسيا للمحتجين.

 

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular