– وعنها رسالتي الأخيرة للأخت الناجية ” نادية مراد ” .. وبعضها أيضاً للقراء الكرام .
تحية طيبة وبعد :
للقراء أولاً .. بعيداً عن فضاء الكلمات التي تعبر عن مداخل الأنفس تجاه القديسات الناجيات ومنهن نادية مراد ، لأن جميعهن كما الوصف بلا أدنى شك .. وجميعنا يتفق سواء قولاً أو فعلاً مع كل خطوات نادية وغيرها : إخلاص ولمياء وفريدة وسلوى وغيرهن ممن عوضن عن مواقف وادوار الكوادر الثقافية والناشطة والرسمية الإيزيدية المتقدمة ، ومعهم مجلس رجال الدين الروحاني الهرم عدا الولاء ( لمرتبات ) نهاية الشهر وحوافز اللقاءات والصور مع زعماء الساحة .
جميعنا كما ذكرت حتماً وقف ويقف وسيقف مع مبادرات الأخت نادية وغيرها من الناجيات التي تصب في خدمة واتجاهات نقل القضية الإيزيدية والحيف الذي وقع دون مبرر سوى الديني منه ، كما الجميع يعلم وعاش وما يزال مشاهد الكارثة التي حلت في شنكَال خصوصاً من قتلٍ واختطاف ومن بعدهما السبي والنزوح ، بل الدمار الذي يمكن وصفه بمحاولة داعش / التيار الإسلامي المتطرف إبادة أبناء الشعب الإيزيدي في ذلك اليوم والشهر والسنة المشؤومة 2014 .
أعزائي : حتماً كما ذكر وتكرر بأنه ما من شك على تأييد الجميع لخطوات نادية مراد العملية على الأرض ، والتي بدأت من مشوار اللقاء الأول بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وتباعاً بعده بالرؤساء والأمراء على رأس الدول .. وخلاله وما تلاه عن وسائل نقل عمليات إستهداف المدنيين الأبرياء من أبناء الإيزيدية في شنكَال من قبل عناصر ذلك التنظيم اللئيم ، وحتى يومنا هذا بما أدركه العالم في كافة ارجائه .. وما بين اقتناء نتائج نجاح نادية في نقل قضية أبناء دين بأكمله عبر فرمان شنكَال ، كانت منها الكبرى : جائزة نوبل وقبلها سفيرة الأمم للنوايا الحسنة .
لذلك والسؤال الأهم الذي يطرح نفسه : عملياً وبعيداً عن المشاعر المنشورة في صفحات وزوايا الإعلام المحلي الإيزيدي والجزئي جداً منها إلى الخارج ، ماذا جنينا .. أو بالأحرى ماذا جنت القضية من نتائج ملموسة عبر نادية مراد لاسيما في مجال آلية إدارة مدينتها المنكوبة من حيث تأثيرها على المسرح القيادي من ناحيتي بغداد وأربيل ..؟.. أو مقابر أهلها الجماعية ، أو الأسيرات حتى الآن .؟.. بإختصار : ” لا شيء ” .!؟.
– لنادية مراد بعد القراء ..
عزيزتي وأتمنى أن تركزي على مضمون رسالتي الأخيرة هذه إليك ضمن مجموعة سبقت مشاركتك في منتدى باريس للسلام المنتهية أعمالها :
ربما ستتكرر على ذهنك كلمات مطالباتي النابعة من الوسط الشنكَالي قبل غيره في هذا النص أيضاً ، لكن لا ضرر كما يقال ان تكون إعادة الأمور فيها فائدة .. لذا ولك القول دائماً : ( أنك الآن سفيرة أممية للنوايا الحسنة ، وبطلة السلام وحائزة جائزتها .. ولك إمكانية اللقاء مع أي كان من الرؤساء ولاسيما النافذين منهم في العالم ، ولك حصانة مدعومة من قبل مشاعرك وجوارحك وخسائرك لأهلك ومدينتك الجرأة في الإستمرار بحيثيات المظلومية قبل الرسمية .. بل والتقدم بها بعيداً عن الإطار التقليدي ولغة الأرقام عن الضحايا التي لا تخرجين من محيطها أبداً ، لماذا هذا التردد الواضح يا نادية في عدم المطالبة والخطاب إلى عين الرؤساء في مؤتمراتك ومشاركاتك الجارية عن محاور القضية الرئيسية والأسباب التي أدت إلى كارثتها .؟.. أي وبلغة صريحة أخرى عزيزتي ، أنت الآن تمثلين جوهر مظلومية أهلك في هذا الممر الرسمي العالمي .. ما سبب عدم حثك دائماً الدول والأطراف العالمية المؤثرة بالضغط على بغداد وأربيل بالوقوف على مكامن المعاناة الحقيقية بدلاً من تدويلها وتدويرها بلا نتائج . فالجميع يعلم بلا دعم أن شنكَال جرت فيها أهداف ومؤامرات محلية وإقليمية أزهقت بدمها وشرفها ومصيرها المجهول حتى الآن ، والجميع يعلم وأنت منهم عن تهميش إنتشالها من وضعها الحالي بسابق إصرار .. ولا آفاق مستقبلية حتى الأن في محاسبة المسببين والقائمين ثم بجرائم تدميرها بشرياً واقتصادياً ، إذن أين التخطيط في إقناع العالم عن إستمرار مسلسل الاستهداف بتستر مخجل لا مبرر له منا قبل الآخرين كما في أول مرة أوائل آب اللعين .؟.
يا نادية العزيزة ، طرحك في منتدى باريس عن مجريات الكارثة التي حلت لم يتجاوز إطاره القديم ، ومطالبتك فيه كان ضعيفاً جداً بالمقارنة مع الآمال المعقودة .. وهو في تصوري لا يتجاوز قواعد إرضاء الوسط الشنكَالي وأجندات الطامعين فيها ، فحملة إعادة بناء شنكَال حتماً هي في مصلحة أهلها .. لكن هل فكرت عن تبعات تحقيقها ولاسيما في مجال آليات الإدارة المؤسساتية والحزبية فيها .؟.. هل تعلمين بأنها إشارة غير مباشرة لعودة إدارة المجموعة السابقة التي هربت وسَلمتْ أهلك إلى داعش .؟.. ومن بعد ، هل من المعقول قبول دعوتك العابرة حول إستقدام قوة أممية صغيرة لحماية ما تبقى من بقايا المدنيين في جبل شنكال وتابعها .؟.. كلا ، لأنه بإختصار .. العراق بلد ذو سيادة وسلطة وحكومة منتخبة حسب القوانين المعدة والظاهرة ، وفيها مؤسسات أمنية وعسكرية نظامية قضت على عناصر داعش .. وفيها أيضاً إدارة إقليمية محلية تتمثل بكردستان التي نالت حصتها من مساعدات الدول العالمية اللوجستية والمادية بما يمكنها الآن بعد إختفاء داعش عسكريا ( لا فكرياً ) من حماية أبناء الإيزيدية .
عليه يا نادية ، وإسمحي لي أن أكرر قولي لك في معرض رسالتي الأخيرة لك قدر تعلق الأمر بمشاركتك الأخيرة في باريس : ما تزال الفرص أمامك عديدة ، وما زلت في موقع يمهد لقائك مع أياً كان من رؤساء الدول النافذة عالمياً ، وما زال هنالك رؤساء أمثال ماكرون والسيسي داعمين لمظلومية أهلك .. إطلبِ من الجميع الضغط على حكومتي بغداد وأربيل علناً وبلا أي تردد للعمل على فتح المقابر الجماعية والحفاظ على عظام ضحايا أهلك قبل الزوال النهائي ، إنتحلِ الإرادة كما كنت أيام مشوار نقل الحيف الذي وقع عليك وعلى أخواتك واطلبِ سواء في زيارات رسمية إلى الجانبين أو من خلال منابر الإعلام الخارجي تشكيل وفود رسمية إلى سوريا وغيرها للبحث عن حاملات مصيرك من المختطفات .. حثِ الأمر على إختيار إدارة محلية وقوة أمنية تحفظ كرامة العائدين إلى قراهم ومناطقهم حتى يتحقق البناء والإعمار ، فغير تلكم يا نادية تخسرين الوقت .. وتخسرين فرص سماع وإستماع العالم لمظلومية أبناء دينك ، وسيكتب لك التأريخ عن عدم فلاحك كما الأولين في ثوب الفقير حمو باشا حين رفض الإدارة الذاتية وهماً .. وستتكرر صور الإبادة فيما هو قادم إن لم يكن قتلاً وسبياً ، ففكراً وهجرة وإنصهار .. ويوم لا ينفع الندم ، ويختلط الصالح مع الطالح .
▪مع التحية ، والله ما وراء القصد .
قيدار نمر جندي / المانيا .