بعد معاناة وصراع مع المرض , ودع الحياة الصاخبة اليوم في مشيگان الامريكية , الشيوعي الطيب الاصيل والنصير المقدام والكادر المخلص لمباديء حزبه والمتفاني في سبيل قضايا شعبه ووطنه الذي يعيش بعيداً عنه في جسده لكن روحه الغضة تتلهف لسماع كل كلمة تتعلق بالعراق الذي ضحى من أجله الفقيد ابو جمال بكل ما يملك من قوة وإمكانية , رحل اليوم الرفيق النصير صاحب المعشر الجميل وهو إسم على مسمى ..جميل ميزي ذلك الانسان المليء بالحيوية والحماس والغيرة على شعبه العراقي /….في الاول من حزيران عام 1979 وقد وصلت براً الى دمشق هارباً من الاعدام الذي صار يلاحق خطواتي كل يوم ..كنت أحمل حينها جواز سفر أصلي يحمل صورتي ولكن بإسم ثلاثي آخر .. كان اتفاق حزبنا الشيوعي العراقي مع الرفاق الشيوعيين السوريين هو أن نذهب حال وصولنا لدمشق الى عيادة الدكتور نبيه ارشيدات عضو المكتب السياسي , الذي إستقبلني بمنتهى اللطف والمودة وقال لي ..سوف اتصل برفاقكم لترتيب صلتك بهم ..وفجأةً وبينما كنت مع الرفيق الراحل الدكتور نبيه نحتسي أكواب النسكافة ..دخل الرفيق الذي كانت تبدو على محياه الوسامة والوقار وأيضاً خفة الدم والمداعبة اللذيذة ..كان مبتسماً وفرحاً بقدوم ونجاة رفيق آخر ..صافحني بحرارة وقبّلني عدة مرات وحمداً لله على سلامتك رفيق ..مع كلمات شيوعية صادقة ومعبرة ..وبعد ان شعر بأني أخذت قسطاً من الراحة أشار لي بالخروج معه ووصلنا الى فندق أوغاريت في دمشق بعد ان ودعنا الرفيق الراحل ارشيدات بكلمات رقيقة ..وحجز لي غرفة بالفندق ولاحظت ان هناك عدداً من العراقيين ..قال لي أنهم من رفاقنا ثم قدّم لي إسمه بأنه الرفيق أبو باسل ..ثم أردف بأنه صلتنا بالحزب هنا اي في الشام وأشار الى أنه سوف يتردد علينا بين وقت وآخر لقضايا حزبية ..ثم عرفت لاحقاً إنه الرفيق الفقيد أبو جمال أي أنه يستعمل إسمين حركيين ..ولما وصلت أختي الشهيدة انسام بعد مرور أ كثر من شهر وسألت عني ..ضحك قائلاً لها ..هذا الشاب المدعبل الاحمراني الذي له شوارب صفراء ..وضحكت معه وأرشدني للقاء بها فيما بعد وسافرت الى لبنان ولم التقي به ولكن شاءت الصدفة أن رأيته يتمشى مع الشهيدة أنسام في كردستان وهما بملابس البيشمركة ..صاح علي وكان يحمل كاميرا وطلب مني أن أقف بجانبها لالتقاط صورة لنا أنا وهي فوافقنا بفرح واستعارت مني الشهيدة انسام بندقيتي للتصوير فقط وعلقتها على كتفها وكان الرفيق الفقيد ابو جمال يضحك بقوة حينما اطلب منها أن تبتسم ..! وإنتشرت الصورة ولا زالت في وسائل إعلام الحزب وفي بعض الاناشيد .وللأسف لم أعمل في المجال الحزبي والعسكري معه وكان هو من كوادر الحزب المتقدمة ويمتاز بالنشاط والحيوية ..واليوم وبحزن ومرارة نودع أحد رفاقنا الذي يبتعد عنّا آلاف الاميال لكن روحه الغضة تعيش في ضمائرنا وكنّا وسنظل نعتز به وبتاريخه النضالي الناصع ..تعازيي الحارة لعائلته , لزوجته أم جمال ولبناته نهلة ونغم ونادية ولكافة رفاقه وأصدقاءه ومعارفه ومحبيه ..المجد للشيوعي الطيب الاصيل الجميل جميل ميزي أبو باسل …وابو جمال ..