النقطة الحساسة في هذه المواجهة القانونية هي سعى النظام الإيراني إلى إحداث شرخ بين عناصر المعارضة والتنكيل بمعارضيها وإلحاق الأذى بهم وإساءة إستغلال المواقف وتسخيرها لخدمة وجوده وبقائه كنهج له في خضم هذه المواجهة القانونية، وكذلك اللجوء إلى خلق الذرائع، واللجوء على نحو مستدام لبرامجه الدعاية المعهودة من أجل تخليص رقبته من تحت سكين المراجعات الدولية، لذلك من الضروري في هذا الفصل تدقيق المراجعة في نظام ولاية الفقيه وعلى أعضاء المقاومة والإيرانيون الشرفاء والأحرار أن يتصرفوا بـ “دقة” و”يقظة”، وهما جانبان لا ينفصلان للمضي قدما بمسار هذه العملية للأمام.
هدف النظام هو التآمر على المقاومة!
الأزمة الأساسية التي تواجه النظام هي “أزمة الانقلاب والإطاحة به” ولهذا السبب وبعد مرور41 سنة مريرة على إستيلائه على السلطة لا زال يعاني من عدم الاستقرار، ويدرك ولي الفقيه وقادة هذا النظام جيدا أن العامل الأساسي في هذه الأزمة هو حضور وثبات واستمرارية المقاومة التي لم تتوقف ولم تتنازل عن قلب هذا النظام، ولم تتخذ يوما حلولا وسطية ولا تعرفها، مقاومة ذي إرادة صلبة وحازمة ذات جذور عميقة في المجتمع ، وعلى الصعيد الدولي تتمتع الآن بدعم وتأييد كبيرين، وبسبب هذا الدعم والتأييد الواسع للمقاومة باءت محاولات جماعات ضغط هذا النظام وعرابي سياسة المراضاة في خلق حلولا بديلة لهذا النظام بالفشل الذريع على الرغم من الأموال الطائلة التي ينفقونها والجهود الكبيرة، وذلك لأن البديل الديمقراطي الحقيقي الوحيد المتمثل بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كان ولا زال موجودا حاضرا دائما! وما يجب قوله باختصار هو أن ما فعله نظام الملالي في السنوات الأربعين الماضية لتدمير المقاومة كان من موقف الضعف والعجز في مواجهة أزمة الإطاحة به، ولولا مؤازروه الغيبيون (!) لكان هذا النظام في سجل الذكريات الكريهة، وكانت البشرية المعاصرة قد خلت وتحررت واستراحت منه.
إن مواجهة المقاومة الإيرانية مع هكذا النظام وحلفائه دليل قوة واقتدار وقدرة على استمرارية هذه المقاومة التي أدخلت النظام الآن في مرحلته السياسية الأخيرة، معلنة عن بديل ديمقراطي بجيش من وحدات المقاومة المنتشرة في جميع أنحاء البلاد، ويحظى بدعم كبير على الصعيد الدولي، وهذا ما سيؤدي إلى تضييق الخناق أكثر من أي وقت مضى على النظام الديكتاتوري الحاكم.
لم تقتصر فعاليات المقاومة على إبطال قوائم الشر ودحر المؤامرات في سياق القانون والعدالة والدفاع عن مظلومية وآلام الشعب وغير ذلك، بل أصبحت أيضا مركز إجماع وإعتماد دوليين ضد النظام من خلال فضح مشاريعه النووية والصاروخية والإرهابية، وفضح الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إيران.
وقد أعلنت السيدة مريم رجوي بهذا الصدد مرارا قائلة إن: “القضية الرئيسية لهذا النظام هي القضاء على البديل الديمقراطي الوحيد لضمان بقاء النظام، لكن المقاومة الإيرانية كسرت بكل قوتها وستكسر سلسلة مؤامرات الفترة الأخيرة من حكم الملالي “(16 يونيو 2018).
ميزة حكم المحكمة السويسرية!
كان ربط حكم وملف قضية اغتيال الدكتور كاظم رجوي بقضية مجزرة الإبادة الجماعية للسجناء السياسيين سنة 1988 باغتيال معارضي النظام في الخارج معا انتصارا كبيرا لحركة التقاضي من أجل العدالة، وكان من السمات البارزة لحكم المحكمة السويسرية الاتحادية أن اغتيال الدكتور كاظم رجوي “حدث في سياق استمرار قتل ما يقرب من 30 ألف سجين سياسي في سنة 1988 وعمليات إعدام ممنهجة خارج نطاق القضاء للمعارضين السياسيين في السنوات اللاحقة”، وقد اُتُبِعَت هذه السياسة من قبل السلطات القيادية العليا في النظام الإيراني، خاصة أن الفتوى الصادرة من قبل خميني تم تنفيذها. كما حدد القضاة السويسريون الإبادة الجماعية كجزء من سياسة واستراتيجية النظام.
العالم يقف لدعم الشعب الإيراني!
بعد إعلان حركة التقاضي من أجل دماء السجناء السياسيين ضحايا مجزرة الإبادة الجماعية سنة 1988 من قبل السيدة مريم رجوي عام 2016، أصبحت الحملة القانونية للمقاومة الإيرانية الآن حملة دولية، ذلك لأن وراء هذه الحملة مطلب وطني وعام من قبل الشعب الإيراني والمعارضة الإيرانية، وأن النظام الحاكم في إيران نظام إرهابي قمعي غير شرعي رجعي من القرون الوسطى وعدو للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وفي صراع مع المجتمع البشري، ووصمة عار على المجتمع الدولي ويجب زواله.
والوقت الآن هو توقيت التدقيق على قادة النظام الإيراني، وفي هذا الفصل الرائد تشكل الحملة القانونية للمقاومة الإيرانية نقطة تحول على طريق إسقاط هذا النظام وإنهاء معاناة وآلام الشعب الإيراني.
يوجد في عالم اليوم إجماع دولي قيم حيث يدعو المفوض السامي ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى تشكيل لجنة دولية في شهر يوليو من هذا العام للتحقيق في مجزرة الإبادة الجماعية سنة 1988، دعا المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في إيران إلى إجراء تحقيق مستقل في مجزرة الإبادة الجماعية للسجناء السياسيين، ودور إبراهيم رئيسي للجلاد في تلك الجريمة الكبرى، وفي هذا الصدد شددت منظمة العفو الدولية وأكثر من 150 من نشطاء حقوق الإنسان البارزين على ضرورة تشكيل هذه اللجنة.
مطالب المقاومة الإيرانية من المجتمع الدولي!
صرحت السيدة مريم رجوي مرارا وتكرارا باسم مقاومة الشعب الإيراني بأنه: “يجب تقديم قادة النظام إلى العدالة بتهمة الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية”، كما قالت أيضا: نطالب ” الامين العام للامم المتحدة والمفوض السامي ومجلس حقوق الانسان والمقررين الخاصين بالأمم المتحدة والمنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان بالعمل على زيارة سجون النظام واللقاء بالسجناء السياسيين، كما يجب إحالة ملف الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان في إيران ولا سيما قضية سلوك النظام في السجون وعلى وجه الخصوص اضطهاد السجينات إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
كلمة أخيرة!
تؤمن المقاومة الإيرانية أنه أينما كان هناك وجودا لقطرة من القانون وذرة من العدل والإنصاف، وفي أي محكمة يسود فيها العدل القانون حتى لو نسبيا سينتصر مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية دون أدنى شك.
والآن وبفضل ثبات ويقظة المقاومة الإيرانية قد بدأ فصل التدقيق والمراجعات للنظام، وستُفتَح ملفات الجرائم وملفات السلب والنهب لهذا النظام واحدة تلو الأخرى في حال تم فتحها، ولم يتحقق أي من هذه الانتصارات القانونية بطور الصدفة، فقد كلف كل منها بحر من دماء الشهداء ومعاناة السجناء، وتضحيات المناضلين بنضالهم المستمر والعطاء والكفاح اللامحدودين، وآلام ومعاناة الشعب الإيراني وطريق العدالة الذي كلف الشعب الإيراني الكثير.
بقلم عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.