الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Homeمقالات القضية الكردية بين الراهن والمستقبل بيار روباري

 القضية الكردية بين الراهن والمستقبل بيار روباري

 

القضية الكردية عمومآ وفي العراق خصوصآ،أخذت منحآ تصاعديآ سريعآ، وأخذت بعدآ دوليآ بعد الغزو العراقي للكويت، والذي إنتهى بغزو أمريكي كامل للعراق وإحتلاله عام 2003 وإسقاط نظام الطاغية صدام حسين.

الغزو الأول أتى للكرد بمنطقة حظر الطيران، وهذه كانت الفرصة الأولى للكرد منذ عقود طويلة لإدارة شؤونهم بأنفسهم، على الأقل في ثلاثة محافظات كردستانية (السليمانية، هولير ودهوك).

وبناء إدارة ومؤسسات كردية فعالة، تكون بمثابة الأساس لإقامة إقليم شبه مستقل ويماثل كيان الدول المستقلة.

والغزو الثاني خدمة القضية الكردية أكثر بكثير، حيث تمكن الكرد بجهودهم ومساعدة الأمريكان أن يحصلوا على حقوقهم القومية والسياسية والدستورية، تلخص ذلك في كيان فدرالي معترف به من قبل الأمم المتحدة، وكافة دول العالم.

والغزو الداعشي للموصل والأنبار، أتى بما لم يكن يتوقعه الكرد نهائيآ ألا وهي سيطرتهم على المناطق الكردستانية، التي كانت تحت سيطرة الحكومة المركزية، وخاصة مدينة كركوك، التي كانت ترفض تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي، التي تخص هذه القضية منذ عشرة أعوام. 

 

وكان الفرصة موأتية للكرد لأن يتقدموا خطوة أخرى وأخيرة للأمام في هذا الجزء من كردستان، ألا وهو إعلان الإستقلال عن العراق بشكل تام. كل هذه التطورات شهدتها القضية الكردية خلال 25 عامآ وهي فترة قصيرة جدآ في تاريخ الشعوب.

 

كل هذا أصبح في خطر حقيقي وداهم، نتيجة الغباء السياسي وعنجهية قادة الإقليم المتمثلة بقيادة الإتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الكردستاني. ودخولهم في صراعات عائلية على السلطة والمال، وإستنجاد كل طرف بقوى خارجية وتحديدآ (إيران وتركيا) أعداء ومحتلي كردستان. و كان نتيجة هذالصراع، شطر الإقليم الى إدارتين، وضياع مدينة كركوك من جديد، وفرض حصار مجحف على الإقليم، وتراجع الدور الكرددي داخليآ وخارجيآ بشكل كلي ومخيف. والأن هناك خوف كردي جدي على ما تبقى من الإقليم، بسبب تعنت البرزاني وإستبداده وإصراره البقاء في السلطة بقوة السلاح. وإنتهازية جلال الطالباني وأبنائه وبعض أفراد عائلته الذين يحكمون إمارة السليمانية.

 

وفي شمال كردستان شهدت القضية الكردية تطورآ ملحوظآ في السنوات الأخيرة، وتمثل بإنفراج الوضع نسبيآ بعد إنطلاق المفاوضات بين الطرف الكردي المتمثل في حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية وإصدار بيان مشترك عن الطرفين. والتطور الثاني كان دخول حزب الشعوب

الديمقراطي إلى البرلمان وحصوله على 88 مقعدآ من مقاعد البرلمان التركي. ولكن حزب (ه د ب) ضيع الفرصة، برفضه الدخول في إئتلاف حكومي مع حزب أردوغان، بسبب علاقته مع قيادة قنديل، وهذه كانت غلطة سياسية كبرى برأي. إن ممارسة العمل السياسي في إطر مؤسسات الدولة يتعارض مع وجود علاقة علنية مع حزب العمال. كان يجب الفصل بين الأثنين، وهذا في مصلحة الطرفين الكرديين (ب ك ك) و (ه د ب).

 

ونتيجة لرفض الكرد تحويل تركيا من نظام برلماني إلى نظام رئاسي، أبدى اردوغان تشددآ أكبر مع الكرد، مدعومآ من الحركة القومية الفاشية، والدولة العميقة، مما أدى تدهور الوضع، وإنتهى الأمر بوقف المفاوضات وزج قادة (ه د ب) بالسجن، وإتخاذ مواقف أكثر شوفنية من الكرد، وشن حملة عسكرية على مدنهم وقراهم، لا تقل وحشية ودموية، عن تلك التي شنها المجرم بشار الأسد ضد الشعب السوري.

الوضع في شمال كردستان، حبلى بالمفأجات وعلى الكرد أن يكونوا مستعدين لأي تطور يمكن أن يحدث في داخل تركيا. القضية الكردية في هذا البلد تعاني منن ثلاثة معضلات هي:

الأولى:

إتفاق جميع القوى التركية اليسارية منها واليمنية والإسلامية، على معاداة الكرد ورفض الإعتراف بهم كقومية لها حقوق قومية وسياسية ودستورية.

الثانية:

تأمين الغرب وأمريكا وروسيا الغطاء السياسي لها، وتقديم كافة أنواع الدعم لها، وهذا ما يصعب المهمة على الكرد من تحقيق أي إنجاذ ملموس. ولذا يجب تفجير الوضع التركي من الداخل. وهناك طرقيتن لتحقيق ذلك. خلق حرب أهلية تركية – تركية أو تفجير حرب كردية  تركية.

الثالثة:

دوران حزب العمال حول نفسه، وتوقعه في جبال قناديل، وفشله في نقل المعركة للداخل التركي.

وثانيآ، تفرده بالقرار السياسي الكردي، وفشل إعلامه الكامل، في الوصول للجماهير الكردية والتركية، بسبب غياب الحرية وتمجيد الأشخاص.

 

وفي غرب كردستان، طفت القضية على السطح وفرضت نفسها على أجندة الحكومة والمعارضة السورية، ومعهم على أجندة دول الإقليم والدول الكبرى، بعدما كانت القضية الكردية في سوريا تعاني من تعتيم إعلامي شبه مطلق، وإهمال من قبل القوى الكردستانية والعالمية على حدٍ سواء.

وغزوة داعش للأراضي السورية والكردية، كانت بمثابة فاتحة الخير على الكرد، وكان نتيجة ذلك الغزو إلتفات الدول الكبرى للمرة الأولى للكرد وفتح حوار مباشر معهم، ومن ثم التعاون معهم على الأقل عسكريآ.

وهذا التعاون بين الطرفين الغربي- الكردي دفع بالقضية الكردية قفزات قوية للأمام، وتمكن الكرد للمرة الأولى في تاريخهم في هذا الجزء من كردستان، أن يحكموا مناطقهم بأنفسهم بعيدآ عن سيطرة النظام السوري الحالي والذين سبقوه. وظهر للوجود كيان كردي مشابه لحدٍ ما، لما هو موجود في جنوب كردستان. وهذا ما أقلق تركيا للغاية، ودفعها إلى إحتلال جرابلس والباب، وشن عدوان على منطقة عفرين وإحتلالها، بهدف منع نشوء كيان كردي يمتد من الحدود السورية – العراقية الى البحر المتوسط، ويعزل تركيا نهائيآ عن العالم العربي، وبالتالي يهدد تركيا كوحدة جغرافية وسياسية.

 

الخطأ الذي إرتكبه حزب (ب ي د) وهو فرع سوريا لحزب العمال الكردستاني، هو إبتعاده عن الثورة وتبني ما يسمى الخط الثالث، أي لا مع الثورة ولا مع النظام وكان هذا خطأ سياسي فادح إرتكبته قيادة قنديل، وإستخدمت غرب كردستان كورقة في صراعها مع أنقرة. وهذا ما إلى عزلة هذا الفصيل الكردي وكشف ظهره دون أي تغطية سورية وطنية. وبدلآ من العمل على مشروع جامع يجمع عليه السوريين، يضمن نصوص واضحة تعترف بالكرد كثاني أكبر قومية في البلاد،

وتضمن حقوقها القومية والسياسية والدستورية، خرج علينا بما يسمى فلسفة عبدالله اوجلان “الإمة الديمقراطية” وهي في الحقيقة مجرد كلام فارغ ليس له أي معنى.

 

وإستغلت تركيا العدو اللدود والتاريخي للكرد، هذا لوضع وبنت عليه كثيرآ، فمن جهة ودعمت الجماعات الإسلامية المتطرفة لمحاربة الكرد، ومن جهة إخرى عملت على شق الصف الكردي السوري بدعم وتعاون رجلها مسعود البرزاني، الذي حاول منافسة حزب العمال في السيطرة على غرب كردستان.

وعندما فشلت داعش  وبقية التنظيمات المتطرفة في ردع الكرد والحد من طموحاتهم، دخلت تركيا بنفسها على خط الصراع، وضغط على أمريكا من جهة، وتحالفت تكتيكيآ مع روسيا بوتين

للسماح بإحتلال مناطق غرب الفرات بهدف منع الكرد من توصيلها بمناطق شرق الفرات، وهذا بالفعل ما حدث. إن سياسة التفرد والإقصاء كانت سببآ جزئيآ في سقوط الكرد في هذا المأزق. ويضاف اليه تخاذل الأمريكان، وخنوع جماعة الأنسكة ومعادتها للمشروع الكردي، للإنتقام من مافستها تف- دم.

 

الوضع الكردي في غرب كردستان، يمر بظرف حساس للغاية، فمن جهة الأعداء (السوريين، الأتراك والفرس) يتربصون بهم وينظرون الفرصة للإنقضاض عليهم، ومن الناحية الإخرى موقف (الحلفاء) الأمريكان غامض، ولا يمكن الوثوق بهم وللكرد تجارب مريرة معهم عبر التاريخ. إن الموقف الحالي يحتاج من الكرد الكثير من الحذر والعقلانية، كي لا يذهبوا ضحية مصالح دول إقليمية وكبرى حول العالم.

 

وأما الوضع في شرق كردستان يمر بمرحلة سبات، بعد تخلي القوى الكردية عن الكفاح المسلح، وتبني حزب العمال الكردستاني، سياسة مهادنة مع النظام الإيراني لأسباب تتعلق بوضعه كونه واقع بين كمشاشة تركيا من جهة، والفك الإيراني من جهة إخرى. ولا أظن أن يحدث تطورات في إقليم كردستان. الذي يمكن أن يغير الوضع في ايران، هو تفجر الوضع برمته من الداخل بفضل عوامل كثيرة داخلية وخارجية على حدٍ سواء. 

 

في الختام، برأي الكثير يتوقف على تصرفات القيادات الكردية المختلفة، ومدى قدرتهم في وضع المصالح العامة أمام المصالح الخاصة، وفهم السياسات الدولية بشكل جيد وكيفية صناعة القرار الدولي.

 

14 – 11 – 

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular