.
مع ازدياد انتشار التطعيم ضد فيروس كورونا المستجد في أوروبا الغربية منذ أوائل العام الجاري، اعتبر العديد من قادة المنطقة أن اللقاحات هي طريقهم المباشر للخروج من الوباء، ولكن الموجات الجديدة للجائحة خيبت ظنهم، وفقا لتقرير نشرته شبكة “سي إن إن” الإخبارية.
وكانت أيرلندا قد فرضت تجول عند منتصف الليل على ارتياد المطاعم والحانات في وقت سابق من هذا الأسبوع وسط زيادة ملحوظة في ارتفاع أعداد الإصابة، وذلك على الرغم من وجود أحد أفضل معدلات التطعيم في أوروبا.
وفي البرتغال حيث يتم تلقيح 87 بالمئة من إجمالي السكان، تفكر السلطات المختصة في اتخاذ تدابير جديدة مع ارتفاع معدلات العدوى.
وعلى نفس السياق، تعاني بريطانيا من موجة طويلة وعنيدة من الإصابات رغم أن رئيس الوزارء، بوريس جونسون، اعتاد التفاخر بريادة بلاده المبكرة في حملات التطعيم.
وأما النمسا، فقد أعلن مستشارها، ألكسندر شالنبرغ، الجمعة، أن حكومته سوف تفرض إغلاقا يشمل جميع السكان، بعد أيام من قرار حجر استهدف غير الملقحين، لتكون أول بلد في الاتحاد الأوروبي يتخذ إجراءات من هذا القبيل في ظل ارتفاع عدد إصابات كورونا، وفقا لفرانس برس.
كما أوضح شالينبرغ أنه سوف يجري فرض التطعيم الإلزامي ضد وباء كورونا المستجد، بحلول مطلع فبراير القادم.
وعزا شالينبرغ تحول موقف الحكومة عن الإجماع السياسي بشأن عدم إلزامية التطعيم، إلى “ضرورة مواجهة الأمر الواقع”، في إشارة إلى تواضع أعداد المطعمين، وبلوغ مستوى الإشغال في المستشفيات وأقسام العناية المركزة إلى مستوى قياسي.
نجاحات ملحوظة.. ولكن
ومع حالة الإحباط التي سادت لدى بعض سكان القارة العجوز، بيد أن اللقاحات لا تزال تلعب دورا هاما للغاية في مكافحة الجائحة، كما يرى تشارلز بانغام، أستاذ علم المناعة والمدير المشارك لمعهد العدوى في إمبريال كوليدج في لندن.
وفي هذا الصدد يقول، بانغام لشبكة “سي إن إن” إن اللقاحات “لا تزال توفر حماية جيدة للغاية في مكافحة الأعراض الشديدة لمرض كوفيد والتقليل من نسب الوفيات بشكل جيد جدا”.
وتابع: ” ولكننا نعلم أن سلالة دلتا، الأكثر انتشارا وعدوى، قد ساهمت ارتفاع أعداد الإصابات بالإضافة إلى حدوث تغييرات في سلوك الأفراد المجتمع أدى إلى حدوث نوع من التراخي بتطبيق الإجراءات الصارمة الأخرى للحد من انتشار الجائحة”.
وعلى ذات المنوال يرى رالف رينغيس، أستاذ علم الأوبئة ومراقبة الصحة العامة في جامعة هامبورغ للعلوم التطبيقية في ألمانيا، أنه عندما يتعلق الأمر بوقف انتقال العدوى، فإن معدل التطعيم الجيد جدًا لا يعطي دائما النتائج المرجوة، موضحا: “اللقاحات هي حجر الزاوية في محاربة الوباء، ولكنها غير كافية لوحدها”.
وعن سبب ارتفاع الإصابات في أيرلندا رغم ارتفاع معدلات التطعيم، يقول قال سام ماكونكي، رئيس قسم الصحة الدولية وطب المناطق الحارة: “ما لدينا الآن هو وباء غير مطعمين، فحوالي 10٪ من سكان البلاد فوق سن 12 عامًا غير محصنين، وفي تلك الفئة ترتفع الإصابات.
وأشار ماكونكي إلى أن معظم الأطفال غير المحصنين وكبار السن والمصابين بأمراض مصاحبة لا يزالون يشكلون حالات اختراق للوباء ورفع أعداد الإصابات، خاصة وأن الأشخاص الأصحاء الذين يصابون بالفيروس ولا يعانون أي أعراض قادرين على نقله إلى الآخرين.
ولفت إلى أن “المتغيرات الفيروسية الجديدة في جوهرها معدية أكثر من السلالات القديمة”، قبل أن يخلص إلى أن ” أن جميع تلك العوامل السابقة سوف تؤدي إلى اكتظاظ المستشفيات بالمصابين”.
وكل ما سبق، جعل بعض الخبراء يؤكدون أن الحماية من ظهور الأعراض الخطيرة وقلة الوفيات بين الأشخاص الذين حصلوا على جرعتين من اللقاح لا تزال قليلة جدا، وهنا يوضح بانغام: “الخبر السار هو أن كلًا من الأجسام المضادة تظهر بشكل قوي لدى المطعمين على مدى أشهر، وحدوث انخفاض طفيف في تركيزها يكون قليلا للغاية.
وأضاف: اللقاحات لا تزال توفر حماية جيدة للغاية ضد الأعراض الشديدة والوفاة، ومن المرجح أن تظهر بعض الأعراض على المطعمين، ولكنها لن تكون خطيرة أو قوية”.
ونوه إلى إحدى المشاكل تكمن أنه حال ظهور أعراض على المطعمين فإن ذلك يعني إمكانية نقل العدوى إلى الآخرين بشكل واضح، “وسوف يؤدي ذلك بالتالي إلى ارتفاع معدل الإصابة بالعدوى في بلد ما ويمكن أن يؤثر على سعة المستشفى”.
من جهة أخرى، وكما يقول الباحث الألماني، رالف رينغيس، أن السلوكيات الاجتماعية السلبية لعبت دورا في ظهور أرقاما قياسية بأعداد المصابين في بلاده، مشير إلى أن الناس في بلاده التي لديها مستويات متدنية من التطعيم مقاربة ببعض دول الاتحاد الأوروبي قد أجهدوا من الإغلاقات والحظر.
وتابع: “لقد أجرينا للتو انتخابات عامة، وكان الوباء خلالها بعيدًا نوعا ما عن عقل النخب السياسة التي ركزت على برامج أخرى مما جعل مواطني البلاد يعتقدون أن مشكلة الجائحة لم قضية كبيرة”.
وكانت ألمانيا قد سجلت يوم الخميس أكثر من 65 ألف إصابة جديدة بكوفيد -19، وقد وصفت المستشارة المنتهية ولايتها أنغيلا ميركل الوضع في البلاد بأنه “دراماتيكي ”.
ولكن حتى وسط الحالات المتصاعدة، فإن العديد من الحانات الألمانية وأسواق أعياد الميلاد “الكريسماس” لا تزال تجتذب أعدادًا كبيرة، حسبما أشار رينغيس.
ويحث الوزراء الألمان المزيد من الناس على تناول اللقاح، وسط تصعيب الأمور على غير المطعمين عبر منعهم من دخول الكثير من الأماكن العامة، والمطاعم والحانات والمهرجانات.
ولكن الخبراء يدركون أن مثل هذه المحاولات قد فات الأوان لوقف هذه الزيادة، إذ يقول رينغيس: “لا يمكن وفي غضون فترة قصيرة من الزمن حقيق معدلات تطعيم توقف هذه الموجة من الوباء”.