.
مع اشتداد قساوة الظروف المناخية والانخفاض المتزايد في درجات الحرارة، وافق الكثير من المهاجرين على مغادرة مخيماتهم البدائية قرب الحدود البولندية والانتقال للإقامة في مخازن ومستودعات مؤقتة جهزتها السلطات البيلاروسية لإقامتهم، ولكن الكثير من أولئك الذين يحلمون بدخول دول الاتحاد الأوروبي يخشون من أن تلك خطوة لإعادة إلى بلادهم أو منعهم من محاولة العبور مرة أخرى.
وأوضحت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية أن عدد المهاجرين الذين كانوا يقيمون في مخيمات على الحدود الشرقية لبولندا قد انخفض بشكل كبير.
وقد بددت مثل هذه المبادرات آمال العديد من المهاجرين في الوصول إلى الغرب، بما في ذلك حوالي 430 شخصًا عادوا يوم الخميس إلى العراق من بيلاروس، وكان من بينهم العراقي، علي كاظم حسين، 28 عامًا، الذي أمضى 10 أيام على الحدود بين بيلاروس وبولندا على أمل العبور والحصول على حق اللجوء في إحدى دول الاتحاد الأوروبي.
وقال إن الجنود البيلاروسيين قدموا لهم المساعدة لهم في بداية الأمر، إذ ساعدوهم على الوصول إلى الحدود، ولكنهم بعد ذلك عمدوا إلى ضربهم بقسوة عندما فشلوا في العبور، بعد أن أعادتهم السلطات البولندية.
من جهتها، قالت داليا (24 عاما)، وهي أم لابنة تبلغ من العمر 18 شهرا، إنها أنفقت 20 ألف دولار للسفر مع والدتها وشقيق زوجها إلى بيلاروس، لكنها قررت التخلي عن سعيها في الوصول إلى أوروبا.
وأضافت: “خشيت جدا على حياتي طفلتي لذلك قررت العودة إلى سنجار في إقليم كردستان العراق”، مضيفة: “أخبرونا أنه في حال فكرنا بالعودة مرة أخرى إلى مينسك فإن السلطات البيلاروسية سوف تطلق علينا الكلاب الشرسة”.
“محكومون بالأمل”
وفي المقابل، يتشبث العديد من المهاجرين بالأمل، إذ أعلنت سلطات حرس الحدود البولندي أن محاولات عبور قد وصلت إلى 255 محاولة ليل الخميس الماضي.
وفي هذا الصدد يقول، حوري عبد القادر، وهو كردي عراقي يعيش في ظروف قاسية بالقرب من الحدود منذ ما يقرب من شهر: “يعتقد الكثير منا إنه في حال وافقنا على الانتقال إلى تلك المستودعات فإن ذلك يعني أننا أعطينا موافقة ضمنية على القبول بترحيلنا”.
وزعم عبد القادر، وهو مسلم سني من مدينة السليمانية في كردستان، إن بعض المتطرفين الشيعة قد حاولوا قتله بسبب رغبته في الزواج من فتاة من مذهبهم، وأنه جرى اختطافها أثناء محاولتهم الفرار من البلاد.
وشدد عبد القادر، 31 عاما، على أنه لا يريد أن يعيش في بلد لا يستطيع الارتباط فيه بالفتاة التي اختارها قلبه، مردفا: “قررت الرحيل حتى لا ألقى نفس المصير الذي تعرضت له خطيبتي”
وأما عبد الصمد عبد الجبار وزوجته إيمان سعيد، وكلاهما صحفيان سابقان كانا يعملان في تلفزيون كردي، فيقولان إنها قررا مغادرة البلاد وطلب اللجوء في أوروبا عقب تلقيهما تهديدات من جهات رسمية بسبب تقاريرهم التي تفضح الفساد وتهاجمه.
وقال عبد الجبار (37 عاما) إن “كل من يقف بوجه تلك السلطات الحكومية مهدد (بالموت والقتل)”، لا فتا إلى أنه قرر الذهاب إلى إحدى تلك المستودعات خوفا على حياة أطفاله الأربعة من البرد القارس، ولكنه في نفس الوقت يؤكد أن الحلم بالوصول إلى سويسرا لا يزال يراوده.
وفي قصة أخرى، يقول شاب يدعى حسين إن والده حثه مع شقيقه الأصغر محمد على اللجوء إلى أوروبا بمجرد أن سمعوا أن بيلاروس فتحت الأبواب للعبور إلى الغرب.
أوضح حسين أن والده كان يخشى عليهما أن يلقيا مصير شقيقهما الأكبر، وهو ضابط شرطة قتل في مدينة كركوك شمالي العراق.
وأوضح حسين (23 عاما)، وهو مصمم ديكور سابق ترك زوجته وابنه البالغ من العمر عاما في المنزل في كركوك، أنه كان يعتقد أن بقاءهم في العراء قرب الحدود سوف يشكل عامل ضغط للعبور، مردفا: ” رغم التعب والإرهاق والظروف المناخية القاسية رفضنا في البدء الذهاب إلى تلك المستودعات قبل أن نستسلم لذلك الأمر”.
من جهتها، قالت آمنة حاجي التي وصلت إلى بيلاروس من بلدة زاخو بالقرب من الحدود العراقية التركية مع ستة أطفال قبل ستة أسابيع: “نعم، لقد قدموا لنا بعض الطعام، لكني بحاجة إلى مساعدة ابنتي الوحيد التي تعاني من عيب خلقي في القلب.
وختمت بالقول: ” إنها بحاجة مساعدة للعلاج في ألمانيا، ولذلك أرفض أن أعود إلى بلدي”.