الأزمة الاقتصادية الأخيرة لنظام الملالي التي تفاقمت مع تعيين إبراهيم رئيسي هي من أشد القضايا التي لم يواجه النظام مثلها من قبل، فقد بلغت حدة هذه الأزمة درجة عويل قادة النظام وهلعهم من عواقبها محذرين بعضهم البعض وهو الأمر الأكثر إثارة للقلق، وذعر وهلع قادة نظام الملالي ناجم عن إدراكهم بأن الظروف الموضوعية مهيأة لإنتفاضة ضد النظام الحاكم وأكبر من انتفاضة نوفمبر 2019.
وعود إبراهيم رئيسي بالعلاج!
وعد الملا إبراهيم رئيسي عندما أصبح رئيسا لجمهورية نظام الملالي ببناء مليون منزل سنويا، وخلق 1.8 مليون فرصة عمل مع نهاية سنة 2022 ، وجعل البورصة في ربيع أخضر يانع، والقضاء على التضخم والغلاء! و…
ويشيد مجلس نظام الملالي في جلساته بحكومة إبراهيم رئيسي ممجدا إياه وكأنه وجد منقذا لأزمة المعيشة والانهيار الاقتصادي للنظام!
الملا رئيسي بعد مضي مائة يوم!
كتبت صحيفة جهان صنعت الحكومية في 10 نوفمبر2021: “لا يملك كل من قاليباف ورئيسي فهما دقيقا لقضايا الاقتصاد الكلي ولا دراية لهم بسلوك المتغيرات الاقتصادية وعلوم الإقتصاد”.
مضى على إدعاءات إبراهيم رئيسي التي قضت ببناء 4 ملايين مسكن خلال أربع سنوات أكثر من 100 يوم على فرضه بالسلطة، ، ولم تبدو لها إشارة ملامح، ولم تثمر الخطط والأوراق بالحقيقة سوى عن السخرية والعار وذهاب حيائهم وماء وجههم والمأزق الذي وصل إليه النظام.
وعلى صعيد خلق عدة ملايين من الوظائف، لم يتعدى الأمر توظيف بعض أقاربه وأنسبائه وجيرانه وأبناء منطقته وأصدقائه ومعارفه.
وحول تصاعد الغلاء في إيران أيضا كتبت صحيفة مردم سالاري الحكومية في 13 نوفمبر عن عواقب إلغاء 4200 تومان والإدعاء بزيادة الدعم تقول: وصلت تكلفة سلة معيشة العمال إلى 12 مليون تومان… ومع حذف العملة في الظروف الحالية من المؤكد أننا سنشهد أمواجا جديدة من الغلاء، وأن زيادة حجم الإعانات النقدية يمكن أن تزيد من تفاقم حدة موجة السيولة وما يتبعها من زيادة بالتضخم في البلاد.
أما صحيفة ستاره صبح الصادرة بتاريخ 13 نوفمبر وفي إشارة إلى موضوع حذف العملة كتبت تقول: ” لا يعجز كلا الفريقين الإقتصادي والديبلوماسي المعينين من قبل رئيسي عن إيجاد حلول للأزمات فحسب بل سيلقون عبئا معيشيا أكثر ثقلا على كاهل الشعب”.
“زيادات” اقتصادية مثيرة للدهشة !
أدى رفع قيمة العملة من قبل حكومة إبراهيم رئيسي إلى قيام البنك المركزي برفع سعر الصرف بشكل مستمر في السنوات الأخيرة، إلى جانب رفع حجم المطبوعات النقدية بدون أرصدة حماية.
يعتقد الكثير من الاقتصاديين أن الحكومة تعمدت رفع سعر الصرف الأجنبي للإستفادة من الإيرادات وتعويض عجز الموازنة الأمر الذي أدى إلى زيادة مثيرة للدهشة في حجم التضخم الحالي وارتفاع الأسعار.
استنتجت صحيفة اعتماد الحكومية بعددها الصادر في 10 نوفمبر 2021 في مقال بعنوان “التنامي النقدي الخطر” استنتجت من مقارنة إحصائية لشهري أغسطس وسبتمبر2021، أنه تمت إضافة 146 ألف مليار تومان خلال شهر واحد إلى حجم السيولة النقدية بالبلاد دون دعم حامٍ لها، وهذا يعني أن الإضافة تمت بمعدل 4800 مليار تومان يومي.
كما كتبت صحيفة ابتكار الحكومية في 19 نوفمبر 2021: أصبح التضخم عبارة متكررة بالاقتصاد الإيراني هذه الأيام، كما أصبح التضخم أيضا معضلة رئيسية في الاقتصاد الإيراني.
طباعة الأوراق النقدية بدون رصيد!
وكان إبراهيم رئيسي قد أعلن منذ بداية تسلطه أنه يسعى لزيادة القاعدة النقدية للبلاد، وهي ليست سيولة وإنما هي إجراء هدف إلى تغطية عجز الميزانية وخفض التضخم، والسؤال هنا ما هي الحقيقة؟
هذا هو الحال القائم منذ بداية الخط في نظام الملالي من تدمير الاقتصاد وإنفاق الثروة الوطنية على الإرهاب والمشاريع الصاروخية والنووية المناهضة لمصلحة الوطن، والعقوبات الدولية الناجمة عن سياسات نظام الملالي، وبغلق طرق تدفق أموال الواردات يواجه النظام عجزا ضخما بالموازنة، ولأجل تغطية هذا العجز تحول النظام إلى طباعة النقود دون رصيد وهذا يعني ضخ الأموال في السوق دون دعم لها! ونتيجة لذلك ارتفعت أسعار السلع وأصبحت السلع أكثر غلاءا يوما بعد يوم، ويؤدي تنامي حجم السيولة النقدية باستمرار إلى التضخم، وفي النهاية إلى تزايد ارتفاع الأسعار.
أرباب السيولة النقدية!
أقر محمد نوعي خبير اقتصادي في مركز بحوث مجلس النظام في 4 أكتوبر 2020، على “الموقع الحكومي بازار” بأن : 90٪ من سيولة الدولة النقدية في الودائع المصرفية، و 90٪ من هذه الودائع المصرفية في أيدي 2٪ من المودعين، وهذا لا يعني حتى 2٪ من المجتمع الإيراني، وإنما بيد 2٪ من المودعين أي أكثر من 80٪ من السيولة في أيدي 2٪ من المودعين وهم النبلاء وذوي الدماء الزرقاء والمسؤولين وقادة النظام.
مديونية الحكومة!
كتب موقع دويتشه فيله الألماني مؤخرا في تقرير بتاريخ 16 نوفمبر 2021: يوضح تقرير ديوان المحاسبة في إيران أن ذروة المديونية الخالصة للحكومة والشركات الحكومية الإيرانية بلغت أكثر من 255 مليار دولار حتى شهر يونيو من هذه السنة أي ما يعادل 405 سنوات من واردات مبيعات النفط، أي من ورادات انتاج النفط والغاز في البلاد في حقبة ما قبل العقوبات.
وهذا الرقم أعلى من إجمالي الأوراق النقدية، والمسكوكات المعدنية والودائع تحت الطلب في الدولة أيضا، وبالطبع فإن الرقم المذكور يتعلق بصافي ديون الحكومة مع خصم المستحقات الحكومية، والشركات المملوكة للدولة من القطاع غير الحكومي، وخلاف ذلك فإن إجمالي الدين الحكومي يساوي 1.8 مليون مليار تومان (1800 تريليون تومان).
قدمت حكومة إبراهيم رئيسي مؤخرا مشروع قانون إلى مجلس النظام لإلغاء عملة 4200 تومان… وبإلغاء العملة الحكومية سترتفع وتتسارع معدلات التضخم.. ومع إلغاء العملة الحكومية فإن ديون الحكومة ستنخفض بشكل كبير وبذلك تتحرر الحكومة من وطأة المديونية الثقيلة، وبسبب آثار التضخم الناجمة عن إلغاء العملة الحكومية ستقع التبعات الكارثية لذلك بالخراب على الناس واقتصاد البلاد.
ديون النظام وخط الفقر
أفاد مركز الأبحاث التابع لمجلس النظام في تقرير له عن أداء ميزانية العام الماضي معلنا عن ديون مترتبة على حكومة الملا روحاني بلغت 1500 ألف مليار تومان حتى منتصف العام الجديد، والتي إزدادت من خلال إبراهيم رئيسي، وقد بلغت نسبة التضخم السنوي بالدولة حتى شهر أكتوبر من السنة الجارية 4505%. ( صحيفة اعتماد الحكومية 20 نوفمبر2021)
هذا الدين وهذا التضخم المهلكين، وكذلك التنامي الهائل للسيولة النقدية قد إنتُزِع في الواقع من جيوب الشعب المضطهد المظلوم ومن احتياطياته وثروته الوطنية الذي ألقى به هذا النظام إلى مرحلة مادون الفقر والبؤس.
اعترفت وزارة العمل في حكومة الملا رئيسي قبل وقت قصير أن 26 مليونا نسمة كانوا تحت خط الفقر المطلق سنة 2019، وسيصل إلى نحو 30 مليون نسمة هذا العام.
بالنظر إلى ما ورد أعلاه بإيجاز فإن الوضع الاقتصادي للنظام بلغ من الحرج مبلغا جعل وسائل إعلام الدولة تشكك في خطاب رئيسي، فقد كتبت صحيفة آرمان الحكومية أنه بينما يشير المسؤولون الحكوميون إلى عدم الاقتراض بإعتباره أهم إنجاز لهم تُظهر الاستطلاعات أن الحكومة ذهبت إلى البنوك وسحبت أرصدة من موارد البنوك، ونتيجة لذلك فإن البنوك ومع سياسة السحب على المكشوف هذه لم يعد لديها أرصدة احتياطية مع البنك المركزي، ولم يعد أمام البنك المركزي خيارا سوى صناعة المال لتغطية تبعات سياسة السحب على المكشوف وتحويل أصول البنوك، ولا يدرك رئيسي أن التضخم وتنامي السيولة ما هو إلا الحصيلة الوحيدة لـ الإقتراض المباشر من البنك المركزي، وأن نتيجة سحب الأرصدة البنكية لن يكون سوى التضخم” (جريدة آرمان (النظام)22 أكتوبر 2021)
كلمة أخيرة
عندما لا يكون نظام الملالي قادرا على حل حتى المشاكل اليومية والعادية للمجتمع، ويعاني على جميع الأصعدة من قضايا ومآزق غير قابلة للحل، فإن من الأمور البديهية والطبيعية جدا أن تجد قطاعات مختلفة من الناس بمن فيهم الشباب خاصة متجهين جميعا باتجاه قضية واحدة محددة ويبحثون عن مسبباتها لإزالتها، وهذه القضية هي طريق حل للخلاص، بما أن الشعب الإيراني مدركا واعيا لما يعيشه من أزمات عارفا بمسبباتها ستتدفق جميع فئات الشعب في شوارع مدن إيران المختلفة لينتفضوا ويهتفوا مطالبين بالإطاحة بهذا النظام وهو أصل جميع الأزمات، وبزواله يتحرر المجتمع وتزول كل الأزمات، وتطوى صفحات سجل النظام المليئة بالدم والسلب والنهب وقتل وتجويع الشعب.
قالت السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في شهر يوليو الماضي حول حكومة إبراهيم رئيسي: ” رئيسي هو الورقة الأخيرة لخامنئي من أجل بقاءالنظام، وهو أيضا علامة اليأس الدالة على نهاية النظام… وقد إعترف خامنئي ورئيسي اليوم بالفقر والتضخم الذي بلغ نسبة 44٪ وبعجز في الميزانية بلغ 450 ألف مليار تومان وبـ 680٪ زيادة في السيولة النقدية، واعترفوا بالظلم والفساد المستشري وبحالة المجتمع المتفجرة محاولين إلقاءاللوم في كل شيءعلى عاتق روحاني وحكومته، وأما من وجهة نظر الشعب الإيراني فكل قادة النظام متورطون فاسدون ومجرمون، وخاصة خامنئي ورئيسي وإيجئي ويجب تقديمهم إلى العدالة بتهمة ارتكاب مجازر الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وإساءة استخدام السلطة طيلة أكثر من أربعة عقود من القتل والنهب والسلب وتبديد المال العام وإضاعة ثروات الأمة ومواردها.
بقلم عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*