تصنّف الديانة الإيزيدية على أنها أكثر الأقليات ضعفا في الشرق الأوسط، ويقول الإيزيديون إنهم تعرضوا لـ74 “إبادة جماعية”، من ضمنها هجوم تنظيم الدولة في 2014.
والإيزيديون أقلية عرقية ودينية كانت تتركز في جبل سنجار بمحافظة نينوى شمال العراق، وهاجمها عناصر تنظيم الدولة في ذلك العام فقتلوا المئات من رجالها وأطفالها، وخطفوا نساءها واتخذوهن سبايا.
ديانة قديمة
نشأت العقيدة الإيزيدية في إيران منذ أكثر من 4 آلاف عام، وتختلف عن الأديان الأخرى بأنها مغلقة وغير تبشيرية ولا تقبل بانضمام جدد إليها، إلا من يولد لأب وأم إيزيديين. وفيها نظام زواج طبقي داخلي مغلق، حيث هناك 6 طبقات زواج مختلفة في الإيزيدية، كل واحدة تتزاوج فيما بينها، ولا يجوز لها الزواج من خارج طبقتها، وتلك الطبقات هي: الآدانية، والشمسانية، والقاتانية، وأبيار حسن ممان، وبقية 39 سلالة من الأبيار، والمريدون.
وليس للإيزيديين نبي أو رسول مثل الديانات الأخرى، وفيها يرتبط الإنسان بربه مباشرةً، وليس في طقوسها صلاة جماعية، وإنما يصلي الإيزيدي وحده في مكان منزوٍ متوجها لحركة الشمس في شروقها وغروبها، ويرون أنهم “من ذرية آدم فقط من دون حواء”.
ويؤمن الإيزيديون بإله واحد يصلون له متخذين الشمس قبلتهم، إضافة إلى إيمانهم بـ7 ملائكة، أولهم وأهمهم الملك طاووس. ويعتبر “طاووس ملك” -بحسب الديانة الإيزيدية- اسما من بين 3003 أسماء لله، وهو من سيماء الألوهية، ويأخذ “طاووس ملك” مرة دور إله السماء “بابا دياوس” عند الإيرانيين القدامى، و”آنو” عند السومريين، و”فارونا” عند الهندوس، وقرص الشمس هو عينه، ولهذا يقدس الإيزيديون الشمس حتى الآن. وإذا كان “طاووس ملك” قبلة للعبادة عند الإيزيدية، فإن الشمس هي قبلة للتقديس لديهم. أما نفورهم من كلمة “الشيطان” فقد أتت نتيجة مقاطعة اللعن ليس إلاّ، كما يقول الباحث والمؤرخ الإيزيدي خليل جندي للجزيرة.
ويوضح جندي للجزيرة نت أسباب عدم امتلاك الإيزيديين كتابا مقدسا، بالقول: كان للإيزيديين كتابان مقدسان: الأول باسم “مصحف رش” (الكتاب الأسود)، والثاني باسم “الجلوة”، لكنهما ضاعا في لجة الإبادات التي تعرّض له الإيزيديون.
ويتحدث الإيزيديون اللغة الكردية، ويعتمدون في الغالب -على الزراعة- ويقيم غالبيتهم في سنجار. ويعد معبد لالش أقدس أماكنهم الدينية، وتعلوه قبة مخروطية حجرية، إلى جانب مزارات عدة في وسط منطقة جبلية تضم ينابيع طبيعية بشمال غرب العراق، ويقصده المؤمنون الزوار حفاة.
ويتبع هؤلاء المجلس الروحاني الأعلى المؤلف من 5 أعضاء، ومقره قرب منطقة شيخان في محافظة نينوى شمال العراق، وبينهم “أمير” الإيزيديين في العالم، إضافة إلى مرجعهم الديني بابا شيخ.
ويقسم الإيزيديون إلى 3 طبقات: الشيوخ والبير (الدعاة) والمريدون، ولا يمكن التزاوج بين طبقة وأخرى أو من خارج الطائفة، ويعتبر إيزيديا فقط من ولد لأبوين إيزيديين.
وبمرور الوقت، دمج الإيزيديون في معتقدهم عناصر من ديانات أخرى. فعلى سبيل المثال، يتم عماد الأطفال في الماء المقدس للاحتفال بدخولهم العقيدة، على غرار المسيحيين، كما يمكن للرجال اتخاذ 4 زوجات كالمسلمين.
تعدّدت الروايات التاريخية حول تاريخ وجود دينهم، حيث يعتقد البعض أن الإيزيديين ودينهم وجد منذ آلاف السنيين، في حين تذهب روايات أخرى إلى أنهم انبثقوا عن الديانة البابلية القديمة في بلاد ما بين النهرين.
وتعود مفردة “الإيزيدية” إلى كلمة “يزدان” التي تعني “عبدة الله الذين يمشون على الطريق القويم”. ويذهب بعض الباحثين إلى أن الإيزيدية من الديانات الهندوإيرانية القديمة، قبل الديانة الزرادشتية التي تعرف تاريخيا بديانات الخصب التي ترتبط فلسفتها وطقوسها بالطبيعة وباكتشاف الزراعة وبدء التحضر، مع وجود بصمات واضحة من ديانات وادي الرافدين القديمة كالسومرية والبابلية والآشورية والميتانية.
الإيزيديون بالأرقام
من بين ما يقارب 1.5 مليون إيزيدي في العالم، يعيش العدد الأكبر -وهو 550 ألفا- في العراق، مع وجود أعداد أقل في المناطق الناطقة بالكردية في تركيا وسوريا. وأسفرت عقود من الهجرة عن توجه أعداد كبيرة من الإيزيديين إلى أوروبا، وخصوصا ألمانيا التي تؤوي نحو 150 ألفا من أبناء هذه الطائفة، إضافة إلى السويد وفرنسا وبلجيكا وروسيا.
ولكن منذ اجتياح تنظيم الدولة سنجار عام 2014، هاجر ما يقارب 100 ألف إيزيدي من العراق إلى أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا وكندا. ولا يزال نحو 360 ألفا يعيشون اليوم في مخيمات النازحين شمال غرب العراق. ولم يتمكن سوى بضعة آلاف فقط من العودة إلى سنجار، حيث لا تزال معظم المنازل أنقاضا والكهرباء والمياه النظيفة والمستشفيات شحيحة.
وتصنف الديانة الإيزيدية على أنها أكثر الأقليات ضعفا في الشرق الأوسط. ويقول الإيزيديون إنهم تعرضوا لـ74 “إبادة جماعية”، من ضمنها هجوم تنظيم الدولة في 2014. وأسوأ تلك الإبادات -وفقا للمجلس الروحاني الأعلى- شهد مقتل 250 ألف إيزيدي قبل مئات السنين.
وسيطر تنظيم الدولة على سنجار شمال غرب العراق في أغسطس/آب 2014، وشن هجوما على الإيزيديين وصل إلى “إبادة جماعية محتملة”، وفقا للأمم المتحدة.
أول حكم في العالم
وحكم القضاء الألماني -أمس الثلاثاء- بالسجن مدى الحياة على عراقي من تنظيم الدولة، بعد إدانته بتهمة ارتكاب “إبادة” بحق الإيزيديين، في حكم هو الأول من نوعه في العالم.
واعتبر قضاة محكمة فرانكفورت أن طه الجميلي (29 عاما) “مذنب بتهمة الإبادة وارتكاب جرائم ضد الإنسانية أفضت إلى الوفاة وجرائم حرب والتواطؤ في جرائم حرب”. وأدين الجميلي بتهمة ترك طفلة إيزيدية في الخامسة من عمرها تموت عطشا وسط الشمس الحارقة في صيف عام 2015 بالفلوجة في محافظة الأنبار غرب العراق، بعدما “اشتراها” مع والدتها “كسبية”.
وبحسب إحصاءات المديرية العامة لشؤون الإيزيدية في وزارة أوقاف حكومة إقليم كردستان العراق، فقد قُتل نحو 1280 إيزيديا، ويُتّم أكثر من 2300 طفل منهم، وتعرض ما يقرب من 70 مزارا للتدمير خلال فترة سيطرة تنظيم الدولة على مناطق واسعة في العراق بين 2014 و2017.
وخطف التنظيم أيضا أكثر من 6400 إيزيدي، معظمهم من النساء والفتيات، نجا منهم نحو 3400 شخص. ومنذ خسر التنظيم آخر جيوبه بسوريا في مارس/آذار 2020، تحرّرت العشرات من النساء والفتيات والفتيان الإيزيديين، وأعيد لمّ شملهم مع عائلاتهم في العراق. أما الباقون فلا يزالون في عداد المفقودين.
وتمّ اكتشاف أكثر من 70 مقبرة جماعية في سنجار تحتوي على رفات ضحايا تنظيم الدولة، واستخرجت بقايا رفات عشرات الضحايا من 12 منها في إطار تحقيق مشترك بقيادة الأمم المتحدة.
إضافة إلى ذلك، تركت بعض النساء اللواتي أجبرن على الإنجاب من مقاتلي تنظيم الدولة، أطفالهن في سوريا المجاورة، كشرط لقبولهن مجددا ضمن الطائفة.
المصدر : الجزيرة + الفرنسية أضعف الأقليات بالشرق الأوسط وتعرّضوا للإبادة على يد تنظيم الدولة في العراق.. من هم الإيزيديون وما ديانتهم وأعدادهم؟
تصنّف الديانة الإيزيدية على أنها أكثر الأقليات ضعفا في الشرق الأوسط، ويقول الإيزيديون إنهم تعرضوا لـ74 “إبادة جماعية”، من ضمنها هجوم تنظيم الدولة في 2014.
اعتبرت محكمة ألمانية -أمس الثلاثاء- أن الإيزيديين تعرضوا “لإبادة” على يد تنظيم الدولة الإسلامية، بعد اجتياحه أجزاء واسعة من شمال وشمال غرب العراق عام 2014.
والإيزيديون أقلية عرقية ودينية كانت تتركز في جبل سنجار بمحافظة نينوى شمال العراق، وهاجمها عناصر تنظيم الدولة في ذلك العام فقتلوا المئات من رجالها وأطفالها، وخطفوا نساءها واتخذوهن سبايا.
ديانة قديمة
نشأت العقيدة الإيزيدية في إيران منذ أكثر من 4 آلاف عام، وتختلف عن الأديان الأخرى بأنها مغلقة وغير تبشيرية ولا تقبل بانضمام جدد إليها، إلا من يولد لأب وأم إيزيديين. وفيها نظام زواج طبقي داخلي مغلق، حيث هناك 6 طبقات زواج مختلفة في الإيزيدية، كل واحدة تتزاوج فيما بينها، ولا يجوز لها الزواج من خارج طبقتها، وتلك الطبقات هي: الآدانية، والشمسانية، والقاتانية، وأبيار حسن ممان، وبقية 39 سلالة من الأبيار، والمريدون.
وليس للإيزيديين نبي أو رسول مثل الديانات الأخرى، وفيها يرتبط الإنسان بربه مباشرةً، وليس في طقوسها صلاة جماعية، وإنما يصلي الإيزيدي وحده في مكان منزوٍ متوجها لحركة الشمس في شروقها وغروبها، ويرون أنهم “من ذرية آدم فقط من دون حواء”.
ويؤمن الإيزيديون بإله واحد يصلون له متخذين الشمس قبلتهم، إضافة إلى إيمانهم بـ7 ملائكة، أولهم وأهمهم الملك طاووس. ويعتبر “طاووس ملك” -بحسب الديانة الإيزيدية- اسما من بين 3003 أسماء لله، وهو من سيماء الألوهية، ويأخذ “طاووس ملك” مرة دور إله السماء “بابا دياوس” عند الإيرانيين القدامى، و”آنو” عند السومريين، و”فارونا” عند الهندوس، وقرص الشمس هو عينه، ولهذا يقدس الإيزيديون الشمس حتى الآن. وإذا كان “طاووس ملك” قبلة للعبادة عند الإيزيدية، فإن الشمس هي قبلة للتقديس لديهم. أما نفورهم من كلمة “الشيطان” فقد أتت نتيجة مقاطعة اللعن ليس إلاّ، كما يقول الباحث والمؤرخ الإيزيدي خليل جندي للجزيرة.
ويوضح جندي للجزيرة نت أسباب عدم امتلاك الإيزيديين كتابا مقدسا، بالقول: كان للإيزيديين كتابان مقدسان: الأول باسم “مصحف رش” (الكتاب الأسود)، والثاني باسم “الجلوة”، لكنهما ضاعا في لجة الإبادات التي تعرّض له الإيزيديون.
ويتحدث الإيزيديون اللغة الكردية، ويعتمدون في الغالب -على الزراعة- ويقيم غالبيتهم في سنجار. ويعد معبد لالش أقدس أماكنهم الدينية، وتعلوه قبة مخروطية حجرية، إلى جانب مزارات عدة في وسط منطقة جبلية تضم ينابيع طبيعية بشمال غرب العراق، ويقصده المؤمنون الزوار حفاة.
ويتبع هؤلاء المجلس الروحاني الأعلى المؤلف من 5 أعضاء، ومقره قرب منطقة شيخان في محافظة نينوى شمال العراق، وبينهم “أمير” الإيزيديين في العالم، إضافة إلى مرجعهم الديني بابا شيخ.
ويقسم الإيزيديون إلى 3 طبقات: الشيوخ والبير (الدعاة) والمريدون، ولا يمكن التزاوج بين طبقة وأخرى أو من خارج الطائفة، ويعتبر إيزيديا فقط من ولد لأبوين إيزيديين.
وبمرور الوقت، دمج الإيزيديون في معتقدهم عناصر من ديانات أخرى. فعلى سبيل المثال، يتم عماد الأطفال في الماء المقدس للاحتفال بدخولهم العقيدة، على غرار المسيحيين، كما يمكن للرجال اتخاذ 4 زوجات كالمسلمين.
تعدّدت الروايات التاريخية حول تاريخ وجود دينهم، حيث يعتقد البعض أن الإيزيديين ودينهم وجد منذ آلاف السنيين، في حين تذهب روايات أخرى إلى أنهم انبثقوا عن الديانة البابلية القديمة في بلاد ما بين النهرين.
وتعود مفردة “الإيزيدية” إلى كلمة “يزدان” التي تعني “عبدة الله الذين يمشون على الطريق القويم”. ويذهب بعض الباحثين إلى أن الإيزيدية من الديانات الهندوإيرانية القديمة، قبل الديانة الزرادشتية التي تعرف تاريخيا بديانات الخصب التي ترتبط فلسفتها وطقوسها بالطبيعة وباكتشاف الزراعة وبدء التحضر، مع وجود بصمات واضحة من ديانات وادي الرافدين القديمة كالسومرية والبابلية والآشورية والميتانية.
الإيزيديون بالأرقام
من بين ما يقارب 1.5 مليون إيزيدي في العالم، يعيش العدد الأكبر -وهو 550 ألفا- في العراق، مع وجود أعداد أقل في المناطق الناطقة بالكردية في تركيا وسوريا. وأسفرت عقود من الهجرة عن توجه أعداد كبيرة من الإيزيديين إلى أوروبا، وخصوصا ألمانيا التي تؤوي نحو 150 ألفا من أبناء هذه الطائفة، إضافة إلى السويد وفرنسا وبلجيكا وروسيا.
ولكن منذ اجتياح تنظيم الدولة سنجار عام 2014، هاجر ما يقارب 100 ألف إيزيدي من العراق إلى أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا وكندا. ولا يزال نحو 360 ألفا يعيشون اليوم في مخيمات النازحين شمال غرب العراق. ولم يتمكن سوى بضعة آلاف فقط من العودة إلى سنجار، حيث لا تزال معظم المنازل أنقاضا والكهرباء والمياه النظيفة والمستشفيات شحيحة.
وتصنف الديانة الإيزيدية على أنها أكثر الأقليات ضعفا في الشرق الأوسط. ويقول الإيزيديون إنهم تعرضوا لـ74 “إبادة جماعية”، من ضمنها هجوم تنظيم الدولة في 2014. وأسوأ تلك الإبادات -وفقا للمجلس الروحاني الأعلى- شهد مقتل 250 ألف إيزيدي قبل مئات السنين.
وسيطر تنظيم الدولة على سنجار شمال غرب العراق في أغسطس/آب 2014، وشن هجوما على الإيزيديين وصل إلى “إبادة جماعية محتملة”، وفقا للأمم المتحدة.
أول حكم في العالم
وحكم القضاء الألماني -أمس الثلاثاء- بالسجن مدى الحياة على عراقي من تنظيم الدولة، بعد إدانته بتهمة ارتكاب “إبادة” بحق الإيزيديين، في حكم هو الأول من نوعه في العالم.
واعتبر قضاة محكمة فرانكفورت أن طه الجميلي (29 عاما) “مذنب بتهمة الإبادة وارتكاب جرائم ضد الإنسانية أفضت إلى الوفاة وجرائم حرب والتواطؤ في جرائم حرب”. وأدين الجميلي بتهمة ترك طفلة إيزيدية في الخامسة من عمرها تموت عطشا وسط الشمس الحارقة في صيف عام 2015 بالفلوجة في محافظة الأنبار غرب العراق، بعدما “اشتراها” مع والدتها “كسبية”.
وبحسب إحصاءات المديرية العامة لشؤون الإيزيدية في وزارة أوقاف حكومة إقليم كردستان العراق، فقد قُتل نحو 1280 إيزيديا، ويُتّم أكثر من 2300 طفل منهم، وتعرض ما يقرب من 70 مزارا للتدمير خلال فترة سيطرة تنظيم الدولة على مناطق واسعة في العراق بين 2014 و2017.
وخطف التنظيم أيضا أكثر من 6400 إيزيدي، معظمهم من النساء والفتيات، نجا منهم نحو 3400 شخص. ومنذ خسر التنظيم آخر جيوبه بسوريا في مارس/آذار 2020، تحرّرت العشرات من النساء والفتيات والفتيان الإيزيديين، وأعيد لمّ شملهم مع عائلاتهم في العراق. أما الباقون فلا يزالون في عداد المفقودين.
وتمّ اكتشاف أكثر من 70 مقبرة جماعية في سنجار تحتوي على رفات ضحايا تنظيم الدولة، واستخرجت بقايا رفات عشرات الضحايا من 12 منها في إطار تحقيق مشترك بقيادة الأمم المتحدة.
إضافة إلى ذلك، تركت بعض النساء اللواتي أجبرن على الإنجاب من مقاتلي تنظيم الدولة، أطفالهن في سوريا المجاورة، كشرط لقبولهن مجددا ضمن الطائفة.