وقفة عند كتاب ( اوجه التشابه بين الطقوس الدينية والدنيوية في حضارة بلاد وادي الرافدين والطقوس الايزيدية ) .
للمؤلف الاستاذ ممتاز حسين سليمان خلو
صدرالكتاب عن دار نون للطباعة والنشر / من 300 صفحة / طبعة اولى لعام 2021م وهو الكتاب السادس للمؤلف ممتاز حسين ويحتوى على ثلاث فصول الفصل الاول فيه الطقوس الدينية والفصل الثاني فيه الطقوس الدنيوية والفصل الثالث يتضمن دورة الحياة والنظام العائلي . على الرغم من كون المؤلف مصاب بشلل نصفي كما يقول في كتابه لكن يشكر ويحمد عمله هذا وصبرة بهذا الابداع والجهد كون التاليف ليس سهلا بل صعبا كالبناء و يحتاج الى قراءات يومية فكرية وعلمية ومصادر موثقة . والكتاب مشبع بالمصادر والمراجع العديدة البالغة اكثر من 761 مصدر.
وهذا الكتاب يختلف عن بقية كتبه كونه يحمل افكاروامور يتطرق اليها لاول مرة والوقفة عند اي كتاب اوعرضه بالشرح والتعليق والنقد لايعني موجه لشخص بالنقض المؤلف او الكاتب ولكنه يناقش ويجادل الفكرة او الفكر الذي يحمله الكتاب ، وله حق الرد فهي وجهة نظر قابلة للرد بالمثل. وبصراحة قرائتي لاي كتاب يحفز الفكر بتنشيط الذاكرة ومراجعة مصادر كثيرة المتعلقة بالبحث والاطلاع.
الكتاب واضح من عنوانه رغم طول العنوان !!، ويبدأ بالتمهيد مع فص /1- وفي ص 20 وص 33 يذكر معنى الطقوس ويقارنها باسهاب مع الطقوس الايزيدية واضيف (بان الطقوس اصل الاديان بل مكون اساس من مكونات الدين اسوة بالمعتقد والاسطورة حسب الباحث فراس السواح) .
وص 27 يذكر القوالين ومرافقتهم لجولة الطاؤوس في مناطق الايزيدية ويكونوا من عشيرة الدوملية حصرا دون غيرهم من قوالي عشيرة الهكارية والماموسية بلا ذكر سبب ذلك ؟ .وص 48 يقول بان القوالين امتداد لكلمة كالو السومرية ويعرفهم بالمنشدين.
ويشير ص43 اوجه الشبه بين المعابد الايزيدية ومعابد بلاد وادى الرافدين من حيث البناء والموسيقى المتمثلة بالدف والشبابة وص 52 يشير الى الشاز والقدوم بقوله انهم الدف والشبابة واعتقد ليسوا كذلك كون الشاز هو آلة البزق او التنبورة حتى عند الاتراك نفس المعنى ، وعند الاداء الموسيقي ( لشاز ايزيد) مثلا يكون دوما بالبزق اوالتنبورة أو الطبل والزرنا ولايرهم بالدف والشبابة ، وكذلك كلمة (القدوم) ربما تعطي معنى اخر مشابه تماما لفكرة نبي ابرهيم عند هدم الاصنام باستخدامه -القدوم – وذكرت في التوراة – ومعنى آخر يأتي بجديد التعليل في كتاب – من اذربيجان الى لالش تاليف احمد ملا خليل وتحقيق د. خليل جندي حيث يقول ص 120 حاشية ( ساز آله موسيقية يعزف او ينفخ : اما قدومه ربما آله موسيقية ولكن اعتقد ان القدوم كناية عن الموت ). ومهما يكن من امر فان الايزيدية لهم فن وموسيقى دينية تعتبرغذاء الروح فان اكثر الاثاريين والباحثين والمؤرخين يؤكدون اهمية الموسيقى في حياة الشعوب ليعتبروها اصل وسند قديم ومن له موسيقى دينية فله حضارة وحصل هذا بسؤال الازيدية هل لكم موسيقى دينية وكان الرد من القواليين باداء موسيقى مميز امام نخبة علماء دين اقتنعوا بالحضارة الموسيقية الايزيدية.
وفي ص 62 يذكر اسم اوتنابشتم مشابها لدور المجيور في الايزيدية بينما يظهر عند ملحمة كلكامش هو نفسه نبي ( نوح ) عند الاديان الحالية والذي قص لجلجامش كيف نال سر الخلود وص 136 يشير الى ذلك دون ذكرانه نبي نوح صاحب الطوفان.
وص 64 يبحث في التوبة عند الايزيدية ليربطها بالايمان وهذا اكيد ، علما التوبة عند الايزيدية ليست في اخر العمر بل تبدأ من الصغر اي جحيلة الشباب وليس عندما تصبح بابير عجوز عندها تكون توبة غير مقبولة وفيها سبقة نص ديني بذلك .
وص 65 وصفحات اخرى من الكتاب نقرأ عن الآله وعن الشمس والقمر والثور والحية والتى هي معتبرة ومبجلة لدى الازيدية لكنها ليست معبودة لان ظواهر الطبيعة بدأت من( تعدد الالهة…الى التفريد …الى التوحيد لكن توصل الانسان بالعقل الى عبادة اله واحد هو الله خودى ولدينا نص بذلك في قول سلافيت جبيرة ((نافي مه زن هه ر خودايه )) أي – يبقى اسم الله هو الاعظم والاكبر- ..
وص 94 يذكر مشكورا تفاصيل احتفالات رأس السنة البابلية اكيتو وعدد ايامها 12 اثنا عشر يوما شارحا ماذا يحصل يوما ب وهذا مفيد كونه مرتبط براس السنة الايزيدية سه رى سال.
وص 104 يدرج اسماء وعدد السماعات في الايزيدية وعددها سبع سماعات – وللعلم كل سماع له نوطة موسيقية خاصة – نظمها ومدونه لدى المربي ( خديدة جمعة اليتيم ) ويذكر المؤلف السماع واختلاف معناه بقول البعض بانها من سما اي رقص ومنهم من قال انها عشب . واقول بانه ليس معقولة ان تكون عشب ولاحتى سما باللغة الكوردية تاتي بمعنى الرقص ولو انه دورات حركات طقس السماع مهيبة ومرتبة لكن لاتعنى الرقص ولو جئنا لمصادر اخرى نرى انه في كتاب اساطير اليهود 5 اجزاء للمؤلف لويس جنز برح ج/2 ص 785وجود صلاة السماع او الشماع بمانصه {{ الشِماع –السماع دعاء مشتق من كلمة (شمع) العبرية ومعناها (إسمع) ويعرف ايضا باسم قرئيات شماع أي قراءة اسمع وتختصر الى قريشاع ويتكون من نصوص تقرأ في الصباح والمساء فقط }} – ولهم صلاة شماع إسرائيل صلاة التوحيد – سفر تثنية 4/6 -. ومهما قيل فان لغة الكلمة سماع حتى لو كانت عربية فهي ليست معربة باي حال ، فأن طقس السماع له رهبة وهيبة روحية تجعلك مندمجا مع الدوران بايمان وقوة جذب حركات دينية منسقة.
وص 146 يتحدث عن منصب شيخ الوزير وموقعة الديني ومعنى كلمة الوزير وربطها بالتاريخ ، وص 149 يكتب عن الالهة السبعة واهمية الرقم 7 عند الازيدية واضافة الى ماقاله فان الارقام 3-4-7 مقدسة دينيا واضيف بانه حتى ارقام التلفون فانه عددها 7 لصعوبة حفظ العقل البشري اكثر من سبعة ارقام ، واضافة ان رقم 3 يعد ذبذبة موجات طاقة الكون وسطوع نجم الاشعري اليمانية رمز الميلاد الجديد في علم الفلك المصرى والطاقة النورانية القصوى في علم الميثولوجيا المصرية .وخلاصة الارقام تقول ان (الرياضيات هي الترجمة الرقمية لقوانين الطبيعة ) كما يقول الكاتب جمشيد ابراهيم.
وص 168 يكتب عن اداء اليمين والقسم وعن التقويم الشمسي والقمرى وعلاقتهم بالاعيادالايزيدية التاريخ وبقية الاقوام والتاريخ.
وص 170 يكتب عن طقوس غسل اليدين والحسد وخلع الاحذية ، واضيف عن نزع الاحذية بقول الغاية من ذلك عند الصوفية تقول ( تفريغ القلب من حديث الدارين ، والتجرد للحق بنعت الإنفراد) ولعل نزع الاحذية يصيبك بركة وادى لالش بركة قدمك وكثيرا مايخلع الصوفية احذيتهم في حضرة شيوخهم واكابرهم ، وابن عربي يقول فيه ( خلع النعلين : إشارة لزوال شفعية الإنسان “) . ولعل وجود قبة مزار شيخ مشلح في مقدمة معبد لالش ابلغ تعبير عن نزع مافي النفس من غل وهًم لدخول وادى الصفاء والنقاء.
ثم يكتب عن العلاج الديني عند الايزيدية واختصاص كل شيخ او بير بعلاج مرض معين بالدعاء والطقوس الخاصة بالشفاء وطلب المغفرة من الخالق.
وص 188 يذكر في قول الايمان بان عين البيضاء قبلتنا اسوة بالشمس التى نتوجه صباحا للقبلة وأضيف بأن الاصل في التوجه لجهة الشمس هو لنور الله المنبثق اول اليوم والى وجه الخالق يمين عرش الله والفردوس الذي موقعه عند الرب جهة الشرق.
وص206 يكتب عن الاسماء الايزيدية ومصدرها ومعناها مثل( شمو )بمعنى عشب و(ميران) بمعنى شبل الاسد وربطهم بالتاريخ القديم ويقتبس عبارة اهمية وجود الاسم لكل شخص بهذه العبارة (لم أمت ولم يٌمت اسمي ).
وص 210 عن التعميد في الايزيدية بقوله يتم في عين البيضاء والزمزم والاصح يكون التعميد للفرد الازيدي في كاني سبي اي (العين البيضاء ) فقط.
وص 213 يكتب عن البسك عند الايزيدية وهو قص خصلة من شعر الطفل ويتم ذلك بمقص شيخ البسك ويقرأ على رأس الطفل دعاء البسك (المقدس) واضيف ماعندى في ذلك من مقال للمرحوم وليد يوسف عطو نقله من كتاب (الرجولة المتخيلة الهوية الذكرية والثقافة في الشرق الاوسط الحديث ) .يذكر فيه بان {طقس الحلاقة الاولى للاطفال اليهود يكون في سن الثالثة مرحلة دخول الروضة الدينية وهو (فريضة توراتية) وختان الاطفال الذكورفي اليهودية وطقس قص الشعر لعبور مرحلة نحو الرجولة في بناء شخصية قوية ذكورية مستقلة }. ونلاحظ ايزيديا اهلنا في سنجار يتركون جدائل كذائل طويلة لعلاقة ان الشعر يعتبر طاقة ولاننسى انهيار قوة شمشون الجبار عندما قصت دليلة شعره.وكذلك عادة لما تقص المرأة شعرها عند موت عزيز لها ؟.
وص 215 يتطرق الى الختان في الايزيدية كفرض اعتمادا على اول من ختن هو النبي ابراهيم لتقديم غلفته كقربان للرب بقطع جزء من جسمه وكان الفراعنه اول من ختن ثم استمد منه اليهود وابتعد الصابئة والمسيحية عن الختان لنجد المسلمون يفرضون ذلك وكون الازيدية من اقدم الاديان فلابد تكون من صفاتهم الختان للرجال فقط وهنا تحضرني – طرفة مؤلمة عند دقة او ابادة الارمن في القرن الماضي حيث تخلص الايزيدية من الذبح والتنكيل وذلك بفحص الناس من هو مختون معفى فهو ليس ارمني و خلصتنا الغلفة من فرمان اخر بالختان ولكن وللاسف الشديد ماحدث لشعب الارمن .
وص256 يكتب عن الدفن في المساكن مبررا ذلك بان المتوفي يعتقد بانه مستمر وكانه واحد من عائلته يجب ان يكون قريب من افراد عائلته بعد وفاته. !
وص 279 يستنتج من كتابه باهمية الطقوس مذكر بالقرابين والاضاحي وان القرابين كانت سابقا يضحي بانسان ويقدم قربانا للاله واضيف بانه سابقا عند موت الملوك كانت حاشيتهم ايضا تدفن معهم ، ومهما يكن فان القرابين تقدم اعتقاداُ بانها تطيل العمر.
وفي الاخيرمشكور المؤلف – أبو تيمور-على هذا الجهد رغم عدم ترجمه بعض السبقات الدينية للغة العربية لكنه كتاب نافع ومفيد كون الطقوس المستمرة هي (كتاب ) وخط مستقيم لكل انسان خاصة وانه في الديانة الايزيدية كان استبعاد القراءة والكتابة وكان يقوم بمهمة التلقين وتعليم النصوص الدينية مباشرة الشيوخ والابيار والمربي وقوالي الايزيدية مما يمكن اعتبارهم { كتاب الايزيدية الحي والمباشر المقروء} في التعليم ويبدا بالتربية ومتابعة الفرد الايزيديى من ولادته كطفل في طقس مسك البسك الى موته بغسله والدعاء عليه بالنصوص المقدس الى أخو ألآخرة .
ديسمبر 2021م