وكالات – كتابات :
خلص موقع (ميدل إيست مونيتور) البريطاني؛ في تقرير له إلى أن المرة الأخيرة التي كان فيها “العراق” خاليًا من التدخلات الخارجية، كان في عهد العباسيين، مشيرًا إلى أنه إذا تشكلت حكومة الأغلبية: “لا الغربية ولا الشرقية”؛ فإنها ستكون الأولى بتاريخ “العراق” المعاصر: كـ”مستقلة”.
وبعدما لفت التقرير البريطاني؛ إلى أن الوطنيين العراقيين يطالبون بشكل طبيعي بأن يكون بلدهم خالٍ من التدخل الأجنبي، وهو ما تم التعبير عنه إزاء النفوذ السياسي المتزايد لـ”إيران”، كذلك من خلال التصورات عن “العراق” كدولة عميلة لـ”الولايات المتحدة”، أضاف أن “العراق” منذ تاريخه الحديث كدولة، لم يكن في الحقيقة دولة مستقلة.
منذ العصر العباسي..
وأشار تقرير (ميدل إيست مونيتور)؛ إلى أنه بالإمكان العودة في التأريخ إلى ما قبل التاريخ المعاصر، وتحديدًا إلى “الخلافة العباسية”، (750م – 1258م)، في المنطقة التي تُمثل “العراق” حاليًا، والتي كانت تتمتع بالاستقلال بشكل حقيقي.
وبرغم ذلك، لفت التقرير إلى أنه تم تهميش الحكام العباسيين في نهاية المطاف وتحويلهم إلى مجرد قوة رمزية بالاسم فقط، مع التنازل عن السلطة الحقيقية للأمراء والوزراء المسيطرين من الفرس والسلاجقة الأتراك، نتيجة لتزعزع “الحكم العباسي” ابتداءً من منتصف القرن التاسع.
وأوضح التقرير أنه بعد سلسلة من الغزوات والحكم لسلالات متعاقبة، من القرن السادس عشر وأوائل القرن الـ 17، فإن “العراق”، وخاصة “بغداد”، تبدلت السيطرة عليه ما بين الإمبراطوريتين: “العثمانية” و”الصفوية” المتنافسة، وأصبح “العراق” بمثابة منطقة عازلة بين القوى السُنية والشيعية في الشرق الأوسط.
وتابع قائلاً أنه: “عندما استعاد العثمانيون، بغداد؛ ومعظم العراق من الصفويين للمرة الثانية، خلال العام 1638، فإنها لم تُعد تحت السيطرة الفارسية مرة أخرى، وبقيت تحت سيطرة العثمانيين حتى وقعت تحت الحكم البريطاني، في العام 1918، أثناء تفكك “الإمبراطورية العثمانية”، فيما بعد الحرب العالمية الأولى”.
في عهد الانتداب البريطاني..
وأضاف التقرير البريطاني أنه جرى تشكيل مملكة عراقية، في مواجهة الثورات في أنحاء البلد ضد الانتداب البريطاني، في العام 1920، بعد ذلك بعام تحت حكم “الملك فيصل”، “الأجنبي”، الذي عينه البريطانيون، في ظل تركيز القوة بين أيدي النخبة الأقلية السُنية المتعلمة، مثلما كان الحال في عهد العثمانيين.
وبعدما أشار إلى أن: “الاستقلال” المفترض للمملكة عن “بريطانيا” لم يحدث إلا في العام 1932، اعتبر التقرير أنه: “هذا لا يعني أنها كانت دولة ذات سيادة، حيث أن بريطانيا، التي تدخلت خلال الحرب العالمية الثانية بسبب انقلاب مؤيد للنازية، في العام 1941، أعادت تنصيب الملك فيصل”، وظل النظام الملكي مستمرًا حتى وقوع الانقلاب العسكري، في العام 1958، الذي عزز “العراق” كجمهورية؛ وأعلن نهاية النفوذ البريطاني في البلد.
أول زعيم مستقل للعراق..
واعتبر تقرير (ميدل إيست مونيتور)؛ أن “عبدالكريم قاسم”، قائد “ثورة 14 تموز”، صار أول رئيس وزراء للجمهورية؛ وأنه يمكن القول أنه كان أول زعيم مستقل لـ”العراق” المعاصر.
ورأى التقرير أن قرار، “عبدالكريم قاسم”؛ الانسحاب من “حلف بغداد”، المؤيد للغرب، وإقامة علاقات أكثر متانة مع “الاتحاد السوفياتي” والاعتماد بشكل كبير على دعم “الحزب الشيوعي العراقي”، سرعان ما ساهم إلى سقوطه، مدفوعًا بالاستياء من قبل القوميين العرب واندلاع ثورة كُردية.
واعتبر أنه: “لم يكن هناك من هو قلق أكثر من الولايات المتحدة؛ التي كانت قد صارت تُظهر اهتمامًا أكبر بالمنطقة في ذروة الحرب الباردة، وخططت وكالة المخابرات المركزية لاغتيال قاسم، بمحاولة فاشلة، في العام 1959، وكان من بين شاركوا فيها، صدام حسين؛ الشاب من بين مجموعة من خمسة بعثيين آخرين، ثم تم إسقاط، قاسم؛ وإعدامه، في العام 1963، بعد الانقلاب البعثي المشتبه بدعم وكالة المخابرات المركزية له”.
التحول إلى الأغلبية الشيعية لأول مرة في تاريخه..
وفيما أشار التقرير البريطاني إلى بداية عهد، “صدام حسين”؛ في الحكم، واندلاع الثورة في “إيران”، ثم بداية الحرب “العراقية-الإيرانية”، لفت التقرير أن “العراق” كان مجددًا بمثابة “منطقة عازلة” من نوع ما، هذه المرة ، بدعم من الغرب ومشايخ الخليج، ليكون كحصن سُني ضد تهديد “إيران” بتصدير ثورتها في المنطقة.
وبعد الغزو الأميركي لـ”العراق”؛ العام 2003، قال التقرير أنه للمرة الأولى في تاريخها الحديث، تحولت السلطة نحو الأغلبية الشيعية، وأنحازت الحكومة إلى “إيران”، التي رحبت بالتخلص من “صدام”؛ ولمحت فرصة لممارسة نفوذها في البلد.
ضعف عراق ما بعد 2003..
وأشار إلى أن: “قضية سيادة العراق وضعفه كدولة؛ هي التي ظلت كمظهر ثابت لحقبة ما بعد 2003″، موضحًا على سبيل المثال، أن “تركيا” و”إيران” قامتا بشكل متكرر بشن ضربات جوية ضد الميليشيات الكُردية في الشمال.
ولفت إلى دور “إيران” في دعم (الحشد الشعبي)؛ للتصدي لظهور تنظيم (داعش) وسيطرته على: 40% من الأراضي العراقية، والحاق الهزيمة به إقليميًا ومنعه من الوصول إلى “بغداد”، ومدن العتبات الشيعية المهمة في الجنوب.
وبعدما أشار إلى وجود تساؤل حول سبب وجود “مجمع السفارة الأميركية” الأكبر من “الفاتيكان”، والأكبر في العالم، اعتبر التقرير أن الأحداث تُظهر أن: “العراق لا يزال غير دولة مستقلة منذ حصوله على الاستقلال؛ ولا يزال عُرضة بدرجة كبيرة للتدخل الأجنبي في شؤونه”، مذكرًا بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء، “مصطفى الكاظمي”.
وختم التقرير بالإشارة إلى أنه بعد اجتماع، السيد “مقتدى الصدر”؛ مع القوى الشيعية التي طعنت بنتائج الانتخابات، قال “الصدر” على (تويتر)؛ إن حكومة الأغلبية العراقية المقبلة ستكون خالية من التدخل الأجنبي.
وأكد التقرير أنه: “إذا أتضح أن هذا صحيح، فسيكون غير مسبوق في تاريخ العراق المعاصر”.