.
هل اللقاحات قادرة على مواجهة سلالة “أوميكرون” من فيروس كورونا؟ ولماذا يخشى بعض العلماء من عدم فعاليتها؟ وهل الجرعة الثالثة من اللقاح تقي من أوميكرون؟.
يحتاج العلماء بحسب تقرير لـ”الجزيرة نت”، إلى مزيد من الوقت للتأكد؛ إذ قالت مديرة المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها الطبيبة والعالمة روشيل والنسكي أمس الأحد إن “ما لا نعرفه بعدُ هو مدى العدوى الذي ستكون عليه، ومدى نجاح لقاحاتنا، وإذا كانت ستتسبب في مرض أشد”.
وقالت إننا “نأمل فعليا أن تنجح لقاحاتنا، إذ إنه إذا لم تنجح في منع المرض تماما، فإنها تمنع الإصابة كليا، حيث يمكن أن تعمل على الوقاية من التعرض لمرض شديد وتحول دون حاجة الناس لدخول المستشفيات”.
وفي برنامج “هذا الأسبوع” على شبكة “إيه بي سي” (ABC) التلفزيونية الأميركية، شددت والنسكي على أنه كلما زادت تحورات سلالة زادت الحاجة لمزيد من الحصانة للوقاية من الإصابة، مضيفة “نحن نمضي فعليا في تطعيم المزيد من الأفراد والمزيد منهم بالجرعات التنشيطية”.
وقالت إننا “نعرف أن الفيروس لديه كثير من التحورات وكثير من هذه التحورات مرتبطة بسلالات أكثر قدرة على العدوى”.
ويرى الخبراء أن الأسابيع القليلة المقبلة حاسمة في فهم إذا كانت سلالة أوميكرون تمثل خطورة شديدة، وهل تستجيب للقاحات الحالية.
وكشفت دراسة لبيانات وبائية في جنوب أفريقيا عن أن خطر عودة الإصابة بسلالة فيروس كورونا الجديدة أوميكرون تبلغ 3 أضعاف مقارنة مع مثيلتها من السلالات الأخرى المتحورة من كورونا، حسب ما أفادت به وكالة بلومبيرغ الخميس، نقلا عن بيان عبر البريد الإلكتروني لمركز جنوب أفريقيا للأمراض الوبائية والتحليل والمركز الوطني للأمراض المعدية.
ونقلت بلومبيرغ عن مؤلفي الدراسة: جولييت بوليام وهاري مولتري قولهما إن النتائج أثبتت وجود أدلة وبائية على قدرة أوميكرون على التهرب من المناعة المكتسبة من العدوى السابقة.
وقال رئيس شركة مودرنا ستيفن هوغ -في تصريح بحسب تلفزيون “إيه بي سي” الأميركي- “أظن أن هناك احتمالا مرتفعا أن نشهد انخفاضا في فعالية اللقاحات”.
وأضاف أن “ما لا أعرفه هو مستوى” التراجع، وتساءل: “هل سيكون مثل ما شهدنا مع دلتا التي ظلت اللقاحات فعالة ضدها، أم سنشهد انخفاضا في الفعالية بنحو 50%، مما سيعني أنه يتعين علينا تعديل اللقاحات؟”
وبدأت مودرنا -مثل شركات أدوية أخرى بينها فايزر- العمل بالفعل على تكييف لقاحها إذا لزم الأمر.
وقال مدير الطوارئ في منظمة الصحة العالمية مايك رايان الجمعة الماضي إنه لا يوجد دليل يدعم فكرة تغيير لقاحات كوفيد-19 حتى تكون ملائمة لمقاومة السلالة أوميكرون.
وأضاف رايان -خلال فعالية نقلتها مواقع التواصل الاجتماعي- أنه رغم ذلك -وإذا لزم الأمر- فإن العمل جار بالفعل في حالة الحاجة إلى لقاحات خاصة بأوميكرون.
وقال رايان “في الوقت الحالي لدينا لقاحات فعالة جدا. نحن بحاجة إلى التركيز على توزيعها بشكل أكثر إنصافا. نحن بحاجة إلى التركيز على حصول الفئات الأكثر عرضة للخطر على التطعيم”.
وقال رئيس شركة بيونتك الألمانية أوغور شاهين -في مؤتمر رويترز نكست- الجمعة الماضي إن شركته قد تكون قادرة على تعديل لقاحها المضاد لفيروس كورونا على نحو سريع نسبيا لمكافحة المتحور الجديد أوميكرون.
وأضاف أيضا أن اللقاحات ستظل توفر حماية من الأعراض الشديدة للمرض رغم التحورات.
وأنتجت بيونتك بالتعاون مع فايزر أحد أوائل اللقاحات المضادة لكوفيد-19.
وتابع “هذه السلالة قد تكون قادرة على إصابة المُطعمين. نتوقع أن المصابين الذين تلقوا التطعيم سيتمتعون بالحماية من الأعراض الشديدة للمرض”.
وأشار إلى أن تحورات الفيروس تعني أن من المرجح أن تصبح التطعيمات سنوية كما هي الحال مع الإنفلونزا الموسمية.
لماذا يخشى البعض من أن لقاحات كورونا الحالية لن تكون فعالة ضد أوميكرون؟
تكمن الإجابة في دراسة نشرت في أيلول الماضي تنبأت -من نواح عديدة- بظهور متغير مثل أوميكرون، أي متغير به عدد كبير جدا من الطفرات، وتقدم الدراسة أيضا رؤى مهمة حول مدى فعالية اللقاحات ضد أوميكرون، وفقا لتقرير في موقع “إن بي آر”.
وفي الدراسة -التي نشرت في دورية “نيتشر”- كان العلماء يحاولون فهم كيف يتعلم فيروس كورونا -واسمه العلمي سارس كوف-2- أن يتفوق على الأجسام المضادة.
لذلك صمم العالم بول بينياس وزملاؤه نسخة فائقة من الفيروس، رغم أنه ليس الفيروس الكامل، فقط كان جزءا منه على وجه التحديد. وركزوا على الجزء سيئ السمعة من الفيروس، بروتين السنبلة “سبايك”، الذي يرتبط بالخلايا البشرية وهو هدف للأجسام المضادة المهمة.
وأخذ الباحثون نحو 20 طفرة ووضعوها جميعا معا في بروتين سبايك واحد، الذي يسمونه “طفرة سبايك متعددة الخواص”. ظهرت هذه الطفرات بالفعل في العديد من المتغيرات حول العالم، ولكنها لم تكن كلها معا.
يقول بينياس “إنها الطفرات التي تحدث بشكل فردي على نحو طبيعي وقمنا بدمجها”. وثبت أنها تساعد الفيروس في تجنب اكتشاف الأجسام المضادة.
ومن المثير للاهتمام -كما يقول بينياس- أن متغير أوميكرون يحتوي على العديد من الطفرات نفسها مثل هذا البروتين الشائك متعدد الخواص، لكنه يقول إن لديها المزيد من الطفرات، إذ بدلا من 20 طفرة فقط على بروتين السنبلة، يحتوي أوميكرون على نحو 30.
بعد ذلك، أخذ بينياس وفريقه أجساما مضادة من الأشخاص الذين تناولوا جرعتين من لقاح “الرنا المرسال” -مثل لقاحات فايزر ومودرنا- أو أصيبوا سابقا بعدوى كوفيد-19، واختبروا هذه الأجسام المضادة ضد بروتين سبايك متعدد الخواص.
ويقول بينياس “كان هذا البروتين الشائك متعدد الخواص مقاوما تماما تقريبا للأجسام المضادة المعادلة في هاتين المجموعتين من البلازما”. ويضيف “بناء على هذه النتائج، نتوقع أن يكون أوميكرون مقاوما بشكل كبير للأجسام المضادة التي تنتشر في الأفراد الذين لديهم نقاهة أو الذين حصلوا على لقاحات الرنا المرسال، ومن الواضح أن حجم فقدان الحساسية لتلك الأجسام المضادة يجب تحديده تجريبيا”.
يقول كبير المستشارين العلميين لشركة فايزر الدكتور ميكائيل دولستين “نظل متفائلين بحذر أنه بعد 3 جرعات ستحصل على بعض الحماية المفيدة”.
ويقول عالم الفيروسات جيريمي لوبان في كلية الطب “يو ماس تشان” إن الأمل أن الحماية من الأمراض الشديدة ودخول المستشفى ستستمر.
ويضيف لوبان أن “الأجسام المضادة هي الأداة الأساسية التي يستخدمها جسمك لإيقاف العدوى الأولية لكورونا، لكن حتى لو انخفضت فعالية الأجسام المضادة الخاصة عندك بمقدار 10 أو 20 ضعفا، فقد يظل ذلك كافيا لمنعك من الذهاب إلى المستشفى”.
بالإضافة إلى ذلك، هناك مكونات أخرى لجهاز المناعة، مثل الخلايا التائية، التي يمكنها التخلص من العدوى بسرعة في حالة حدوثها؛ وبالتالي تساعد في حمايتك من الأمراض الخطيرة بشكل عام، من غير المرجح أن تفقد الخلايا التائية فعاليتها عندما يتحور الفيروس.
على سبيل المثال، لدى الدكتور أنطونيو بيرتوليتي وفريقه في كلية طب “ديوك ناس” بيانات أولية تظهر أن نشاط الخلايا التائية لا يزال مرتفعا جدا حتى ضد بروتين سبايك متعدد الخلايا المشابه للبروتين الذي أنشأه بينياس وزملاؤه.
وكتب أعضاء مختبر بيرتوليتي على تويتر “الخلاصة: الصورة لا تبدو مروعة للخلايا التائية”.
يقول كبير المستشارين الطبيين للبيت الأبيض وعلماء الأوبئة وعلماء المناعة أنتوني فاوتشي إنه في الوقت الحالي تعد المعززات (جرعة اللقاح الثالثة) أفضل دفاع ضد سلالة أوميكرون الجديدة وسلالة دلتا شديد القابلية للانتقال، وفقا لتقرير في إن بي سي لبيركلي لوفليس جونيور.
وقال فاوتشي الجمعة الماضي -في إحاطة فريق استجابة كوفيد-19 بالبيت الأبيض- إن الدراسات تظهر أن جرعة إضافية من لقاحات كوفيد الحالية ستزيد مستويات الأجسام المضادة ضد جميع السلالات، مضيفا “هناك كل الأسباب للاعتقاد بأنه إذا تم تطعيمك وتعزيزه، فستحصل على الأقل على درجة معينة من الحماية المتبادلة (حماية من سلالة أخرى من الفيروس)، ومن المحتمل جدا ضد المرض الشديد، وحتى ضد متغير أوميكرون.
تعمل لقاحات فايزر-بيونتك ومودرنا وجونسون أند جونسون على لقاحات خاصة بأوميكرون لاستخدامها ضد المتغير الجديد إذا أظهرت الاختبارات المعملية انخفاضا كبيرا في الحماية من الأمراض الشديدة، رغم أن الأمر قد يستغرق شهورا قبل أن تكون جاهزة للتوزيع.
ومع ذلك، لا يزال هناك نقاش بين بعض خبراء الصحة بشأن إذا كان من المناسب استخدام اللقاحات الحالية كمعززات ضد السلالات الجديدة والناشئة، حيث لا تزال اللقاحات مصممة لاستهداف الشكل الأصلي للفيروس الذي تم تحديده أواخر عام 2019.
وقال الدكتور بول أوفيت خبير اللقاحات في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا إن السؤال هو إذا واصلت التعزيز بلقاح يهدف أساسا إلى إجراء استجابة مناعية ضد سلالة الأجداد (السالة الأصلية من فيروس كورونا) فهل سيحد ذلك من قدرة الجسم على تحقيق استجابة مناعية لفيروس يختلف كثيرا عن أسلافه (أي سلالة أوميكرون).
يصف أوفيت ظاهرة يطلق عليها علماء المناعة “أوريجينال أنتيجنيك سين” “الخطيئة الأصلية للمستضد”، حيث يعتمد نظام المناعة في الجسم على ذاكرة أول لقاء له مع فيروس، مما يؤدي أحيانا إلى استجابة مناعية أضعف عندما يواجه لاحقا نسخة أخرى من الفيروس.
قال أوفيت -وهو أيضا عضو في اللجنة الاستشارية للقاحات في إدارة الغذاء والدواء- إن اللقاحات يمكن أن تنشط هذه الظاهرة أيضا، ومن الأمثلة على ذلك فيروس الورم الحليمي البشري. وأضاف أوفيت أنه من الناحية النظرية يمكن أن ينطبق على كوفيد-19 أيضا.
وقال إن بعض الخبراء جادلوا بأنه قد يكون من الأفضل لأولئك الذين ليسوا معرضين لخطر الإصابة بمرض شديد الانتظار للحصول على جرعة معززة حتى يتوفر خيار محدد.
وكتب أوفيت -مع فيليب كراوس وماريون جروبر، وهما مسؤولان سابقان في إدارة الغذاء والدواء الأمريكية- مقال رأي نشر يوم الاثنين في صحيفة واشنطن بوست يجادل بأن الحقن المعزز يجب أن يقتصر على أولئك المعرضين لخطر كبير للإصابة بأمراض خطيرة، مثل كبار السن وأولئك الذين العيش أو العمل في أماكن شديدة الخطورة، مثل العاملين في مجال الرعاية الصحية.
وقالوا إن الجرعتين الأصليتين من لقاحات الرنا المرسال (فايزر-بيونتك ومودرنا) لا تزال تعمل مع معظم البالغين الأصحاء.
وقالت إلين فوكسمان عالمة المناعة في جامعة ييل إنه حتى لو أدى التعزيز باللقاح الأصلي إلى جعل اللقاحات المستقبلية أقل فعالية، فليس من الحكمة انتظار جرعة متغيرة محددة للحصول على دفعة.
وقالت إن المحصلة النهائية أن هناك فيروسا يهدد الحياة لا يزال ينتشر في جميع أنحاء البلاد، وثبت أن اللقاحات الحالية تحمي منه.
هل ستكون اللقطة الحالية جيدة كما كانت ضد الفيروس الأصلي؟ تقول إلين ربما لا، لكنها ستوفر على الأقل بعض الحماية ضدها.
الجواب اتبع إرشادات التطعيم في بلدك، إذا وجهت السلطات الصحية في بلدك بالحصول على الجرعة الثالثة فعليك تلقيها.
من الواضح أن الجرعات المعززة من لقاحات كورونا ترفع مستويات الأجسام المضادة، وتقوي دفاعات الجسم ضد العدوى، وقد تساعد في تعويض أي مزايا اكتسبها أوميكرون من خلال التطور.
أيضا قد تؤدي الجرعات الإضافية إلى إبطاء الانتشار -على الأقل- مما يؤدي إلى توفير الوقت لصانعي اللقاح لتطوير تركيبة خاصة بأوميكرون، إذا لزم الأمر.