لا يوجد فرق كبير بين درجة الحرارة داخل خيمة سميرة وخارجها، فالبرد قد تسلل الى داخل الخيمة وهي لا تستطيع أيقاد المدفئة أغلب الأوقات بل تضطر لأن تجعل أطفالها يتدفؤون بالملابس الاضافية والأغطية.
في برد الشتاء القارس، توقد سميرة المدفأة النفطية لساعتين فقط خلال اليوم، لأنها لم تستلم حصتها من النفط الأبيض ولا تستطيع تحمل كلفة شرائه من السوق.
عمر أصغر أطفال سميرة أربعة أشهر، لديها سبعة أطفال آخرين وتخشى أن يصابوا بالمرض بسبب البرد.
“اشترينا 40 لتراً فقط منذ أسبوع ونأمل أن يكفينا لأطول فترة، يجب أن نوقد المدفأة فقط أثناء الأيام الممطرة والباردة جداً”، تقول سميرة بدل (37 سنة).
تقيم اسرة سميرة في مخيم كبرتوو للنازحين بمحافظة دهوك، درجة الحرارة في دهوك، حسب الأنواء الجوية في اقليم كوردستان، تتراوح بين 7 الى 12 درجة مئوية وتنخفض أكثر أثناء هطول الأمطار والثلوج في المناطق الجبلية.
تعيش سميرة وأطفالها في ذلك المخيم منذ سبع سنوات، بعد أن نزحت من قرية تل القصب التابعة لقضاء سنجار عقب هجمات تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش).
منذ بدء موسم البرد والأمطار خلال العام الحالي، لم يستلم النازحون في محافظة دهوك حصصهم من النفط الأبيض لا من الحكومة العراقية ولا من حكومة اقليم كوردستان.
“يماطلون في توزيع النفط من اسبوع الى آخر، سئمنا من الوعود ونعاني أوضاعاً معيشية صعبة ومريرة”، وقالت سميرة لـ(كركوك ناو)، “نحتاج على الأقل الى برميلي نفط في فصل الشتاء، لكنهم وزعوا علينا برميلاً واحداً فقط العام الماضي، اضطررنا لشراء المزيد بأنفسنا.”
يتراوح سعر برميل النفط الأبيض في الأسواق بين 150 ألف الى 180 ألف دينار.
هذا المبلغ كثير بالنسبة لعائلة سميرة، فزوجها يبيع الباقلاء وهي ربة بيت، “لا نعرف هل نصرف المبلغ القليل الذي يكسبه زوجي من أجل توفير احتياجات العائلة اليومية أم لشراء النفط الأبيض، وليس هناك أحد يقرضنا بعض المال لكي نشتري به النفط الأبيض”، حسبما قالت سميرة.
كل عائلة نازحة تستلم في المرحلة الأولى على 40 لتراً من النفط الأبيض الذي توزعه وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، وفي المرحلة الثانية 100 لتر أما في المرحلة الثالثة فتحصل كل عائلة على 60 لتراً إضافية، لكن عملية التوزيع تأخرت هذا العام.
وتبلغ كلفة 100 لتر من وقود التدفئة التي توزعها الحكومة 16 ألف دينار.
لا أعرف كيف أقي أطفالي من البرد، تجدهم أغلب الوقت يقبعون تحت الأغطية
زيدان خلف، من أهالي مجمع سيبا شيخ خدر بسنجار ويقيم في مخيم باجيد كندالا في قضاء زاخو بمحافظ دهوك منذ عدة سنوات.
“العام الفائت استلمنا 100 لتر واشتريت برميل نفط آخر لكي يكفينا طوال الشتاء، لكننا لم نستلم أي شيء هذا العام، الأجواء باردة ولا نستطيع البقاء بهذه الصورة”، ولفت زيدان في حديثه لـ(كركوك ناو) بأنه يشتري 20 لتراً من النفط الأبيض كل بضعة أيام.
ويقول زيدان بأن الخيمة لا تدفأ كما يجب حتى وإن أوقدنا فيها المدافئ، لذا فإن برميلي نفط لا تكفي أغلب العوائل طوال الشتاء، معاناة النازحين ليست في الشتاء فقط، وأحوالهم في الصيف ليست أحسن مما هي عليها الآن بسبب قلة ساعات التزويد بالطاقة الكهربائية.
درجات الحرارة في المناطق التي تعيش فيها الغالبية العظمى من النازحين، بالأخص في دهوك ومناطق أخرى من اقليم كوردستان أقل مقارنة بمحافظات العراق الأخرى، لذا فمن الطبيعي أن يحتاجوا الى كميات أكبر من وقود التدفئة.
أسكندر محمد أمين، مدير دائرة الهجرة والمهجرين العراقية في دهوك قال لـ(كركوك ناو)، “لم تستلم اية عائلة نازحة في دهوك حصتها من النفط الأبيض، والسبب يعود الى وزارة الهجرة والمهجرين و وزارة النفط، اللتين تقولان بأن هناك حسابات وإجراءات بينهما بحاجة لأن تستكمل قبل البدء بتوزيع النفط على النازحين.”
وأوضح اسكندر بأن وزارة الهجرة والمهجرين تشتري النفط الأبيض من وزارة النفط سنوياً وتوزعها على النازحين مقابل مبلغ رمزي.
“لكن ما ذنب النازحين لكي ينتظروا استلام حصتهم من النفط خلال هذا الشتاء؟”، على حد قول المسؤول في دائرة الهجرة.
يتواجد أكثر من 664 ألف نازح في اقليم كوردستان، أغلبهم يعيشون في دهوك و يتوزع قسم منهم على 16 مخيماً في تلك المحافظة، حسب احصائيات حكومة اقليم كوردستان.
بير علو كجل، مدير مخيم خانكي، قال لـ(كركوك ناو) بأن قاطني المخيم يسألونه يومياً عن موعد البدء بتوزيع النفط الأبيض عليهم، دون ان يكون بجعبته جواب لأي منهم، لأن موعد التوزيع غير محدد.
“بعض العوائل النازحة ليست لديها القدرة على شراء 5 لترات من وقود التدفئة، لذا يضطرون لتدفئة أنفسهم بالأغطية أو باستخدام المدافئ الكهربائية، رغم شحة الكهرباء.”
ويقول بير علو بأن النازحين استلموا كمية قليلة من النفط العام الماضي مقدارها 100 لتر، لكنهم لم يستلموا الـ100 لتر الأخرى ضمن الوجبة الثانية، واشار الى أن بعض المنظمات كانت تزود النازحين بوقود التدفئة لكن ذلك أيضاً قد توقف الآن.
يتردد قسم كبير من النازحين في العودة الى مناطقهم الأصلية بسبب تردي الأوضاع الأمنية وقلة الخدمات والدمار الذي تعرضت له منازلهم.
وقال مدير دائرة الهجرة والمهجرين في دهوك، “توزيع النفط الأبيض لهذا العام تأخر شهرين عن موعده، لا تزال حصة المرحلة الثانية من العام الماضي موجودة في مخازن الوقود، لكن توزيعها متوقف على قرار الوزارة، وقد أجرينا استعدادات لذلك، لكن موعد وآلية عملية التوزيع لهذا العام لم يتضح بعد”، حسب أسكندر محمد.
عمار عزيز – دهوك