الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Homeاخبار عامة"ثلاثة أطباء نفسيين لكل مليون شخص"أسباب ارتفاع معدلات الانتحار في العراق

“ثلاثة أطباء نفسيين لكل مليون شخص”أسباب ارتفاع معدلات الانتحار في العراق

واحد من كل أربعة عراقيين يعانون من هشاشة نفسية في بلد يوجد فيه ثلاثة أطباء نفسيين لكل مليون شخص
وفق منظمة الصحة العالمية يعاني واحد من كل أربعة عراقيين من هشاشة نفسية.

 

لا يكاد يمر يوم في العراق إلا ويتم فيه الإعلان عن تسجيل حالات انتحار لشبان وشابات وبمختلف مناطق البلاد، في مؤشر مقلق للسلطات ويستوجب اهتماما أكبر بالصحة النفسية في البلاد، وفقا لخبراء.

وشهدت الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي نحو 200 حالة انتحار، بعضها نقل مباشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فيما تؤكد وزارة الداخلية العراقية أن حالات الانتحار المسجلة عام 2021 بلغت 772 حالة، وهي أكثر بنحو 100 حالة عن العام الماضي.

ووفقا للمتحدث باسم الوزارة، خالد المحنا فإن حالات الانتحار بدأت بالارتفاع منذ عام 2016، الذي أشار إلى أن “الفئات العمرية أقل من 20 سنة كانت نسبتهم 36.6 في المئة، ومن الـ 20 إلى 30 عاما كانت نسبتهم 32.2 في المئة، أما نسبة الذكور فتشكل 55.9 في المئة، والإناث 44.8 في المئة”.

ويرى خبراء نفسيون عراقيون أن هناك عدة أسباب أدت لهذا الارتفاع وتفاقم أزمة ظاهرة الانتحار في البلاد، منها انتشار تعاطي المخدرات وافتقار العراق بقوة إلى علاجات نفسية للذين يحاولون وضع حد لحياتهم.

المخدرات والحروب

يقول أستاذ الصحة النفسية، لبيب صبحي، إن انتشار تعاطي المخدرات بكثرة خلال السنوات الماضية، يعد أحد أبرز الأسباب التي ادت لارتفاع حالات الانتحار”.

ويضيف صبحي في حديث لموقع “الحرة” “أشرنا زيادة في نسبة الانتحار في العراق بنحو ثلاثة أضعاف مقارنة بقبل خمس سنوات”، مبينا أن من بين الأسباب التي أدت لذلك “هو تراجع الظروف الاقتصادية والبطالة وإدمان المخدرات، ومؤخرا جائحة كورونا التي تسببت بأمراض نفسية كالاكتئاب، والانفصام، والوسواس، وغيرها”.

ويشير صبحي إلى أن “الحروب والكوارث التي مر بها العراق زادت من الضغوط النفسية في المجتمع، واليوم هذه المشاكل مستمرة، وأضيف لها إدمان المخدرات وقلة مراكز الدعم والاستشارات فاقم من الأزمة”.

ووفق منظمة الصحة العالمية، يعاني واحد من كل أربعة عراقيين من هشاشة نفسية في بلد يوجد فيه ثلاثة أطباء نفسيين لكل مليون شخص، في مقابل 209 أشخاص في فرنسا مثلا.

وتشير المنظمة إلى أن واحدا من كل عشرة أشخاص تقريبا، أي حوالي 792 مليون شخص على مستوى العالم، يعانون من اضطراب نفسي أو اضطراب متعلق بتعاطي المواد المخدرة، وهذا يشكل 10 في المئة من العبء العالمي المترتب على هذا المرض.

وفي العراق، يتزايد الطلب على الخدمات النفسية وسط تفشي جائحة كوفيد-19 والتي لا تزال من المجالات ذات الأولوية القصوى التي تتطلب دعما مستمرا.

القضاء على “وصمة عار”

وتقول الخبيرة في مجال علم النفس، هبة الكروي، إن “مستوى الثقافة النفسية في المجتمع العراقي متدنية جدا، وهناك دائما سخرية من المريض النفسي وحتى الطبيب النفسي”.

وتضيف الكروي لموقع “الحرة” أن “كثيرين في العراق يعتبرون المريض نفسي ‘مجنونا’ أو ‘مختلا عقليا’ وغيرها من الأوصاف التي تجعل منهم يترددون في الحصول على استشارة نفسية”.

وتشير إلى أن “وصمة العار المرتبطة بالمرض العقلي تترك الكثير من العراقيين بلا حيلة، حيث تعيش أسرهم في حالة من الإنكار وينقلونهم إلى غرف الطوارئ ويعرضونهم على الأطباء العاديين بدلا من الأطباء النفسيين”.

وتضيف الكروي أن العراق يعاني من قلة الأطباء النفسيين، “لأن الناس تلجأ في كثير من الأحيان لأطباء من اختصاصات أخرى أو للمشعوذين والدجالين، مما يجعل الإقبال على دراسة الطب النفسي ضعيف جدا لقلة مردوده المالي”.

تقول منظمة الصحة العالمية إن إنفاق العراق على الصحة النفسية لا يتجاوز نسبة اثنين في المئة من ميزانيته للصحة، وذلك رغم حقيقة أنه في مقابل كل دولار أميركي يستثمر في تعزيز علاج الاضطرابات الشائعة مثل الاكتئاب والقلق، يتحقق عائد قدره خمسة دولارات أميركية في مجال تحسين الصحة والإنتاجية.

وكذلك تشير المنظمة إلى أن جائحة كوفيد-19 أبرزت العديد من القضايا ومن أهمها الصحة النفسية وعلاقتها بالرفاه العام.

وتضيف أن القيود المفروضة على الحركة والتجمعات وفقدان الوظائف ووفاة الأقارب والأحباء والانتشار الواسع للإصابات بكوفيد-19 أثرت على الصحة النفسية للناس في كل مكان، وانتشرت تقارير عن زيادة في عنف الأزواج والشركاء، وارتفاع معدلات الانتحار.

وأكد المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، السبت، أن الحكومة العراقية شكلت لجانا متخصصة لدراسة ما “ظاهرة الانتحار، والخروج بمعطيات تبين أسبابها ونسبتها مقارنة بدول الجوار”.

وتحدث المحنا عن أسباب ارتفاع حالات الانتحار ومنها “أسباب تتعلق بالتفكك الأسري والعنف الأسري والوضع الاقتصادي، إذ يشكل الفقر 13 في المئة، والبطالة 9.5 في المئة، والأسباب الدراسية وعدم تحقيق الطموح 13.38 في المئة، والفشل الدراسي 5.5 في المئة”.

وتابع المحنا أن الدراسة التي أعدتها الوزارة حول حالات الانتحار “خلصت إلى مجموعة من الحقائق، وقدمت عدة توصيات”، ومنها ما يتعلق بتعزيز قسم الدعم النفسي في وزارة الصحة، وزيادة الدعم المقدم من وزارة الشباب والرياضة لأفراد المجتمع، بهدف المساهمة في إشغال وقتهم ومساعدتهم على ممارسة هواياتهم.

ويقول الطبيب النفسي، فارس الموسوي، إن “في العراق لا توجد سوى مستشفى واحد للتعامل مع المشاكل النفسية، وهو غالبا ما يكون للمرضى المصابين باضطرابات عقلية ويعرف محليا باسم ‘مستشفى المجانين'”.

ويضيف الموسوي لموقع “الحرة” أن هناك عدة حلول يمكن اللجوء لها لتحسين الصحة النفسية والتقليل من حالات الانتحار، ومنها “نشر ثقافة الطب النفسي وجعلها أسلوب حياة، حالها حال الذهاب للطبيب العادي، وإنهاء مسألة وصمة العار التي تسود في المجتمع عند الحديث عن الحاجة للحصول على استشارة نفسية”.

ويتابع أن “دور الحكومة ضعيف في هذا الجانب، حيث نحتاج إلى دمج الصحة النفسية بالرعاية الأولية، ليتمكن الجميع من الحصول عليها”.

*إن كنت أنت أو شخصا تعرفه بحاجة إلى المساعدة، يمكنك التواصل مع خط النجدة في العراق لطلب المساعدة (104) أو يمكن الاطلاع على هذه القائمة للتزود بالأرقام وفقا للبلد الذي تعيش فيه.

 

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular