الأحد, نوفمبر 24, 2024
Homeاخبار منوعةهل يوجد تمييز عنصري بحق أبناء المهاجرين في المدارس السويدية؟

هل يوجد تمييز عنصري بحق أبناء المهاجرين في المدارس السويدية؟

أظهرت دراسة أجرتها هيئة مكافحة التمييز الألمانية شملت أكثر من 9200 شخص من عدة مدن ألمانية ينحدر 75 بالمائة منهم من أصول مهاجرة أن الأشخاص المنحدرين من أصول أجنبية يشعرون بالتمييز ضدهم خاصة في المصالح الحكومية وسوق العمل.
.

مقال منشور على الموقع الرسمي لحزب اليسار

لم يستغرق الأمر أكثر من 3 عقود لتصبح السويد – الدولة ذات المدارس الأكثر مساواة في العالم – واحدة من أكثر الدول المتقدمة التي تشهد التمييز والفصل العنصري في مدارسها. لكنّ ذلك ليس ناجماً بالضرورة عن عنصرية الأهالي، بل هو أحياناً نتيجة للتفكير العملي للتآلف مع الواقع.

أين تكمن المشكلة؟ وما هو حلّها؟

قصّة اختفاء الأصليين!

لدى نافيد خان – وهو نفسه مهاجر إلى السويد في ثمانينات القرن الماضي – ولدان يدرسان في مدرسة إيلبودا Igelboda  في منطقة Saltsjöbaden  ببلدية ناكا في ستوكهولم. المدرسة جيدة، والتلاميذ متحمسون، والمدرسون جيدون، والتنسيق مع الأهل جيد. هناك مشكلة وحيدة: المدرسة معزولة عرقياً.

يقول خان بأنّ مدرسة ولديه القديمة في فيسكساترا Fisksätra في ناكا لم تكن تملك مدرسين مؤهلين، وكان فيها الكثير من التلاميذ الذين يحتاجون المساعدة ولا يجدونها. لهذا قام في 2018 بنقل ولديه إلى مدرسة إيلبودا.

كانت المدرسة الجديدة تحوي في وقتها مزيجاً عرقياً من التلاميذ: المهاجرون وذوي الأصول السويدية. ثمّ في 2019 أغلقت مدرسة فيسكساترا، فانتقل الكثير من التلاميذ من أصول مهاجرة إلى مدرسة إيلبودا.

لم يستغرق الأمر أكثر من بقيّة الموسم الدراسي ليختفي جميع التلاميذ من أصول سويدية. انتقلوا جميعهم إلى سامسكولان Samskolan القريبة. كان واضحاً أنّ أهل التلاميذ يختارون المدرسة بناء على خلفية التلاميذ العرقية، لا أحد يمكنه أن ينكر الأمر.

FotoFredrik Sandberg/TT

ليسوا عنصريين!

خلال عامين، تحوّلت نسبة التلاميذ في مدرسة إيلبودا من 50% ذوي أصول مهاجرة، إلى 90%.

يؤكد خان على أنّ الأمر لا يتعلق دوماً بالعنصرية تجاه المهاجرين، فأهالي التلاميذ من أصل سويدي قلقون من أنّ يضطرّ المدرسون لإيلاء كامل وقتهم للمهاجرين، أو أن يصبح الأمر بشكل أو بآخر فوضوياً ومضراً لتحصيل أبنائهم الدراسي.

لكن ما الذي ينتظره هؤلاء من أبنائهم عندما يكبرون؟ أو من أبناء المهاجرين الذين يتم عزلهم عرقياً؟ هؤلاء الذين يتم عزلهم والتمييز بينهم منذ المدرسة الابتدائية، كيف سيتصرفون بشكل مختلف عندما يكبرون؟ هل ننتظر منهم أن يختلطوا اجتماعياً هكذا من العدم؟

ما نعيشه اليوم طريقة مضمونة لخلق مجتمعين متوازيين، ومضمونة لتعزيز سياسة الإقصاء.

FotoPontus Lundahl/TT

أين الموارد؟

يتحدث خان عن تجربته المدرسية في 1991، فيقول: كنّا 30% من أصول مهاجرة، وكنّا نهرع لتعلم السويدية من كلّ ما حولنا: من النادي الرياضي والموسيقى والرياضيات وكلّ شيء يحوي لغة. وكان الأمر ناجحاً مع وجودنا في الصف مع التلاميذ من أصول سويدية.

لماذا لم يعد ينجح الأمر اليوم إذاً؟

كلمة السر: الموارد. كان هناك موارد أكبر مخصصة للمدارس، وكان هناك خطط وبرامج لكيفية تلقي الأطفال من أصول مهاجرة المساعدة التي يحتاجونها.

لطالما شعر الكثير من المهاجرين، ومن بينهم خان، بأنّهم لا يمكن أن يصبحوا مقبولين كسويديين حقيقيين. لكن في نشأته، كان لا يزال هناك فرصة وبرامج كثيرة تضمن إمكانية أن يكون المهاجرون جزء من المجتمع.

من مسؤوليات الحكومة السويدية أن توفر الدعم اللازم لاستمرار هذه الفرص بالوجود، وزيادتها بحيث لا يرى المهاجرون ولا السويديون في الفصل طبيعة يجب التعايش معها.

FotoFredrik Sandberg/TT

على طول البلاد

لا يقتصر أمر التمييز والفصل على مكان دون آخر في السويد. يقول بيتر ساندغرين Petter Sandgren ، الباحث المدرسي في جامعة ستوكهولم، أنّ مسألة التمييز والفصل بين الأطفال ليست شيئاً جديداً، وبأنّه يحدث على طول البلاد.

يقول ساندغرين بأنّ فكرة حرية اختيار المدرسة تمّ تقديمها في البدء بحيث يمكن للأوصياء على التلاميذ أن يختاروا التعليم الأكثر ملائمة لأطفالهم. ما عناه هذا في الواقع هو أنّ الأهل اختاروا ما يعتقدون بأنّهم زملاء الدراسة الأفضل لأبنائهم.

يمكن رؤية ذلك بوضوح في النقاشات العامة حول المدارس، فهم يتحدثون عن المدارس “الجيدة” والمدارس “الفوضوية” قاصدين التفريق بين المدارس على أساس ما تحويه من تلاميذ من أصول مهاجرة. أمّا ما يحققه التلاميذ في المدرسة من تحصيل علمي، وكيف يعيشون تجربة المدرسة، فبات أقلّ أهميّة.

FotoHenrik Montgomery/TT

مستفيد خفي

في الحقيقة هناك من لديه المصلحة لإظهار مدارس البلديات وكأنّها فوضوية وعديمة الأمان: إنّهم المدارس المستقلة الخاصة الذين يستخدمون هذا الخطاب لجذب أهالي التلاميذ.

يؤكد ساندغرين بأنّ أبحاثهم عن الصورة الفوضوية وعن التنمر في المدارس والتحرش لا تظهر فارقاً بين مستوياتها في المدارس البلدية والمدارس المستقلة.

تحاول المدارس المستقلة التركيز على درجات تلاميذها الأعلى من البلدية كنوع من التسويق، ولكنّها غير قادرة على جعل هؤلاء التلاميذ ذوي الدرجات المرتفعة يحققون نتائج جيدة في الاختبارات الوطنية أو في اختبارات الدخول للجامعة. لهذا يصبح التمييز والفصل ودعاية الفوضى شديدة الأهمية بالنسبة لهم.

المشكلة أنّ المدرسة، وهي التي جزء من مهمتها سدّ الفجوات في المجتمع، باتت اليوم تعمل عكس ذلك تماماً. يقول ساندغرين بأنّ الفصل العنصري هو في المقام الأول مسألة متعلقة بالإسكان، ولكن باتت المدرسة تلعب دور قوة دافعة رديفة، حيث فشلت مسألة الاختيار الحر للمدرسة من الناحية العملية في المساعدة على الاندماج.

FotoHenrik Montgomery/TT

ما الحل؟

يقول ساندغرين بأنّ الحل على دفعتين: قصير الأمد وطويل الأمد:

قصير الأمد: إزالة طوابير المدارس ومنح المدارس موارد أكبر بكثير تمكنها من تخطي المشاكل القاتلة التي تعيشها من حيث البرامج والمدرسين.

طويل الأمد: تغيير شكل حرية اختيار المدرسة المعمول به حالياً، والسماح لتجمعات المدارس بتعيين الأماكن التي يجب على التلاميذ الالتحاق بها بما يراعي دمج العديد من أماكن السكن. هذا هو الحل المعمول به في فنلندا، وهم لا يعانون من مشاكل الفصل التي تعاني منها السويد.

 

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular