الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Homeاراءرمزية الدائرة في المعتقدات الدينية القديمة: صباح كنجي

رمزية الدائرة في المعتقدات الدينية القديمة: صباح كنجي

رمزية الدائرة في المعتقدات الدينية القديمة

 

اهداء الى الصديق الروائي حمودي عبد محسن..

 

الرموز الدينية لدى الشعوب والأجناس البشرية.. تشكل المدخل الرئيسي لفهم وإدراك جوهر المعتقدات التي طورت مفاهيمها.. في مراحل مختلفة من الزمن.. واتخذت من الدوائر والصلبان والأشكال الهندسية كالمثلث والمربع والخطوط المستقيمة.. وغيرها من الاشكال المحورة.. رموزاً تعكس جزء من مكونات معتقداتها الدينية.. في مراحل تاريخية متباينة.. من تفاعل الانسان مع الطبيعة والكون.. وتجلياتها التي اتحدت بالشمس والقمر والنجوم والرعد والمطر.. وما يحيط بهم من مخلوقات وحيوانات بداية..

قبل ان تدخل ـ في فترات لاحقة ـ في قوامها الطيور والأسماك والنباتات كرموز فرعية تابعة.. أصغر شأناً.. مع نشوء مفاهيم الطوْطمْ.. لتصبح رموزاً محلية دخلت في صلب المعتقدات الدينية.. في الحواضر والمدن التي سكنتها المجموعات البشرية الأولى.. مع اكتشاف الزراعة..

لتشكل بدورها حلقة مهمة.. في تطور الفكر الديني لدى الشعوب والأجناس البدائية.. التي تواجدت في بلاد ميزوبوتاميا.. ومن ثم ما بين النهرين قبل انْ تتحول التسمية الى بلاد الرافدين.. ومن ثم العراق لاحقاً.. وهي أحدث تسمية استخدمتها المجموعات السكانية فيه.. وفقاً لمكتشفات علم الآثار يعود تاريخها للقرن الثاني عشر قبل الميلاد.. ورد فيها اسم إقليم أريقا.. ويترافق هذا الزمن مع العهد البابلي الوسيط.

ويمكن التأكيد ان لهذه المجموعات البشرية.. على اختلاف مواقعها وتسمياتها.. رموزاً اختارتها لتصبح جزء مكملا لوجودها.. او دالة تعريفية عنها.. تفرقها عن بقية المجموعات والأجناس.. التي تواجدت فيما كان يعرف بدويلات المدن..

ابتداء من الوركاء وأور ولكشْ وكيش وبابل ونينوى وسامرا وايسن وغيرها من الحواضر التاريخية.. التي شكلت المفاهيم الدينية جزء متمماً ومكملاً لتطور العمران والحياة فيها.. وبالتالي تحولت المعابد مع الزمن.. لتصبح ركناً مهماً من اركان الدولة الامبراطورية وجهازها الاداري والعسكري.. الذي كان يخضع للحاكم ـ الإله الامبراطور ـ الحامل لصولجان السماء ورايات الشمس وبيارق الدين المبجلة.. بمحتواها ومفاهيمها المعظمة.. لدى البعض من المدن المتصارعة.. والتي يسخر منها الآخر.. وفقاً لموقفه وموقعه في بقية المدن.. التي دخلت الظاهرة الدينية او ما يمكن قوله من توظيف للدين في صلب الصراعات الاجتماعية.. مع بدء توظيف الدين في السياسة منذ غابر الازمان..

إذ تؤكد النصوص المدونة في العهد السومري توظيف الدين في السياسة من ذلك العهد.. وما قبله من قبل الكهنة والحكام.. الذين استغلوا مظاهر التدين.. وتحولوا لما يمكن تعريفة بأولى اشكال الثيوقراطية المحلية في دويلات المدن.. قبل ان تنشأ الإمبراطوريات الكبرى.. التي سخرت الدين بشكل سافر ودمجته في مؤسساتها.. ليصبح جزء مكملا ومتمماً لشكل الإمبراطورية ونوازع حكامها.. الذين جعلوا من الآلهة مباركين لخطواتهم.. واستمدوا منهم ما يمكن اعتباره شرعنة التوسع بالعنف.. لغرض كسر إرادة من يحيط بهم من شعوب وقبائل.. داخل بلاد الرافدين وفي أطرافها أولاً.. قبل ان تتمدد لخارجها.. وتوسع من رقعة امبراطوريتها في العهد الآشوري.. لتشمل اصقاع من شمال افريقيا في مصر.. والاناضول.. وسواحل البحر الذي شمل بلاد الشام (لبنان والأردن وفلسطين وسوريا)..

 

الدائرة في الديانة الإيزيدية

 

الايزيدية.. كديانة قديمة.. في هذه الرقعة الجغرافية من الكون الشاسع.. لها في هذه الميثولوجيا الكثير من المفاهيم.. التي تعكس تلك المرحلة.. وتمتد للآن وفق الطقوس والممارسات الدينية.. في الافراح والأحزان..

بعضها له علاقة بقوى الطبيعة.. ويتجسد بتجليات الشمس في صلب ديانتهم.. التي تعتبر رمزاً وتجسيداً لله.. ومن هنا فأن الدائرة كرمز اصبحت جزء مهماً من مفاهيم دينهم.. لها علاقة بالكمال والزمن السرمدي.. ومفهوم البداية والنهاية.. والتكوين والخليقة.. وأشكال معابدهم.. ورمز لسنجقهم ومجموعات تكوينهم.. وحلقات زواجهم.. ناهيك عن عاداتهم وطقوسهم.. وملابسهم.. التي تشكل الدائرة بمدلولها الميثولوجي.. قيمة كبرى.. لا يجوز الافراط بها.. واقصد الزيق.. زيق إيزيد.. بتسمياته المتعددة.. التوك / توك ايزي.. الكريفان.. البيصير.

الزيق المشكل من حلقة دائرية.. يجب ارتدائه من قبل كل إيزيدي.. يشكل عنواناً ومعلماً.. لا يجوز التهاون به.. ونادراً ما تشاهد ايزيدياً مؤمناً.. من دون زيق او توك.. لهذا لا يجوز للإيزيدي المؤمن ارتداء قميص مشقوق او مفتوح من الصدر.. ويعتبر هذا من الكبائر في ديانتهم.. وقد لفت انتباهي تداول العرب ايضاً في سوريا والعراق.. خاصة اهل بغداد والجنوب في لحظة الغضب تعبير..

ـ لا تخليني اخرج من طوري.. أو..

ـ لا تخليني اشك زيكي/ اشق زيقي..

وهو تعبير مقصود يعكس مفهوم ومحتوى استنكاري لهذا الفعل.. أي شق الزيق.. له علاقة بتاريخ مخفي.. ناقل للمُثل والقيم الدينية القديمة.. وشق الزيق بمدلولاته الميثولوجية يستحق التوقف عنده.. في سياق البحث عن رمزية الدائرة في معتقدات سكان الرافدين القدامى.. خاصة وان شق الزيق لدى الايزيديين ما زال يعتبر رديفاً ليس للكفر فقط.. بل خروجاً عن الدين وطاعة الشمس ـ خدا الإله الأكبر عندهم..

لا بد ان اشير ايضاً الى ان الآثار السومرية والبابلية والاشورية.. تعكس هي الاخرى وجود ملابس فيها حلقات غير مفتوحة الصدر تستحق المزيد من الدراسات والتفحص..

ولا استبعد ان يكون لقرص الشمس في العهد السومري والبابلي ومن ثم الاشوري.. علاقة بنوع الملابس التي كان يرتديها الناس في ذلك الزمن.. كما لا استبعد ان تكون الازياء الفرعونية بعيدة عن محتوى هذا المفهوم الميثولوجي العاكس لطبيعة العلاقة بين الشمس والازياء ذات الفتحات الدائرية كما هو الحال الى اليوم لدى الايزيديين..

ولأجل استيفاء أهمية موضوع البحث في هذا الفصل سنعتمد على:

1ـ مسح جغرافي ـ تاريخي للدوائر المقدسة

2ـ التركيز على علم الآثار ومكتشفاته في هذا المجال

3ـ مقارنة الدوائر المقدسة من خلال الطقوس والملابس لدى الشعوب والأديان في بلاد الرافدين والعالم

سننطلق في رحلتنا لتغطية معالم الدوائر المقدسة المكتشفة في مناطق مختلفة من بلاد الرافدين.. ومن ثم نتوسع جغرافياً.. حيثما وجدت معالم لهذه الدوائر الحاملة للدلالات الميثولوجية.. ويمكن القول بداية ان الآثار الدائرية التي وجدت في كهف شاندري.. هي أقدم أثر تاريخي في بلاد الرافدين.. يحتوي على شكل من اشكال الدوائر المقدسة.. تم تشخيصه من خلال الحجارة.. التي كانت موضوعة بشكل دائري على القبر.. الذي منح رقم أربعة.. من مجموعة الهياكل العظمية التي اكتشفت في الكهف.. اثناء حفريات رالف سلوكي.. والتي كان يرافقه حينها كمترجم الشاب محمود خضرـ أبو آزاد ـ من أهالي بحزاني..

هذا الاكتشاف الذي قال عنه الدكتور نائل حنون في كتابه الهام.. (عقائد ما بعد الموت في حضارة بلاد الرافدين القديمة) حيث ورد في الفصل الرابع طرق الدفن والشعائر الجنائزية ص 224..

(اكتشاف هياكل مدفونة في كهف شانيدر من قبل رالف سالوكي وهي تسعة هياكل كان بعضها موضوعا وسط دوائر حجرية اعطي الرقم 4) وتحدث أيضا في ذلك الكتاب.. حيث ورد في الصفحة 238 معلومات اثرية عن التوابيت الدائرية في مقبرة العبيد..

مع التأكيد ان اكتشافات الدكتور نائل حنون.. لم تتوقف عند حدود الآثار.. وتعدتها الى الأهم من ذلك وهي ترجمة محتوى هذه الآثار.. من اللغة الأصلية المنقوشة على الحجارة الى العربية مباشرة.. كما هو الحال مع ترجمته المهمة.. لملحمة كلكامش من الأكدية مباشرة.. حيث ورد فيها ما يفيد بحثنا وما له علاقة بالدوائر المقدسة.. كما سنرى..

هذه الممارسة الطقسية.. التي ما زالت تمارس من قبل الايزيديين.. ويجري التشهير والسخرية بهم وبممارساتهم وطقوسهم الميثولوجية بسببها.. حيث يقال عنهم:

ـ إذا وضعتم دائرة حول الايزيدي سوف لن يخرج منها..

لذلك يجري السخرية منهم.. ومن عاداتهم.. ويعتبرون اتباع ديانة بالية خارجة عن التاريخ.. من قبل من يجهلون حقائق هذه الممارسات والطقوس الميثولوجية وجذورها التاريخية.. وقد يتفاجأ القراء لو أكدنا.. ان الدكتور نائل حنون بترجمته الحيّة.. وضعنا امام حقيقية تاريخية تغرس جذورها في أعماق التربة العراقية من خلال ملحمة كلكامش..

كلكامش الذي مارس هذا الطقس الميثولوجي مع أنكيدو.. في رحلتهم التاريخية نحو غابة الأرز.. حينما كانوا يصلون الى محطة من محطات السفر.. وغالباً ما تكون تلة او قمة جبل.. حيث يقررون البقاء والمبيت فيها حتى الصباح.. وكان من أهم ما يؤدونه في تلك اللحظات.. بعد اختيار المكان الملائم للمبيت..

خط دائرة حولهم بالدقيق ـ الطحين ليمكثوا ويناموا بسلام وأمان فيها.. وقد تكرر هذا الفعل في الملحمة عدة مرات.. في كل محطة وصلوها في ذلك المشوار التاريخي.. ونقل الينا عبر ترجمته المباشرة الدكتور نائل حنون بالنص ابتداء من الصفحة 37 وما بعدها في فصول الملحمة.. كما سنوضح في اقتباسنا منه..

اللوح الرابع: رحلة جلجامش وأنكيدو الى غابة الأرز..

(اللوح الرابع من ملحمة جلجامش مخصص لرواية تفاصيل رحلة جلجامش وأنكيدو وهما في طريقهما الى غابة الأرز. ويرد في هذه الرواية ان الصديقين قطعا مسيرة عشرين ساعة مضاعفة وتناولا وجبة طعام، ثم قطعا مسيرة ثلاثين ساعة مضاعفة وأقاما مخيماً، أي انهم قطعا في يوم واحد مسيرة خمسين ساعة مضاعفة وهذا يعادل 540 كلم تقريباً.. وعلى هذا النحو، بحسب ما يرد في النص، تتم في اليوم الثالث رحلة شهر ونصف، وبهذا يقترب جلجامش وأنكيدو من الجبال. ويتوقف الصديقان ليحفرا بئراً ويقوما بطقوس تستجلب الأحلام لاستعمالها في معرفة الطالع، وتشمل تلك الطقوس الصعود الى قمة جبل ونثر الدقيق. وتهيئة الظرف ربما كان عبارة عن خيمة، ويثبت له باباً، وفي داخل دائرة ذلك البيت، يضع جلجامش حنكه على ركبته ويغفو. تنتهي اغفاءته في منتصف الليل ويصحو ليخبر أنكيدو تفاصيل حلمه الذي شاهد فيه جبلا يسقط، ويفسر أنكيدو الحلم بأنه علامة حسنة لهما)

(كلكامش يدخل دائرة ليغفوا فيها)..

وتلاها مكرراً ترجمة الحدث في الصفحات (132ـ 134) و (جعله ينام في الدائرة التي اخطها) من خلال أسطر الملحمة التي حملت الأرقام 125 و171..

وسأضع اللوح الرابع.. كما ترجمه الدكتور نائل حنون كاملا بصيغة استنساخ مصور من الملحمة لأهمية ما ورد فيها من معلومة ميثولوجية.. تخص بحثنا في مجال الدوائر المقدسة ..وأهمية ممارسة هذا الطقس من قبل كلكامش وأنكيدو في ذلك العهد.. لنرى عمق الظاهرة الدينية وجذور ممارسة هذا الطقس لدى الايزيديين المعاصرين في هذا المجال بالذات..

 

اللوح الرابع

1ـ بعد (مسيرة) عشرين ساعة مضاعفة (1) كسرا خبزاً (2)،

2ـ بعد ثلاثين ساعة مضاعفة توقفا للمبيت (3)،

3ـ بعد خمسين ساعة مضاعفة سارا طوال اليوم.

4ـ مسيرة شهر و15 يوماً (قطعا و) في اليوم الثالث بلغا الجبل.

5ـ تحت الشمس حفرا [بئرا]ٍ،

6ـ [وضعا ماءً عذباً في …].

7ـ [صعد] جلجامش الى قمةٍ،

8ـ نثر[دقيقه] على [المرتفع] (قائلاً):

9ـ ” أيها الجبل، آتني حلماً [لأرى فألاً حسناً]

10ـ [أقام أنكيدو لجلجامش ” بيت إله الأحلام ” (4)،

11ـ [وضع باباً في مدخله اتقاءً من البرد].

12ـ [جعله ينام في الدائرة التي اختطها]،

13ـ [وتمدد هو متسطحاً كالشبكة عند المدخل].

14ـ [أسند جلجامش حنكه على ساقيه]،

15ـ [سنة النوم، ارتخاء الناس، نزلت عليه].

16ـ [في منتصف (الليل) أنهى سنة نومه]،

17ـ [نهض وتحدث الى صديقه]:

18ـ [يا صديقي، ألم تناديني؟ لِمَ أنا يقظ؟]

19ـ [ألم تمسني؟ لِمَ أنا جفل؟]

20ـ [ألم يمر إله؟ لِمَ بدني خدر؟]

21ـ [يا صديقي، لقد رأيت الحلم الأول].

22ـ إن الحلم الذي رأيت [فوضى كاملة].

23ـ فعلى قمم الجبال[…]،

24ـ سقط جبل على جبل […]،

25ـ ونحن كذباب القصب الحلو […]،

26ـ ذلك الذي ولد في البرية،

27ـ يقول لصديقه، أنكيدو [يفسر الحلم]:

28ـ يا صديقي، حسنٌ حلمك،

29ـ إنه لحلم موقر.

30ـ فيا صديقي، إن الجبل الذي رأيت

31ـ (يعني) إننا سنمسك خمبابا، [سننحره]،

32ـ [ونرمي] جثته في منخفض.

33ـ وفي الصباح [سنرى] علامة [جيدة من الإله شمش].

34ـ بعد عشرين ساعة مضاعفة كسرا خبزاً،

35ـ بعد ثلاثين ساعة مضاعفة توقفا للمبيت

36ـ بعد خمسين ساعة مضاعفة سارا طول اليوم.

37ـ (ما يعادل) مسيرة شهر و15 يوماً (قطعا) وفي اليوم الثالث

38ـ بلغا الجبل.

39ـ نحت الشمس حفرا بئراً، وضعا ماءً عذباً في […].

40ـ صعد جلجامش الى قمةٍ،

41ـ نثر دقيقه [على المرتفع (قائلاً)]:

42ـ ” أيها الجبل، آتني حلماً [لأرى فألاً حسناً]”.

43ـ أقام أنكيدو [لجلجامش بيت الأحلام]،

44ـ [وضع باباً في مدخله اتقاءً من البرد].

45ـ [جعله ينام في الدائرة التي اختطّها]،

46ـ [وتمدد هو متسطحاً كالشبكة عند المدخل].

47ـ أسند كلكامش حنكه على ساقيه]،

48ـ سنة نوم، ارتخاء الناس، نزلت عليه].

49ـ [في منتصف (الليل) أنهى سنة نومه]،

50 ـ [نهض وتحدث الى صديقه]:

51ـ [يا صديقي، ألم تناديني؟ لِمَ أنا يقظ؟]

52ـ [ألم تمسني؟ لِمَ أنا جفل؟]

53ـ [ألم يمر إله؟ لِمَ بدني خدر؟]

54ـ [يا صديقي، لقد رأيت الحلم الثاني].

55ـ لقد زاد حلمي الثاني على الأول (5).

56ـ في حلمي يا صديقي جبل[…]،

57ـ طرحني، أمسك بقدمي[…].

58ـ ازداد الضوء توهجاً، [ظهر] رجل،

59ـ هو الأكثر روعة في البلاد، وسامته[…]،

60ـ سحبني من تحت الجبل و[…]،

61ـ أعطاني ماءً لأشرب، فهدأ قلبي.

62ـ وثبت أقدامي على الأرض.

63ـ [تحدث أنكيدو] إليه،

64ـ يقول لجلجامش:

65ـ ” يا صديقي، إننا[…]، إنه مختلف تماماً.

66ـ فخمبابا […] ليس هو الجبل،

67ـ إنه مختلف تماماً[…].

68ـ تعال، اترك مخاوفك […].

69ـ والرجل الذي رأيته […  …] ،

70ـ الذي عيونه […  …] ،

71ـ الذي جسمه […  …]،

72ـ معك […  …]،

73ـ […  ….] بسرعة.

74ـ بعد عشرين ساعة مضاعفة كسرا خبزاً،

75ـ بعد ثلاثين ساعة مضاعفة توقفا للمبيت،

76ـ بعد خمسين ساعة مضاعفة سارا طوال اليوم.

77ـ (ما يعادل) مسيرة شهر و15 يوماً (قطعا) وفي اليوم الثالث

78ـ بلغا الجبل.

79ـ تحت الشمس حفرا [بئرا]ٍ، وضعا ماءً عذباً في […].

80ـ صعد جلجامش الى قمةٍ،

81ـ [نثر دقيقه على] المرتفع (قائلا):

82ـ [أيها الجبل]، آتني حلماً، لأرى [فألاً حسناً].

83ـ أقام [أنكيدو وجلجامش] بيت إله الأحلام،

84ـ [وضع] باباً في مدخله اتقاءً من البرد.

85ـ جعله ينام [في الدائرة] التي اختطها،

 

 

 

 

 

وتتكرر في بقية الأسطر طقوس الدائرة المقدسة.. كما هو الحال في الأسطر 125 و171 من هذا الفصل في الملحمة.. ليضعنا الدكتور نائل حنون.. ومن قبله كلكامش.. في أجواء فضاء ميثولوجي يدفعنا للتساؤل:

عن العلاقة التاريخية بين هذه الدوائر المقدسة مقارنة بطقوسها الممتدة لهذا العصر.. الذي ما زال فيه الإيزيديون متمسكين بخط دوائر كبرى حول قراهم اثناء انتشار الأوبئة والأمراض المعدية.. ويمتنعون عن استقبال الضيوف في فترة الوباء لمدة (7) أيام متتالية..

وكانت حسب المعلومات المؤكدة.. آخر ممارسة لهذه الطقوس قد جرت في فترة ظهور وانتشار دولة الخلافة الإسلامية ـ داعش من قبل اهالي قرية ختارة في سهل نينوى.. كما يؤكد المعمر الشيخ ميرزا الختاري من سلالة شيوخ خاتونا فخرا.. وفقاً لما سمعناه من أكثر من مصدر.. بما فيهم الباحث داود الختاري الذي اعتمدت عليه في استقراء الشيخ المعمر مباشرة..

 

الشيخ ميرزا من سلالة شيوخ خاتونا فخرا

 

 وأفادنا بمعلومات مهمة تؤكد:

 إن اهل ختارة وبقية قرى (الكند ـ الهضبة) في سهل نينوى.. ما زالوا يمارسون هذا التقليد الميثولوجي عند حدوث المخاطر والكوارث وانتشار الاوبئة كالكوليرا والطاعون.. حيث يقوم أحد شيوخ خاتونا فخرا.. بخط دائرة في محيط القرية.. ويمتنع الناس من تجاوزها لمدة سبعة ايام متتالية.. 

ويؤكد: 

ان هذا الطقس مورس بتواصل الى سنوات ليست بعيدة.. حيث كان الشيوخ يقومون بوضع الخطوط في محيط قرى الايزيدية من ختارة وبابيري وبقية القرى في الكند اثناء الكوارث.. خاصة عند انتشار الكوليرا والأمراض المعدية..

وبعد ان تناقشنا حول مضمون هذا الموضوع قلت له: 

ـ من الضروري الاستفسار من شيخ مرزا والتأكد من معلوماته.. خاصة وانه من عائلة شيوخ خاتونا فخرا.. ومطلع بحكم سنه وخبرته وهو في 86 من العمر.. 

وقد افادنا شيخ مرزا برواية.. لها علاقة بملك الموت.. حينما يجول في الاصقاع وتنتشر الامراض والأوبئة والمخاطر.. حيث يلجأ الايزيديون في مختلف القرى للشيوخ.. ويتم اختيار أحدهم من سلالة خاتونا فخرا.. ويذهبون الى (كاران البقرـ قطيع البقر).. ليختاروا من بينها ثورين يربطانهما بالمحراث.. لكي يتمكن الشيخ من وضع خط دائري حول القرية وهو يردد.. 

ـ يا ربي.. يا خودي.. ابْ سه ري منكي.. او ابْ سه رْيْ هردو كايا.. ومعناها.. يا ربي.. يا الله.. برأسي او بروحي.. او برأس وروح هاذين الثورين.. 

وأحيانا يقع الثور بالفعل.. ويتم تقديمه كضحية.. او يقاد بعد رسم الخط الدائري ليذبح ويقدم كضحية لأبعاد شبح الموت والمخاطر عن الناس.. 

وحالياً يجري الاستعاضة عن هذا الطقس.. كما جرى الاستعاضة عن الدقيق بالمحراث.. بوضع رأس الشيخ على عتبة المرقد.. ليطالب من خلال دعائه.. انقاذ الناس من الخطر المحدق بهم وابعاد الشر عنهم.. ويشمل هذا الامراض والاوبئة وبقية المخاطر.. 

واضاف الشيخ مرزا في سرده للمزيد من المعلومات.. 

في أحد المرات طلب من أحد الشيوخ من اجداده.. الذهاب الى بيت الأمير.. وحينما ذهب قال له المير:

ـ عليك الذهاب الى جزيرة بوطا.. لأن اهلنا في محنة ويحتاجونك.. لكي تخط لهم دائرة حول قريتهم.. فملك الموت قد وصل الى منطقتهم التي انتشر فيها البلاء.. 

لكن الشيخ قال له:

ـ إني وحيد.. ولدي هذا الابن الصغير.. واقترح ان يرسله إليهم بدلاً منه.. وهكذا تم الاتفاق ان يذهب مع الصبي شقيق المير بدرخان.. وبعد انجاز المهمة عاد الصبي وبقي بدرخان هناك ويقال.. إن البدرخانيون الحاليون منسوبين الى ذلك المير بدرخان.. 

واستكمل الشيخ مرزا المعلومة عن الدائرة..

 انه يجري فكها حال انتهاء الخطر.. واخر سنة مورست بالفعل واستخدمت لمنع الشر.. وتم جمع الصدقات والخيرات المرافقة لهذا الطقس فعلا.. كانت قبل اعلان داعش بفترة وجيزة.. تأهباً لاحتمالات وصول الأشرار من مجرمي دولة الخلافة الاسلامية الى مناطق الايزيدية.. 

وفقاً لحالة التحسب والتقدير المحتملة.. ويبدو ان هذه الممارسة لم تجلب نتيجة امام توحش مجرمي دولة الخلافة الإسلامية.. الذين سعوا لاقتلاع الايزيديين من مناطقهم.. وازالة دوائرهم المقدسة وتحطيمها.. 

وهي مفارقة ميثولوجية تستحق التوقف عندها واستكشاف زمن ممارستها عند الايزيديين وغيرهم من الشعوب.. 

ونرى في هذه المقاربة من البحث.. حلقات فضاء ميثولوجي رافديني.. ينضح تاريخاً متواتراً.. وممارسات طقسية تتشابه في الشكل والمحتوى.. بين ما ورد في ملحمة كلكامش.. وهي تسجيل خطوات رحلته مع أنكيدو.. وتوقفاتهم في محطات سيرهم المضني للاستراحة وتناول الزاد.. في نطاق الدوائر الميثولوجية الآمنة التي تبعث على الطمأنينة وتوفر الأمان لهم.. في محور قوسي خط حولهم بالدقيق..

وما يفعله في عصرنا الايزيديون وغيرهم من اتباع الديانات القديمة كالصابئة اليوم مشتركات ثقافية ـ دينية ـ تاريخية ـ ينبغي ايلاءها اهتماماً أكبر من قبل باحثينا.. في الجامعات والكليات المتخصصة بعلم الآثار والتاريخ.. بالإضافة الى مراكز البحوث والدراسات المهتمة بتاريخ الأديان..

ليس هذا كل شيء فثمة للدوائر المقدسة امتدادات جغرافية ودينية سنتوسع في نطاق البحث عنها بقدر ما يتسع لنا المجال.. وسنتوقف في محطة بحثنا عند مظاهر الدوائر المقدسة في الديانة المندائية.. لأنها ديانة رافيدينية قديمة سابقة للميلاد.. لها مشتركات مع الديانة الأيزيدية.. في أكثر من محور وممارسة طقسية.. سنفرد لها فصلا كاملا بين الفصول القادمة من البحث..

 

الدوائر في الديانة المندائية وخط ثلاثة دوائر حول قبر المتوفي

 

ايضاً هناك مؤشرات مؤكدة على وجود طقوس الدوائر المقدسة في الديانة المندائية لليوم.. ولا يقتصر وجود الدوائر عند حدود المفاهيم الدينية القديمة كتاريخ ماضوي فقط.. بل يتعداها لزمننا المعاصر حيث ما زالت الدوائر والخطوط.. تشكل جزء من التركيبة الميثولوجية المندائية.. وتمارس لليوم.. كما هو الحال مع المندائيين ـ الصابئة ـ حيث ما زالت هذه الممارسات تشكل جزء من عادات وطقوس دفن الميت عندهم.. 

وتنتهي المراسيم بعد غسل الميت وتكفينه ونقله الى المدفنة.. بوضع ثلاثة دوائر حول القبر تخط بالأسكندولة.. يفهم منها أي من هذه الخطوط الدائرية.. انها تحفظ الروح والجسد.. وتمنع الحيوانات المفترسة من التقدم للجثة والتهامها.. مع الروح الباقية فيها.. والتي لن تغادرها.. الاّ بعد ثلاثة ايام يكون خلالها قد تم فتح هذه الدوائر المغلقة.. وحينها تكون الروح قد تحررت من الجسد وغادرته الى اجواء ملكوت عالم الانوار ـ ملكا دنهورا..  

ويجري الالتزام بهذه الطقوس لليوم في اوربا وأميركا.. حيثما تتواجد جاليات للمندائيين.. وبالرغم من التقدم والوعي المنتشر بينهم.. ما زالوا يمارسون طقوسهم بشكل طبيعي.. فيما يخص عادات الدفن ووضع هذه الخطوط الدائرية.. والالتزام بالمدة المحددة لرفعها من قبل رجال الدين بواسطة الأسكندولة كما نوهنا..

 

 

الأسكندولة وما فيها من رموز

 

طريانه (خوان طينيّ): عبارة عن طبق دائريّ من الطين المخلوط بالتبن يوضع فوق حلقة طينيّة (كنكانه). يوجد في “الطريانه” تجويف شبه دائريّ تحدّده تسمّى (ميسره) توضع فيه الـ(قَوْقَ)، وهي عبارة عن مكعّب من الطين الناعم المفخور في أعلاه انخفاض دائريّ بسيط، فيه شيء من البخور (ريههْ)، وهذا عبارة عن مزيج من مسحوق خشب الراتنج (سندراش)، وخشب الصندل والجاو. و(البريهى) الذي يحتلّ سائر “الطريانه” عبارة عن وعاء بيضويّ للنار من طين، يحترق فيه الخشب، والقصب، والفحم كوقود. وحين توقد النار فهي أمّا أن تُستعمل لحرق البخور أو لخبز (البهثه) أي الخبز المقدّس.

وهذا يذكرنا بالدوائر المقدسة لدى الهندوس والبوذيين وطقوسها المتشابهة والمتقاربة كما سنرى من خلال:

 

دوائر المندلا لدى الهندوس والبوذيين 

  


المندلا تسمية مستمدة من اللغة السنسكريتية بمعنى الدائرة، وهي أشكال زخرفية هندسية منتظمة محددة بحدود خارجية تستخدم في التقاليد الهندوسية والبوذية في شبه القارة الهندية وفي أغلب مناطق شرقي آسيا، وغالباً ما تكون دائرية لتعبر عن مفاهيم معينة فبعضهم يرى فيها ما يشبه الكون وتداخل الأجرام السماوية أو تأثيراتها في حين يراها آخرون بمثابة النفس البشرية ويرى الاشكال التي في داخلها على أنها تمثل حالات الاتزان والهدوء النفسي.. وهكذا

 كتب عنها الدكتور مثنى العمر في شبكة الدر للمعلومات على الانترنيت.. 

 ( تاريخياً ظهرت تسمية المندلا في أعمال قديمة دونها كاتب هندي غير معروف على وجه التحديد ولكن يمكن حصر زمنه ما بين القرنين الرابع قبل الميلاد والثاني بعد الميلاد وقد تركزت كتاباته على الجوانب السياسية فاستعمل تسمية “راجا مندلا” أي دوائر الدول، وكانت دوائر المندلا ترمز الى الدول الصديقة والأخرى المعادية، وهناك أشكال أخرى كثيرة الشبه بـ المندلا من حيث الشكل والمفاهيم تعرف بأسماء مختلفة منها يانترا و تانتراس وغيرهما وفق مناطق العالم ولغات الشعوب، لاسيما وأن شكل المندلا هو شكل مألوف بإمكان أي انسان أن يرسم منه اشكالاً لا تنتهي ويربطه بمفاهيم وفق ما يراه مناسباً لأفكاره أو لغيره ممن يتعامل معهم  

 

يشيع استعمال المندلا بكثرة في التأمل وتعليم الروحانيات البوذية وفي الوقت نفسه يعتقد البعض بوجود طاقة خاصة فيها، تعرف بطاقة الأشكال الهندسية وقد توفرت في فترة ما في بعض الدول أشكال صغيرة من المندلا يشتري المرء زوجاً منها ليضعها في حذاءه لاعتقاد أنها تساعده في المشي المريح وتجنب التعب لما تبعثه من طاقة الى قدميه، ولكن ليس هناك دليل علمي حقيقي على هذا التأثير وقد يكون الامر مجرد قناعة نفسية لا أكثر)

​والشيء الملفت في هذه الكتابة التقارب والتشابه.. بين المندلا لدى الهندوس والبوذيين.. الأسكندولة لدى المندائيين.. بالإضافة الى اقترانها لديهم بموضوع الدائرة او الدوائر المقدسة في الأديان.. 

 

 

الطقوس الدائرية المشتركة بين السماع الايزيدي والسما العلوي

 

التوقف عند مظاهر الرقص في طقوس السماع لدى الايزيديين والسما المثنوي لدى العلويين.. وهو امر سبق وان تطرقنا اليه في موضوع الموسيقى الدينية لدى الايزيديين.. يحرض الباحث للمزيد من الجهد في هذا السياق.. 

سنلخص المقارنة في هذا المجال بالتركيز على ما يؤديه رجال الدين الايزيديين في هذه المناسبة من طقوس دينية.. تشمل الحركة الدائرية مع سحل القدم بالأرض اثناء السير.. أي عدم رفعها لتبقى ملتصقة بالأرض.. بترافق مع حركة اليد اليسرى.. وهي تمسح على الكتف الأيمن.. حتى الجهة اليسرى من القلب.. تعبيراً عن دخول الروح في الجسد مع أنغام الناي والدفوف بمرافقة جوقة القوالين.. كما حدث بداية مع قصة آدم.. كما تقول الأسطورة..

وهي الحركات التي تتجسد بسماع الايزيديين.. والتي نشاهدها في دوائر الرقص لدى العلويين.. وتسمى بالسما المثنوي ولها نفس القدسية الدينية عندهم تشبهاً بالإيزيديين.. 

 

 

العرب وميثولوجيا الدوائر المقدسة قبل الإسلام..

(محمد يخط الدائرة بيده حول أصحابه)

 

  كما اوضحنا إن للدائرة مكانة متميزة في ميثولوجيا الأديان يجري التعامل معها وتفسيرها في عدة مستويات في مختلف الديانات منذ القدم. 

 وتعد رمزاً للكمال والاكتمال.. ورمزاً للقواعد التي تتحكم الكون، وهي رمز للشمس، في أفق السماء، كما هي رمز للوحدة والتفرد تجسد البداية والنهاية، وديمومة الاتصال والانفصال في كل نقطة من محيطها معالم للبداية والنهاية كدورة الحياة، التي تتضمن الموت والانبعاث والتجدد.. إنها المحيط الذي يدور حول المركز والمكان الذي يجد فيه الانسان نفسه آمناً مطمئناً في حماية الإله الذي يحرسه ويبعد عنه الشر..   

لذلك ترى في الديانات القديمة ما يجسد هذه المفاهيم في الطقوس والعادات التي تبدو للبعض غريبة ولا يستوعبونها كممارسة تاريخية بدائية.. كما هو الحال مع الديانة الايزيدية التي احتفظت بالمفاهيم التي لها علاقة بالدائرة.. ويجري الاستخفاف بأتباعها وتشنيعهم.. من قبل غيرهم.. كما هو الحال مع جمهرة المسلمين.. الذي لا يعرفون ان محمد نفسه قد مارس هذه الطقوس وكان يعتقد حتى المرحلة الإسلامية وفقاً لما نقلت المصادر الإسلامية عنه فيما يعرف بليلة الجن.. انه خط خطاً لابن مسعود فقال له:

ـ لا تبرح هذا المكان 

وفي الأحاديث ما ورد عند البيهقي في الدلائل:

 عن عبد الله بن مسعود قال: 

انطلقت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن حتى اتى الحجون فخط لي خطاً ثم تقدم إليهم فازدحموا عليه فقال سيد لهم يقال له وردان انا ارحلهم عنك فقال إني لن يجيرني من الله أحد..

وعن عبد الله بن عمرو بن غيلان الثقفي انه قال لابن مسعود: حدثت إنك كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة وفد الجن قال: اجل 

قال: 

فكيف كان فذكر الحديث كله وذكر: إن النبي صلى الله عليه وسلم خط عليه خطا وقال لا تبرح منها.. فذكر مثل العجاجة السوداء غشيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذعر ثلاث مرات حتى إذا كان قريباً من الصبح تأني النبي صلى الله عليه وسلم..

 هذا الخط ان خط على مكان الدفين فبإذن الله لن يستطيع الجن الدخول لك على داخل هذا المكان المخطط وايضا لا يستطيع الخروج منه الاّ في حالة واحدة وهي ان ينزل الى الاسفل وهذا مما لا تستطيع ان تفعل معه شيء 

وكذلك وردت ضمن التقاليد الإسلامية ما عرف بـ: 

الطريقة الثالثة  

يوضع على مكان الدفين أربع حجارة على كل زاوية حجر قد غطست بالماء المرقي ثم يخط خطوطاً بين الحجارة ثم يبدأ بالحفر المقصود ان يحصن نفسه اولا بصلاة الجماعة وبالأذكار الصباحية والمسائية واذكار عقب الصلاة وهذه عامة وان يحصن نفسه خاصة بقراءة آيات الرقية على نفسه وهي:

 الفاتحة

اول أربع آيات من سورة البقرة
102من سورة البقرة
اية الكرسي
اخر ثلاث آيات من سورة البقرة
اخر أربع آيات من سورة المؤمنون
اول عشر آيات من سورة الصافات
اواخر الحشر
الزلزلة
الكافرون
المعوذتان
الاخلاص

هذا ما يقرأه على نفسه 

ثم يخط خطاً بشكل دائرة يتسع لمن كان موجود معه.. واثناء خط الخط بشكل دائرة يقرأ اوائل يسن ثم يبدأ بالحفر ويكون البقية داخل الدائرة بحيث ان ظهر رصدا لا يقرب من هم بداخل الدائرة بإذن الله..

وعنه قال: 

أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: 

“إني قد أمرت أن أقرأ على إخوانكم من الجن فليقم معي رجل، ولا يقم رجل في قلبه مثقال حبة من كبر”. فقمت معه فأخذت الإداوة فيها نبيذ، فانطلقت فلما برز خط لي خطا وقال: “لا تخرج منه فإنك إن خرجت منه لم ترني ولا أراك إلى يوم القيامة”. 

قال: 

فانطلق وتوارى عني لم أره، فلما سطع الفجر أقبل فقال لي: 

“أراك قائما؟”. 

فقلت: ما قعدت، 

فقال: “ما عليك لو فعلت؟”. 

قلت: خشيت أن أخرج منه. 

قال: “أما إنك لو خرجت (منه) لم ترني ولم أرك إلى يوم القيامة، هل معك وضوء؟”. 

قلت: لا. 

قال: “ما هذه الإداوة”. قلت: فيها نبيذ. قال: “تمرة طيبة وماء طهور”. فتوضأ وأقام الصلاة فلما قضى الصلاة قام إليه رجلان من الجن فسألاه الطعام 

قال: “ألم آمر لكما ولقومكما بما يصلحكم؟”. 

قالا: بلى ولكن أحببنا أن يشهد بعضنا معك الصلاة. 

قال: “فمن أنتما؟”. 

قالا: نحن من أهل نصيبين، 

قال: “قد أفلح هذان وأفلح قومهما”. فأمر لهما بالروث والعظام طعاماً ولحماً. فذكر الحديث. 

 

ـ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي المتوفى سنة 807

وعن عبد الله بن مسعود أيضا قال: 

استتبعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن فانطلقت معه حتى بلغنا أعلى مكة فخط لي خطا وقال: “لا تبرح”. ثم انصاع في أجبال الجن، فرأيت الرجال ينحدرون عليه من رؤوس الجبال حتى حالوا بيني وبينه فاخترطت السيف وقلت: لأضربن حتى أستنقذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكرت قوله: “لا تبرح حتى آتيك”. قال: فلم أزل كذلك حتى أضاء الفجر، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وأنا قائم فقال: “ما زلت على حالك؟”. قلت: لو لبثت شهرا ما برحت حتى تأتيني، ثم أخبرته بما أردت أن أصنع فقال: “لو خرجت ما التقينا أنا وأنت إلى يوم القيامة”. ثم شبك أصابعه في أصابعي ثم قال: “إني وعدت أن يؤمن بي الإنس والجن، فأما الإنس فقد آمنت بي وأما الجن فقد رأيت”. قال: “وما أظن أجلي إلا قد اقترب”. قلت: يا رسول الله ألا تستخلف أبا بكر؟ فأعرض عني فرأيت أنه لم يوافقه فقلت: يا رسول الله ألا تستخلف عمر؟ فأعرض عني فرأيت أنه لم يوافقه. فقلت: يا رسول الله ألا تستخلف عليا؟ قال: “ذاك والذي لا إله إلا هو إن بايعتموه وأطعتموه أدخلكم الجنة أكتعين”.

رواه الطبراني وفيه يحيى بن يعلى الأسلمي  

 

ـ اما الباحث عبد الناصر حسو فقد أوضح في كتابه.. (اليزيدية وفلسفة الدائرة..)  على وجود الدوائر المقدسة لدى الهنود الحمر..  

(سأورد مثالاً واضحاً وصريحاً حول أهمية الدائرة الدينية في الديانات القديمة، فقد استخدمها الهنود الحمر الذين يقطنون في أمريكا الشمالية في قديم الزمان كتعويذة، عندما كان يحل بهم أو بالمدينة أو بالقرية، وباء، فقد كانوا يرسمون دائرة مغلقة حول المنطقة المصابة بالوباء كي تمنع الآلهة انتقال وتسرب الوباء، او العواصف أو الكوارث من وإلى الدائرة، وانتشارها في المناطق المجاورة، وبهذه العملية كانوا يحاصرون مكان الإصابة ويمنعون خروجه من المنطقة المصابة بها) ص121   

 ولهذا يؤكد..

 (إن هذه الدائرة التي أورثتها الديانة الإيزيدية من العالم القديم، وتحديداً من البابليين تعني منع دخول العناصر الغريبة والملوثة اليها، والحفاظ على سلامة الإيزيدي من الكوارث، وتسرب افرادها من داخل الدائرة او من الخارج اليها، أي ان الدائرة تحافظ على أتباع الديانة من الخروج منها، وكذلك تمنع دخول أفراد غريبة إليها، وهي مرتبطة دينياً بجوهر فلسفة الإيزيدية مثل التناسخ والتقمص والزواج، وطوق إيزيد وما يترتب عليها) ص121

ويضيف.. (ومن هنا يمكن القول بسهولة إن الديانة الإيزيدية هي ديانة مغلقة على نفسها، ويتجسد هذا الانغلاق في الدائرة التي يرسمها رجل ما حول الرجل الايزيدي في أيامنا الحالية، ثم يطلب منه أن يخرج منها متحدياً عاداته وتقاليده، في إشارة إلى الخروج عن الديانة) ص 122.       

 

جغرافية الدوائر المقدسة

 

بين تضاريس الأرض وثنايا الجغرافية.. ثمة دوائر ميثولوجية مختلفة.. بعضها محمل بمحتوى مقدس..  دوائر تشكلت من اعمدة وحجارة بعضها منقوش كما هو الحال في..

 1 ـ جبل عفرين الذي يتواجد فيه الأيزيديون لليوم وتم فيه الكشف عن نقش دائري محاط بطاؤوسين على صخور في قمة جبل ليلون ما زال شاخصاً للعيان.. 

 

والدائرة التي في داخلها صليب متساوي الاضلاع.. يعكس الاتجاهات الأربعة للكون.. في المعتقدات الدينية القديمة.. هي ذات الرمز الدال على هذا المعنى.. الواضح المعالم والمنقوش على جدران معبد لالش لليوم..

2ـ ليس هذا فقط بل هناك مكتشفات آثاريه في أطراف مدينة الرها في المنطقة الكردية التي تقع في نطاق تركيا الحالية التي كانت امتداداً لبلاد الرافدين سابقاً احتوت على بقايا هيكل لمعبد ديني مشكل من دوائر حجرية في (تل الأماني) كما يسمى بالكردية (كري مرازان) وهذه التسمية تذكرنا بـ (استونا مرازا) في معبد لالش التي يشكل جذعها الذي على شكل عمود ضخم ومن يستطيع تطويقه بيديه ويشكل دائرة حوله ستحقق امانيه وتستجاب طلباته..  

آثار دائرية في (كري مرازان ـ تل الأماني) في ضواحي مدينة الرها

 والملفت في شكل بقايا هذا المعبد وتشابهه الكبير مع ما وجد في بريطانيا من دوائر حجرية تسمى:

 3ـ (ستون هينگ Stonehenge)..

وهي دوائر أثرية قديمة تتشكل من أعمدة حجرية يطلق عليها ستون.. وهي نفس التسمية بمعنى العمود في اللغة الكردية ايضاً.. 

مما يوحي لوجود تاريخ مشترك ينبغي مواصلة البحث فيه وتقصي المزيد من الحقائق عن هذا التشابك التاريخي في مجال الآثار وفقه اللغات.. 

وهو امر نبه اليه عدد من العلماء والمختصين.. وأكدوا منذ أكثر من عقدين وجود صلات مشتركة وتشابهات لغوية بين اللغة الإنكليزية واللغة السومرية.. وبات في عهدة مدارس فقه اللغات التي اخذت تتوسع فيها الدراسات اللغوية.. في أكثر من جامعة.. وأصبح علماً مستقلا لا يمكن التغاضي عن نتائجه.. مع التقدم الذي أحرز فيه في هذه الفترة القصيرة من الزمن..

وسنتوقف بداية عند دوائر (ستون هينج) الشهيرة التي جلبت الانتباه.. وما زالت تعتبر معلماً اثرياً تاريخياً مهماً.. يستقطب السواح والمزيد من المهتمين بتاريخ الأديان.. وخصوصية هذا التواجد التاريخي ـ الديني في بريطانيا..

 

موقع ستون هونج الأثري

 

دوائر ستون هونج

موقع ستون هونج الأثري

 

التي كثرت الكتابات والتفسيرات عنها وباتت تشكل معلماً سياحياً مهماً في بريطانيا.. يعكس جزء من التاريخ الميثولوجي للشعوب.. التي لها علاقة بالدوائر المقدسة.. وشملت بالإضافة الى شعوب الشرق الهنود الحمر في أمريكا الشمالية.. حسبما ورد في كتاب الباحث (عبد الناصر حسو) اليزيدية وفلسفة الدائرة ص 121..  كما أسلفنا سابقاً..

 

وتؤكد المعلومات التاريخية المتوفرة التي دعمت بالفحص المختبري للحامض النووي كما يؤكد البعض في كتاباتهم.. وجود علاقة تاريخية ومشتركات بيولوجية.. بين بناة موقع “ستونهينج” الأثري في جنوب غربي انجلترا، ومن عاشوا وتواجدوا في شمال الأناضول وبقية الشعوب والقبائل التي سكنت مناطق كردستان الحالية.. من آشوريين واسلاف الأكراد وبقية الاجناس التي تسلسلت من العهد السومري..

وفي التفاصيل هناك من يثبت خارطة تنقلهم وعبورهم عبر سواحل البحر الأبيض المتوسط من الشرق حتى جنوب غرب بريطانيا.. وحددوا الزمن بالألف الرابعة قبل الميلاد..

ويعتقد انهم نقلوا معهم في هذا الترحال التاريخي الكثير من أوجه ثقافتهم في مجال الزراعة والعيش.. لا بل انهم قد أدخلوا تقليد بناء الآثار باستخدام الأحجار الكبيرة المعروفة باسم “مغليث”، وما مَعْلَم “ستونهينج” في مقاطعة ويلتشير إلاّ جزء من هذا التقليد والانتقال الحضاري.. الذي أسفر عن وجود مجموعات متباينة ومختلفة في هذه الرقعة الجغرافية كما هو واضح للعيان اليوم.. من الاعمدة الصخرية البريطانية المرصوفة في حلقات دائرية بالقرب لندن..

4ـ الدوائر الحجرية في الأردن

الدوائر الحجرية في الأردن

استكمالا للبحث.. لا بد وأن نتوقف عند الآثار الواضحة المعالم المكونة لحلقات دائرية من الحجر في الاردن.. 

حيث انتبه العلماء والمختصون بالتاريخ والآثار الى الدوائر الحجرية الكبيرة المنتشرة في صحراء الأردن.. ترجع لـ 2000 سنة قبل الميلاد.. لها علاقة بالمعتقدات الدينية في ذلك الزمن.. وتتطلب تفسيراً لوجودها واهميتها.. وضرورات رسمها وتشكيلها.. وفقا لتلك المعتقدات.. التي ابدعت هذه الدوائر ومازالت تطرح تساؤلاتها العميقة على الباحثين. 

منذ أن تأكد وجودها وتم تصويرها من الجو.. وبدأ تسليط الضوء على عددها.. وهي عدة دوائر عملاقة منتشرة في الأردن والبادية شغلت الباحثين والعلماء المختصين بالآثار من عقود. والمؤكد منها ثمانية دوائر كبيرة.. بين وادي الحسا وأطراف جبال الشراة. ومجموعة ثانية من أربع دوائر كبيرة إلى الشمال من واحة الأزرق.

 

وبحسب صحيفة “ديلي ميل” شوهدت المجموعة الأولى من الدوائر من الجو أول الأمر في العشرينيات، 

وكشفت مسوحات أحدث ان أحجامها وأشكالها تتراوح بين (220 متراً ـ 455 متراً) في القطر، مشكلة من الحجارة والصخور.

بعضها ذات تكوين خام، ودقيقة هندسياً، كما يقول الباحث من جامعة غرب أستراليا في “مجلة علم الآثار الشرقية” البروفيسور ديفيد كينيدي.. 

وخبير الآثار الدكتور محمد ابو عبيلة الذي يؤكد.. 

إن ما ظهر بالصور من دوائر في صحراء الاردن له علاقة بالمعتقدات الدينية منذ الألف الرابع قبل الميلاد، في العصرين النحاسي والبرونزي. والمعتقدات الدينية في تلك العصور. 

وتطرق ايضا الى وجود دوائر اخرى كبيرة بداخلها دوائر أصغر؛ حيث تعود الى الألف السابع قبل الميلاد من المحتمل يكون لها علاقة بالصيد والقنص..

 

آثار الدولمين في الأردن

 

5ـ الدوائر الحجرية المتراصة في اثيوبيا ـ الحبشة 

 

الأحجار الأثرية المتراصة في إثيوبيا

اكتشف علماء الآثار في اثيوبيا الأحجار المتراصة التي تشبه المسلات ويبلغ ارتفاعها 20 قدماً، وتفيد المعلومات البحثية أنها تعود لما قبل الميلاد بعد ان تمكن علماء الآثار من جامعة واشنطن من تأريخ عينات الفحم من قواعد الأحجار في ثلاثة مواقع من منطقة جيدو التي تضم عدداً من المسلات الصخرية الأفريقية، في أكثر من 60 موقعاً.. 

وتوجد أيضا في منطقة سيداما مسلات ودوائر حجرية أخرى مازالت تنتظر جهود الباحثين للكشف عن معالمها ومدلولاتها الدينية والاجتماعية والثقافية..

6 ـ  الدوائر الميغاليثية في سينيغامبيا ـ افريقيا

 

7ـ ودوائر أخرى عديدة

ودوائر أخرى في اليمن والسعودية وسوريا

 

ويمكن التأكيد على وجود مثل هذه الدوائر ايضا في اليمن وصحراء السعودية وسوريا حيث شوهدت عبر الاقمار الصناعية دائرة كبيرة عام 2002 بالقرب من حمص.. تشير أشكالها وأحجامها إلى كونها بشرية المنشأ يمكن وصفها بالألواح الحجرية.

وبالنظر لدقة بعضها يمكن القول.. ان عدداً كبيراً من المهندسين والعمال والفنيين المتخصصين قد اشتركوا في انجازها وهندستها.. علماً أن المكتشفات الجديدة تؤكد وجودها في رقع جغرافية اوسع تمتد الى افريقيا وأوربا.. في عدة بلدان اخرى منها لبنان والبحرين وتونس والجزائر وجنوب أفريقيا وكذلك بريطانيا كما اوضحنا..

ينتشر العشرات منها شمال بلدة الجحفية في الأردن.. لكن الزحف العمراني قد دمر العديد منها حيث أزيلت تماماً، وهي مكونة من صخور دائرية.. ومن المرجح أنها استخدمت كقبور لجماعات بشرية كانت تهاجر من شمال المملكة إلى جنوبها وفلسطين في العصر البرونزي الدور الأول/الثاني، 

وانتشرت في مناطق مختلفة من الأردن مثل حقل داميا وحسبان واربد بحدود 2900 ق.م، وتم نقل بعضها من الجحفية إلى كلية الآثار في جامعة اليرموك.. وجرى إعادة تركيبها بنفس الطريقة لتستقطب الزوار وطلبة الدراسات.

 

دولمن في شمال جحفية

وتفيد المعلومات.. إن أقدم المواقع الأثرية في منطقة الجوف من أعمدة الرجاجيل تقع إلى الجنوب الغربي من مدينة سكاكا، ويوجد بها خمسون مجموعة من الأعمدة الحجرية المنتصبة والمسماة بالرجاجيل في دائرة كبيرة غير منتظمة يبلغ نصف قطرها أربعمائة متر تقريباً.

ويقول بعض المؤرخين أنها ربما تعود لمعبد للألف الرابع قبل الميلاد، يحتوي الموقع على حوالي خمسين مجموعة من الأعمدة الحجرية المنتصبة والكثير من الأعمدة محطم وملقى على الأرض.

 

وهناك أراء تؤكد.. وجود قرى ومواقع دائرية من الألف الرابعة قبل الميلاد.. في نطاق شمال الجزيرة العربية تعود لحضارة العصر الحجري الحديث التي كانت تستخدم الفخار وتمارس الزراعة والصيد والرعي، لشكلت جزء من حضارة أعم امتدت خلال الألف الرابع قبل الميلاد إلى سيناء وشرق الأردن وجنوب سورية وغرب العراق.. وأطلق عليها حضارة العصر الحجري /المعدني لاكتشافها أسلوب صهر النحاس، وتتميز هذه الحضارة بقرى الدوائر الحجرية التي ربما كانت تستعمل للسكن الموسمي..

وتعتبر هذه الأعمدة من المواقع الأثرية المهمة التي تنتظر جهود الباحثين والعلماء من أجل فك طلاسمها والكشف عن محتوى رموزها والغاز تكوينها للاستدلال على خصوصيات التاريخ الميثولوجي في هذه المواقع الأثرية الفريدة في هذه المناطق.

ثمة الكثير مما يمكن ذكره عن الدوائر المقدسة لدى الشعوب التي ما زالت تمارس هذه الطقوس الدائرية بمختلف الوسائل كما هو الحال لدى شعوب أسيا الصغرى في مجموعة الدول الني كانت تابعة للاتحاد السوفيتي السابق حيث ما زال العديد من سكان أوزبكستان وتركمانستان وتترستان يمارسون طقوس صنع هذه الدوائر في مناسبات مختلفة من خلال شعر الخيول.. وهي ممارسة متواصلة لدى البدو العرب في الصحراء العراقية لليوم وفقاً لمعلومات الروائي حمودي عبد محسن من النجف الذي أكد في اتصال هاتفي.. 

ان البدو العرب ينسجون من شعر الخيول حبال.. ويضعونها على شكل دائرة حولهم.. لينامو مطمئنين اثناء الانتقال والترحل في الصحراء.. ووفقاً للمعلومات المتداولة بينهم.. ان العقارب حينما تقترب من الحبل تنفر بعيداً عنه.. ولا تقترب من الذين يتواجدون في نطاق دائرته.. 

وقد يكون التفسير المنطقي لهذا السلوك.. المحتوى الكيمائي للشعر وما يفرزه من روائح.. السبب الذي يجعل العقارب تهرب من الحبل وتفر مبتعدة عن محور الدائرة.. كما ينقل عنهم في هذا الترحال المرافق لطقوس الدوائر الميثولوجية بين البدو في صحراء العراق..

وفيما يخص بلاد الرافدين.. وما تفرزه البحوث والترجمات الجديدة للألواح المسمارية.. ومع هذه الدلائل عن الدوائر المقدسة لدى الايزيديين والصابئة.. حيث يمكن ان نتوقف عند رمز النحلة في دائرة الأسكندولة الذي يتواتر ذكرها ايضاً في الأدب الشفاهي للإيزيديين لاستكشاف المشترك الميثولوجي بين رمزية النحلة في الديانتين.. 

لا بد وان نقول ونؤكد ايضا.. رغم كل هذا التقدم في مجال علم الآثار.. اننا ما زلنا في بداية المشوار.. لاكتشاف المزيد من الحقائق عن هذا التاريخ المشترك.. الذي ما زال يتواصل لليوم.. ولا يحتاج لربط حلقاته إلا القليل من الجهد والانتباه من طلبة العلم والمتخصصين الذين سيواصلون السير في هذا الطريق.. 

ـــــــــــــــــــــــــــــــ 

 صباح كنجي 

نهاية عام 2021

ـ فصل من كتاب الايزيدية محاولة للبحث عن الجذور.. الجزء الثاني 

 

مصادر الفصل

1ـ نائل حنون كلكامش نسخة الكترونية

2ـ اليزيدية وفلسفة الدائرة عبد الناصر حسو التكوين للتأليف والترجمة والنشر دمشق الحلبوني سنة 2008 

3ـ النصوص الدينية الايزيدية

4ـ زهير كاظم عبود

5ـ معلومات الباحث محمود خضر من بحزاني

6ـ معلومات الباحث داود الختاري

7ـ كتابات مختلفة في الانترنيت

8ـ المصادر الإسلامية 

9ـ كتابات ومعلومات عن الصابئة

10ـ فواز فرحان.. الأيزيدية هندسة الأسرار المقدسة.. نسخة الكترونية

 

RELATED ARTICLES

2 COMMENTS

  1. يقولون أن الدائرة كانت معجزة زرادشت. فالمعلوم في علم الهندسة لا يًمكن رسم دائرة صحيحة بدون آلة, لكن زرادشت فعل وآمن به ملك أذربيجان دوران سرون, وبعدها عند الئيزديين لها معانٍ عديدة , فيما عدا قرص الشمس الدائري , هو لا يعني أكثر من الشكل الهندسي اللامنتهي وشكراً

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular