قرر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أن يتولى جهاز الأمن التحقيق في ملف قضية حادثة جبلة
ضجت الأوساط الشعبية والسياسية في العراق وقبيل ساعات من استقبال العام الجديد، بحادثة مقتل 20 شخصاً من عائلة واحدة في جبلة بمحافظة بابل في جريمة اعتبرها كثيرون “إبادة جماعية”.
وقرر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أن يتولى جهاز الأمن الوطني التحقيق في ملف قضية حادثة جبلة، فضلاً عن توقيف عدد من الضباط والأشخاص على خلفية هذه الحادثة.
وجاء في بيان لخلية الإعلام الأمني أنه “للوقوف على ملابسات حادث جبلة شمال محافظة بابل ومحاسبة المقصرين فيه، أمر القائد العام للقوات المسلحة أن يتولى جهاز الأمن الوطني التحقيق في ملف هذه القضية بالتنسيق مع محكمة استئناف محافظة بابل”.
وأضاف “تم توقيف عدد من الضباط والأشخاص على خلفية هذا الحادث الذي ما زال التحقيق فيه مستمراً”.
إقالة قائد شرطة محافظة بابل
وقرر وزير الداخلية العراقي عثمان الغانمي إقالة قائد شرطة محافظة بابل على خلفية الحادثة، وراح بسببها عدد من الضحايا، فيما كُلف اللواء خالد تركي معاون قائد الشرطة المقال بمهام تمشية أمور قيادة شرطة بابل.
وذكر بيان لوزارة الداخلية العراقية أن وزير الداخلية الذي وجد الجمعة بشكل ميداني في منطقة جبلة شمالي محافظة بابل، قرر إقالة قائد شرطة المحافظة، ووجّه الوزير بتشكيل لجنة تحقيق مختصة للتحقيق مع القوة التي نفذت الواجب في هذه الحادثة، وتكون هذه اللجنة مؤازرة للتحقيق القضائي.
وأوعز الغانمي إلى الجهات الفنية المعنية، من بينها مديرية الأدلة الجنائية، بالإسراع في تقديم نتائجها في ملف هذه الحادثة، وفقاً للبيان.
التحقيق جارٍ على أعلى المستويات
بدوره، قال مدير دائرة العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية العراقية، اللواء سعد معن، في تسجيل مصور، إن “التحقيق جارٍ على أعلى المستويات لمعرفة كل ملابسات وظروف الحادثة”.
وأوضح معن أن “هنالك جملة من الإجراءات التي سيتم اتخاذها بصدد هذه الحادثة”، مؤكداً أنه “لن يكون هنالك أي تقصير، والتحقيق سيكون سريعاً وعادلاً ومنصفاً”.
“مجزرة” منطقة جبلة جنائية وليست “إرهابية”
وكان محافظ بابل، حسن منديل السرياوي، أكد أن “مجزرة منطقة جبلة التي أودت بحياة 20 شخصاً جنائية وليست حادثة إرهابية”، مشيراً إلى أن المتهم كان مطلوباً من قبل محاكم بغداد.
وقال السرياوي في مؤتمر صحافي، إن “الإجراءات التحقيقية مستمرة، ونحن هنا في موقع الحادثة لا نريد أن نسبق أحداث التحقيق، لأن هناك بعض الملابسات لدينا من حيث المبدأ، ولكن ضمن سير التحقيق وبسرية عالية لكي لا تضيع معالم الجريمة”.
وأضاف أن المتهم في محافظة بابل “لا توجد بحقه أي مطلوبية، وإنما سابقاً كان عليه أمر قبض وفق أحكام المادة 406، لكن الأمر القضائي الصادر بحقه أخيراً كان من محاكم بغداد، وحاولت قوات الشرطة أن تنفذ هذا الأمر في محافظة بابل”.
وعن تفاصيل العملية أشار محافظ بابل إلى أن “الاستخبارات طلبت إسناداً من القوات الأمنية، وحصل تبادل إطلاق النار، وتفاجأت القوات الأمنية بعد الدخول إلى مقر الحادثة بوجود عدد من الضحايا”، مؤكداً أن “الحادثة جنائية بالمعنى الدقيق، وليس كما رُوّج لها على أنها حادثة إرهابية”.
كارثة بمعنى الكلمة
ويشير أحد جيران عائلة الضحية إلى أن الحادثة “ليست إرهابية، ولم يكن المتهم تاجر مخدرات، ولا يملك أي شيء، وحتى وضعه المادي كان سيئاً للغاية”.
وأضاف “نحن جيرانهم منذ زمن بعيد، وما حدث هو كارثة بمعنى الكلمة”، مضيفاً “جاءت قوة من بغداد قتلته وغادرت”.
شقيقة الجاني تحدثت عن الحادثة، مؤكدة أنه “لم يكن إرهابياً والقوات الأمنية نفذت المجزرة”.
وقالت شقيقة الجاني في تصريحات صحافية، إن شقيقها “لم يكن مطلوباً وفق المادة 4 إرهاب، ووضعه المادي متردٍّ”.
ونفت في الوقت نفسه أن يكون شقيقها “قاتل أبنائه”، مشيرة إلى أن “20 شخصاً توفوا بإطلاقات نارية من قبل القوات الأمنية”.
وعن تفاصيل العملية قالت “أرسلوا 50 آلية أمس الأول، ودفاعاً عن النفس حدثت اشتباكات مع القوات الأمنية”، متهمة نسيب شقيقها الذي يعمل منتسباً مع القوات الأمنية في بغداد باستقدامه القوة إثر مشكلة عائلية بينهما.
وناشدت شقيقة الجاني، رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، ليأخذ حقهم ويحاسب المسؤولين عن قتل 20 شخصاً.
توجيهات عدة بحق المتورطين
وأكد اللواء يحيى رسول أن القائد العام للقوات المسلحة أصدر توجيهات عدة بحق المتورطين في حادثة جبلة بمحافظة بابل.
وقال اللواء رسول لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن “القائد العام للقوات المسلحة يتابع بشكل مباشر التحقيقات بحادثة جبلة في محافظة بابل”، مشيراً إلى أن “رئيس الوزراء وجه بأن يتولى جهاز الأمن الوطني التحقيق في ملف هذه القضية بالتنسيق مع محكمة استئناف محافظة بابل”.
وأضاف “رئيس الوزراء وجه بتحقيق عادل واتخاذ أقصى العقوبات بحق المقصرين”، مؤكداً “لن يُسمح لأي طرف بالمساس بأمن المواطن في أي شبر من أرض الوطن”.
علامات استفهام حول الجريمة
إلى ذلك، علق القيادي في “تحالف العزم”، مثنى السامرائي، بشأن مجزرة بابل، قائلاً “نضع علامات استفهام حول الجريمة”.
وقال عبر “تويتر” “لن نتسرّع في الحكم ولن نستبق الحقيقة لكننا نضع علامات استفهام جدية إزاء الجريمة البشعة التي حدثت في ناحية الجبلة”.
ودعا القيادي في “عزم”، الجهات الأمنية إلى “التحقيق الدقيق في مجريات المجزرة وإيضاح تفاصيلها للرأي العام بشكل شفّاف ومهني”.
“إبادة جماعية”
الخبير القانوني علي التميمي، كشف عن أن حادثة قتل 20 شخصاً “جريمة إبادة جماعية”، مشيراً إلى أنه “لا بد لسلطات التحقيق من الكشف عن مرتكبي هذه الجريمة والاعتماد على شهادة الشهود والتقرير الطبي التشريحي، والكشف على محل الحادثة وأيضا آثار الإطلاقات النارية ومسافة الإطلاق لبيان هل هي حالة إعدام جماعي أم نتيجة اشتباكات”.
ويتساءل التميمي “إذا كان المجني عليه إرهابياً لماذا يقتل أفراد عائلته؟ وأين هو الجهد الاستخباري في تحديد ذلك؟ وأليس من اللازم أن تكون أسماء الإرهابيين معروفة للأجهزة الاستخباراتية؟”.
وشدد على أن “محكمة التحقيق معنية بمتابعة خيوط الحادثة من خلال ما تقدم وكشف خيوط الحادثة من كل جوانبها، لبيان إذا كانت الحادثة جريمة إرهابية أم جنائية”.
وطالب التميمي “رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ووزير الداخلية عثمان الغانمي بمتابعة القضية كونها تمس سمعة البلد”، على حد تعبيره.
جبار زيدان صحافي عراقي