الدكتور محمد محيي الدين تخرج من كلية الطب في كراتشي.
(الحرة) واشنطن – بفضل جهود عالم أميركي من أصل باكستاني، يعيش رجل من ولاية ميريلاند منذ ثلاثة أيام بقلب خنزير ينبض داخل صدره، في نجاح هو الأول من نوعه في العالم لزراعة قلب حيواني معدل جينيا في صدر إنسان.
وقادت أبحاث الدكتور محمد محيي الدين، أستاذ الجراحة في كلية الطب بجامعة ميريلاند، الجهود لإجراء هذه العملية، وفق مقطع فيديو للجامعة.
وأجرى الجراحة، التي استندت إلى جهود محيي الدين، فريق من الأطباء برئاسة، بارتلي غريفيث، واستغرقت 9 ساعات كاملة.
ويعد الباحث الأميركي “أحد أبرز الخبراء في العالم في زراعة الأعضاء الحيوانية في جسم الإنسان، التي يطلق عليها xenotransplantation وقد قام بتأسيس برنامج خاص في الجامعة لإجراء عمليات قلب بهذه الطريقة بالتعاون مع الدكتور بارتلي غريفيث، الذي أجرى عملية الزرع الأخيرة.
ويعمل قلب الرجل الذي خضع للعملية، ويدعى ديف بينيت، 57 عاما، بشكل جيد حتى الآن، ما قد يفتح طريقا جديدا لمئات الآلاف الذي ينتظرون في طابور طويل للحصول على الجراحات التقليدية.
وتمكن بينيت من التنفس من تلقاء نفسه، على الرغم من أنه ما يزال موصولا بقلب صناعي يضخ نحو نصف ما يحتاجه من الدم، ويخطط الأطباء لـ”فطامه” ببطء.
وفي تسجيل فيديو نشرته الجامعة قال محيي الدين إنه “يشعر بحماس شديد لأن العملية جرت بصورة جيدة جدا، فاقت التوقعات”.
وأضاف “لم نر أي علامة على الرفض لهذا العضو.. هذه العملية غيرت قواعد اللعبة، وأعطت أملا لعشرات آلاف الأشخاص”.
وتقول سيرته الذاتية على موقع جامعة ميريلاند إنه حصل على درجة البكالوريوس في الطب والجراحة من كلية داو الطبية في كراتشي بباكستان عام 1991، وبعد الانتهاء من تدريبه الجراحي في المستشفى المدني هناك، انتقل إلى الولايات المتحدة.
وفي موطنه الجديد، حصل الطبيب في تسعينيات القرن الماضي وبداية الألفية على زمالات جامعات ومراكز أميركية مرموقة، من بينها زمالة بيولوجيا زرع الأعضاء وعلم المناعة في قسم جراحة القلب والصدر بالمركز الطبي بجامعة بنسلفانيا، وزمالة جراحة زرع الأعضاء في كلية الطب بجامعة أليغيني في بنسلفانيا، وزمالة زرع نخاع العظام بجامعة أليغيني وزرع الخلايا الجزيرية بجامعة بنسلفانيا.
وانصب اهتمام محيي الدين على فهم دور الخلايا الليمفاوية “بي” في عمليات زرع الأعضاء، خاصة ما يتعلق برفص الجسم أعضاء من غير جنس المستقبل لها (xenograft) وقدرة المريض على تحمل الزرع، ومسألة تعديل المناعة.
وتستخدم أبحاثه في مجال كبت المناعة لمساعدة الجسم على استقبال عضو جديد على نطاق واسع في جميع أنحاء مجال زرع الأعضاء الحيوانية.
وعلى مدار 30 عاما، قدم الطبيب الأميركي العديد من المساهمات في مجالات زرع الأعضاء، منها أكثر من 120 منشورا وأكثر من 100 ملخص، بالإضافة إلى العديد من العروض التقديمية.
وكان لمحيي الدين دور فعال في بدء برامج أبحاث زرع الأعضاء في المعهد الوطني للقلب والرئة والدم وكذلك في جامعتي بنسلفانيا وراش.
وشغل مؤخرا منصب رئيس قسم زرع الأعضاء في برنامج أبحاث جراحة القلب والصدر، وأصبح كبير العلماء في المعهد الوطني للقلب والرئة والدم، التابع لـ”المعاهد الوطنية للصحة”.
وقبل انضمامه إلى الأخيرة في 2005، شغل منصب عضو في هيئة التدريس بجامعة بنسلفانيا في فيلادلفيا وجامعة راش في شيكاغو.
ويشير بيان لمستشفيات جامعة ميريلاند إلى أن فكرة زرع أعضاء حيوانية كانت قد جربت في الثمانينيات على طفلة تدعى “ستيفاني فاي بوكلير”، من خلال زرع قلب قرد لها، لكنها توفيت بعد 20 يوما، بسبب رفض الجهاز المناعي للقلب الغريب.
وفي السنوات اللاحقة، أظهرت فكرة تركيب صمامات قلبية من الخنازير نجاحا وأصبحت أكثر قابلية، وكان التحدي هو الحفاظ على عمل هذا العضو لفترة طويلة من الزمن، وهو ما كان محور نجاح تجارب محيي الدين، الذي وجد ضالته في قرود البابون التي تتشابه مع الإنسان.
وكانت الحيلة لإنجاح عمليات زرع الأعضاء هي ترويض الاستجابة المناعية بدرجة كافية بحيث يتعرف جسم الإنسان على عضو المتبرع ويقبله، دون كبت الجهاز المناعي بشكل يؤدي لمضاعفات خطيرة.
وستتم مراقبة المريض بينيت، الذي لم يرفض جسمه العضو الجديد على الفور بعناية خلال الأيام والأسابيع المقبلة، لتحديد ما إذا كانت عملية الزرع ستنجح أم لا في النهاية.
وقال قبل يوم من إجراء الجراحة قال المريض: “إما أن أموت أو أقوم بعملية الزرع هذه. أريد أن أعيش. أعرف أنها طلقة في الظلام، لكنها خياري الأخير”.
ومن جانبه، قال محيي الدين: “هذا تتويج لسنوات من البحث شديد التعقيد لتشجيع هذه التقنية في الحيوانات مع فترات البقاء على قيد الحياة التي تجاوزت تسعة أشهر. استخدمت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (أف ديه إيه) بياناتنا عن الخنزير التجريبي للسماح بعملية الزرع في مريض القلب في المرحلة النهائية. الذي لم يكن لديه خيارات علاج أخرى”.