دَخل الرئيس برهم صالِح قَصر السلامْ قبلَ أكثرِ مِن ثلاثِ سنواتٍ وعلى صدر جدول اعمال اهتماماته هموم البلد و منها المأساة الايزيدية، في العام ٢٠١٨ خرج الايزيدون لتوهم من ثُقل التداعيات الكارِثيّة للإبادة الجماعيّة الـ (74) التي تعرّضوا لها في٣ اب ٢٠١٤ التي ارتكبها وحوشِ العصرْ، عِصابات داعِش الإرهابيّة، ونتج عن هذه الحَملة الوحشيّة قَتِلْ وذبِح العديد من الأبرياءْ وسَبي النِساء وتَدميرِ المُدن والقُرى والنِزوحِ لِمن استطاع إلى رۆژئاڤا أو إقليم کوردستان ومن هناك إلى دولِ المهجّر.
انبرى الرئيس برهم صالح في طليعة المسؤولين بهمة عالية ومسؤولية وطنية خالصة، مُسخرا جهده الرئاسي والحكومي والقانوني لهذه القضية حاملاّ الهم الايزيدي إلى قَصرِ السلام، باذلاً اقصى الجهود لمُداواة الجرح، وهو من قال ان “مأساة الايزيدية هي جرح كل الوطن”.
وللعلاقات الطيبة التي تجمعه بالمجتمع الايزيدي، كان عارفاً ومدركاً لقضيتهم وتطلعاتهم نحو الامن والحماية والسلام، وإنهاء ملف النزوح الذي عمل عليه بتواصل مباشر مع مجلس الوزراء الاتحادي خلال حكومتي السيدين عادل عبد المهدي ومصطفى الكاظمي، والتي اثمرت عن إجراءات قانونية ومعنوية كبيرة من تعويض المتضررين والانتصار للضحايا والناجيات الايزيديات، إلا ان عقبات سياسية معروفة للايزيديين اكثر من غيرهم، والازمة السياسية في بغداد حال دون تحقيق كامل الحقوق للايزيديين.
لم يبق الرئيس برهم صالح مكتوف الايدي، بل حمل معه القضية إلى المجتمع الدولي، وكرر من على منبر الامم المتحدة حيث قادة العالم حاضرون التذكير بالمأساة الايزيدية، وعقد العشرات من الإجتماعات مع البعثة الدولية للأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) والأطراف الدولية الفاعلة، كانت النتيجة ادخال الملف ضمن اتفاقية سنجار المبرمة بين حكومتي المركز والإقليم ولكن نفس العراقيل السابقة حالت أمام تقدم المشروع.
في الأيام الأولى من دخول الرئيس لقصر السلام تحدثتُ معه حول مشروع قانون الناجيات الأيزيديات المُرسل من قبل رئاسة الجمهورية في نهاية 2015 إلى مجلس النواب العراقي الذي تم اهماله من قبل قوى سياسية متنفذة في حينها، فأمر الرئيس فوراً وبلا تردد بتشكيل لجنة رئاسية عُليا لدراسة المشروع من جديد ومناقشته مع المجتمع الايزيدي وإجراء التغييرات الضرورية فيه وإغناءه من قبل اللجنة ونخبة إيزيدية متنورة ليُرسل إلى مجلس النواب، واجرى السيد برهم اتصالات مكثفة مع رئيس البرلمان وقادة الكتل من اجل تمريره، وتكللت الجهود بتشريع قانون الناجيات الايزيديات، التشريع الحكومي الأهم للايزيديين لتكون قضية وطنية كبرى.
لم يقف السيد برهم صالح عند هذا الحد، بل واضب على متابعة القضية الايزيدية، ومتابعة جميع مراحل إقرار القانون و الحصول من خلاله على اعتراف عراقي رسمي بأن ماحصل للايزيدية (إبادة جماعية) و تم التوقيع عليه من قبله في مراسم رسمية من داخل قبة البرلمان وفي يوم المرأة العالمي في ٨ اذار ٢٠٢١، ويتابع بحرص عملية تنفيذ بنوده.
كان باب قصر السلام مفتوحاً للايزيديين على مدار السنوات الثلاثة من الفترة الرئاسية للسيد برهم صالح، مُستمعاً لمعاناتهم وتطلعاتهم، مُحتفيا بهم، بالناجيات التي يُسميهن بناتي واخواتي، وبالابطال الذين قاوموا عصابات داعش الإرهابية، وبالشخصيات الاجتماعية والسياسية، والأحزاب والمنظمات المعنية، الى جانب اهتماماته المتواصلة بمختلف أطياف الشعب من المكونات والاطياف.
بعد حصول الأخت نادية مراد على جائزة نوبل للسلام في 2018 تم إعداد مراسم مهيبة لاستقبالها في القصر الرئاسي استقبال الابطال، من قبل الرئيس وعقيلته الدكتورة سرباخ، مُشيداً بشجاعتها، متواصلا معها على طول الدرب حول الرسالة التي تحملها.
قبل أن اختم لابد ان اشيد بدور الرئيس في متابعة وتقييم عمل فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم التي ارتكبها تنظيم داعش (يونيتاد) ولقاءاته المستمرة برئيس الفريق من أجل تقديم المجرمين والإرهابيين إلى العدالة إنصافاً لذوي الضحايا والعمل على هذا الموضوع مستمر مع المؤسسات العراقية المعنية.
هناك العديد من المحطات الأخرى والتفاصيل الدقيقة قد يأتي يوم وأقوم بكتابتها ونشرها خدمةَ للحقيقة وما كتبته اليوم هنا، هو من باب الانصاف للرجل وما عايشته معه ومعي كل الايزيديين، وما الحملات الظالمة على الرئيس برهم صالح من جهات سياسية سوى دليل نجاحه في مهام عمله الجسيمة، فالشمس لا تُغطى بغربال.