وزارة الدفاع العراقية، هذه المؤسسة العريقة والمحترمة والتي هي فخر لكل العراقيين في كل زمان بغض النظر عن التحولات السياسية والانقلابات وغيرها، يبدو انها للاسف الشديد لم تسمع شيئا اسمه (DNA).
ففي خبر نقلته صحيفة الصباح العراقية الرسمية، ورد فيه “يبدأ فريق عراقي – إيراني مختص أعماله بمحافظة ميسان بعد غد الثلاثاء، للكشف عن رفات مفقودي الحرب التي اندلعت بين البلدين خلال ثمانينيات القرن الماضي، ضمن ثلاث مناطق حدودية فيها.
وقال مدير شعبة الإعلام والعلاقات بمكتب حقوق الإنسان في ميسان أحمد ستوري إن “الفريق المختص سيزور المحافظة في الـ 18 من الشهر الحالي، ليبدأ مهامه بالكشف عن رفات المفقودين ضمن مناطق: الشيب والطيب والزبيدات التي شهدت أراضيها معارك ضارية خلال الحرب (العراقية – الإيرانية) في ثمانينيات القرن الماضي” .
وأشار ستوري إلى أن “هذه اللجان ستتخذ إجراءاتها اعتمادا على تعليمات فريق العمل المشترك المشكل بين وزارة الدفاع ودائرة الطب العدلي العراقية ونظيرتها الإيرانية، إضافة إلى ممثل عن منظمة الصليب الأحمر الدولي”، كاشفا عن “وجود رفات لجنود عراقيين لم يتم الكشف عنهم حتى الآن، وأغلبهم مجهولو الهوية” .
وبشأن مصير الرفات مجهول الهوية، أوضح مدير شعبة الإعلام والعلاقات أنه “يتم دفنهم في مقبرة مكتب الأسرى والمفقودين ضمن قضاء الزبير بمحافظة البصرة”، كاشفا عن “إجراء تبادل في وقت سابق لرفات جنود مفقودين من العراق وإيران، وجرى وفق مراسيم رسمية خاصة بين الجانبين”.
في السياق ذاته، ذكر أن ” اللواء الحدودي العاشر أبلغ مكتب مفوضية حقوق الإنسان في ميسان بالعثور على رفات مجهول الهوية ضمن منطقة الزبيدات بمحافظة ميسان في الشريط الحدودي المحاذي لإيران، وتم إبلاغ الجهات المعنية في وزارة الدفاع بذلك” .
انتهى الخبر والاقتباس..
بلا شك ان عشرات الالوف من العراقيين ما زالوا ينتظرون أي خبرا عن ابائهم وابنائهم واخوانهم من الجنود ممن تم تسميتهم بـ “المفقودين” في تلك الحرب العبثية، ولا يعرف احدا عددهم بسبب تكتم السلطات العراقية حينها عن اعدادهم الحقيقية، وربما انها هي ايضا لم تكن تعلم حجم المأساة التي احرقت ارواح واجساد عشرات الالاف من الشباب العراقي في تلك الحرب اللعينة، لكن متحدثا باسم وزارة حقوق الانسان العراقية قال في تصريحات صحفية ان عدد المفقودين العراقيين قد يصل الى 50 الف مفقود..!!
ارجح ان نسبة ضئيلة من اباء وامهات اولئك المفقودين ما زالوا احياء وينتظرون أي خبر عن احبابهم الذين فقدوهم، وايضا هنالك عشرات الالاف من الزوجات والاخوان والابناء من الاحياء ليومنا هذا، ممن ينتظرون أي خبرا عن احبابهم الذين فقدوا حينها ايضا.
وارى ان دفن رفات الجنود العراقيين من مجهولي الهوية، بمقبرة في محافظة البصرة هو ظلم واجحاف بحقوق اولئك الجنود اولا وبحقوق ذويهم ثانيا، وبحقوق الانسانية والحقيقة، التي يبحث عنها ذوو المفقودين المساكين والمظلومين.
اقترح على وزارة الدفاع العراقية العريقة، ان لا تسمح بحدوث هكذا تجاوز على حقوق جنودها من الذين قضوا بتلك الحرب، وان تاخذ عينة من رفات من لا يحمل قرصا تعريفيا، وان تطلب من ذوي المفقودين ان يتبرعوا بعينات مماثلة لاجل التعرف على اصحاب تلك الرفات.. والتكنولوجيا حاليا تتيح ذلك وبسهولة بالرغم من الكلفة المادية، واعتقد ان ذوي اولئك الجنود المفقودين وارواح الجنود انفسهم تستحق تلك التكلفة، ونحن نثق بوزارة الدفاع العراقية وبانها لن تتنكر لحقوق جنودها بعد مماتهم.