عزيزي القارئ الكريم، الذي حفزني على كتابة هذا المقال عن نهر گەنگیر (جَنجير- Gangir) كتاباً باللغة السويدية عن النهر الأسود = Svartånوقع نظري عليه في قسم الكتب في محل Myrorna = النمل وكان بعنوان: Svartån I Närke = النهر الأسود في نركه. طول النهر 100 كيلومتر وعند اكتمال مسيره من المنبع يصب في بحيرة Hjälmaren = يَلْمَرِنْ رابع أكبر بحيرة في مملكة السويد التي تقع قرب مدينة (Örebro = أوروبرو) في وسط السويد التي تقع في أقصى الشمال الأوروبي المتاخم للقطب الشمالي. بالمناسبة، إن المكتبة السويدية كاملة مكملة تجد فيها مؤلفات عن جميع ما موجود في الكون، ما من شيء إلا وله كتاباً باللغة السويدية أما تأليفاً، ألفته أنامل سويدية، أو مترجماً من لغة أخرى إلى اللغة السويدية التي تكتب بأبجدية لاتينية؟.
دعونا الآن نعود إلى موضوعنا إلا وهو نهر گەنگیر الذي ينبع في قرية على سفح جبل “رنو” الذي تقع خلفه مدينة إيلام (عيلام) والتي تسمى پشتکۆ أي: خلف الجبل، وأمامه الذي نحو مدينة كرماشان (كرمنشاه) يسمى پێشکۆ أي: أمام الجبل. والقرية التي مر ذكرها تحمل اسم سەراو ( سَراو – Saraw) إن الترجمة الحرفية لاسمها تعني: رأس الماء، أي: رأس النبع، وهذا يعني أن القرية سميت بهذا الاسم تيمناً باسم النبع الذي هو المصدر الأول لتكوين نهر گەنگیر. من المرجح أن كلمة سراب العربية مقتبسة من هذه الكلمة الكوردية حيث تشاهد السراب من البعد وكأنها مياه تتلألأ. على أية حال. يبدأ نهر گنگیر مسيره الشاق بين بين الجبال الشاهقة من القرية المذكورة أعلاه مروراً بقرب جبل بانکۆڵ (بانكول = Bankol) متوجهاً نحو ناحية إيوان، لكنه لا يدخل فيها بل يمر بجنبها نحو قرية خوران حيث يلتقي هناك به عينان من الماء الدافق، أعتقد أن قرية خوران هي الأخرى سميت بهذا الاسم نسبة لعيني الماء اللذين ذكرناهما وبعده يصبح نهراً متوسط الحجم ليس كبيراً جداً كدجلة والفرات القادمان من أعالي شمال كوردستان ولا صغيراً كإحدى فروع نهر سيروان القادم من شرق كوردستان ويصب في نهر دجلة في جنوب كوردستان، كما قلت أنه نهراً متوسط الحجم، إلا أن مياهه في فصل الشتاء تصبح كثيراً ولا يستطيع المرء أن يخوض فيه سباحة كما هو في فصل الصيف. وفيما يتعلق باسم گنگیر، أنه سمي بهذا الاسم باللغة الكوردية لأنه في بعض المناطق في شرق كوردستان تحيط به أراضي رخوة عند المرور بها أو الوقوف عليها يصبح المرء متوحلاً لا يستطيع المرء أن ينجو بنفسه منها إلا بشق الأنفس، فلذا سمي بهذا الاسم الذي يعني معضلة. عند مسير النهر نحو الحدود المصطنعة التي خطها حراب المحتل التركي الطوراني والإيراني يمر النهر بقرية دويران وهو مختصر لاسم دەویران (دويران = Dehwyran) ويعني القرية المدمرة. وبعدها يتوجه إلى ناحية سومار الذي أرى أن له علاقة باسم سومر في جنوب وادي الرافدين، وبعد أن يترك سومار وقبل أن يجتاز الحدود المصطنعة التي قسمت الجسد الكوردي وفق معاهدة زهاب (ذهاب) التآمرية التي أبرمت عام 1639م بين العثمانيين الذين حكموا أرض الرافدين آنذاك ودولة إيران، ألا أن الشعب الكوردي يرفض هذا التقسيم الجائر وهكذا النهر المذكور الذي يخترق الحدود المصطنعة دون استئذان من المحتل الإيراني والعراقي. عزيزي القارئ الكريم، بما أن الأشياء يجب أن تذكر كما هي فلذا ننقلها كما هي حتى لو فيها كلاماً ثقيلاً على مسامع، يمر النهر المذكور بربوة كبيرة من الحجارة يقال لها تڕەگەی قەیمگە أي: أخرج ريحاً من الشرج مع الصوت.إليك القصة باختصار: يقال أن رجلاً كان اسمه قيمكه (Qaymge) خرج ريحاً من أسته في المكان المذكور، فقال أحدهم: تلحق اللعنة بكل من يمر من هنا ولا يلقي حجراً في هذا المكان. وبمرور الزمن أصبح المكان تلاً عالياً من الحجارة وصار يسمى بالاسم المذكور أعلاه، وبعد هذا تل يمر النهر ببطء ويدخل إلى جنوب كوردستان في منطقة تسمى ناوتەنگ (ناوتَنج = Nawteng) أي: المضيق، ويطلق على النهر هنا اسم گەڵاڵ ( Galal ) وعلى يمين المضيق توجد ربوة أخرى باسم کومەسەنگ ( كومَسَنج = Komasang) وكان عليها مخفر للشرطة العراقية، وبعدها يشكل النهر بركة متوسطة الحجم كانت في أيامنا أعني في الستينيات القرن الماضي تسمى حەوزەیلەگە ( الأحواض) كانت تقع بالقرب منها قرية چەرمەوەندی (Charmawandi) ومن ثم يمر النهر المذكور بالقرب من قرية جارییە تلك القرية التي ترعرع فيها المناضل خالد الذكر (جوامير سايَمير)، وبعدها يمر بعدة بيوت تسمى بچوار ئاسیاوە ( المطاحن الأربعة) التي تقع أمام قرية پەتگئاوکەر (ينفشون، يشعثون الصوف) وقبل أن يدخل إلى مدينة مندلي يمر النهر عبر شلال يسمى شادەروانى سەرئاسیاو (شلال رأس المطحنة) الذي يقع قرب مرقد باوه حافظ من المرجح أنه أحد شيوخ الديانة الكاكائية، اليارسانية. بعد هذه الرحلة الطويلة التي أجتاز فيها الجبال والوديان والبساتين والمزارع في كل من شرق وجنوب كوردستان يدخل النهر إلى مدينة مندلي إحدى المدن العريقة في جنوب كوردستان ويقسمها إلى شطرين كما يقسم نهر دجلة الكرخ والرصافة في بغداد، في الجانب الشرقي من نهرنا الخالد تقع الأحياء التالية قەسپسانی (قصبة ساني) حيث يشكل النهر قبل مدخل هذا الحي بركة كبيرة تسمى قولمبه، وكان يسكن في الحي المذكور شخصية شعبية مرحة اسمه چوخە. وبعده يأتي حي قلعة بالي مع فروعه الصغيرة سقاق (زقاق)، علي جني، چاڵ قرمزی (Chalqrmzi)، والمقبرتان باقوچ کۆنە (Baqwch Kon) و باقوچ نوێ (Baqwch Nwy). وبجانب محلة قلعة بالي يقع مرقد سەی شەعبان (سيد شعبان) وعلى مقربة من سيد شعبان يأتي حي ئاغەیل (آغًيل) وحي نانەوایل (الخبازون)، ومن ثم حي قەلەمحاجی. وفي الجانب الغربي تقع الأحياء التالية دربوحين، بازار گەورا (Bazar Gewra)، بازار بويچگ (Bazar bwchg)، هنیمنی، سەرای – قائممقامية-، بویاقی، ميان (ميدان) الخ. طبعاً عند مرور النهر داخل مندلي في كل منطقة يسمى باسم ما،مثلاً، في منطقة البساتين يسمى خدر شەل (خضر الأعرج = Skidr Shal) وفي داخل المدينة يسمى سەرجو (سَرجو = Sarjw) رأس النهر، بلهجة كورد مندلي طبعاً. توجد على النهر عدة قناطر أتذكر منها واحدة في قەسپسانی (قصبة ساني)، والثاني تفصل بين عدة بيوت والمدينة، من ضمن تلك البيوت أعتقد بيت مجيد آغا، وبعده قنطر بين قلعة بالي وسرجو، وقنطرة بين دكان عەلگەهەیەرە (علي حيدر) وسَرجو، وقنطرة أخرى بين بيت إسماعيل… الذي كان يملك سيارة نقل، وأخرى أمام بيت شخص لا تسعفني الذاكرة بذكر اسمه كان عنده دكان قرب داره ويزاول مهنة التجبير، أي يُجبر الأيادي والأرجل المكسورة، وجسران آخران قرب بيت غائب المضمد، وجسر آخر قرب بيت حسين… كاتب عرائض، وقنطر قرب مقهى ستاري، وجسر آخر قرب بازار (السوق) حتى أن النهر هناك يسمى جوبازار (نهر السوق) وجسر آخر بين قلمحاجي وميان (ميدان) يسمى النهر هناك بوير (Bwir) أعتقد أن الاسم باللهجة الكوردية لأهل المنطقة يعني المنخفض المائي. بعد اجتيازه قلمحاجي يتجه النهر نحو قازاني والمنطقة التي فيها مرقد باوه گورزەین (گورزدين) بعد هذه الرحلة الطويلة من أعالي شرق كوردستان إلى الأراضي المنخفضة في جنوب كوردستان تنتشر في النهاية مياهه في براري مندلي حتى يصل أذرع منه إلى چەمینەفت (نهر النفط). للعلم، حين يجتاز النهر مدينة مندلي يمر من تحت عدة بيوت الذي يخلق منظراً طبيعياً رائعاً لا تمحيه السنون من الذاكرة.
كان هذا سرداً مقتضباً عن نهر “گەنگیر” الذي يبدأ من أرض كوردستان وينتهي في أرض كوردستان، ويجمع على جانبيه مضارب ومنازل وبساتين ومزارع وقبائل و أفخاذ عديدة من القبائل الكوردية الأصيلة وأكبرها قبيلة کەڵهور (كلهور) التي تضم الأفخاذ التالية:1- خالي (خالدي) 2- شياني 3- سياسيا كازم خاني (كاظم خاني) 4- خەمان (خمان) 5- تەلەش (تلش) 6- کەرگا (جرجا) 7- کولەپا (كولبا) 8- کولەجو (كولجو) 9- شوان 10- قوچەمی (قوجمي)١١- مەنسوری (منصوري) 12- ئەلوەندی (الوندي) 13- مایشتی (ماهيدَشتي) 14- هارون ئابادی (هاروآبادي)، (هذه الأخيرة كان اسمها هارون ئاباد (هاروک آباد) نسبة للخليفة العباسي الخامس 766- 809م هارون الرشيد، ومن ثم غيره رضا شاه 1878- 1944م إلى شاە ئاباد (شاه آباد) وبعد مجيء آية الخميني غير النظام الجديد اسمها إلى إسلام آباد) 15- شاهينى 16- موش گیر 17- بداق بەگی (بداق بجي) 18- زەینەل خانی (زينل خانى) 20- کەمەرە (كَمَره). أسماء هذه الأفخاذ لقبيلة کەڵهور (كلهر) جاءت في كتاب (تاريخ كُرد وكُردستان وتوابع) باللغة الفارسية للشيخ محمد مردوخ كُردستاني.
20 01 202