الجدل الكبير الذي يدور في مختلف الأوساط السياسية الإقليمية والدولية بشأن كيفية التعامل والتعاطي مع ملف النظام الإيراني يصل دائما إلى طرق مسدودة أو مفترقات طرق لا تؤدي إلى محطات نهائية واضحة ومعروفة، ومع الجهد الدولي المبذول بشأن الحد من شرور ومخاطر النظام الإيراني الكبيرة، إلا أنه لا يبدو أن النتائج المستخلصة تتناسب مع ذلك الجهد، وهذا الجدل يزداد ويتضاعف على أثر ماقد صارت نتائج محادثات فيينا إنتهت إليها والقناعة الدولية بعدم الثقة بهذا النظام وبنواياه.
التعامل مع ملف النظام الإيراني وفق القنوات السياسية والاقتصادية ووضع سيناريوهات لما يجب أن يكون في إيران بدون رؤية موضوعية وعلمية وعملية بمثابة تعامل بصورة فوقية وانتقائية مع واحد من أهم وأخطر وأكثر الملفات الإقليمية حساسية، والمشوار الكبير الذي قطعه هذا النظام مع كل أشكال الضغوط والعقوبات السياسية والاقتصادية وتأقلمه معها، يمكن اعتباره بمثابة نوع من الالتفاف على تلك السياسات والنجاح في امتصاص تأثيراتها المرجوة، ذلك أن التغيير من الخارج من دون تهيئة أرضية مناسبة وخصبة في الداخل، يعتبر بمثابة جهد غير عملي ومجرد مساعي لانتيجة لها على أرض الواقع، لذلك فإن ضرورة قيام المجتمع الدولي بمراجعة حساباته والمحصلات والنتائج التي حصل عليها من وراء انتهاجه تلك السياسات التي تعامل بها مع ملف النظام الإيراني، صارت مسألة ملحة جدا تفرض نفسها بقوة، خصوصا أن هناك بدائل موضوعية مناسبة جدا يمكنها تعويض تلك السياسات وحل الإشكاليات والألغاز من دون لف أو دوران وبكل انسيابية، وطرح مسألة الاعتراف بالمقاومة الإيرانية كممثل شرعي للمعارضة والشعب الإيراني وأنها البديل الوحيد المناسب لهذا النظام الديني المتطرف القمعي، أكثر المسائل قوة وحيوية وتأثيرا في المشهد السياسي الإيراني ودفعه باتجاه منعطف التغيير الحقيقي الأجدى، وخصوصا بعد أن أثبتت المقاومة الايرانية دورها وتأثيرها في الانتفاضات الشعبية التي إندلعت بوجه النظام والتي وصلت الى حد الهتاف بشعارات تدعو لإسقاط النظام وبالموت لمرشده الاعلى.
السياسة والحملات المشبوهة التي انتهجها وشنها النظام الإيراني ضد القوى المعارضة بصورة عامة وضد المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ولاسيما رأس حربته وركيزته الأساسية منظمة مجاهدي خلق بصورة خاصة، سياسة وحملات تمكن من خلالها من خداع دول المنطقة والعالم، ونجح في تحجيم وتحديد ومحاصرة المعارضة الإيرانية وتصفيتها والقضاء عليها الواحدة تلو الأخرى أو إقصائها والحد من قوتها وتأثيرها، سياسة كتب لها النجاح مع مختلف فصائل المعارضة الإيرانية ما عدا المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي ظل ينتقل من موضع إلى موضع نضالي آخر ومن مواجهة شرسة إلى أخرى أشرس منها ضد هذا النظام، حتى تمكن أخيرا من إلحاق الهزائم السياسية المنكرة به على الأصعدة الدولية وفضح سياساته العدوانية المشبوهة الموجهة ضد الشعب الإيراني ودول وشعوب المنطقة والعالم، وإن البحث في الملف الايراني دوليا وفي السبل الکفيلة بمواجهته وکيفية التعامل معه من دون أخذ هذا المجلس بنظر الاهمية والاعتبار، فإنه بحث سقيم وغير مجد علىالاطلاق.
