.
12 ـ الغريزة الجنسية :
وتعتبر هذه الغريزة من أقوى الغرائز البشرية وأخطرها في الوقت نفسه، أنها غريزة البقاء للجنس البشري، والتي تتشابك مع غريزة الأبوة والأمومة لتكونا معاً اتحاداً مقدساً يجمع بين الذكر والأنثى لكي تنشأ الخلية الصغيرة في مجتمعنا أي [ الأسرة ] حيث يكّون مجموع الأسر المجتمعات البشرية.
تبدأ هذه الغريزة بالظهور منذ مراحل الطفولة الأولى بشكل بسيط وبدائي في بادئ الأمر،لكنها سرعان ما تتطور في بداية مرحلة المراهقة،وتشتد عنفواناً، حيث نجد الأبناء يميلون كل إلى الجنس الآخر[الذكر والأنثى ]، ويأخذ الجنس بالسيطرة على تفكيرهم باستمرار،ولذلك فأن مرحلة المراهقة تعتبر اخطر مراحل النمو،وأكثرها حاجة لإشراف الآباء والأمهات والمربين،وتقديم النصائح والإرشادات للمراهقين غير مكتملي النضوج، والذين يمكن أن يتعرضوا لأخطار كثيرة إذا أهملنا واجبنا تجاههم كمربين،وتركناهم يتخبطون في سلوكهم وتصرفاتهم .
ينبغي أن نعطي اهتماماً كبيراً للتربية الجنسية، سواء في البيت أو المدرسة ،وعدم التهيب من إعطاء أبنائنا وبناتنا المعلومات الكافية عن الحياة الجنسية، وينبغي لنا أن ندرك أن الاضطراب العصبي الذي نجده لدى المراهقين عائد في الواقع لتهديدهم من الاقتراب من المسألة الجنسية.
إن سياسة السكوت وحجب الحقائق الجنسية عن الأبناء تؤثران تأثيراً سلبياً بالغاً عليهم، إضافة إلى أنهم سيدركون أن ذويهم يكذبون عليهم، وهم سوف يجدون الحقيقة عاجلاً أم آجلاً، وعندما يكتشفونها فإنهم سوف لن يستمروا بمتابعة طرح الأسئلة على ذويهم، وسوف يستعيضون عن ذلك بالحصول على كل المعلومات المتعلقة بالحياة الجنسية من زملائهم الآخرين.
إن الكذب على الأبناء عملُ غير صحيح إطلاقاً وغير مرغوب فيه، وإن المعلومات عن المواضيع الجنسية ينبغي أن تعطى لهم تماماً بنفس اللهجة، ونفس الشيء من المعلومات عن المواضيع الأخرى، وأن تعطى بنفس الحديث المباشر. (8)
وإذا كان الوالدان غير قادرين على التحدث مع أطفالهم بشكل طبيعي في المواضيع المتعلقة بالجنس فسيدعونهم يستمعون إلى الآخرين الذين هم أقل تمسكاً بالتقاليد وقيم العائلة، وليس هناك أية صعوبة قبل البلوغ في جعل الطفل يبقى طبيعياً بالنسبة للجنس، تماما كما في المواضيع الأخرى، وحتى بعد البلوغ سوف تكون أقل بكثير عندما ينعمون بصحة سليمة أكثر مما عندما تكون عقولهم قد امتلأت بالرعب والحرمان غير المعقول. (9)
إن التضحية بالذكاء في سبيل الفضيلة عن طريق جعل الأولاد مشغولين ومتعبين جسدياً، كي لا تكون لديهم فرصة أو ميل للجنس يسبب لهم الأضرار التالية : (10)
1 ـ يغرس رعباً وهمياً في عقول الأولاد .
2 ـ يسبب نسبة كبيرة من الخداع .
3ـ يجعل التفكر في المواضيع الجنسية مشيناً ووهمياً .
4ـ يسبب تشوقاً فكرياً قد يظهر مخطئاً ومدمراً، وقد يصبح مؤذياً قذراً يفقد الراحة، ويعيق الإدراك.
إن من المهم في جميع تصرفاتنا مع الأطفال أن لا نشعرهم أن الحصول على فكرة عن الجنس هو شيء قذر وسري. إن الجنس موضوع هام جداً، ومن الطبيعي للمخلوقات البشرية أن تفكر به،وتتكلم عنه وخير لنا أن لا ندع أبنائنا يتعلمون عنه من الجهلة أو المراهقين المنحرفين فينزلقون وينحرفون، وخاصة ما نراه اليوم من انتشار الأمراض الفتاكة الناجمة عن فقدان الوعي الجنسي والصحي لدى المراهقين بصورة خاصة، والمنتشرة بشكل خطير في أنحاء العالم كمرض [ فقدان المناعة] الذي بات يهدد حياة مئات الملايين بالموت المحقق، وحيث لم يتوصل العلم لحد الآن إلى علاج شافٍ له، أو الوقاية منه، والذي يمكن أن يُنقله المصابون للآخرين الذين لا يملكون المعرفة والخبرة الكافية لتجنب هذا الوباء الوبيل.
13 ـ غريزة الضحك:
الضحك سلوك غريزي نجده بشكل واضح لدى الأطفال منذ المراحل الأولى، فهم يضحكون لأتفه الأسباب، وقد ينطلق الطفل بالضحك بصورة لاإرادية، ولاشك أن الضحك يؤثر تأثيراً إيجابياً على الصحة النفسية للأطفال وللكبار على حد سواء، وينفس عن الضيق والضجر الذي يشعر به المرء في حياته، وعليه فأن قمع هذه الغريزة لدى أبنائنا يعود بالضرر البليغ على حالتهم النفسية.
إن علينا أن ندعهم ينفسون عن ما في أنفسهم بالضحك والمرح حتى داخل الصف في المدرسة لكي لا نجعل الدروس عبئاً ثقيلاً عليهم، إن بضع دقائق من الضحك والمرح تخلق روح التجديد والنشاط لدى التلاميذ، وتجعلهم يقبلون على الدرس برغبة واشتياق، شرط أن يكون بحدود معقولة لا تدع العبث يطغي على الدرس، ولاشك أن المعلم العبوس، الذي يرفض أن يمنح تلامذته الابتسامة، ويستكثر عليهم الانبساط ولو لبضعة دقائق، يصبح درسه عبئاً ثقيلاً عليهم وبالتالي يكرهونه ويكرهون درسه معاً.
الخلاصة:
نستخلص من كل ما سبق أن الحقيقة التي ينبغي أن نضعها أمام أنظارنا هي أن الوقوف بوجه الغرائز ومحاولة استئصالها أو قمعها أو بترها أمرٌ ضار جداً، ومخالف للطبيعة البشرية، لأن الغرائز لا يمكن قهرها أو إلغائها، بل يمكن السمو بها وتوجيهها وجهة الخير، لكي تعود على أبنائنا بالفائدة التي من أجلها ولدت معنا هذه الغرائز، فمن المعلوم أن كل شيئ في الوجود يحوي على الجوانب الإيجابية والنواحي السلبية، ولاشك أن دورنا كبير وأساسي في التركيز على الجوانب الإيجابية لهذه الغرائز، وحثّ أبنائنا على التمسك بها، والتقليل من تأثيرات الجوانب السلبية، وبهذا نستطيع خلق الظروف الصحية لنمو أبنائنا أخلاقياً ونفسياً وجسمانياً، ولاشك أن هذا العمل ليس بالأمر الهين، وهو يتطلب منا عملاً مثابراً، ومتواصلاً حتى نستطيع أن نوصل أبناءنا إلى شاطئ السلامة والأمان.