صورة أرشيفية لقوات عراقية على الحدود بين العراق وسوريا
.
تشكل الحدود العراقية السورية بؤرة توتر وساحة للصراع الدولي والإقليمي، فيما كثفت حكومة بغداد، مؤخرا، إجراءاتها الأمنية في تلك المنطقة، خاصة عقب هجوم غويران في محافظة الحسكة.
وهرب العشرات من مقاتلي تنظيم “داعش” إلى المنطقة المحيطة بالسجن، في هجوم هو الأعنف منذ أشهر، شمل تفجير سيارة ملغومة قرب بواباته، بينما سيطر سجناء آخرون على جزء من المجمع.
وتسعى الحكومة العراقية، عبر سلسلة عمليات أطلقتها خلال الفترة الماضية، إلى السيطرة على تنامي تنظيم “داعش”، في عدة محافظات حدودية، مثل نينوى، في ظل استمرار عمليات التهريب إلى الداخل، حيث تعلن القوات الأمنية بين الحين والآخر، اعتقال عدد من الأشخاص، الذين يسعون لدخول البلاد.
أول رئيس حكومة يزور “المنطقة الخطرة”
وعقب تلك التطورات، زار رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، المناطق الحدودية، وهو أول رئيس حكومة يصل إلى تلك المواقع الخطرة، في ظل الأوضاع الحالية.
وقال المكتب الإعلامي للكاظمي، إن الأخير “تفقد القطعات العسكرية على الشريط الحدودي العراقي السوري، كما تفقد قضاء سنجار وعددا من المناطق، واطلع على الأوضاع فيها، وما تتطلبه القوات الأمنية لتأمينها”.
وقال الكاظمي خلال الزيارة: “نحن هنا اليوم لنؤكد أن الحكومة لا تفرّق بين منطقة وأخرى، وأن حقوق المواطن العراقي مقدسة، وأمنه مقدس ولا جدال فيه”.
وأضاف: “المناطق الحدودية للأسف من المناطق المنسية، وهو أمر نرفضه، فمن يسكنها عراقيون ويجب تقديم الخدمات لهم وحمايتهم”، لافتا إلى أن “الوضع الأمني مستقر وممسوك بقوة، وما يقال هنا أو هناك هو مجرد تهويل إعلامي”.
وتصاعدت المخاوف في الداخل العراقي، من وصول عناصر “داعش” المنهزمين من سجن غويران، إلى محافظة نينوى، حيث تمتد الحدود بين البلدين لأكثر من 600 كلم، وترتبط بصحراء عميقة تمتد من الحسكة شرقا إلى ريف حمص الشرقي، وتقابلها في الجانب العراقي الموصل والأنبار، وتشمل مساحة هذه المنطقة ثلث مساحة سوريا، وربع مساحة العراق.
“تراخٍ كبير”
وتحولت حدود البلدين، خلال السنوات الماضية، إلى أحد مراكز الخطر الإقليمية، حيث تنتشر على الجانبين قوى غير منضبطة، ومليشيات مسلحة، فضلا عن وجود جيوش تتبع لقوى أجنبية كبرى، عالمية وإقليمية، دون وجود آليات تضمن عدم الاصطدام بين هذه القوى.
بدوره، قال برلماني في لجنة الأمن والدفاع النيابية، خلال الدورة السابقة، إن “الحكومات المتعاقبة لم تمنح تلك المنطقة أهمية كبيرة، وتراخت عن تزويد قوات حرس الحدود بالمعدات التكنولوجية والعسكرية المتطورة، لحماية أمن البلاد، واكتفت بشكل دائم بحفر الأنفاق، ووضع الأسلاك الشائكة، دون اعتماد آليات حديثة”.
واعتبر النائب العراقي، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن هذا “انعكس سلبا على تلك المنطقة، التي كانت على طوال تلك الفترات، ممرا آمنا لتهريب البشر، ودخول عناصر داعش”.
وأضاف لموقع “سكاي نيوز عربية”: “سبب هذا التراخي يعود إلى الاصطفافات السياسية وعدم احترام سيادة البلاد، وتنفيذ أجندات، بدفع خارجي، دون الاكتراث بالأمن القومي العراقي”، مشيرا إلى أن “الإجراءات التي أعلنت عنها حكومة الكاظمي مؤخرا، كان يجب تنفيذها قبل عدة سنوات، لكنها خطوة في الاتجاه الصحيح”.
كما لفت إلى “ضرورة اعتماد آراء الخبراء الفنيين، وإجراء تعاقدات مع الدول العظمى؛ لتعزيز أمن تلك المنطقة، وعدم تحويلها إلى بؤرة تهديد دائم لأمن البلاد”.
تحذيرات من تحول مراكز اعتقال عناصر داعش لقنابل موقوتة
تحذيرات من تحول مراكز اعتقال عناصر داعش لقنابل موقوتة
تاريخ من الانفلات
وتعود فترة انفلات الأوضاع الأمنية، في تلك المنطقة الساخنة، إلى ما بعد نظام صدام حسين، حيث تحولت الحدود السورية العراقية، إلى بوابة عبور لآلاف المتشددين، من كل أنحاء العالم، لمحاربة الأميركيين.
كما ساعدت التضاريس المعقدة للمنطقة على حماية فلول “داعش” بعد الحملة التي شنتها قوات التحالف الدولي للقضاء على التنظيم، الذي لا يزال يحتفظ، حسب تقديرات دولية، بأكثر من 10 آلاف عنصر وكثير من الأسلحة والمعدات.
وفي هذا السياق، رأى الخبير الأمني حميد العبيدي، أن “تأمين العراق للحدود، لم يكن بالشكل المطلوب والمتعارف عليه دوليا؛ إذ يعتمد على الأسلاك الشائكة، ونصب الحواجز الأمنية، والمواقع العسكرية المتباعدة، فضلا عن اعتماد آليات عمل قديمة، لا يمكن أن تواجه التطور الحاصل في التهريب، الذي تعتمده تلك الجماعات”.
واستطرد الخبير العراقي في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”: “الحكومة العراقية بدأت تدرك الحاجة إلى الطائرات المسيرة، والكاميرات الحرارية، وتحديد معسكرات ثابتة، وإنشاء جدار إسمنتي عازل في بعض المناطق الخطرة”.
واعتبر العبيدي أن “التحرك الجديد لحكومة الكاظمي، قد يمثل بوابة لإخماد أخطر منطقة عراقية”.