.
يعلن في العراق يومياً تسجيل عدد كبير من حالات الانتحار، وعادة ما تكون مسجلة بين صفوف فئة الشباب ذكورا وإناثاً، ويقول مختصون وناشطون في مجال حقوق الإنسان ومتحدثون حكوميون، إن الأسباب التي تقف خلف ظاهرة الانتحار التي تشكل أعداد الذكور فيها نسبة 57 بالمئة تتعلق بالبطالة وسوء المعيشة وظروف عائلية وأخرى تتعلق بانتشار ظاهرة المتاجرة وتعاطي المخدرات.
نسبة انتحار المتزوجين 40%
الناشط أركان نبيل محمد، وهو عضو في منظمة مجتمع مدني معنية بظاهرة الانتحار وما يتعرض له الشباب، قال في حديث لـ (باسنيوز)، إن «الانتحار ظاهرة خطيرة في المجتمع العراقي بدأت تتزايد في السنوات الأخيرة نتيجة المشاكل التي تواجه الشباب خصوصاً، فالفقر والبطالة والضغوط النفسية والاجتماعية هي من أهم الأسباب التي تدفع بهذه الفئة لإنهاء حياتهم».
وقال المتحدث باسم الوزارة الداخلية الاتحادية خالد المحنا في بيان طالعته (باسنيوز): «نتيجة لزيادة نسب حالات الانتحار في عموم البلاد، اتخذت وزارة الداخلية جملة من التدابير، منها تشكيل لجان متخصصة لدراسة هذه الظاهرة، والخروج بمعطيات تبين أسبابها ونسبتها مقارنة بدول الجوار».
وأوضح المحنا، أن حالات الانتحار المسجلة عام 2021 بلغت 772 حالة، وهي أكثر بنحو 100 حالة عن العام الماضي (663 حالة)، قائلاً إن حالات الانتحار بدأت منذ عام 2016 تتجه نحو الازدياد.
وعام 2016 بلغت حالات الانتحار 393 حالة، وفي 2017 بلغت 462 حالة، وعام 2018 بلغت 530 حالة، و2019 بلغت 605 حالات.
وأضاف أن «الفئات العمرية أقل من 20 سنة كانت نسبتهم 36.6 في المئة، ومن الـ 20 إلى 30 عاما كانت نسبتهم 32.2 في المئة، أما نسبة الذكور فتشكل 55.9 في المئة، والإناث 44.8 في المئة».
وبين المحنا أن «حالات الانتحار بين المتزوجين تشكل 40 في المئة، وبين العزب 55 في المئة».
وفيما يخص المراحل التعليمية، قال إن «نسبة المنتحرين من الذين كان تحصيلهم الدراسي أقل من المرحلة الابتدائية بلغت 62.2 في المئة، ودون المتوسطة 16.9 في المئة، والعاطلين عن العمل 35 في المئة، وربات البيوت 29.9 في المئة».
وعن دوافع الانتحار، أكد أن هناك أسباب عديدة، ومنها ما يتعلق بالضغط النفسي، وشكل عدد المنتحرين بسبب ذلك 36.22 في المئة، أما الاضطرابات النفسية فبلغت 34.64 في المئة.
وأشار أيضا إلى أسباب تتعلق بالتفكك الأسري والعنف الأسري والوضع الاقتصادي، إذ يشكل الفقر 13 في المئة، والبطالة 9.5 في المئة، والأسباب الدراسية وعدم تحقيق الطموح 13.38 في المئة، والفشل الدراسي 5.5 في المئة.
وتابع المحنا أن الدراسة التي أعدتها الوزارة حول حالات الانتحار خلصت إلى مجموعة من الحقائق، وقدمت عدة توصيات، منها ما يتعلق بتعزيز قسم الدعم النفسي في وزارة الصحة، وزيادة الدعم المقدم من وزارة الشباب والرياضة لأفراد المجتمع، بهدف المساهمة في إشغال وقتهم ومساعدتهم على ممارسة هواياتهم.
المخدرات سبب في الانتحار
وتقول الدكتورة المتخصصة في علم النفس حوراء الموسوي لـ (باسنيوز)، إن «ظاهرة الانتحار تنقسم إلى سببين، الأول عدم توفير فرص للشباب واليأس الذي يعيشه أغلب الشباب العراقي من حيث عدم تحقيق أهدافهم وطموحاتهم وعدم إيجاد فرص عمل لهم إضافة إلى ما يعانون منه من التفكك الأسري والخلافات العائلية إلا أن هناك خطر آخر يؤدي الى هذه الحالات وهو انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات».
وطالبت حوراء الموسوي، الجهات المعنية ملاحقة هذه الظاهرة التي وصفتها بالخطيرة والتي فتكت بالشباب العراقي سواء كانت ظاهرة الانتحار أو ظاهرة تعاطي المخدرات، مشيرة إلى أن معدلات الانتحار، أو محاولات الانتحار، تشهد ارتفاعا مقلقا في عموم البلاد.
وترى الموسوي، أن «غياب تطبيق القانون في الحياة العامة ذو دور مهم، فأغلبية واضحة من الشبان العراقيين يشعرون بمزيج من القنوط والكآبة والعجز وشعورهم بفقدان الأمان والأمل».
ويشير المراقبون للوضع العراقي إلى أن الأرقام الحقيقية أضعاف الرقم المذكور في بيان وزارة الداخلية، لأن أغلبية واضحة من الحالات لا يتم إعلانها أو الكشف عنها من جانب الأهل، لما لذلك من تأثير على العائلة في الأوساط الاجتماعية، كذلك لأن الانتحار في الكثير من الحالات، خصوصا بالنسبة للفتيات الصغيرات نسبيا، يكون نتيجة ظروف عائلية قاهرة يتم التكتم عليها.