.
ميليشيا عراقية غير معروفة تبنت الهجوم الذي استهدف الإمارات مساء الأربعاء ولم يسفر عن أية خسائر، في اعتداء هو الأول من نوعه تتبناه ميليشيا عراقية ويستهدف الإمارات.
وأعلنت جماعة مغمورة تطلق على نفسها اسم (ألوية الوعد الحق) المسؤولية عن إطلاق الطائرات المسيرة يوم الأربعاء مشيرة في دافعها وراء الهجوم إلى تدخل الإمارات في اليمن والعراق، وذلك حسبما أفادت مجموعة سايت للاستخبارات، ومقرها الولايات المتحدة، التي تتابع المواقع الإلكترونية للمتشددين.
وقالت الإمارات إنها اعترضت ودمرت ثلاث طائرات مسيرة اخترقت مجالها الجوي فجر، الأربعاء، بعيدا عن المناطق المأهولة بالسكان في رابع هجوم من نوعه خلال الأسابيع القليلة الماضية على المركز التجاري والسياحي بمنطقة الخليج.
وقالت وزارة الدفاع الإماراتية في بيان إنها “على أهبة الاستعداد والجاهزية للتعامل مع أية تهديدات، وإنها تتخذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية الدولة” التي تفتخر كثيرا بسمعتها كملاذ آمن للأعمال.
ولم تحدد الوزارة المنطقة التي حاولت الطائرات استهدافها أو الجهة التي تقف خلف العملية، علما أنها اتهمت المتمردين الحوثيين المقربين من إيران بالوقوف خلف الهجمات الثلاث التي تعرضت لها الشهر الماضي.
بالمقابل، لم يعلن المتمردون الحوثيون عن أي عمليات جديدة ضد الإمارات الأربعاء أو الخميس.
غير أن المسؤول السياسي في صفوف المتمردين محمد علي الحوثي كتب على تويتر عقب محاولة الاستهداف الأخيرة “شكرا للعراق الحر وفصائله المجاهدة المساندة ليمن الصمود”، قبل أن يحذف التغريدة في وقت لاحق.
كذلك لم يعلق المسؤولون الإماراتيون على بيان “ألوية الوعد الحق”.
وسبق أن تبنت الجماعة هجوما واحدا آخر وذلك في يناير 2021 عندما قالت إنها أطلقت طائرة مسيرة نحو السعودية المنخرطة في عدة صراعات بالوكالة مع إيران منها الحرب الدائرة في اليمن.
والخميس، طالب رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر، الحكومة العراقية بمحاسبة منفذي الهجمات على دول الخليج، وحذر من أن هذه الجهات تريد “الزج بالعراق في حرب إقليمية”. في إشارة إلى تورط جماعات عراقية في الهجوم.
من هي “ألوية الوعد الحق”
في تحليل نشر في أبريل الماضي، أكد معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أن هذه الميليشيا “تتمتع بعلاقات فريدة مع كتائب حزب الله وتقع تحت السيطرة المباشرة لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، للادعاء بشن هجمات ضد السعودية والإمارات أو التهديد بشنها”.
ووصف التحليل “ألوية الوعد الحق” بأنها “جماعة واجهة، تنفذ عمليات عسكرية حركية، وعمليات خارجية ضد السعودية أو الإمارات”.
يقول المعهد إنه “وفقا للبيانات والصور التي تنشرها، تركز ألوية الوعد الحق على الحملة الدعائية والهجمات التي تستهدف السعودية والإمارات، ولم تتبن أي هجمات داخل الأراضي العراقية”.
وكانت الجماعة التي وصفتها كتائب حزب الله العراقية بأنها “غير معروفة”، قد أعلنت في السابق عن هجوم على السعودية في يناير 2021، وفقا لفرانس برس. ونفى الحوثيون مسؤوليتهم عن ذلك الهجوم.
في 23 يناير 2021، تبنى حساب “ألوية الوعد الحق” المُنشأ حديثا على قناة “تلغرام” اعتداء بطائرة بدون طيار على الرياض في السعودية.
وبعدها بأربعة أيام نشرت الجماعة صورة افتراضية لطائرة قتالية جوية بدون طيار وهي تستهدف برج خليفة في دبي.
في فبراير الماضي، نقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسؤول في الميليشيا تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث علنا عن هجوم السعودية، القول إن “الطائرات بدون طيار جاءت في أجزاء من إيران وتم تجميعها في العراق، وتم إطلاقها من العراق”.
ولم يكشف المسؤول عن مكان إطلاق الطائرات المسيرة على طول الحدود، لكن الوكالة قالت إن تصريحاته تمثل أول اعتراف من قبل جماعة مدعومة من إيران بأن العراق كان مصدر الهجوم.
يبين معهد واشنطن أن بعض القنوات الإعلامية التابعة للميليشيات الموالية لإيران أشارت إلى “ألوية الوعد الحق” بعبارة ألوية الوعد الصادق، بما يحمل المعنى نفسه. ويشير ذلك إلى أن تسمية الجماعة ربما لم تكن في الأصل باللغة العربية”.
ويضيف أن “وسائل الإعلام الإخبارية التابعة لكتائب حزب الله وموسيقاها وصورها تقوم بالإشارة بانتظام إلى ألوية الوعد الحق والإشادة بها”.
يشار إلى أن “كتائب حزب الله” هي ميليشيا عراقية مدعومة من إيران تصنفها الولايات المتحدة على أنها منظمة إرهابية.
وفي وقت سابق من هذا العام، أطلقت كتائب حزب الله حملة لجمع التبرعات على وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف “تشجيع الشباب العراقي على مساعدة المتمردين الحوثيين في الحصول على طائرات بدون طيار يمكن استخدامها لمهاجمة الإمارات”.
— ابو علي العسكري (@abualialaskry1) January 28, 2022
وليس من الواضح إن كانت الجماعة، غير المعروفة بالنسبة للمخابرات أو مسؤولي الأمن في العراق، نشطة بالفعل أو قادرة على شن مثل هذه الهجمات أو ما إذا كانت غطاء لجماعات مسلحة متحالفة مع إيران.
لكن الخبير الأمني العراقي ماجد القيسي يشكك في صحة ادعاء جماعة “ألوية الوعد الحق” باستهداف الإمارات ويؤكد أنها محاولة من الجماعات المرتبطة بطهران لـ”خلط الأوراق”.
يقول القيسي، وهو ضابط في الجيش العراقي السابق، إن “من الصعوبة جدا أن تنطلق طائرة ميسرة تتحكم بها جماعات، وتقطع مسافة 1400 كيلومتر باتجاه هدف معين في الإمارات”.
ويضيف القيسي، في حديث لموقع “الحرة”، أن هذه المسافات “تحتاج لمراكز تحكم وسيطرة وقيادة، وهذا لا يتوفر لدى الجماعات، بل تمتلكه دول معينة”.
ويتابع القيسي “لو فرضنا جدلا أنها انطلقت فعلا من العراق، فهناك الكثير من المحددات، حيث ستعترضها القوات الأميركية الموجودة في القيادة المركزية الأميركية في قطر، والأسطول الخامس الأميركي في الخليج”.
“وحتى في الكويت توجد أيضا قوات أميركية يمكنها اكتشاف الطائرات بسهولة، وكذلك هناك رادارات سعودية، فيما لو حاولت الطائرات العبور للإمارات”، وفقا للقيسي.
يبين الخبير الأمني أنه “لكي تقطع الطائرات هذه المسافة فهي بحاجة للتحليق بارتفاعات عالية، وهذا الأمر يعرضها بالتالي للاستهداف”، مشيرا إلى أنه “من الناحية العملية لا يمكن أن يكون انطلاقها من العراق باتجاه أبو ظبي”.
يؤكد القيسي أن “الحوثيين بالتأكيد هم الجهة المتهمة الأقرب لتنفيذ الهجوم، خاصة وأنهم استهدفوا المنطقة قبل ذلك مرتين ولا يمنع أن يقوموا بذلك مرة ثالثة ورابعة”.
ويشير القيسي إلى أن الحوثيين “يحاولون إيهام خصومهم بفتح جبهات عديدة، وهي خدعة من أجل إرباك الإمارات، وأيضا تخادم فيما بين الحوثيين والمسلحين العراقيين”.
يقول القيسي إن الفصائل العراقية المدعومة من إيران “تريد إرسال رسائل للإمارات، المتهمة من قبل هذه الجماعات بالتدخل في الشأن العراقي”.
يؤكد القيسي أن هذا “الفصيل غير معروف، وهو بما لا يقبل الشك تابع لإحدى الميليشيات العراقية المعروفة التي تحاول النأي بنفسها عن مثل هكذا هجمات”.