.
كشفت صحيفة واشنطن بوست كيف تتبعت المخابرات الأميركية مخبأ زعيم ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بفضل مراقبين كانوا متواجدين على الأرض وطائرات تجسس بدون طيار في سماء المنطقة.
وفجر أبو إبراهيم القرشي نفسه خلال عملية أميركية لاعتقاله في سوريا الأسبوع الماضي.
كان مقتل القرشي (45 عاما) ضربة قاصمة للتنظيم بعد عامين من العملية المماثلة التي لقي فيها زعيمه السابق أبو بكر البغدادي مصرعه في 2019.
وتحدثت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين استخباراتيين حاليين وسابقين في الولايات المتحدة والشرق الأوسط، عن إعاقته الجسدية التي ساعدت المسؤولين في العثور عليه في منزل يقع بشمال غرب سوريا، حيث كان لأبي إبراهيم القرشي “رجل واحدة فقط”.
في الخريف الماضي، حلقت طائرة تجسس أميركية بدون طيار فوق منزل على حافة بستان زيتون في شمال غرب سوريا، وكانت كاميرتها تحاول إلقاء نظرة على رجل ملتح قيل إنه يعيش في الداخل.
الرجل، الذي كان يطلق عليه أحيانا لقب “البروفيسور”، فقد ساقه في الحرب ونادرا ما يغادر شقته في الطابق الثالث. لذلك ثبتت الطائرة الدرون عدستها على شرفة سطح المبنى وانتظرت.
انتشرت عناصر استخباراتية أخرى مزودة بكاميرات وأجهزة استشعار عن بعد فوق المنزل وحوله، وفي النهاية حصلوا على ما يريدون.
وفي بعض الأيام تمكنت الكاميرات من التقاط صور واضحة لرجل يعرج وهو في طريقه للشرفة حاملا سجادة لأداء الصلاة.
وفي أوقات أخرى، كان يظهر على سطح المنزل. ومن حين لآخر كان يخرج في نزهة قصيرة، أو فقط يقف عند الباب لاستنشاق بعض الهواء النقي.
تقول صحيفة واشنطن بوست إن إعاقته الجسدية كانت بارزة، حيث فقد ساقه اليمنى. وقد تطابق بدقة وصف الرجل الذي كان موضوع البحث المكثف مع أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، زعيم تنظيم الدولة الإسلامية.
ومع مزيد من المراقبة، أكد محللو المخابرات الأميركية الهوية.
وبعد مطاردة استمرت عامين، رصد المخبرون على الأرض قرشي “المراوغ”، ثم أكدت العدسة التلسكوبية للطائرة بدون طيار هذه المعلومة.
غير أن سؤالين شغلا بال المسؤولين الأميركيين المشاركين في البحث؛ أحدها كان كيفية قتله أو القبض عليه، مع تقليل المخاطر على القوات الأميركية وأكثر من 12 امرأة وطفل يعيشون في نفس المبنى.
والآخر: إما استهدافه سريعا أو الانتظار لجمع المزيد من المعلومات حول شبكة القرشي النائية من الخلايا الإرهابية السرية.
وبالفعل “أثبت الانتظار، الذي امتد لعدة أشهر، أنه يستحق العناء”، وفقًا لمسؤولين استخباراتيين حاليين وسابقين في الولايات المتحدة والشرق الأوسط الذين وصفوا تفاصيل العملية التي أنهت حياة أحد أكثر الإرهابيين المطلوبين في العالم، وتحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لصحيفة واشنطن بوست.
وقال مسؤول استخباراتي سابق رفيع المستوى مطلع على الأحداث: “كانت هناك حركة مرور على الأقدام: سعاة واتصالات بين الخلايا. لقد استغلوا لجمع أكبر قدر ممكن من البيانات. كان عليهم معرفة من يتحدث إليه”.
لم يوجه القرشي كلمة علنا إلى مقاتليه وأتباعه، وتجنب الاتصالات الإلكترونية، وأشرف على تحول أسلوب القتال إلى وحدات صغيرة منفصلة، ردا على الضغوط الشديدة من جانب القوات العراقية والقوات التي تعمل تحت قيادة أميركية.