انتهت سريعا شعارات “وحدة الصف الكردي”، “الموقف المشترك والمصلحة الجامعة”، “التوافق الكردي والتحالف المصيري”، كما خطابات “الورقة الكردية المشتركة”، وتأكيدات عدم المشاركة في اي حكومة لا تلبي المطالب الكردية ولا تصحح مسار الحكومات السابقة.
وانتهت مفاعيل كل الوعود التطمينية، حتى قبل ان يبدأ الوفد الكردي المشترك للحزبين الكرديين الكبيرين (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني) اجتماعاتهما مع الشركاء والغرماء في بغداد. ولاحقا بات واضحا ان “الشعارات” كلها سقطت في امتحان الفوز بمنصب رئيس الجمهورية.
الى اللحظة، لا نتائج حاسمة لمحاولات التوافق الأخيرة بين الطرفين الكرديين المتنافسين او المتصارعين. ولا يبدو ان أي الحزبين قرر الرجوع خطوة الى الوراء او تقديم تنازلات متبادلة وتمهيد الطريق لمرشح تسوية رغم حراجة موقف كليهما، فانتصار أي من الفريقين في معركة الرئاسة بعيدا عن التوافق هو في جوهره هزيمة كردية.
فالحقيقة الواضحة ان فوز أي المرشحين الحاليين “للبارتي” و”اليكتي” بعيدا عن التوافق، سيغضب الطرف الآخر، وسيلحق ضررا بمكانة الاقليم وربما بقوة تمثيل المكون الكردي في الدولة الاتحادية، كما ان اي مرشح تسويه لن يكون بقوة وشخصية وحضور لا صالح ولا زيباري، فالخسارة الكردية هنا تبدو محتومة.
بموازاة التنافس او التصارع الكردي، على موقع يقول قادة كثر في الحزبين الكبيرين انه “غير مهم”، تنظر النخب السياسية الكردية والمهتمون بمسار تشكيل الحكومة، الى ما هو أبعد من ملف اختيار رئيس الجمهورية، وتحديدا الى الاتفاقات التي يفترض ان تكون قد ابرمت بين أطراف التحالف الثلاثي.
بالأمس تم تداول “وثيقة” روج على أنها نص الاتفاق بين الصدر وبارزاني، لكن الديمقراطي الكردستاني أكد سريعا انها الورقة الأولية التي سلمها التيار الصدري للديمقراطي الكردستاني وانها ليست الورقة المتفق عليها لاحقا بعد اجراء تعديلات.
وأوضحت لجنة التفاوض الخاصة بالحزب الديمقراطي في بغداد، أن النص المتداول تم تسليمه من قبل التيار الصدري للديمقراطي وكان من المقرر أن يجري الحزبان الكرديان تعديلات عليه قبل إقراره إلا أن انسحاب الاتحاد من الوفد الكردي المشترك حال دون المضي في المشروع وتولى الديمقراطي وحده مهمة التواصل مع الصدريين واجراء التعديلات والتغييرات على مسودة الاتفاق السياسي.
الوثيقة المنشورة (الأولية) وبحسب التصريحات يبدو انها قدمت للوفد الكردي قبل بدء تشكيل الحكومة بأيام قليلة لمناقشتها وتعديلها في اطار البيت الكردي، وهي لا تضمن تحقيق أي من المطالب الكردية المعروفة منذ سنوات. أما الوثيقة (النهائية) فماتزال مجهولة التفاصيل ولذا يرجح متابعون للملف انها لاتختلف عن الأولى كثيرا.
بغض النظر عن المضمون، وبعيدا عن التساؤل المشروع عن الضمانات وآليات التنفيذ وامكانات تطبيق الاتفاقات السياسية، فان تبادل الأوراق قبل ايام قليلة من بدء خطوات تشكيل الحكومة تؤكد جملة حقائق:
– لم تكن هناك مباحثات جدية بين أطراف قوى الأغلبية، ولا مفاوضات ثلاثية او رباعية خاضت في تفاصيل رؤيتها للعمل، فالمؤشرات المتوفرة تؤكد عدم وجود اتفاقات بتفاصيل واضحة وبآلية عمل قابلة للتطبيق وتوقيتات معينة للتنفيذ، في كل ما يتعلق بمطالب القوى الكردية او السنية!
– الوفد الكردي المشترك وحين كان ماضيا للمشاركة في الحكومة ويحث الخطى للاسراع في خطوات تشكيلها، تسلم تلك الورقة لكي يبحث في مضمونها وامكانية تعديلها قبل ان يختلف الوقد وينقسم قبيل جلسة البرلمان الأولى، وهذا يؤكد ان الطرف الكردي (على الأقل) مضى الى الحكومة وسعى للمشاركة فيها ضمن التحالف الثلاثي حتى قبل التفاوض في الاتفاقات التفصيلية ومطالب الأطراف!
– وربما هذا يؤشر ان كل الأطراف مضت الى الحكومة للفوز بمناصبها العليا، دون مباحثات فعلية بشأن المشتركات والمطالب السياسية وأسس العمل الممكنة لتحقيق ذلك. وللتذكير فان أغلب الاتفاقات السياسية طوال 15 سنة من الحكومات السابقة كانت في الغالب مجرد انشاء للاستهلاك الاعلامي ولم تطبق يوماً.