سألتني طفلة
في شارع الرشيد
هل نحن في عصر الأسياد والعبيد ؟
هل نتجرع مرارة الفقر
ومرارة حلم ، نلبس حذاء للعيد ؟
فبكت الطفلة
مسحتُ دموعها ، لا تبكي يا طفلتي
لسنا في عصر هارون الرشيد
بل عصر فرعون
عصر الحرية وحقوق الإنسان وقارون
عصر بلا فضيلة ولا عدالة ولا رغيد
عصر لا ينادي فيه الحاجب
هل هناك محروم جديد ؟
*************
لا تبكي يا طفلتي
لم يبقى في المدرسة تلميذ ومعلم
لا أحد يصغي حين يتكلم
ولا أحد ينصت لكي يفهم
كأن المعلم تلميذ
والتلميذ معلم
*************
محت المظاهر دور المنارة
والقشور أصبحت هي المهتدى
هي النوى والنجوى والقيثارة
فلا سفينة ترسو على شاطئ الفكر
ولا قارب يحمل أوتاره
ولا يقتدي البحار لميناء
ولا يرى يابسة بمرارة
تيه وفوضى يا طفلتي
يدور في النهى أسواره
*************
نعم اعتدوا على الطفولة
وأباحوا كل شيء أمام نظرتك
ترتعش من البرد
والنوافذ تصطك من رجفتك
أهانوا العلم
فهانت عليهم كل أحلامك
***********
لا تبكي يا طفلتي
تحملين فقرا وحلما
وراحتيك تشتاق رغيفا وقلما
تطردين بنظراتك الأسى
وتعلمين بالبراءة
أكثر من تعلم علما
تبحثين عن حل
وإن كان الحل علقما
**********
سرقوا منك القراءة والحساب
علموك كيف تطرقين الأبواب
وتجوبين الشوارع والأزقة والشعاب
بحثا عن لقمة وقطرة شراب
فمن يعلمك يا طفلتي
إن كان من سرقوا هم الأهل والأغراب ؟
***********
من يعلمك فضيلة الأخلاق
وهم بلا فضيلة ولا أخلاق
من يسمو بك للعلا
وكل السمو فيهم احتراق
من يسلمك راية العدالة
والعدالة أصبحت حلم وأشواق
آه يا طفلتي وجعتي قلبي
ولظى الجمرات في الأعماق
**********
نعم يا طفلتي
نحن في عصر الأسياد والعبيد
يبنون قصورا على الروابي
ويضعون حراسا ، أسوارا ، وحديد
هم يضعون القانون والشرائع
ويكتبون كل ما زاد ويزيد
نعم يا طفلتي
طغى عصر فرعون وقارون
لهذا غاب هارون الرشيد !!