.
على بعد حوالي 80 كيلومترا من المكان الذي تحتشد فيه القوات والدبابات الروسية، وضعت مجموعة من الأوكرانيين أيديهم فوق قلوبهم، ورفعوا أعلام البلاد وهم يشدون بالنشيد الوطني.
“المجد لأوكرانيا، المجد للأبطال”، قالوا ذلك في خاركيف، الثلاثاء، في حشد لإحياء ذكرى موقف المدينة ضد الرئيس الأوكراني المخلوع، فيكتور يانوكوفيتش، الذي كان مواليا لروسيا.
قبل 8 سنوات هرب يانوكوفيتش إلى المدينة قبل ثماني سنوات خلال “ثورة الميدان الأوروبي” التي عززت الروابط السياسية لأوكرانيا مع الغرب.
كما يحي الأوكرانيون في يوم 22 فبراير أيضا ذكرى ضحايا تفجير خاركيف عام 2015، الذي وقع خلال تجمع حاشد لإحياء ذكرى الانتفاضة.
وتقول صحيفة “واشنطن بوست” إن مظاهرة خاركيف، الثلاثاء، كانت بمثابة تحد بعد يوم واحد فقط من إلقاء الرئيس الروسي، فلادمير بوتين، خطابا ينتهك فيه أوكرانيا كدولة ذات سيادة بعد الاعتراف بـ “استقلال” منطقتين انفصاليتين شرق البلاد تدعمهما موسكو.
وقال فولويمير تشيستيلين، وهو أحد منظمي يوم الوطنيين في خاركيف، ثاني أكبر مدينة أوكرانية بعد العاصمة كييف، “يفهم الجميع أن الحرب قد أُعلنت بالفعل. هذه لحظة حاسمة”.
“مشاعر مختلطة”
وتقع خاركيف على بعد 45 دقيقة بالسيارة من الحدود الروسية. لكن بما أن شرق البلاد متورط في صراع مستنزف منذ ثماني سنوات بين القوات الحكومية الأوكرانية والانفصاليين المدعومين من موسكو، فقد كانت المدينة بعيدة عن المعارك على الرغم من قربها من روسيا.
وقالت إيفجينيا تسيغونكو، 61 عاما، من مدينة خاركيف، إنها استمعت إلى خطاب بوتين الذي استمر لمدة ساعة بغضب كما هو الحال بالنسبة للعديد من المواطنين الأوكرانيين.
وأشارت إلى أن غضبها جاء بعد حديث بوتين بأن “أوكرانيا الحديثة تم إنشاؤها بالكامل من قبل روسيا”، مردفة: “ما قاله ينتهك سلامة أراضي أوكرانيا”.
وتابعت: “نتعرض للهجوم وهناك شعور بوجود إراقة للدماء. بالطبع لا أحد يريد ذلك”.
وقال آخرون إن اعتراف بوتين بالمنطقتين الانفصاليتين لم يغير من الواقع شيئا بالنسبة لهم. ولطالما اعتبر الأوكرانيون القوات هناك على أنها وكلاء روس لديهم أسلحة قدمتها موسكو.
وفي مقبرة وسط كييف، ألقى مشيعون نظرة الوداع على النقيب أنطون سيدوروف، الذي كان يرتدي ثيابه العسكرية في تابوت.
وقال أحد رفاق سيدورف أثناء الجنازة “المجد لأوكرانيا.. المجد للأبطال”.
وقُتل سيدوروف، 35 عاما، السبت، في شرق أوكرانيا، بالقرب من خط المواجهة الذي يفصل الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة عن المناطق الانفصالية التي تدعمها موسكو.
كان من أوائل الضحايا في تصعيد حاد في التوترات بين روسيا وأوكرانيا والتي دفعت الرئيس بوتين إلى الاعتراف بما يسمى بـ “جمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الشعبيتين” شرق أوكرانيا، الاثنين، مما مهد الطريق لإرسال قوات روسية إلى المنطقتين.
وتقول صحيفة “نيويورك تايمز” إن الجنازة عكست المشاعر المختلطة التي سادت في العاصمة الأوكرانية كييف، حيث تلقى بوتين الموافقة على استخدام القوة العسكرية من البرلمان، مما زاد من توقع الحرب ضد أوكرانيا.
كان المواطنون في كييف في حالة حزن لكنهم متحدون واستعدوا لقتال محتمل ضد روسيا مع انضمام العديد من المدنيين إلى وحدات الدفاع الإقليمية وتلقيهم للتدريبات العسكرية.
والثلاثاء، بعد يوم واحد لإلقاء بوتين خطاب التهديد الذي هدد فيه “بإراقة الدماء”، كانت هناك صفوف خارج مراكز التجنيد.
ومع ذلك، كانت الحياة اليومية في الغالب تسير بشكل طبيعي في الشوارع وعلى وسائل التواصل الاجتماعي ولم يكن هناك ذعر واسع النطاق.
وكتب المذيع التلفزيوني الأوكراني، يوري جوربونوف، على فيسبوك، إن “الخوف والذعر هما أفضل حلفاء لقزم مجنون!”.
إلى ذلك، أفادت بعض متاجر الإمدادات العسكرية في المدينة إن أسلحتها نفدت بالفعل.
“نريد السلام فقط”
وقال سيرهي كوليسنيك، 45 عاما، الذي أصيب أثناء قتال الانفصاليين المدعومين من روسيا في مدينة ماريوبول الساحلية في عام 2015، “نحافظ على الهدوء ونجهز أسلحتنا فقط”.
من جهته، قال أرتور سافواسكي، وهو صاحب متجر “بياتا فارتا” لبيع الأسلحة في وسط كييف، “يشتري الناس الأسلحة في الغالب من أجل أمنهم والدفاع عن أنفسهم وحماية منازلهم”.
وفي سياق متصل، أمر الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بتعبئة جنود الاحتياط مع تدفق القوات الروسية على منطقة دونباس الشرقية بأوكرانيا.
وقال زيلينسكي، في خطاب متلفز، إن تهديد روسيا لسيادة أوكرانيا يجبره على استدعاء الأفراد العسكريين إلى الخدمة الفعلية وتعبئة أعضاء ألوية الدفاع الإقليمية المنشأة حديثًا لإجراء التدريبات.
وأضاف أن أوكرانيا لن تقوم بتعبئة عامة للمدنيين، وحث الناس على مواصلة الحياة الطبيعية. وأردف قائلا: “نحن واثقون من أنفسنا، نحن واثقون في بلادنا، نحن واثقون من انتصارنا”.
والثلاثاء، استمر القصف العنيف على طول خط الجبهة في دونباس. وفي قرية نوفولوهانسكي، داخل الجزء الذي تسيطر عليه أوكرانيا من المنطقة، أصابت نيران المدفعية التي شنتها القوات المدعومة من روسيا عدة مبانٍ وقتلت رجلا، وفقا لما نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال“.
وقالت إيرينا سوشكو، 42 سنة، وهي تزيل الأنقاض من هجوم دمر منزلها في اليوم السابق، “نريد السلام فقط وإنهاء هذا العنف”.
وأضافت في حديثها للصحيفة الأميركية أنها تتوقع المزيد من القتال الآن بعد أن ظهرت القوات الروسية النظامية على الجانب الآخر من خط المواجهة.