رسميا، أعلن العراق خروجه من طائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بعد نحو 30 عاما من الاجتياح العراقي للكويت في عهد الرئيس السابق صدام حسين، في خطوة من شأنها أن تسهم في تحسين اقتصاد البلاد وتوفير ملايين الدولارات لخزينة الدولة المنهكة، وفقا لخبراء ومسؤولين.
وأصدر مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، بالإجماع قرارا أنهى بموجبه رسميا تفويض “لجنة الأمم المتحدة الخاصة بالتعويضات عن الأضرار الناجمة عن غزو العراق للكويت في 1990″، بعدما سددت بغداد كامل المبالغ المترتبة عليها للكويت وقدرها 52.4 مليار دولار.
وجاء في القرار أن مجلس الأمن “يقرر إنهاء تفويض اللجنة” ويعتبر أنها “أنجزت مهمتها”.
وأضاف القرار أن مجلس الأمن “يؤكد أن الحكومة العراقية لم تعد مطالبة بأن تدفع للصندوق” الذي تديره اللجنة “نسبة من عائدات مبيعات صادراتها من النفط والمنتجات البترولية والغاز الطبيعي”.
وأشاد مسؤولون عراقيون وأمميون بالقرار، حيث وصفت بعثة يونامي في العراق القرار بأنه “معلمٌ تاريخي لشعب العراق”.
وأكد الرئيس العراقي برهم صالح أن بلاده طوت “فصلا رهيبا من الحرب العبثية لنظام الاستبداد”، وذلك بعد الإعلان عن إنهاء ملف التعويضات العراقية للكويت.
وقال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إن الخطوة تعد “بداية جديدة لاستعادة العراق دوره وحضوره من خلال رؤية الدولة وليس عبث اللا دولة”.
ورحب وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، بخروج العراق من اجراءات الفصل السابع، بعد دفع كامل التزاماته المالية، وأكد أن بلاده لم تعد مطالبة بدفع أية مبالغ مالية إضافية مستقبلا.
#وزير_الخارجيَّة_فؤاد_حسين : من خِلال إيفاء العراق الكامل بإلتزاماته الدوليَّة الذي أبرز إلتزاماً دوليّاً قانونيّاً وأخلاقيّاً على المجتمع الدوليّ والأمم المتحدة هو إخراج العراق من إجراءات الفصل السابع كافّة والحفاظ على حقوق وأموال العراق وإستحقاقاته القانونيّة الدوليّة. pic.twitter.com/WckeiW8cqm
— وزارة الخارجية العراقية (@Iraqimofa) February 23, 2022
ويرى الخبير الاقتصادي همام الشماع أن خروج العراق من الفصل السابع وإنهاء ملف لجنة التعويضات ستكون له أثار إيجابية من الناحيتين المالية والاقتصادية.
في الجانب المالي، يقول الشماع للحرة إن “انتهاء أعمال اللجنة يعني أن المطالبات ضد العراق قد توقفت، ولا يجوز بعد الآن المطالبة بأي مبالغ عبرها”.
ويضيف الشماع “قبل هذا التاريخ كان العديد من المطالبين بالتعويضات، وهم كثيرون وفي الغالب مدعون بالضرر، يتهيؤون في كل مناسبة وأخرى للمطالبة بتعويضات عبر محاكم في بلدانهم الأجنبية”.
ويتابع أنه “كان من الخطر على الاقتصاد العراق أن تقوم تلك المحاكم بإصدار أحكام، والاستيلاء على الأموال العراقية التي يتم التعامل بها في المصارف سواء لأغراض التجارة أو الاستثمار”.
ويشير إلى أن “هذا تسبب في أن معظم المصارف في الدول الأجنبية كانت لا تفتح حسابات للمصارف العراقية، وكان التعامل التجاري العراقي يتم عبر بنوك مراسلة مما كلف العراق عمولات إضافية وأموال باهظة”.
في الجانب الاقتصادي يؤكد الشماع أن “انتهاء عمل اللجنة، يعني أن نحو ملياري دولار سنويا التي كانت تدفع كتعويضات ستضاف إلى موازنة الدولة”.
يبين الشماع أن هذه “المبالغ ستنفق لصالح الاقتصاد العراقي”، مشددا على ضرورة تخصيص هذه الأموال لـ”صناديق سيادية من أجل تعويض الأجيال القادمة عما تستنزفه الأجيال الحالية من إيرادات النفط والثروة النابضة”.
ويشدد الشماع على أهمية إنشاء “صندوق تستثمر فيه الأموال، التي كانت مخصصة للتعويضات، في الأسواق العالمية لأنها ستدر في المستقبل عشرات المليارات ممكن أن تستفاد منها الأجيال القادمة”.
ويشير الشماع إلى أن “عودة العراق للبند السابع باتت من الماضي، على اعتبار أنه ليس هناك نوايا أو تفكير عدواني خارجي في العراق حاليا”.
وأعرب الشماع عن أمله في أن “تتشكل حكومة عراقية جديدة تهتم بمحاربة الفساد واستخدام ثروات العراق من أجل تحسين الاقتصاد وتمكينه في مواجهات التحديات، المتمثلة بتردي أسواق النفط”.
وتأسست اللجنة في مايو 1991 بموجب القرار الرقم 692 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، وكانت مسؤولة عن إدارة التعويضات المالية المستحقة على العراق والتي كانت تستقطع 5 بالمئة من عائداته من مبيعات النفط والمنتجات البترولية والغاز الطبيعي.
وبتت اللجنة خلال ولايتها بنحو 2,7 مليون طلب تعويض، سدد مبلغ 52,4 مليار دولار من نحو 352 مليار دولار تمت المطالبة بها. وكان آخرها في 13 يناير بقيمة نحو 630 مليون دولار، وفقا لتقرير اللجنة.
ووزعت التعويضات على الأفراد والشركات والمنظمات الحكومية والمنظمات الأخرى الذين تعرضوا لخسائر نجمت مباشرة عن الغزو والاحتلال.
واحتل جيش صدام الكويت لسبعة أشهر من أغسطس 1990 إلى فبراير 1991 قبل أن يطرده تحالف دولي، بقيادة الولايات المتحدة.
وأكد مستشار رئيس الحكومة العراقية حسين علاوي أن خروج العراق من الفصل السابع وإنهاء عمل لجنة التعويضات سيسهم في “انفتاح الاقتصاد العراقي من حيث تداخل الاستثمارات الدولية مع المحلية”.
وقال علاوي في تصريح للتلفزيون الرسمي أن الخطوة ستؤدي أيضا “لعودة مكانة الاقتصاد العراقي لسابق عهدها حيث ستمكن المصارف العراقية من نقل الأموال من داخل البلاد وخارجه، وتنهي الحاجة لبنوك المراسلة التي كانت تمثل تحديا للبلاد”.
كذلك أكد علاوي أن القرار “سيرفع من درجات الائتمان المالي للعراق ويستثمر الظروف السياسية لتحقيق المزيد من الانفتاح نحو الاستثمار”.
وكان مجلس الأمن فرض سلسلة من العقوبات على العراق بعد غزو الكويت منها دفع تعويضات وتجميد أصوله في الخارج.
وفتح الفصل السابع من شرعة الأمم المتحدة الباب على إمكانية فرض عقوبات فضلا عن إمكانية التحرك العسكري ضد العراق.
وخفف مجلس الأمن الدولي في فيراير 2014 العقوبات المفروضة على العراق منذ اجتياحه الكويت العام 1990، وذلك على خلفية تحسن العلاقات بين البلدين.
ففي قرار تبناه بإجماع أعضائه الـ15، رفع مجلس الأمن التهديد بفرض عقوبات على بغداد أو اللجوء إلى القوة بحقها بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، في ما يتصل بموضوعين خلافيين بين الكويت والعراق هما فقدان 600 مواطن كويتي إثر الاجتياح وخسارة الإرشيف الوطني الكويتي.
وبناء على القرار في حينه، تولت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) معالجة هاتين المسالتين بموجب الفصل السادس من شرعة الأمم المتحدة والذي ينص على حل النزاعات سلميا.