تتزايد حدة العقوبات الاقتصادية الغربية ضد روسيا تدريجيا، وكان أكبرها إخراج عدد من المؤسسات المالية الروسية من نظام “سويفت” العالمي للتواصل بين المؤسسات المالية. وهذه العقوبة بمثابة خسارة فادحة لروسيا ماليا وبمثابة حصار مالي عالمي ضد روسيا ..تظهر اثاره مع الوقت تدريجيا وليس بشكل سريع .. 

 كما أن خسائر روسيا المالية ضخمة و   تظهر على قيمة العملة الروسية (روبل) الذي تخسر 50 بالمائة من قيمته حيث تحرك من 80 روبل مقابل الدولار إلى 120 روبل مقابل الدولار ، خلال أسبوع الحرب الأول  ، و  في المقابل فإن المخاوف في أوروبا هي من إقدام روسيا على قرار قطع أو خفض الإمدادات من الغاز. 

ما حجم العلاقات التجارية بين الطرفين؟
تعد روسيا خامس شريك تجاري للاتحاد الأوروبي في العالم،  في المقابل، فإن الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لروسيا، ذلك أن الأوربيون يستوردون  37.3% من مجموع ما تصدره روسيا من سلع وبضائع، أي أن أكثر من ثلث السلع الروسية تتجه أساسا للسوق الأوروبية. بينما يستورد الروس من الاتحاد الأوروبي 36.5% من مجموع الواردات الروسية. 

وهنا يوجد تعادل في التبادل التجاري بين الطرفين ، ولكن قد تكون روسيا الأكثر تضرر كون الخسائر في التبادل التجاري تتحمله روسيا لوحدها بينما خسار الاتحاد الأوروبي مقسم على دول الاتحاد الأوروبي

ما مدى اعتماد أوروبا على الغاز والنفط الروسيين؟
من بين أهم الأوراق التي تمتلكها موسكو في تعاملها مع الاتحاد الأوروبي ورقة الغاز والنفط، ذلك أن التكتل الأوروبي يحصل على 26% من حاجاته النفطية من روسيا، و40% من حاجاته من الغاز من روسيا أيضا. وهذا ما جعل الرئيس الأمريكي بايدن يبحث عن بدائل للغاز الروسي لأوروبا  والتفكير في الغاز القطري كبديل

وتظهر هذه الأرقام حجم الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي تحديدا، وهو ما عبرت عنه وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك بقولها إن بلادها أخطأت باعتمادها كثيرا على الغاز الروسي، لا سيما أن ألمانيا تعد من أكثر الدول الأوروبية اعتمادا على الغاز الروسي.

ولهذا فإنه في حال قررت روسيا قطع الغاز عن الدول الأوروبية، فهذا سيعني أزمة حقيقية داخل دول الاتحاد، بل قد يجعل الحياة مستحيلة بالنسبة لبعض الدول الأوروبية التي تعتمد على الغاز الروسي بنسبة أكثر من 60% (لاتفيا تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 93%، وبلغاريا تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 77%، وألمانيا بنسبة 49%).

والخاسر الأول  هنا الاتحاد الأوروبي وخصوصاً ألمانيا حيث ستكون خسارة اقتصادية ومالية وصناعية ومدنية ،بينما سوف تخسر روسيا العوائد المالية من تصدير النفط والغاز 

ماذا يستورد الاتحاد الأوروبي من روسيا؟
بلغ حجم المبادلات التجارية بين الاتحاد الأوروبي وروسيا سنة 2020 أكثر من 174.3 مليار دولار، ويبلغ حجم ما تشتريه أوروبا   من روسيا 95.3 مليار دولار. ..وحجم ما تشتريه روسيا من أوروبا 79 مليار دولا

وتحتكر صادرات الطاقة 70% من مجموع ما يستورده الاتحاد الأوروبي من روسيا، ثم تأتي بعد ذلك المواد الفلاحية والأولية بنسبة 4.5%، ثم الصلب والحديد بنسبة 4%، والمواد الكيميائية بنسبة 4%.

ماذا تستورد روسيا من الاتحاد الأوروبي؟
تستورد روسيا من الاتحاد الأوروبي ما مجموعه 79 مليار دولار، وتشتري روسيا أساسا الآلات ووسائل النقل (44% من مجموع الواردات الروسية)، ثم المواد الكيميائية بنسبة 21%، والبضائع المصنعة بنسبة 9.6%، وأخيرا المنتجات الزراعية بنسبة 8.7%.

أما في الخدمات، فإن مجموع المبادلات بين الطرفين في هذ المجال تبلغ 27.7 مليار دولار، منها 8.9 مليارات دولار تبيعها روسيا للاتحاد الأوروبي، و18.8 مليار دولار يبيعها الاتحاد الأوروبي لروسيا.

  ويوجد تعادل نسبي في الخسائر بين الطرفين مع تضرر روسيا كون الخسائر تقسم على دول الاتحاد الأوروبي ، بينما روسيا تتحمل خسائر وقف التبادل التجاري لوحدها 
من يستثمر أموالا أكثر عند الآخر؟
يعد الاتحاد الأوروبي أكبر مستثمر خارجي في روسيا، وفي سنة 2019 بلغ حجم الاستثمارات الأوروبية المباشرة في السوق الروسية أكثر من 311 مليار دولار. في المقابل، فإن الاستثمارات الروسية المباشرة في دول الاتحاد الأوروبي بلغت 136 مليار دولار.

وتعد بريطانيا الوجهة المفضلة للاستثمارات الروسية، تليها بولندا ثم دول البلطيق، ثم فرنسا ثم ألمانيا، وهي الدول التي تصفها روسيا بأنها “الوجهات المفضلة لاستثماراتها.

ما القطاعات الأكثر تضررا بسبب الحرب؟
تعد المؤسسات البنكية الأوروبية من أكثر الجهات تضررا؛ فحسب البنك المركزي الأوروبي فإن حجم الديون الروسية التي عليها أداؤها للبنوك الأوروبية تبلغ أكثر من 60 مليار دولار،  ، و ه لتعويض هذه الديون من الممكن الحجز على الأموال الروسية الموزعة في عدد من المؤسسات المالية الأوروبية.

كما أن للبنوك الأوروبية ديونا على أوكرانيا عبارة عن قروض سيادية تبلغ 24 مليار دولارا، هي الأخرى من الأكيد أنها ستتعثر .