كثيراً ما نسمع مانشيتات إعلامية حول النظام العالمي الجديد، ولكن دون أيضاح عن كيفية إستحداثه، والسبل الممكنة لوصوله الى التكامل وفق ما يريده مستحدثيه، وما هي التضحيات الممكنة الى تحقيقه؟ أو من هم اللاعبين الأساسيين في المعادلة؟!
إن المتطلع بإمعان للأحداث التاريخية منذ القرن التاسع عشر (حيث الحروب الطويلة في شتى بقاع العالم) وإلى يومنا هذا، يدرك تماماً أن أحداثاً غير طبيعية تحدث بين فينة وأخرى، وبعد كل حرب يتم فيهِ تغير ميزان القوى، وبالتالي تغيرٌ في خارطة العالم.
وإذا دققنا في أحداث ما بعد الحرب العالمية الأولى (بداية القرن المنصرم) للاحظنا كيف تم تشكيل عصبة الأمم، هذه المنظمة العالمية التي كانت تدير العالم وفق نظام يتلائم والظروف أنذاك، وبعد فترة قصيرة، حيث خروج الأيطاليين والأسبان والألمان (كلاً لسبب معين)، وطرد الأتحاد السوفيتي بعد أحتلالها أجزاء من فنلندا (بنفس السيناريو الذي نراه اليوم)، كان لابد من إعادة توازن النظام العالمي وفقاً لمعطيات ذلك العصر، فأحدثوا حرباً عالمية ثانية، وغيروا ميزان القوى العالمية، ومعها الجغرافية السياسية، وبعدها شكلوا نظاما عالمياً جديداً تحت مسمى الأمم المتحدة.
وبعد مرور نحو ثمانية عقود على تشكيل الامم المتحدة، وإحداث حروباً كثيرة، وبالتالي تغير الكثير من جغرافية العالم، ورافقها تغير في ميزان القوى على نحو أخر، لابد من إدخال لاعبين جدد في اللعبة السياسية الدولية، فألمانيا من جهة، واليابان من جهة إخرى، ومن المحتمل إشراك لاعباً عربياً، أو حتى تركيا أو إيران في اللعبة الجديدة، وحتى يتم إكتمال النظام العالمي الجديد وفق معاير قوى الإقتصاد العالمي.
كل هذا يحدث، وقد يخسر العالم أرواحاً كثيرة، وربما تستخدم السلاح النووي! أو ربما لا تستخدم أصلاً، وقد تتغير خارطة العالم أكثر فأكثر، وربما سيكتفي بهذا التغير المحدث منذ ثمانية قرون، وفقا للنظام العالمي الحالي، ولكن الأهم، هل سيبقى النظام العالمي تحت مسمى الأمم المتحدة أم سيتغير الى مسمى أخر وفقاً لسياسة مديري هذا النظام؟! وللأسف فمثلما للنظام العالمي الجديد مزاياه من حيث التخلص من الفقر الى حدٍ كبير، وتوفير السلع الغذائية لأغلب الناس، فيحسب عليهِ سلبيات أكثر، وأهمها التخلص من الدكتاتوريات الصغيرة، وخلق دكتاتوريات أكبر وأشرس، التخلص من الفوضى الحياتية، والتحكم في حياة الإنسان وفق ما يناسب النظام الجديد، وكأنك إنسان ألي بشكلٍ مبالغ!! فتح الحدود بين الدول، وتسهيل السفر لهم، وأيضا معها جعل العالم سجناً أكبر، تشعر وكأنك مراقب من كل شخص، وفي أي وقت كان، وإنتهاك كل خصوصياتك تحت ذريعة حقوق نظموها وفقاً لمعايير هذا النظام.
الكثير المتوقع، ربما يجده الكثير ممن يقرأ هذا المقال، أو ربما القليلون، لكن بكل الأحوال ستحدث تغيرات جذرية في نظامنا العالمي الحالي، ولا أعلم إن كان للأسوء أو الأحسن، حيث يعتقد البعض إن هذهِ الخطوة أفضل لمستقبلنا، والبعض الأخر يظن بإننا سنصبح مجرد إنسان ألي لا قيمة لنا في أي شيء!!