الأحد, نوفمبر 24, 2024
Homeمقالاتعبد الرضا حمد جاسم: علي الوردي في ميزان (9 ـ 9) الثورة/الانتفاضة/الفتنة

عبد الرضا حمد جاسم: علي الوردي في ميزان (9 ـ 9) الثورة/الانتفاضة/الفتنة

 

 

مقدمــــــــــــــــــــــة: 

1.سيكون في هذا الجزء بعض ما كتب الوردي عن دور الخليفة الراشد الرابع الشيخ علي بن ابي طالب في تلك التي اطلق عليها الراحل الوردي ثورة/انتفاضة/فتنة… وسيكون في القادمة تتمة.

 2. وايضاً سيكون في هذا الجزء استمرار ما قيل عن الخليفة الراشد الثاني الشيخ عمر بن الخطاب والخليفة الراشد الثالث الشيخ عثمان بن عفان 3.اتمنى العودة الى السابقات بخصوص الخليفة الراشد الثاني الشيخ عمر بن الخطاب.

……………………………..

في ص121 مهزلة العقل البشري كتب الراحل الوردي: [إن الذي يُعطى نصيبا اقل مما يُعطى غيره لا بد ان يثور وان يغضب ويحتج على من أعطاه ولو كان المعطي رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام. وهو إذا لم يغضب علانية غضب سرا وإذا حاول ان يكبت غضبه بعقله الواعي وارادته القوية تغلغل الغضب في أعماق عقله الباطن وصار هناك عقدة لا دواء لها] أنتهى

أقــــــــــــول: هذه إشارة يمكن ان أقول انها تشير الى موقف قريش “بنو أمية” من حرمانهم من الفيء والغنائم في زمن الخليفة الراشد الثاني الشيخ عمر بن الخطاب والذي تجاوز به نص قرآني وسُنة نبوية. والراحل الوردي محق في ذلك لما لهذا الحرمان من تفسيرات عديدة منها الإهانة ومحاولة الاذلاء والتحشيد ضدهم وتجاوز الصريح من قرآن وسُنة النبي محمد وإشارة الى عدم زوال الأحقاد أو العمل على ازالتها وهذا يدفع من ينتبه اليه ويعيشه عن قرب الى التحسب للمستقبل…وهذا جزء من “بارود “القنبلة التي انفجرت في عهد الخليفة الراشد الثالث الشيخ عثمان بن عفان والتي قال الوردي انه اُعدَ في زمن الخليفة الراشد الثاني الشيخ عمر بن الخطاب.

…………………………

قــــــــــــد يستغرب، بل استغرب البعض من التركيز على هذه النقطة. اقصد: “الثورة/ الانتفاضة/الفتنة” ولهم الحق في ذلك والرد/الرأي هنا هو:

تلك واقعة كبرى هزت الاسلام، ولاتزال ارتداداتها مستمرة وستستمر بأكثر قوة من الهزة الأولى الأصلية بعكس الهزات الارتدادية التي تعقب الزلازل الطبيعية و التي تكون عادةً اقل قوة من الهزة الأولى الام…هذه الهزة الكبرى راح ضحيتها الخليفة الراشد الثالث الشيخ الطاعن في/ب السن الشيخ عثمان بن عفان بتلك البشاعة غير المألوفة وقتها وللطريقة التي تمت فيها/بها ولموقع الخليفة الديني والاجتماعي فهي ليست عملية اغتيال كما حصل قبلها وبعدها ولليوم انما عملية نحر وتمزيق جسد نخرته الشيخوخة…كانت تلك الْقَتْلَة نتيجة حقد هائل متناسل بخصوبة عالية جداً سواء كان هذا التناسل واقعي/طبيعي او مصطنع بحيث كما يبدو من النصوص ان الإسلام وتعاليمه لم تتمكن من الغاءه أو تحجيمه او كبته. اما هزاتها الارتدادية فقد راح ضحيتها الكثير من البشر بمنازل ومواقع زمانية ومكانية ومعنوية كبيرة وكثيرة، وراحت فيها الكثير من قيم “الثورة الاجتماعية “التي أعتقد ان محمداً النبي جاء بها وعمل على نشرها وحاول ترسيخها.

تلك “الأحقاد” كانت هي المسبب الأساس في قتل/ذبح/اغتيال ثلاثة من الأربعة الراشدين “قبل الواقعة وبعدها” وهي سبب فيما اُثير ويُثار وسَيُثار من استخفاف /شماته/انتقاد الناس حول تقاتل المسلمين فيما بينهم…لا بل تقاتل “الصحابة المبشرين بالجنة” فيما بينهم، وكان المال والسرقة والغنائم والمناصب والسلب والنهب والتسلط والغدر والسبي والغش والتآمر والثأر والحقد والإذلال والغلبة اساساً في ذلك التقاتل وكلها نهى عنها الإسلام أو حَّرَمَ الكثير منها أنْ لم تكن جميعها. فتحول الخلاف على أمور يمكن ان يُقال عنها بسيطة الى صراع سياسي دموي شرس متجدد ومتعاظم وتعاظم فيما جرى عام 60 للهجرة “لرمزية ذلك” بأبشع عملية إهانة لدين او نبي حسب ما ظهر او ما يُتداول من حكايات وقصص (صحيحة او مُلفقة) (صادقة او كاذبة)… واستمر يتعاظم لليوم ببشاعة فاقت التصور و الخيال و لأسباب تثير الاحتقار و التندر و الاستخفاف حيث في كل جديد يتم نبش الجزء غير المشرف من الماضي وما اكثره كماً و نوعاً فينظر الباحثين عن التسلط  والغدر والاذلال والاهانة الى انهار الدماء تلك والتي شملت احباب نبيهم ومنهم بعض آل بيته وصحابته ومرافقيه ورفاق دربه ولم يسلم منها شيخ طاعن في السن وربما حتى من دُفن قبلها .ليغرف منها منتشيً طامعاً بجنةٍ عرضها السماوات و الأرض وما بينهما. وكل ذلك فُسِرَ ويُفَسَرْ اجتهاداً له حسنات، مقتدين بتلك “الاجتهادات”.

 وربما ستكون “الاجتهادات ” المتناسلة… السابقة: مثل “سيدنا عمر فعل ذلك وقال هذا وسيدنا عثمان رد بذلك وسيدنا علي تصرف كذا و قال كذا…الخ” والحالية: مثل” قال الامام الفلاني ورد الامام الفلاني…الخ” و المستقبلية: مثل “يقول الداعية الفلاني حفظه الله و الشيخ الفلاني سدد الله خطاه و السيد الفلاني قدس سره” أساس الضربة العالمية المتوقعة للإسلام خلال العقود القليلة القادمة وهذه المرة لا قِبَلَ للإسلام بمواجهتها لا دينياً/ثقافياً ولا عسكرياً لأن فارق القوة هائل و التمزق حاد عرضاً و طولاً حتى في تفسير النصوص…فالحالة ليس كما كانت: رَجُلْ لِرَجُلْ أو سيف امام سيف. ولأن النخر هائل والأحقاد المتناسلة بخصوبة عالية تقول “هل من مزيد”…ولأن كوكب الأرض مزدحم ولا قبل لسطح الأرض بتحمل الاثقال التي عليه أو تحمل افرازات تلك الاثقال.

هذه المرة سيُضْرَبون “المسلمين” وهم نيام في ديارهم اووهم مشغولون في فتاواهم المعيبة الكثيرة المتناسلة كتناسل اجتهاداتهم وتناسل احقادهم او بحثهم الممل عن الاعجاز العلمي في القرآن. تُمح ديارها وهم فيها عن بعد دون ان يشعروا. والذريعة بسيطة وهي التشكيك بصحة النصوص والالزام بتطبيقها فإذا كان الراشدون بموقعهم ومنزلتهم وتاريخهم توالوا كل بطريقته على تجاوز النص سواء بالمساواة او بتفضيل جانب على آخر او حرمان جانب حسب ما كتب/نقل الراحل الوردي فما بالك أيها المدافع عن النص اليوم؟ واول تلك الخطوات التي تُمهد لتلك الضربة هوما ظهر في فرنسا من اصدار مذكرة او تقريراورسالة تطالب بتنقيح القرآن من بعض النصوص وغير ذلك.وفي المانيا مع اقتراح مبادرة”الإسلام العلماني”

ستحصل تلك الضربة إذا لم ينتفض المجددون لوضع الأمور على طريق صحيح او في نصابها وأخذ الحكمة من تلك الأفعال. فلن يكون هناك مكان لمروان ولا لأبن أبا سفيان ولا لعمار ولا أباذر ولا ابن سبأ…فإذا كان هناك أبن سبأ واحد فاليوم أبن سبأ في كل زقاق ويتحكم بمصادر الطاقة والقوة والمال والقرار.

……………………………….

 ان الراحل الوردي له الذكر الطيب و استناداً الى تنوع الاقوال و النصوص و تناقضاتها الحادة التي يعرفها جيداً و اشار اليها في مواقع ومواضع كثيرة لم يستفد منها في طرحه هنا او في هذا الخصوص حالها حال الكثير من معالجاته اجتماعياً و الأدبية و السياسية و التاريخية…فقد وضعها له الذكر الطيب مرة على/في رقبة الخليفة الراشد الثاني الشيخ عمر بن الخطاب بشكل واضح و صريح لكنه عاد لكي يهرب من محبي الخليفة الى القائها على/في رقبة الخليفة الراشد الرابع علي بن ابي طالب قبل ولايته وعاد مرة أخرى ليهرب من محبي الخليفة الراشد الرابع بأن عَّلقها على /في رقبة الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان و مرة أخرى يهرب فَيُعَّلقها على تآمر قريش “بنو اُمية” و رماها مرة أخرى على/ في رقاب الثوار اتباع الخليفة الراشد الرابع علي بن ابي طالب من أمثال أبا ذر و عمار بن ياسر و سلمان الفارسي ومالك حتى انه اشرك ولدي علي ابن ابي طالب الحسن و الحسين بقصد او بدون قصد في ذلك مستنداً على/الى روايات وآراء نقل بعضها وصاغ أخرى في استنتاجات غريبة بينتُ بعض ذلك في السابقات وسأتْمِمْ ما لقي منها واكيد سأمر على ما يخص الخليفة الراشد الرابع علي بن ابي طالب واتباعه في هذه وفي التالية.

 لقد احتار الراحل الوردي في كيف يداري الامور فَتَنَقَلَ بها بين ثورة وانتفاضة وفتنة ومؤامرة ومعركة وحتمية تاريخية. فحيَّرني وربما احتار معي البعض من القراء والدارسين.

……………………………….

 كتب لراحل الوردي في ص144وعاظ السلاطين التالي: [لم تقع في تاريخ الإسلام مأساة أشد ضرراً بالإسلام من مقتل الشهيد عثمان. والويل لأولئك الذين دبروا مؤامرتها وحبكوا خيوطها…] انتهى

 أقــــــــول: كالكثير من طروحات الوردي لابد ان يضع فيه ما يُحَّير ويُقْلِقْ ويُتْعِبْ قاصداً ذلك او من دون أن يقصد حيث يقع فيما لا يُريد وهو المتواجد القلق بين ما يُريد وما يُراد، فبعد ان قال عنها إنها “فتنه ثم انتفاضة ثم ثورة” جاء هنا ليقول عنها “مؤامرة” وبذلك يصطف مع من اعتبرها مؤامرة سواء كان المحرض عليها (أبن سبأ) كما قال البعض ومنهم قريش (بنو امية). او كان “بنو أمية/قريش” كما قال البعض الاخر ومنهم الوردي… لقد جَّرَدَ الراحل الوردي بوصفه ما جرى “مؤامرة”، تلك الحركة من بُعدها “الاجتماعي الذي تكلم عنه كثيراً” وبذلك اصطف مع “المؤامرة” التي رفضها عندما قال البعض عن (أبن سبأ).

*المحرض على المؤامرة (ابن سبأ) كما عرض ويعرض البعض. حيث استخف بهم الراحل الوردي وكتب في ص98 وعاظ السلاطين التالي: [يخيل لي أن (ابن سبأ) الذي يُنسب اليه تحريك الثورة كان وهماً]. ثم أكمل الوردي في نفس الصفحة: [ويبدو ان هذه الشخصية العجيبة اُخْتُرِعَتْ اختراعاً وقد اخترعها أولئك الأغنياء الذين كانت الثورة موجهة ضدهم وهذا هو شأن كل الطبقات المترفة في كل مرحلة من مراحل التاريخ إزاء من يثور عليهم] انتهى

(ابن سبأ) كما يقول الأغنياء هو محرك الثورة. والثوار ضد المستحوذين/الأغنياء “ناهبي المال العام”. إذن تلك الثورة كانت ضد الأغنياء والمحرض عليها (ابن سبأ) حسب الاغنياء…من هُم الأغنياء هنا؟ الجواب: هم قريش والخليفة عثمان بن عفان.

*المحرض (بنو أمية) [قريش] كما أيد الوردي ذلك بشكل لا لبس فيه في هذه الصفحة من الكتاب وفي كتب اخرى وأشار بأصابع الاتهام الى البعض من قريش بالاسم مثل (مروان ومعاوية). فقد كتب في ص 139 وعاظ السلاطين التالي: [وليس من المستبعد ان يكون معاوية قد شجع الثورة على عثمان بعد ان رآها تستفحل ومن شأن السياسي الماهر ان يُعكر الماء لكي يصطاد فيه] انتهى. [الرجاء ملاحظة: “وليس من المستبعد”]

وأكمل الراحل الوردي في نفس الصفحة: [وربما أرسل معاوية الى مروان القابع بجانب عثمان يأمره بأن يُزيد في الطين بلّة وان يضرب الناس بعضهم ببعض لكي تتطوح الثورة بهم وتدفعهم في طريق الهوس والرعونة.] انتهى [الرجاء ملاحظة: وربما أرسل معاوية..].

أقـــــــــــول: يعني هنا معاوية مارس دور ابن سبأ. الثورة ضد الأغنياء أي ضد قريش شجعها معاوية ابن ابي سفيان سيد قريش وسيد اغنياء قريش…الثوار بتحريض (ابن سبأ) وبتحريض (معاوية) يريدون خلع الخليفة وقتله قبل ان يخلع نفسه!!! وتحقق لهم ذلك بمشيئة القدر!!! هذا يستوجب ان أسأل: ماذا لو لم يشأ القدر؟ ماذا لو قرر الخليفة خلع نفسه حقناً لدمه وغيره؟ ماذا لو لم “يقتل الثوار” عثمان احتراماً لموقعه الديني وشيبته؟ ماذا لو تدخل علي بن ابي طالب وحسم الامر؟

 ثم ألا يمكن لمعاوية وهو المتسلط كما يبدو ان يُحبك المؤامرة جيداً دون ان “يصطاد في الماء العكر” فيأمر مروان بقتل الخليفة عثمان بن عفان ويرمي ذلك على الثوار فربما لا يندفع الثوار الى قتل الخليفة احتراماً لمنزلته الدينية وكبر سنه وبذلك تفوت الفرصة على قريش “بني أمية” التي بَنَتْ احلامها ودسائسها وطمعها وطموحاتها على قتل الخليفة كما عرض الراحل الوردي؟؟؟؟

اتوقف هنا عند استعارة الوردي للمثل المعروف “يصيد في الماء العكر”. اعتقد ان هذه الاستعارة ليست في محلها وهي لا تختلف عن البعض غير القليل من استعارات الوردي سواء كانت امثال شعبية أوْحِكَمْ أو من الشعر العربي أو أقوال علماء الاجتماع والمؤرخين حيث حَرَّفَ بعضها أو وضعه في غير موضعه أو حشره في غير محله حشراً. [[سيكون هناك جزء خاص تحت عنوان (علي الوردي في ميزان/الامثال والحِكَمْ)]].

ان هذه الاستعارة الخطأ تنفي/تلغي رأي/تفسير الوردي في/حول تآمر معاوية وقريش على الخليفة عثمان بن عفان والعمل/التحريض على قتله… ومعاوية إذا كان بذلك الدهاء لا يصيد في ذلك الماء حيث من يصطاد في الماء العكر لا يحصل على شيء سوى انه يخلط الأمور ويفرح لعذاب الاخرين ويضحك على نفسه وهذا ليس من الدهاء السياسي… ان الذي يخطط لشيء يحتاج في ذلك الاضطراب الى لحظة صفاء الجو ليحدد هدفه فيصيده في اللحظة المناسبة التي إن فاتت لا تتكرر غالباً. إنْ لم يستغلها يفشل وللفشل في مثل هذه الحالة تبعات قد لا يستطيع من يفشل تحملها.

 لقد اوقع الوردي نفسه في عدم الدقة عندما كتب/كرر كلمة/مفهوم “”ربما”” الواسع والذي تتعدد في ظله الاحتمالات التي تهرب منها الدقة او تطرد الدقة. ليعود بعد تلك “”ربما”” و “”لا استبعد”” و “”يُخيل لي”” و “”يبدو”” ليطلق الاتهام الصريح حيث كتب في ص140وعاظ السلاطين: [أني اتهم مروان بأنه كان السبب الأكبر في مقتل عثمان وأتهم معاوية بأنه هو الذي أوعز الى مروان بذلك] انتهى

أقـــــــــــول: من حق الراحل الوردي ان يطرح رأيه وبوضوح كأي دارس تعمق في موضوع وتوصل الى قناعة تؤيدها قرائن/مستمسكات/ادلة تعمق في تحليلها وتفسيرها… ولكن كما اعتقد ليس على عالم الاجتماع ان يقول “”اني أتهم”” فهذا إطلاق!!…كان يمكن له ان يقول: توصلت الى

 قناعة من أنَ لِ(مروان) دور في مقتل الخليفة الراشد الثالث الشيخ عثمان بن عفان واعتقد انه بدفع وتحريض/ايعاز من معاوية بن ابي سفيان ودليلي في/على ذلك “”كذا وكذا”” لأن “أني اتهم” كما افهم يقابلها “كيف تثبت” و”كيف تثبت” هذه تحتاج الى ادلة والادلة هنا كلها “قال فلان او نُقل عن فلان أو يُقال” والراحل الوردي يعلم أن لكل فريق خزين هائل من المنقول يُنقض به ما لدى الاخر حتى في نصوص القرآن والسُنة النبوية الصريحة والواضحة وحتى في تجاوز تلك النصوص كما فعل عمر بن الخطاب وبرره الوردي بأنه فَّكَرَ في مصلحة المسلمين و فعله الاخرون و سكت عنه الوردي.

وفي ص145 وعاظ السلاطين كتب التالي: [لا مراء أن حصار عثمان كان معركة من المعارك الحاسمة في التاريخ. فالثوار يريدون خلع عثمان وتولية علي مكانه و قريش تريد ان يُقتل عثمان قبل ان يخلع نفسه لكي يستعينوا بمقتله في القضاء على الثورة و هي في مهدها و شاء القدر ان يتم لهم ما أرادوا] انتهى

أقــــــــــــــــــول: يقول الوردي هنا عن معركة” الثورة معركة، الانتفاضة معركة، الفتنة معركة/ المؤامرة معركة والحتمية التاريخية معركة… والمعركة تكون بين طرفين/أطراف ولابد فيها من منتصر…فمن هم/هي طرفي/أطراف المعركة؟ ومن انتصر فيها؟

 يبدو ان طرفي المعركة هم الثوار والمتآمرين، ويبدو ان أصحاب المؤامرة هم المنتصرون “قريش” من خلال تحقق هدفهم وغايتهم منها وهو/هي قٌتِلَ الخليفة الراشد الثالث الشيخ عثمان بن عفان. الغريب في هذه معركة هو: لم يسقط فيها/بها من قتلى او جرحى سوى الخليفة الراشد الثالث وبذلك تتفرد عن كل معارك الماضي والحاضر!!!والغريب ايضاً انه لا يُعرف لليوم من هو اول من طعن الخليفة…عرفوا قاتل حمزة وعرفوا قاتل زيد بن الخطاب وعرفوا قتله اخرين لكن لم يُعرف من قتل الخليفة.

 لو نقارن/نحلل ما ورد اعلاه يمكن ان نجد ما يمكن ان يجيز لنا بالقول بأن الوردي اعتبر الثورة/الثوار والمؤامرة/المتآمرين تريد/يريدون خلع/قتل الخليفة الراشد الثالث الشيخ عثمان بن عفان وتولية علي بن ابي طالب الخلافة. أي أن الثوار والمتآمرون أرادوا تولية علي بن ابي طالب كلٌ لغرضه. وهذا طرح فيه ركاكة عالية لا تُقبل. واستغرب انها صدرت عن عالم اجتماع في دراسة اجتماعية لواقعة تاريخية. والاستغراب هنا يدفع للسؤال او الأسئلة التالية: أليس بإمكان قريش حينها ورجالاتها هم أولياء وامراء المسلمين في كل الامصار تقريباً ان تقف مع عثمان وتقضي على الثورة في مهدها وتأمر/تطلب من الخليفة أن يعتزل لكبر السن ويختار معاوية بن ابي سفيان خليفة للمسلمين من بعده ويقتدي في هذا الجانب بفعل الخليفة الراشد الأول الشيخ أبا بكر الصديق عندما اختار عمر بن الخطاب خليفة من بعده؟ والدليل على قوة الولاة والامراء هو انه لم يُصب أي منهم بسوء سواء من كان قريب من دار عثمان بن عفان اومن كان في مصره.

 أوان تنتظر قريش موت الخليفة وهومقبل عليه لكبر سنه وفي النزع الأخيريمكن له ان يأمر بالخلافة الى معاوية سواء كما تكليف أبا بكر لعمركما قلتُ اعلاه او شورى كما حصل معه، بدل عملية قتله وانتقال الولاية الى علي بن ابي طالب ملطخة بدم خليفة المسلمين وما حصل بعد ذلك؟

ولو ننتبه للروايات التي أوردها الوردي بخصوص هذا الموضوع نجد العجب في رجب وقبله وبعده فقد كتب الوردي عن لحظات حصار “الثوار” لعثمان عن حوار غريب بين (ابن عمر) والخليفة خلاصته قول بن عمر للخليفة: ” فلا تخلع قميص الله عنك ” ((النص في ص144 وعاظ السلاطين، اليكم نص ما ورد:

[[يروي البلاذري: أن ابن عمر دخل على عثمان أثناء الحصار فجرت بينهما المحاورة التالية:

عثمان انظر ما يقول هؤلاء…يقولون: اخلع نفسك او نقتلك.

ابن عمر: أمُخلّد انت في الدنيا.

عثمان: لا

ابن عمر: هل يزيدون على أن يقتلوك؟

عثمان: لا

ابن عمر: هل يملكون لك جنة أو نار؟

عثمان: لا

ابن عمر: فلا تخلع قميص الله عنك، فتكون سُنة، كلما كره قوم خليفتهم خلعوه أو قتلوه.]] انتهى

((ملاحظـــــــــــة هذا الحوار ربما نقله البلاذري عن ساعة (ابل) التي كان يلبسها الخليفة)).

ثم يكتب الوردي في اعتراضه على هذا الحوار التالي: [إني لأعتقد بأن ابن عمر لم يقل هذا القول. انه كلام مروان في أرجح الظن] انتهى.

اقـــــــــــول: كيف وصل الراحل الوردي الى “أرجح الظن” هنا؟ بل كيف اعتقد الوردي ان هذا القول ليس لابن عمر؟ وفي الحالتين تشكيك ب”البلاذري” وعليه كان المفروض ان لا يحشره هنا.

 لو لم يُصَّدِقْ الرواية لقلنا خيراً وهذا من حقه وهي غير صحيحة او دقيقة فمن كان مع الاثنين يسجل ذلك الحوار؟ لكن ان يثق بالحوار ويشكك بقائله فهو العجيب ولا عجيب مع الراحل الوردي فهو اعترض لحاجته كسند يبرر به اتهامه لمروان مع اسانيد أخرى وردت في الكتاب وهو في بعض الحالات ولا أقول في الغالب يصيغ السند ويطرحه ويعتمده مهما كان ركيكاً فهو قد اتهم مروان كما ورد أعلاه…وهذا يتنافى مع التالي: حيث كتب الوردي: في ص273 اسطورة الادب الرفيع: [الناقد يجب ان يتطلع الى ما وراء الاكمة مثلما يتطلع الى الجانب القريب منه] انتهى

وفي ص 67 مهزلة العقل البشري كتب الوردي: [إننا ندرس التاريخ لكي نستفيد منه لحاضرنا ومستقبلنا وهذا هو مقصد الشعوب الحية من دراسة التاريخ] وتابع الوردي فكتب في نفس الصفحة: [وأبطال التاريخ لا أهمية لهم إلا من حيث مبادئهم الاجتماعية التي كانوا يسعون وراءها ونحن حين ندرس التاريخ نريد ان نستشف منه تنازع المبادئ فيه ونتخذ الأبطال رموزاً لتلك المبادئ. إن البطل لا شأن له بحد ذاته ومنزلته الاجتماعية تُقاس بما حمل من مبادئ وبمقدار سعيه نحو تحقيقها وبمبلغ تضحيته في سبيلها] انتهى

ولتأييد إتهام الراحل لمروان نقل لنا حكايات لا تختلف عن هذه الحكاية/الحوار اعلاه، حيث ذكر تصرفات غريبة لمروان منها تزويره لتوقيع الخليفة…و لتعزيز رأيه بتآمر بنو امية بالإضافة الى ما ذكره عن مروان ذكر عن تحرك ابن ابي وقاص ونقل لنا عن عدم دفاع ولاة عثمان عنه واعتبر كل تلك الأمور تدل عن مؤامرة حاكتها قريش لقتل معاوية لتُجهض “الثورة” وتولي علي بن ابي طالب الخلافة ليصل الى ان يقول ان هناك ثورة وثوارها اتباع علي بن ابي طالب وهناك مؤامرة واتباعها بلاط الخليفة وقريش بأشراف معاوية بن ابي سفيان حيث كتب في ص 220 مهزلة العقل البشري التالي:[ونحن حين نشاهد الترف الخبيث مستحوذا على سلاطين المسلمين وامراء المؤمنين يجب ان لا ننسى تلك الثورة الشعبية الكبرى التي قام بها أبو ذر و عمار وعلي بن ابي طالب في مكافحة هذا الترف عند اول ظهوره في تاريخ الإسلام] انتهى

………………..

الى اللقاء في التالي: علي الوردي في ميزان /الثورة/الانتفاضة/الفتنة و علي ابن ابي طالب

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular